سفر التثنية

سفر التثنية | 01 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر التثنية

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

١ «هٰذَا هُوَ ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ فِي ٱلْعَرَبَةِ قُبَالَةَ سُوفٍ، بَيْنَ فَارَانَ وَتُوفَلَ وَلاَبَانَ وَحَضَيْرُوتَ وَذِي ذَهَبٍ».

يشوع ٩: ١ و١٠ و٢٢: ٤ و٧

هٰذَا هُوَ ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ الآية الأولى وما بعدها إلى نهاية الآية الثالثة مقدمة للسفر كله ولا سيما الجزء الأول وهو من الآية الرابعة إلى (ص ٤: ٤٠).

عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ اي الجانب الآخر من الأردن من المتكلم الذي هو الكاتب أو القارئ يومئذ لأن بني إسرائيل لم يكونوا قد عبروا الأردن فالمقصود بالجانب الآخر الجانب الأقرب إلى الشعب.

فِي ٱلْبَرِّيَّةِ هذا يدل أن المقصود بالعبر الجانب الأقرب إلى بني إسرائيل لأنهم كانوا لم يعبروا الأردن.

فِي ٱلْعَرَبَةِ وهي سهل الأردن. وهنالك واد يمتد من طرف البحر الميت الاوطإ إلى رأس خليج العقبة.

قُبَالَةَ سُوفٍ وهو البحر الأحمر فإنه يُعرف بالعبرانية بيم سوف واليم البحر في اللغتين العبرانية والعربية ولكن لذكر سوف دون اليم في الأصل العبراني هنا رأى بعضهم أن سوفاً اسم مكان ولكن هذا المكان غير معروف ولا يضاف إليه اليم ما لم يكن متصلاً به فلا يختلف المقصود إذا فسرنا قبالة سوف بتجاه البحر الأحمر. ورجّح بعضهم أنه خليج العقبة فتدبر فإن السهل بين فاران وتوفل يمتد باستقامة إلى ذلك الخليج.

بَيْنَ فَارَانَ وَتُوفَلَ الخ يظهر من خريطة كندر للتوراة أن برية فاران تمتد شمالاً من سيناء على الشمال واليمين وإن توفل وحضيروت على طرفي خط يرسم من طرف الشرق الجنوبي من البحر الميت في جهة سيتاء. ورُئي أن توفل هي «توفيلة» وأن حضيروت هي «عين حضرة» ولابان (ورسمها في العبرانية لبن) لا ريب في أنه موضع أبيض في ما بين الأماكن المذكور والمرجّح أنه سُمي بذلك لبياض الصخور المجاورة له.

ذِي ذَهَبٍ (هذا لفظها العبراني ومعناها ذو ذهب ولو ترجمت كذلك لكانت بمقتضى الإعراب في محلها ذي ذهب) لا ريب في أن هذا المكان أقرب إلى سيناء من حضيروت (وسماه بعضهم بلاد الذهب) وقال مفسرو اليهود أن علة تسميته بذلك صنع العجل الذهبي فيه. والأرجح أنه سمي «بذي ذهب» لجمع الإسرائيليين الذهب فيه لسبك العجل أو لشربهم من الماء الذي طرح فيه غبار العجل بعد إحراقه وسحقه (ص ٩: ١٢). فإن صح ذلك كان ذلك المكان في خط المسير من سيناء إلى قادش برنيع بين الجبال على طرف برية فاران غرباً وخليج العقبة شرقاً إلى أن ينعطف الخليج شمالاً ويوصل منه إلى برية صين المسماة هنا العربة أي السهل. ويحد هذه البرية سلاسل جبال على الجانبين ويشرف على خليج العقبة وراء السلسلة الغربية برية فاران. وإلى الشرق منه جبال أدوم التي كانت على يمين بني إسرائيل وهم ذاهبون إلى قادش برنيع ثم على شمالهم وهم في آخر السفَر في السنة الأخيرة من سني الخروج وقتئذ حين أحاطوا بأرض أدوم. وكانت توفل شرقي تلك السلسلة تجاه السهل الذي في طرف بحر الميت الجنوبي. وكانت تلك الأماكن الخمسة ما مرّ به بنو إسرائيل من سيناء إلى قادش.

٢ «أَحَدَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ حُورِيبَ عَلَى طَرِيقِ جَبَلِ سَعِيرَ إِلَى قَادِشَ بَرْنِيعَ».

عدد ١٣: ٢٦ وص ٩: ٢٣

أَحَدَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ حُورِيبَ أي الطريق بين فاران على أحد الجانبين وخط من توفل إلى حضيرة على الجانب الآخر يشغل قطعها أحد عشر يوماً وهي الطريق من حوريب إلى قادش برنيع.

قَادِشَ بَرْنِيعَ هو المكان الذي أرسل منه بنو إسرائيل الجواسيس إلى أرض كنعان (عدد ص ١٣) والظاهر أن قادش برنيع كانت مركز الإسرائيليين مدة أقامتهم بالبرية وفيها ماتت مريم ودُفنت (عدد ٢٠: ١) وذُكرت في أول هذا الأصحاح مقيدة ببرنيع وذُكرت في آخره بدون ذلك القيد (ع ٢ و٤٦). وكان عدد الجواسيس المرسلة منها اثني عشر (عدد ١٣: ٢) وكان ذلك في نهاية التيه في الشهر الأول من السنة الأربعين للخروج (عدد ٢٠: ١) وذُكر اسمها قادش. وأول ما ذُكر أن اسمها قادش برنيع في كلام موسى في (عدد ٣٢: ٨) ودل بإرسال الجواسيس منها على أنها هي قادش عينها. وأقام بها بنو إسرائيل أياماً كثيرة (ع ٤٦).

ولنا من مقدمة سفر التثنية المختصرة أن كلام موسى لبني إسرائيل كان من بدء مسيرهم من سيناء إلى نهايته في قادش برنيع. وظهر لنا من بعدها أنه كرر لهم الشريعة وأوضحها على طريق الوعظ والإنذار والنصح وضمن في ذلك التاريخ الخروجي وفيه أنه أوضح لهم الشريعة أحسن إيضاح في سهل موآب في خاتمة السنة الأربعين من الخروج وحياتهم في البرية. ولم يظهر لنا ترتيب الكلام أي معرفة الكلام السابق من الكلام اللاحق ففي أكثر الأماكن ذكر ما تكلم به مطلقاً ومن أمثلة ذلك ما في (ع ٩ و١٦ و١٨ و٢٠ و٢٩ و٤٣ و٢ ٥: ٥ الخ) واسم التثنية لتكرير الشريعة السابقة. والوعظ الذي يشتمل عليه هذا السفر يتضمن التشجيع لبني إسرائيل على أن يعبروا النهر ويستولوا على ميراثهم أرض كنعان التي وعد الله إبراهيم بأن يعطيها نسله. وسار إسرائيل من سيناء إلى قادش برنيع على هذا الرجاء. ومع أن المسافة بين سيناء وقادش لم تزد على سفر أحد عشر يوماً شغل إسرائيل من سفره من الطور إلى قادش برنيع والانتظار فيها نحو ثلاثة أشهر فإنهم أقاموا بقادش برنيع أياماً كثيرة ينتظرون رجوع الجواسيس.

والخلاصة أن الآيات الخمس الأولى من سفر التثينة مقدمة كل السفر وفي هذه المقدمة الموجزة أمور:

  • الأول: إن ما سبق من الشريعة كان كلام الله بلسان موسى.
  • الثاني: إن موسى بلّغ بني إسرائيل كل الشريعة باقسامها المختلفة في المدة التي تقضت عليهم في سيناء وما بعده إلى قادش برنيع.
  • الثالث: تعيين المكان الذي كلمهم فيه بما ذُكر.
  • الرابع: تعيين الزمان الذي كلمهم فيه بذلك.
  • الخامس: بيان إن ما كلمهم به هو «كل ما أوصاه الرب إليهم».
  • السادس: ذكر انتصارهم على سيحون وعوج.
  • السابع: أنه شرح لهم الشريعة حتى يفهموها كما ينبغي.

٣، ٤ «٣ فَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلأَرْبَعِينَ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلْحَادِي عَشَرَ فِي ٱلأَوَّلِ مِنَ ٱلشَّهْرِ، كَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَاهُ ٱلرَّبُّ إِلَيْهِمْ. ٤ بَعْدَ مَا ضَرَبَ سِيحُونَ مَلِكَ ٱلأَمُورِيِّينَ ٱلسَّاكِنَ فِي حَشْبُونَ، وَعُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ ٱلسَّاكِنَ فِي عَشْتَارُوثَ فِي إِذْرَعِي».

عدد ٣٣: ٣٨ عدد ٢١: ٢٤ و٣٣ عدد ٢١: ٣٣ ويشوع ١٣: ١٢

فَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلأَرْبَعِينَ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلْحَادِي عَشَرَ (ع ٣) أو وفي السنة الأربعين الخ كما هو في الأصل العبراني. قال المحققون والصحيح أن الواو هنا أول سفر التثنية قياساً على أول كل من سفر الخروج وسفر اللاويين وسفر العدد وهي التي تبين أنه جزء من سفر التوراة في الأصل مستقل بنفسه (انظر مقدمة الأسفار الخمسة فصل ١ ومقدمة سفر التثنية فصل ١ وفصل ٤) والمعنى أن موسى نطق بتكرير الشريعة وما أتاه في كلامه من الوعظ والإنذار في آخر السنة الأربعين لخروج بني إسرائيل من مصر فإن المسافة بين سيناء وقادش برنيع وإن تكن أحد عشر يوماً كانت المدة التي تقضت عليهم بقطعها أي وهم في البرية نحو أربعين سنة «ونرى أنهم لم يدخلوا الأرض لعدم الإيمان».

كَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ… بَعْدَ مَا ضَرَبَ سِيحُونَ… وَعُوجَ (ع ٣ و٤) كان الانتصار على الملكين سيحون وعوج والاستيلاء على بلادهما من الأعمال ذات الشأن في السنة الأربعين للخروج من مصر (انظر عدد ٢١: ٢١ – ٣٥). وكان قبل الشهر الحادي عشر من سكان تلك البلاد غير سيحون وعود رؤساء مديان الخمسة (يشوع ١٣: ٢١) وكان هؤلاء ممن ضُرب أيضاً (عدد ص ٣١). وهذا النصر كان آخر الأعمال ذات الشأن في حياة موسى. وفي أيام الراحة التي كانت على أثر ذلك الانتصار كان الوقت مناسباً لوعظ بني إسرائيل ونصحهم بكل ما أوصى به الرب موسى إليهم. ولنا من (ص ٣٤: ٨) أن بني إسرائيل بكوا موسى ثلاثين يوماً. والظاهر أن هذه الأيام هي آخر شهر من شهور السنة الأربعين لخروجهم من مصر لأنه «صَعِدَ ٱلشَّعْبُ مِنَ ٱلأُرْدُنِّ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْعَاشِرِ مِنَ ٱلشَّهْرِ ٱلأَوَّلِ» (يشوع ٤: ١٩) وهو الشهر الأول من السنة الحادية والأربعين على ما يرجّح.

٥ «فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ ٱبْتَدَأَ مُوسَى يَشْرَحُ هٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةَ قَائِلاً».

فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ أي في الجانب الآخر من الكاتب أو القراء الذين كُتب هذا السفر لهم في فلسطين.

ٱبْتَدَأَ أي عزم على. أو حاول أن. أو شرع.

يَشْرَحُ أي يكرز عليهم بجلاء ما قبله من الله وأمره الله أن يخاطب به بني إسرائيل. والكلمة العبرانية هنا لم ترد في سوى مكانين غير هذا المكان وفي كليهما جاءت مقترنة بالكتابة الأول في هذا السفر وفيه قوله «تَكْتُبُ عَلَى ٱلْحِجَارَةِ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّامُوسِ نَقْشاً جَيِّداً» وفي العبرانية «وكتبت على هابنيم أت كل ديري هتورة هزات بار هيطب» (ص ٢٧: ٨). ولفظة «بار» هنا هي التي تُرجمت بيشرح في الآية التي نفسرها هنا.

الثاني: في نبوءة حبقوق وفيه قوله «ٱكْتُبِ ٱلرُّؤْيَا وَٱنْقُشْهَا عَلَى ٱلأَلْوَاحِ لِيَرْكُضَ قَارِئُهَا» وقد جاء في بعض التراجم غير العربية أوضحها بدل «أنقشها» وفي العبرانية «كتب حزون وبارعل هلوحت الخ» (حبقوق ٢: ٢). فيفهم أن كلمة «بار» تُعني الإيضاح والكتابة وهذا يحملنا على القول أن موسى كان حينئذ يكتب ويشرح. أي أنه كان يكتب التوراة ويتلوها على بني إسرائيل أي يكتب الجزء الأخير منها وهو مكررها ويتلوه عليهم وكانت علة كتابته إياها أو غايتها كما كانت علة كتابة بطرس الرسول كلامه أو غايتها وذلك في قوله «فَأَجْتَهِدُ أَيْضاً أَنْ تَكُونُوا بَعْدَ خُرُوجِي تَتَذَكَّرُونَ كُلَّ حِينٍ بِهٰذِهِ ٱلأُمُورِ» (٢بطرس ١: ١٥). وكرر في هذا الخطاب تاريخ الإسرائيليين منذ انطلاقهم من سيناء إلى ذلك الوقت بإيجاز (ص ٣: ٢٩) مقترناً بالنصائح. وفي ذلك التاريخ المختصر ثلاثة أمور:

  1. مسيرهم من سيناء إلى قادش برنيع وإرسال الجواسيس الاثني عشر. وتفصيل ذلك التاريخ في سفر العدد (عدد ١١: ٢ إلى نهاية ص ١٤) وفيه عجز القواد والشعب عن بلوغ الدعوة العليا. وإليك أسماء القواد ومواضع أنباء عجزهم عن تلك الدعوة. موسى (عدد ص ١١). وهارون ومريم (عدد ص ١٢). ويشوع (عدد ١١: ٢٨). والجواسيس وكانوا من القواد (عدد ١٣: ٢ – ١٦). وقد ظهر نقص الشعب الأدبي في كل تلك المدة حتى أنه تُرك المشروع إلى حين.
  2. إن السنين التالية وهي سبع وثلاثون سنة ونصف سنة كانت مدة خزي وذل وهوان كما يظهر من غض النظر عن الزمان والمكان في النبإ من (عدد ص ١٤ – ص ٢٠). وذُكر بعض الأماكن في (عدد ص ٣٣) مما كان ذكرها في تلك المدة ولكن لم يلتفت في ذلك إلى غير أسمائها. وليس في سفر التثنية سوى آية واحدة في خطاب موسى تختص بتلك المدة (تثنية ٢: ١). وكان زمن التيه كله مدة تأديب وتهذيب.
  3. إن السنة الأربعين للخروج غلب فيها الإسرائيليون سيحون وعُوجاً وبلغوا شاطئ الأردن وتم انقراض الجيل القديم وابتدأ نسله في الحياة الجديدة.

٦ «اَلرَّبُّ إِلٰهُنَا كَلَّمَنَا فِي حُورِيبَ قَائِلاً: كَفَاكُمْ قُعُودٌ فِي هٰذَا ٱلْجَبَلِ!».

خروج ٣: ١ خروج ١٩: ١ وعدد ١٠: ١١

اَلرَّبُّ إِلٰهُنَا كَلَّمَنَا فِي حُورِيبَ وفي العبرانية «يهوه اللهيمنا» وهذا الاسمان على هذا الترتيب شعار كل الكتاب المقدس.

كَفَاكُمْ قُعُودٌ فِي هٰذَا ٱلْجَبَلِ كان الوقت من أول الشهر الثاني من السنة الأولى للخروج (خروج ١٩: ١) إلى اليوم العشرين من الشهر الثاني من السنة الثانية (عدد ١٠: ١١) مدة الترتيب الذي فيه قبل الشعب الشريعة ورُتب كنيسة مجاهدة وجيشاً ينزل حول خيمة الرب فأمور هذه السنة تشغل نحو ثلث التوراة (أي الأسفار الخمسة).

٧ «تَحَوَّلُوا وَٱرْتَحِلُوا وَٱدْخُلُوا جَبَلَ ٱلأَمُورِيِّينَ وَكُلَّ مَا يَلِيهِ مِنَ ٱلْعَرَبَةِ وَٱلْجَبَلِ وَٱلسَّهْلِ وَٱلْجَنُوبِ وَسَاحِلِ ٱلْبَحْرِ، أَرْضَ ٱلْكَنْعَانِيِّ وَلُبْنَانَ، إِلَى ٱلنَّهْرِ ٱلْكَبِيرِ نَهْرِ ٱلْفُرَاتِ».

ٱدْخُلُوا جَبَلَ ٱلأَمُورِيِّينَ اي الجزء الجنوبي من اليهودية الذي فيه الملوك الأموريون الخمسة الذين تحالفوا على إسرائيل في أول أمر يشوع ومصالحة أهل جبعون لبني إسرائيل وانضمامهم إليهم. وكان في طاقة الإسرائيليين أن يبلغوا قلب البلاد لو زحفوا على الأعداء في طريق الجواسيس.

وَكُلَّ مَا يَلِيهِ أي بقية أرض الميعاد سهل الأردن والجبل أي الأرض الجبلية في القسم الجنوبي من اليهودية وجبل أفرايم في الوسط والبلاد الجبلية في أقصى القسم الشمالي والسهل (وفي العبرانية) «شفله» أي فلسطين والجنوب (وفي العبرانية) «نجت» وهو الأرض المختصة بشمعون في أقصى القسم الجنوبي من اليهودية وساحل البحر وهو شمالي الكرمل (انظر يشوع ٩: ١ وقضاة ٥: ١٧) وتخوم البحر الكبير تجاه لبنان وبلاد أشير وزبولون (تكوين ٤٩: ١٣).

أَرْضَ ٱلْكَنْعَانِيِّ وَلُبْنَانَ أرض الكنعاني هي سهل أسدر إيلون أي مرج ابن عامر والحصون في الشمال. ولبنان ما بين لبنان والفرات في الشمال الشرقي هو المقصود بقوله «ولبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات».

٨ «اُنْظُرْ قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكُمُ ٱلأَرْضَ. ٱدْخُلُوا وَتَمَلَّكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَهَا لَهُمْ وَلِنَسْلِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ».

تكوين ١٢: ٧ و١٥: ١٨ و١٧: ٧ و٨ و٢٦: ٤ و٢٨: ١٣

تَمَلَّكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ… أَنْ يُعْطِيَهَا لَهُمْ وَلِنَسْلِهِمْ إن الله وعد بأن يعطي الأرض إبراهيم وإسحاق ويعقوب لا نسلهم فقط ولم يدخل الأرض ذلك النسل إلا في ذلك الوعد فالله لم ينس وعده ولم يخلف به بعد أن صار أولئك الآباء الثلاثة في غير هذا العالم بزمان طويل (قابل بهذا أعمال ٧: ٥ وعبرانيين ١١: ١٦ وانظر أيضاً تفسير ١١: ٢١).

٩ «وَكَلَّمْتُكُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَائِلاً: لاَ أَقْدِرُ وَحْدِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ».

خروج ١٨: ١٨ وعدد ١١: ١٤

في هذه الآية وما بعدها إلى نهاية الآية الثامنة عشرة يذكر موسى أمرين ممتازين (١) مشورة يثرون (خروج ص ١٨) التي باتباعها يخلص من مشقة المحاكمات والمخاصمات. و(٢) تعيين السبعين شيخاً وكان لهؤلاء موهبة النبوءة فكانوا بذلك قادرين أن يريحوا موسى من بعض المسؤوليات العظمى التي كانت عليه بمقتضى رتبته. وكانت مشورة يثرون في أول وصول الإسرائيليين إلى حوريب ولم نعلم متى تمت بالفعل. وعُيّن الشيوخ السبعون بين سيناء وقادش برنيع بعد الرحيل من سيناء بقليل (عدد ص ١١) ولعل أخذهم في ما عينوا له كان في ذلك الوقت. وأتى أولئك الشيوخ خدمة تُذكر بانتخابهم القضاة للشعب.

لاَ أَقْدِرُ وَحْدِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ قال مثل هذا في (عدد ١١: ١٤).

١٠، ١١ «١٠ اَلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ قَدْ كَثَّرَكُمْ. وَهُوَذَا أَنْتُمُ ٱلْيَوْمَ كَنُجُومِ ٱلسَّمَاءِ فِي ٱلْكَثْرَةِ. ١١ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ آبَائِكُمْ يَزِيدُ عَلَيْكُمْ مِثْلَكُمْ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَيُبَارِكُكُمْ كَمَا كَلَّمَكُمْ».

تكوين ١٥: ٥ وص ١٠: ٢٢ و٢٨: ٦٢ و٢صموئيل ٢٤: ٣ تكوين ١٥: ٥ و٢٢: ١٧ و٢٦: ٤ وخروج ٣٢: ١٣

ٱلرَّبُّ إِلٰهُ آبَائِكُمْ… يُبَارِكُكُمْ الظاهر أن هذه العبارة مما كان في سفر التثنية خاصة لأنه لم يسبق لها نظير في سائر التوراة (أي الأسفار الخمسة).

١٢ «كَيْفَ أَحْمِلُ وَحْدِي ثِقْلَكُمْ وَحِمْلَكُمْ وَخُصُومَتَكُمْ؟».

١ملوك ٣: ٨ و٩

ثِقْلَكُمْ هذه الكلمة في الأصل العبراني لم ترد إلا هنا وفي سفر إشعياء في قوله تعالى «صَارَتْ عَلَيَّ ثِقْلاً. مَلِلْتُ حِمْلَهَا» (إشعياء ١: ١٤).

١٣ – ١٥ «١٣ هَاتُوا مِنْ أَسْبَاطِكُمْ رِجَالاً حُكَمَاءَ وَعُقَلاَءَ وَمَعْرُوفِينَ، فَأَجْعَلُهُمْ رُؤُوسَكُمْ. ١٤ فَأَجَبْتُمُونِي: حَسَنٌ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ أَنْ يُعْمَلَ. ١٥ فَأَخَذْتُ رُؤُوسَ أَسْبَاطِكُمْ رِجَالاً حُكَمَاءَ وَمَعْرُوفِينَ وَجَعَلْتُهُمْ رُؤُوساً عَلَيْكُمْ، رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ وَعُرَفَاءَ لأَسْبَاطِكُم».

خروج ١٨: ٢١ وعدد ١١: ١٦ و١٧ خروج ١٨: ٢٥

هذه الآيات هي مثل ما في (خروج ص ١٨).

١٦ «وَأَمَرْتُ قُضَاتَكُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَائِلاً: ٱسْمَعُوا بَيْنَ إِخْوَتِكُمْ وَٱقْضُوا بِٱلْحَقِّ بَيْنَ ٱلإِنْسَانِ وَأَخِيهِ وَنَزِيلِهِ».

ص ١٦: ١٨ ويوحنا ٧: ٢٤ لاويين ٢٤: ٢٢

وَأَمَرْتُ قُضَاتَكُمْ… قَائِلاً تعليم موسى هذا بُسط بسطاً عجيباً والذي بسطه يثرون (خروج ١٨: ٢٥) وذلك البسط ما نصه «وأنت تنظر من جميع الشعب ذوي قدرة خائفين الله مبغضين الرشوة وتقيمهم عليهم رؤساء ألوف ورؤساء مئات ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات فيقضون للشعب كل حين الخ» وهذا القول أقدم من الوصايا العشر نفسها.

١٧ «لاَ تَنْظُرُوا إِلَى ٱلْوُجُوهِ فِي ٱلْقَضَاءِ. لِلصَّغِيرِ كَٱلْكَبِيرِ تَسْمَعُونَ. لاَ تَهَابُوا وَجْهَ إِنْسَانٍ لأَنَّ ٱلْقَضَاءَ لِلّٰهِ. وَٱلأَمْرُ ٱلَّذِي يَعْسُرُ عَلَيْكُمْ تُقَدِّمُونَهُ إِلَيَّ لأَسْمَعَهُ».

لاويين ١٩: ١٥ وص ١٦: ١٩ و١صموئيل ١٦: ٧ وأمثال ٢٤: ٢٣ ويعقوب ٢: ١ و٢أيام ١٩: ٦ خروج ١٨: ٢٢ و٢٦

لأَنَّ ٱلْقَضَاءَ لِلّٰهِ قابل بهذا قول القديس بولس الرسول في (رومية ١٣: ١ – ٤) فإنه بسط لهذا الحكم. وقابل ببقية الآية (خروج ١٨: ٢٢ – ٢٦).

١٨ «وَأَمَرْتُكُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ بِكُلِّ ٱلأُمُورِ ٱلَّتِي تَعْمَلُونَهَا».

وَأَمَرْتُكُمْ الخ أي أمرتكم بعد انطلاقكم من حوريب. وكان ذلك كله على الطريق في المدة التي شغلوها بالذهاب من سيناء إلى قادش برنيع (قابل بهذا ما قيل في ع ١ و٢). وهذه الآية بيان لنفع ما قيل سابقاً وإثبات له.

١٩ – ٢١ «١٩ ثُمَّ ٱرْتَحَلْنَا مِنْ حُورِيبَ، وَسَلَكْنَا كُلَّ ذٰلِكَ ٱلْقَفْرِ ٱلْعَظِيمِ ٱلْمَخُوفِ ٱلَّذِي رَأَيْتُمْ فِي طَرِيقِ جَبَلِ ٱلأَمُورِيِّينَ، كَمَا أَمَرَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا. وَجِئْنَا إِلَى قَادِشَ بَرْنِيعَ. ٢٠ فَقُلْتُ لَكُمْ: قَدْ جِئْتُمْ إِلَى جَبَلِ ٱلأَمُورِيِّينَ ٱلَّذِي أَعْطَانَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا. ٢١ اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلأَرْضَ أَمَامَكَ. ٱصْعَدْ تَمَلَّكْ كَمَا كَلَّمَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ آبَائِكَ! لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ!».

عدد ١٠: ١٢ وص ٨: ١٥ وإرميا ٢: ٦ عدد ١٣: ٢٦ يشوع ١: ٩

فِي طَرِيقِ جَبَلِ ٱلأَمُورِيِّينَ أي في جهة ذلك الجبل لأنهم لم يمروا في ذلك الجبل بل ذهبوا في «ذلك القفر العظيم المخوف» من سيناء إلى قادش برنيع وعلى هذا قال موسى «قد جئتم إلى جبل الأموريين».

٢٢، ٢٣ «٢٢ فَتَقَدَّمْتُمْ إِلَيَّ جَمِيعُكُمْ وَقُلْتُمْ: دَعْنَا نُرْسِلْ رِجَالاً قُدَّامَنَا لِيَتَجَسَّسُوا لَنَا ٱلأَرْضَ، وَيَرُدُّوا إِلَيْنَا خَبَراً عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي نَصْعَدُ فِيهَا وَٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي نَأْتِي إِلَيْهَا. ٢٣ فَحَسُنَ ٱلْكَلاَمُ لَدَيَّ، فَأَخَذْتُ مِنْكُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً. رَجُلاً وَاحِداً مِنْ كُلِّ سِبْطٍ».

عدد ١٣: ٣

فَتَقَدَّمْتُمْ إِلَيَّ جَمِيعُكُمْ وَقُلْتُمْ دَعْنَا نُرْسِلْ رِجَالاً هذه قصة إرسال الجواسيس الأثني عشر والذي بُيّن هنا أن هذا التدبير كان من الشعب أولاً فعرضه موسى على الرب فأراده كما يتبين من قوله «ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: أَرْسِلْ رِجَالاً لِيَتَجَسَّسُوا أَرْضَ كَنْعَانَ» (عدد ١٣: ١ و٢).

لِيَتَجَسَّسُوا لَنَا ٱلأَرْضَ، وَيَرُدُّوا إِلَيْنَا خَبَراً عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي نَصْعَدُ فِيهَا وَٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي نَأْتِي إِلَيْهَا وفي الآية الثالثة والثلاثين ما معناه أن الرب سار أمامهم في الطريق ليلتمس لهم مكاناً لنزولهم لكن الجواسيس وسائر بني إسرائيل ساروا في الطريق التي اختاروها ولم يسيروا بمقتضى مشورة الرب. ومما يستحق النظر هنا أن القوم عندما كان قائدهم يشوع لم يأتوا أمراً إلا بمقتضى الإرشاد الإلهي فإرسال الجواسيس الاثني عشر بمقتضى ما أرشدهم إليه النظر البشري كان من أعمال عدم الإيمان ولهذا قال لهم موسى «وَلٰكِنْ فِي هٰذَا ٱلأَمْرِ لَسْتُمْ وَاثِقِينَ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ» (ع ٣٢). (انظر أيضاً تفسير يشوع ٢: ١).

٢٤ «فَٱنْصَرَفُوا وَصَعِدُوا إِلَى ٱلْجَبَلِ وَأَتَوْا إِلَى وَادِي أَشْكُولَ وَتَجَسَّسُوهُ».

عدد ١٣: ٢٢ و٢٣ و٢٤

وَادِي أَشْكُولَ (انظر عدد ١٣: ٢٧ والتفسير).

٢٥ «وَأَخَذُوا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَثْمَارِ ٱلأَرْضِ وَنَزَلُوا بِهِ إِلَيْنَا، وَرَدُّوا لَنَا خَبَراً وَقَالُوا: جَيِّدَةٌ هِيَ ٱلأَرْضُ ٱلَّتِي أَعْطَانَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا».

عدد ١٣: ٢٧

جَيِّدَةٌ هِيَ ٱلأَرْضُ وجاء في سفر العدد ما نصه «وَقَالُوا: قَدْ ذَهَبْنَا إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَرْسَلْتَنَا إِلَيْهَا، وَحَقّاً إِنَّهَا تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً» (عدد ١٣: ٢٧). فيه أيضاً قال يشوع بن نون وكالب بن يفنة «ٱلأَرْضُ ٱلَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً» (عدد ١٤: ٧).

٢٦، ٢٧ «٢٦ لٰكِنَّكُمْ لَمْ تَشَاءُوا أَنْ تَصْعَدُوا، وَعَصَيْتُمْ قَوْلَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، ٢٧ وَتَمَرْمَرْتُمْ فِي خِيَامِكُمْ وَقُلْتُمُ: ٱلرَّبُّ بِسَبَبِ بُغْضَتِهِ لَنَا قَدْ أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَدْفَعَنَا إِلَى أَيْدِي ٱلأَمُورِيِّينَ لِيُهْلِكَنَا».

عدد ١٤: ١ و٢ و٣ و٤ ومزمور ١٠٦: ٢٤ و٢٥ ص ٩: ٢٨

ٱلرَّبُّ بِسَبَبِ بُغْضَتِهِ لَنَا هذا من أعجب ما كان من بني إسرائيل بعدما رأوا آيات محبة الله لهم. والعبارة أشد حماقة من قولهم في (عدد ١٤: ٣) «لِمَاذَا أَتَى بِنَا ٱلرَّبُّ إِلَى هٰذِهِ ٱلأَرْضِ الخ».

٢٨ «إِلَى أَيْنَ نَحْنُ صَاعِدُونَ؟ قَدْ أَذَابَ إِخْوَتُنَا قُلُوبَنَا قَائِلِينَ: شَعْبٌ أَعْظَمُ وَأَطْوَلُ مِنَّا. مُدُنٌ عَظِيمَةٌ مُحَصَّنَةٌ إِلَى ٱلسَّمَاءِ، وَأَيْضاً قَدْ رَأَيْنَا بَنِي عَنَاقَ هُنَاكَ».

يشوع ٢: ١١ عدد ١٣: ٢٨ و٣١ و٣٢ و٣٣ وص ١٩: ١ و٢ عدد ١٣: ٢٨

إِلَى أَيْنَ نَحْنُ صَاعِدُونَ؟ قَدْ أَذَابَ إِخْوَتُنَا قُلُوبَنَا وقيل في سفر يشوع أن كالب بن يفنة قال «أَمَّا إِخْوَتِيَ ٱلَّذِينَ صَعِدُوا مَعِي فَأَذَابُوا قَلْبَ ٱلشَّعْبِ» (يشوع ١٤: ٨ وانظر في شأن بقية الآية عدد ١٣: ٢٨).

٢٩، ٣٠ «٢٩ فَقُلْتُ لَكُمْ: لاَ تَرْهَبُوا وَلاَ تَخَافُوا مِنْهُمُ! ٣٠ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمُ ٱلسَّائِرُ أَمَامَكُمْ هُوَ يُحَارِبُ عَنْكُمْ حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ مَعَكُمْ فِي مِصْرَ أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ».

خروج ١٤: ١٤ و٢٥ ونحميا ٤: ٢٠

لاَ تَرْهَبُوا وَلاَ تَخَافُوا مِنْهُمُ الخ إذا كان الرب سائراً أمامهم ويحارب عنهم فممن يرهبون فما كانوا مفتقرين إلى رجال يسيرون أمامهم لو فطنوا وآمنوا وتوكلوا على الله.

٣١ «وَفِي ٱلْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ رَأَيْتَ كَيْفَ حَمَلَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ كَمَا يَحْمِلُ ٱلإِنْسَانُ ٱبْنَهُ فِي كُلِّ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي سَلَكْتُمُوهَا حَتَّى جِئْتُمْ إِلَى هٰذَا ٱلْمَكَانِ».

خروج ١٩: ٤ وص ٣٢: ١١ و١٢ وإشعياء ٤٦: ٣ و٤ و٦٣: ٩ وهوشع ١١: ٣ وأعمال ١٣: ١٨

حَمَلَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ كَمَا يَحْمِلُ ٱلإِنْسَانُ ٱبْنَهُ من هذا أُخذ ما قيل في (أعمال ١٣: ١٨).

٣٢، ٣٣ «٣٢ وَلٰكِنْ فِي هٰذَا ٱلأَمْرِ لَسْتُمْ وَاثِقِينَ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ ٣٣ ٱلسَّائِرِ أَمَامَكُمْ فِي ٱلطَّرِيقِ، لِيَلْتَمِسَ لَكُمْ مَكَاناً لِنُزُولِكُمْ، فِي نَارٍ لَيْلاً لِيُرِيَكُمُ ٱلطَّرِيقَ ٱلَّتِي تَسِيرُونَ فِيهَا، وَفِي سَحَابٍ نَهَاراً».

مزمور ١٠٦: ٢٤ ويهوذا ٥ خروج ١٣: ٢١ ومزمور ٧٨: ١٤ عدد ١٠: ٣٣ وحزقيال ٢٠: ٦

ٱلسَّائِرِ أَمَامَكُمْ فِي ٱلطَّرِيقِ، لِيَلْتَمِسَ لَكُمْ مَكَاناً كان التابوت يسير أمامهم وكان الله يُعلن نفسه على ذلك التابوت ولذلك أسند المسير إليه تعالى على سبيل المجاز (انظر عدد ١٠: ٣٣). وقوله «ليلتمس لكم مكاناً» كقول المسيح «أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً» (يوحنا ١٤: ٢). وقول الرسول «دَخَلَ يَسُوعُ كَسَابِقٍ لأَجْلِنَا» (عبرانيين ٦: ٢٠). أما السحاب وكل ما يتعلق به فقد ذُكر في سفر العدد (عدد ٩: ١٥ – ٢٣).

٣٤ «وَسَمِعَ ٱلرَّبُّ صَوْتَ كَلاَمِكُمْ فَسَخَطَ وَأَقْسَمَ قَائِلاً».

ص ٢: ١٤ و١٥

وَأَقْسَمَ قال المرنم «فَأَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي لاَ يَدْخُلُونَ رَاحَتِي» (مزمور ٩٥: ١١).

٣٥ «لَنْ يَرَى إِنْسَانٌ مِنْ هٰؤُلاَءِ ٱلنَّاسِ مِنْ هٰذَا ٱلْجِيلِ ٱلشِّرِّيرِ ٱلأَرْضَ ٱلْجَيِّدَةَ ٱلَّتِي أَقْسَمْتُ أَنْ أُعْطِيَهَا لآبَائِكُمْ».

عدد ١٤: ٢٢ و٢٣ ومزمور ٩٥: ١١

لَنْ يَرَى إِنْسَانٌ الخ هذا كقول المسيح «إِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ أُولَئِكَ ٱلرِّجَالِ ٱلْمَدْعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائِي» (لوقا ١٤: ٢٤).

٣٦ «مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ. هُوَ يَرَاهَا، وَلَهُ أُعْطِي ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي وَطِئَهَا، وَلِبَنِيهِ، لأَنَّهُ قَدِ ٱتَّبَعَ ٱلرَّبَّ تَمَاماً».

عدد ١٤: ٢٤ و٣٠ ويشوع ١٤: ٩ عدد ١٤: ٢٤

مَا عَدَا كَالِبَ استثنى هنا كالب وحده بالنظر إلى أنه من الشعب وأما يشوع الذي كان خليفة لموسى فاستُثني على حدةٍ بالنظر إلى قواد الشعب.

٣٧، ٣٨ «٣٧ وَعَلَيَّ أَيْضاً غَضِبَ ٱلرَّبُّ بِسَبَبِكُمْ قَائِلاً: وَأَنْتَ أَيْضاً لاَ تَدْخُلُ إِلَى هُنَاكَ. ٣٨ يَشُوعُ بْنُ نُونَ ٱلْوَاقِفُ أَمَامَكَ هُوَ يَدْخُلُ إِلَى هُنَاكَ. شَدِّدْهُ لأَنَّهُ هُوَ يَقْسِمُهَا لإِسْرَائِيلَ».

عدد ٢٠: ١٢ و٢٧: ١٤ وص ٣: ٢٦ و٤: ٢١ و٣٤: ٤ ومزمور ١٠٦: ٣٢ عدد ١٤: ٣٠ خروج ٢٤: ١٣ و٣٣: ١١ و١صموئيل ١٦: ٢٢ عدد ٢٧: ١٨ و١٩ وص ٣١: ٧ و٢٣

وَعَلَيَّ أَيْضاً غَضِبَ ٱلرَّبُّ بِسَبَبِكُمْ (عدد ٣٧) ذكر موسى رفض الله إياه لما كان في السنة الأربعين للخروج مع رفض الله للشعب في السنة الثانية لذلك وكان علة الرفض عدم الإيمان بدليل قوله تعالى لموسى وهارون «مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمَا لَمْ تُؤْمِنَا بِي» (عدد ٢٠: ١٢) وهذا عينه علة رفض الشعب بدليل قوله «لَسْتُمْ وَاثِقِينَ بِٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ» (ع ٣٢) إذ أرادوا رأي أنفسهم بإرسال الجواسيس دون هداية الله. والجزاء على قدر الذنب (انظر أيضاً تفسير ص ٣: ٢٣ – ٢٨ و٣٢: ٤٩). وهذه الآية كلام معترض.

٣٩ «وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ ٱلَّذِينَ قُلْتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً، وَبَنُوكُمُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا ٱلْيَوْمَ ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ فَهُمْ يَدْخُلُونَ إِلَى هُنَاكَ، وَلَهُمْ أُعْطِيهَا وَهُمْ يَمْلِكُونَهَا».

عدد ١٤: ٣١ عدد ١٤: ٣ إشعياء ٧: ١٥ و١٦ ورومية ٩: ١١

وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ هذا متصل بحكم الرب في (ع ٣٦).

ٱلَّذِينَ قُلْتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً قالوا هذا في (عدد ١٤: ٣ انظر أيضاً ع ٣١).

٤٠ «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَحَوَّلُوا وَٱرْتَحِلُوا إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ عَلَى طَرِيقِ بَحْرِ سُوفٍ».

عدد ١٤: ٢٥

عَلَى طَرِيقِ بَحْرِ سُوفٍ أي في جهة البحر الأحمر وجاء في سفر العدد «فَجُثَثُكُمْ أَنْتُمْ تَسْقُطُ فِي هٰذَا ٱلْقَفْرِ» (عدد ١٤: ٣٢).

٤١، ٤٢ «٤١ فَأَجَبْتُمْ: قَدْ أَخْطَأْنَا إِلَى ٱلرَّبِّ. نَحْنُ نَصْعَدُ وَنُحَارِبُ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا. وَتَنَطَّقْتُمْ كُلُّ وَاحِدٍ بِعُدَّةِ حَرْبِهِ، وَٱسْتَخْفَفْتُمُ ٱلصُّعُودَ إِلَى ٱلْجَبَلِ. ٤٢ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِي: قُلْ لَهُمْ لاَ تَصْعَدُوا وَلاَ تُحَارِبُوا، لأَنِّي لَسْتُ فِي وَسَطِكُمْ لِئَلاَّ تَنْكَسِرُوا أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ».

عدد ١٤: ٤٠ عدد ١٤: ٤٢

قَدْ أَخْطَأْنَا… نَحْنُ نَصْعَدُ وَنُحَارِبُ الخ سندوا الصعود والحرب إلى أنفسهم دون الرب فانتقلوا من الجبن إلى الاعتداد بأنفسهم لا من عدم الإيمان إلى الإيمان ولذلك لم يكن قدامهم سوى الكسر ولو توكلوا على الله لكان أمامهم النصر لا محالة.

٤٣ «فَكَلَّمْتُكُمْ وَلَمْ تَسْمَعُوا بَلْ عَصَيْتُمْ قَوْلَ ٱلرَّبِّ وَطَغَيْتُمْ وَصَعِدْتُمْ إِلَى ٱلْجَبَلِ».

عدد ١٤: ٤٤ و٤٥

العبارة الأخيرة في هذه الآية من سفر العدد (عدد ١٤: ٤٤).

٤٤ «فَخَرَجَ ٱلأَمُورِيُّونَ ٱلسَّاكِنُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْجَبَلِ لِلِقَائِكُمْ وَطَرَدُوكُمْ كَمَا يَفْعَلُ ٱلنَّحْلُ، وَكَسَرُوكُمْ فِي سَعِيرَ إِلَى حُرْمَةَ».

مزمور ١١٨: ١٢

كَمَا يَفْعَلُ ٱلنَّحْلُ يُفهم من هذا مما قيل على الزنابير في (خروج ٢٣: ٢٨ – ٣٠) وما قيل في سفر التثنية نفسه في (ص ٧: ٢٠ ويشوع ٢٤: ١٢). والآية هنا تدل على أن كاتب هذا السفر كان قد ألف مشاهدة النحل تلحق الجماعات وتلسعهم.

فِي سَعِيرَ إِلَى حُرْمَةَ سعير قسم من البرية بين بحر لوط وخليج العقبة شرقيها صحراء العرب وغربيها وادي العربة وجبالها رملية ذات حجارة من الأعبل المعروفة عند العامة بالسماقي. وتُعرف قنتها العالية بجبل هور الذي يُعرف عند عامة تلك البلاد «النبي هارون» علوها ٤٨٠٠ قدم عن سطح البحر وتُعرف تلك الأرض بأرض أدوم. والمقصود بسعير هنا سلسلة الجبال التي منها جبل هور. وحُرمة مدينة في جنوبي كنعان مجهولة الموقع اليوم ولكن لما كان اسمها الأصلي صفاة ظن بعضهم أنها كانت في المضيق المعروف بالصفا وهو على أمد أربعين ميلاً من بئر سبع شرقاً. وكانت حرمة في نصيب سبط شمعون (يشوع ١٩: ٤). وظن فريق أنها هي سبيطة وهي على غاية عشرين ميلاً من قادس. وقال مفسروا اليهود وأولهم ابن عزرا أن حرمة اسم مكان أو اسم معنىً ومعناها «خراب».

٤٥ «فَرَجَعْتُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَلَمْ يَسْمَعِ ٱلرَّبُّ لِصَوْتِكُمْ وَلاَ أَصْغَى إِلَيْكُمْ».

فَرَجَعْتُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لم يُذكر هذا في سفر العدد (عدد ص ١٤) فدل هذا على أن الكاتب لم يأخذ قوله عن سفر سابق أو عن جزء سابق من التوراة وإنه كتب عما عرفه بالمشاهدة.

٤٦ «وَقَعَدْتُمْ فِي قَادِشَ أَيَّاماً كَثِيرَةً كَٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي قَعَدْتُمْ فِيهَا».

عدد ١٣: ٢٥ و٢٠: ١ و٢٢ وقضاة ١١: ١٧

وَقَعَدْتُمْ فِي قَادِشَ أَيَّاماً كَثِيرَةً لم تُعيّن المدة إنما يظهر من القرائن أنها كانت طويلة فإن مجرد ذهاب الجواسيس منها ورجوعهم إليها شغل أربعين يوماً. وكان الإسرائيليون قد أُمروا أن ينصرفوا في الغد إلى القفر في طريق بحر سوف (عدد ١٤: ٢٥) فحال دون القيام بهذا الأمر في الحال محاربتهم الكنعانيين.

كَٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي قَعَدْتُمْ فِيهَا (تركيب الآية مألوف لكن التعبير غريب ولعله من مصطلحات العبرانية ولو نطق بها العربي لقال «وقعدتم ما قعدتم في قادش من الزمن الطويل». وتُدفع هذه الغرابة شيئاً بأن يكون المعنى وقعدتم في قادش أياماً كثيرة كالأيام التي تعرفون أو اشتهر بينكم أنكم قعدتم فيها والله أعلم). ذهب بعض مفسري اليهود أن الإسرائيليين شغلوا بالقعود في قادش تسع عشرة سنة. والمرجّح أن قادش كانت مركزاً للإسرائيليين كل مدة إقامتهم بالبرية فكانوا في تلك المدة يذهبون منها ويعودون إليها إلى نحو نهاية السنة الأربعين من الخروج.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى