سفر العدد | 16 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر العدد
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ
١ «وَأَخَذَ قُورَحُ بْنُ يِصْهَارَ بْنِ قَهَاتَ بْنِ لاَوِي، وَدَاثَانُ وَأَبِيرَامُ ٱبْنَا أَلِيآبَ، وَأُونُ بْنُ فَالَتَ بَنُو رَأُوبَيْنَ».
خروج ٦: ٢١ وص ٢٦: ٩ و٢٧: ٣ ويهوذا ١١
وَأَخَذَ قُورَحُ بْنُ يِصْهَارَ ظن بعضهم أنه يجب أن تترجم الآية هكذا «فقورح بن يصهار بن قهات بن لاوي أخذ داثان وأبيرام». فإن معصية قورح وداثان وأبيرام هي الحادثة المهمة التي أنبئ بأنها هي التي أطالت مدة تيه بني إسرائيل في البرّية. لا دليل لنا على تعيين مكان هذه الحادثة وزمانها. (والآية على ما في الترجمة العربية على وفق ذلك فلا داعي إلى ذلك التغيير وهو مما لا يتأتى في الأصل العبراني). والأحوال التي حملت على ذلك تحمل على الظن أنها حدثت في إحدى السنين الأولى من الرحلات في البريّة. وهي كانت إما وقت حلولهم وإقامتهم بقادش أو في أثناء ارتحالهم منها. ومن مرجحات حدوثها في أثناء إقامتهم بقادش ما يأتي:
(١) إن تاريخ الإسرائيليين بين حلولهم الأول وحلولهم الثاني في قادش يعد كالمسكوت عنه.
(٢) إن مدة السير كانوا متفرقين على وجه البرّية وقصة عصيان قورح تقتضي أنها حدثت في مكان واحد بعينه. والقصة كلها تثبت الحق التاريخي. إن رؤساء العصيان الذين منهم قورح وكانوا في مكان ظاهر جداً يختص بسبطي لاوي ورأوبين (قابل ص ١٦: ١ و٢٦: ٩ ويهوذا ١١). وكان قورح بن يصهار أخي عمرام أبي موسى فحسد اللاويين على انفرادهم بالكهنوت وحسد أليصافان بن عزيئيل على الرئاسة (ص ٣: ٣٠) والظاهر أنه كان ابن قهات الأصغر مع أن يصهار كان ثاني عمرام (ص ٣: ١٩). وكان داثان وأبريام ابني اليآب بن فلّو بن رأوبين (ص ٢٦: ٥ – ٩) الذي هو ابن يعقوب الأكبر. فالظاهر أنهما غضبا على عدم مراعاة حق نسبتهما وخسرانهما الرئاسة التي كانت لهما باعتبار سبطهما فصارت لسبط يهوذا. ولا يبعد أنهما اغتاظا فوق ذلك لأن الكهنوت لبكريهما وكان القهاتيون والرأوبينيون متجاورين في المحلة جنوبي خيمة الاجتماع.
٢ «يُقَاوِمُونَ مُوسَى مَعَ أُنَاسٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ رُؤَسَاءِ ٱلْجَمَاعَةِ مَدْعُوِّينَ لِلٱجْتِمَاعِ ذَوِي ٱسْمٍ».
ص ٢٦: ٩
يُقَاوِمُونَ مُوسَى أي يعصونه ويخالفون أوامره.
مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ رُؤَسَاءِ استُنتج من (ص ٢٧: ٣) حيث قيل أن صلفحاد المنسّوي لم يشترك في العصيان إن هؤلاء الرؤساء من أسباط أُخر من إسرائيل كسبط لاوي. وسُموا جماعة قورح لأن قورح كان قائدهم. ويترجح من (ع ٨) أن كثيرين منهم كانوا من سبط لاوي.
٣ «فَٱجْتَمَعُوا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَقَالُوا لَهُمَا: كَفَاكُمَا! إِنَّ كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ بِأَسْرِهَا مُقَدَّسَةٌ وَفِي وَسَطِهَا ٱلرَّبُّ. فَمَا بَالُكُمَا تَرْتَفِعَانِ عَلَى جَمَاعَةِ ٱلرَّبِّ؟».
مزمور ١٠٦: ١٦ خروج ١٩: ٦ خروج ٢٩: ٤٥ وص ١٤: ١٤ و٣٥: ٣٤
كَفَاكُمَا (قابل بهذا تكوين ٤٥: ٢٨) أي لقد طال استيلاؤكما على الشعب وتوليكما الكهنوت وهذا يدل على أن قورح كان يدعي حق الكهنوت العام وأخذ يهيج الشعب ليحصل عليه.
٤ «فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ».
ص ١٤: ٥ و٢٠: ٦
سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ (إظهاراً للتذلل أمام الرب وإكباراً لذلك العصيان).
٥ «ثُمَّ قَالَ لِقُورَحَ وَجَمِيعِ قَوْمِهِ: غَداً يُعْلِنُ ٱلرَّبُّ مَنْ هُوَ لَهُ وَمَنِ ٱلْمُقَدَّسُ حَتَّى يُقَرِّبَهُ إِلَيْهِ. فَٱلَّذِي يَخْتَارُهُ يُقَرِّبُهُ إِلَيْهِ».
لاويين ٢١: ٦ و٧ و٨ و١٢ و١٥ وع ٣ خروج ٢٨: ١ وص ١٧: ٥ و١صموئيل ٢: ٢٨ ومزمور ١٠٥: ٢٦ لاويين ٢٠: ٣ و٢١: ١٧ و١٨ وص ٣: ١٠ وحزقيال ٤٠: ٤٦ و٤٤: ١٥ و١٦
قَالَ لِقُورَحَ وَجَمِيعِ قَوْمِهِ أي قال لرئيس الفتنة قورح وكل جماعته العاصين معه. والظاهر أن القول كان موجهاً إلى هؤلاء دون داثان وأبريام وأنهما لم يكونا بينهم حينئذ (انظر ع ١٢).
غَداً أي في صباح غدٍ. لعل توقيف الحكم إلى الغد كان لنفع أون وأبناء قورح لعلهم يرجعون عن معصيتهم.
٦ «اِفْعَلُوا هٰذَا: خُذُوا لَكُمْ مَجَامِرَ. قُورَحُ وَكُلُّ جَمَاعَتِهِ».
خُذُوا لَكُمْ مَجَامِرَ كان تقديم البخور مما امتاز به الكهنة ورتبة الكهنوت العظمى. فكان من الواجب على قورح وجماعته أن يعتبروا بما وقع على ناداب وأبيهو لا أن يتخذوه وسيلة إلى الاقتداء بهما لإثارة غيظ الله عليهم.
٧ – ٩ «٧ وَٱجْعَلُوا فِيهَا نَاراً، وَضَعُوا عَلَيْهَا بَخُوراً أَمَامَ ٱلرَّبِّ غَداً. فَٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ ٱلرَّبُّ هُوَ ٱلْمُقَدَّسُ. كَفَاكُمْ يَا بَنِي لاَوِي! ٨ وَقَالَ مُوسَى لِقُورَحَ: ٱسْمَعُوا يَا بَنِي لاَوِي. ٩ أَقَلِيلٌ عَلَيْكُمْ أَنَّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ أَفْرَزَكُمْ مِنْ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ لِيُقَرِّبَكُمْ إِلَيْهِ لِكَيْ تَعْمَلُوا خِدْمَةَ مَسْكَنِ ٱلرَّبِّ، وَتَقِفُوا قُدَّامَ ٱلْجَمَاعَةِ لِخِدْمَتِهَا؟».
١صموئيل ١٨: ٢٣ وإشعياء ٧: ١٣ ص ٣: ٤١ و٤٥ و٨: ١٤ وتثنية ١٠: ٨
كَفَاكُمْ يَا بَنِي لاَوِي هذا مقابل لقولهم لموسى وهارون «كفاكما» (ع ٣) وأوضح المقصود به في (ع ٩ و١٠) والذين كفاهم أنهم اختيروا من بين إخوتهم لخدمة القدس.
١٠، ١١ «١٠ فَقَرَّبَكَ وَجَمِيعَ إِخْوَتِكَ بَنِي لاَوِي مَعَكَ، وَتَطْلُبُونَ أَيْضاً كَهَنُوتاً! ١١ إِذَنْ أَنْتَ وَكُلُّ جَمَاعَتِكَ مُتَّفِقُونَ عَلَى ٱلرَّبِّ. وَأَمَّا هَارُونُ فَمَا هُوَ حَتَّى تَتَذَمَّرُوا عَلَيْهِ؟».
خروج ١٦: ٨ و١كورنثوس ٣: ٥
وَتَطْلُبُونَ أَيْضاً كَهَنُوتاً يظهر من ترجوم انكيلوس ويوناثان أنهما فهما أن قورح وبني لاوي طلبوا رتبة الحبر الأعظم أو إنهم طلبوا أن يكون قورح الحبر الأعظم ويكون سائرهم كهنة.
١٢ «فَأَرْسَلَ مُوسَى لِيَدْعُوَ دَاثَانَ وَأَبِيرَامَ ٱبْنَيْ أَلِيآبَ. فَقَالاَ: لاَ نَصْعَدُ!».
فَأَرْسَلَ مُوسَى لِيَدْعُوَ دَاثَانَ وَأَبِيرَامَ إنه يرجّح على ما عُرف من (ع ٣) أن داثان وأبيرام تحزبا مع قورح وإنهما انفردا على أثر ذلك ورجعا إلى خيمتهما لأنهما رفضا أن يكونا من جملة الآمرين لموسى.
١٣ «أَقَلِيلٌ أَنَّكَ أَصْعَدْتَنَا مِنْ أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً لِتُمِيتَنَا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ حَتَّى تَتَرَأَّسَ عَلَيْنَا تَرَؤُّساً؟».
ع ٩ خروج ٢: ١٤ وأعمال ٧: ٢٧ و٣٥
أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً وصفا أرض العبودية بما وُصفت به أرض الميعاد.
١٤ «كَذٰلِكَ لَمْ تَأْتِ بِنَا إِلَى أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً، وَلاَ أَعْطَيْتَنَا نَصِيبَ حُقُولٍ وَكُرُومٍ. هَلْ تَقْلَعُ أَعْيُنَ هٰؤُلاَءِ ٱلْقَوْمِ؟ لاَ نَصْعَدُ!».
خروج ٣: ٨ ولاوين ٢٠: ٢٤
كَذٰلِكَ لَمْ تَأْتِ بِنَا أي أنك وعدتنا بأن تأتي بنا إلى أرض تفيض لبناً وعسلاً فلم تفعل كذلك بل أتيت بنا إلى القفر بعد ما أخرجتنا من أرض مصر التي هي تفيض لبناً وعسلاً (ع ١٣). والواقع أن الرب قال لموسى أنه يخرج إسرائيل من مصر أرض العبودية إلى أرض كنعان التي تفيض لبناً وعسلاً (انظر خروج ٣: ٨). وهارون وموسى لم يقولا لهم إلا ما قاله الرب (خروج ٤: ٣٠).
هَلْ تَقْلَعُ أَعْيُنَ هٰؤُلاَءِ ٱلْقَوْمِ المقصود بالقلع هنا إما القلع حقيقة كما فُعل بشمشون (قضاة ١٦: ٢١) فيكون القصد أن موسى حرّم القوم كل خير حتى لم يبق إلا أن يقلع عيونهم. وأما القلع مجازاً فيكون القصد أفتجعل القوم كالعميان حتى تقودهم حيث شئت كما يقود الأعمى فلا يرون ما يتبين به كذبك وخداعك ويطيعوك في كل شيء.
١٥ «فَٱغْتَاظَ مُوسَى جِدّاً وَقَالَ لِلرَّبِّ: لاَ تَلْتَفِتْ إِلَى تَقْدِمَتِهِمَا. حِمَاراً وَاحِداً لَمْ آخُذْ مِنْهُمْ، وَلاَ أَسَأْتُ إِلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ».
تكوين ٤: ٤ و٥ ١صموئيل ١٢: ٣ وأعمال ٢٠: ٢٣ و٢كورنثوس ٧: ٢
حِمَاراً وَاحِداً لَمْ آخُذْ مِنْهُمْ دفع موسى عنه بهذا اتهامهم إياه بالظلم.
١٦، ١٧ «١٦ وَقَالَ مُوسَى لِقُورَحَ: كُنْ أَنْتَ وَكُلُّ جَمَاعَتِكَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، أَنْتَ وَهُمْ وَهَارُونُ غَداً ١٧ وَخُذُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِجْمَرَتَهُ، وَٱجْعَلُوا فِيهَا بَخُوراً، وَقَدِّمُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ كُلُّ وَاحِدٍ مِجْمَرَتَهُ. مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مَجْمَرَةً. وَأَنْتَ وَهَارُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مَجْمَرَتَهُ».
ع ٦ و٧ و١صموئيل ١٢: ٣ و٧
خُذُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِجْمَرَتَهُ لعل هذه المجامر من المجامر البيتية العادية المستعملة لإيقاد البخور في البيوت. أو لعلها مجامر رؤساء البيوت لأن رئيس كل بيت كان بمنزلة كاهن قبل إقامة الكهنة فكان يصلي إماماً لأهل بيته ويوقد البخور للرب. أو هي مجامر كان يستعملها قورح وأصحابه خاصة.
١٨، ١٩ «١٨ فَأَخَذُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِجْمَرَتَهُ وَجَعَلُوا فِيهَا نَاراً وَوَضَعُوا عَلَيْهَا بَخُوراً، وَوَقَفُوا لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلاجْتِمَاعِ مَعَ مُوسَى وَهَارُونَ. ١٩ وَجَمَعَ عَلَيْهِمَا قُورَحُ كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلاجْتِمَاعِ، فَتَرَاءَى مَجْدُ ٱلرَّبِّ لِكُلِّ ٱلْجَمَاعَةِ».
خروج ١٦: ٧ و١٠ ولاويين ٩: ٦ و٢٣ وص ١٤: ١٠ وع ٤٥
كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ هذا يدل على عموم الفتنة وميل الجميع إلى معصية قورح لموسى وهارون.
٢٠، ٢١ «٢٠ وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: ٢١ ٱفْتَرِزَا مِنْ بَيْنِ هٰذِهِ ٱلْجَمَاعَةِ فَإِنِّي أُفْنِيهِمْ فِي لَحْظَةٍ!».
تكوين ١٩: ١٧ و٢٢ وع ٤٥ وإرميا ٥١: ٦ وأعمال ٢: ٤٠ ورؤيا ١٨: ٤ خروج ٣٢: ١٠ و٣٣: ٥ وع ٤٥
ٱفْتَرِزَا مِنْ بَيْنِ هٰذِهِ ٱلْجَمَاعَةِ قد أخطأت الجماعة كلها بميلها إلى رأي قورح ولعل أكثرها أثم باشتراكه في إثم قورح أو معصيته وصار عرضة لغضب الله (وإن كان قورح هو أصل الإثم دون غيره انظر ع ٢٢).
٢٢ – ٢٤ «٢٢ فَخَرَّا عَلَى وَجْهَيْهِمَا وَقَالاَ: ٱللّٰهُمَّ إِلٰهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ ٱلْبَشَرِ، هَلْ يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلَى كُلِّ ٱلْجَمَاعَةِ؟ ٢٣ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٢٤ كَلِّمِ ٱلْجَمَاعَةَ قَائِلاً ٱطْلَعُوا مِنْ حَوَالَيْ مَسْكَنِ قُورَحَ وَدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ».
ص ١٤: ٥ وع ٤٥ ص ٢٧: ١٦ وأيوب ١٢: ١٠ وجامعة ١٢: ٧ وإشعياء ٥٧: ١٦ وزكريا ١٢: ١ وعبرانيين ١٢: ٩
ٱطْلَعُوا مِنْ حَوَالَيْ مَسْكَنِ قُورَحَ وَدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ قال أحد المفسرين «يصعب علينا تعيين المقصود بالمسكن هنا فإنه متى جاء مفرداً دل على خيمة الاجتماع وقد يدل على مكان السكنى مطلقاً. ولعله هنا يدل على مسكن مخصوص أقامه قورح مقام خيمة الاجتماع مباراة لموسى. ويصح أن يُراد به خيمة قورح وخيمة داثان وخيمة أبيرام لأن مساكنهم اعتُبرت لاتفاقهم مسكناً واحداً» (والخلاصة أنه أُريد بالمسكن مجموع خيام الثلاثة لأنها كانت متجاورة وكان أهلها متفقين على الفتنة). (انظر ع ٢٦ و٢٧).
٢٥ – ٢٧ «٢٥ فَقَامَ مُوسَى وَذَهَبَ إِلَى دَاثَانَ وَأَبِيرَامَ، وَذَهَبَ وَرَاءَهُ شُيُوخُ إِسْرَائِيلَ. ٢٦ فَقَالَ لِلْجَمَاعَةِ: ٱعْتَزِلُوا عَنْ خِيَامِ هٰؤُلاَءِ ٱلْقَوْمِ ٱلْبُغَاةِ، وَلاَ تَمَسُّوا شَيْئاً مِمَّا لَهُمْ لِئَلاَّ تَهْلَكُوا بِجَمِيعِ خَطَايَاهُمْ. ٢٧ فَطَلَعُوا مِنْ حَوَالَيْ مَسْكَنِ قُورَحَ وَدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ، وَخَرَجَ دَاثَانُ وَأَبِيرَامُ وَوَقَفَا فِي بَابِ خَيْمَتَيْهِمَا مَعَ نِسَائِهِمَا وَبَنِيهِمَا وَأَطْفَالِهِمَا».
تكوين ١٩: ١٢ و١٤ وإشعياء ٥٢: ١١ و٢كورنثوس ٦: ١٧ ورؤيا ١٨: ٤
خَرَجَ دَاثَانُ وَأَبِيرَامُ لم يذكر الكتاب شيئاً من مقام قورح في هذا الوقت ولم يذكر أحداً من بنيه مع أنهم لم يموتوا مع جماعة قورح كما يتبين من (ص ٢٦: ١١). وذكرت سلالة قورح في (١أيام ٦: ٢٢ – ٣٨) وذُكر بنو قورح في عنوان للمزمور الحادي عشر وكان صموئيل النبي وهيمان المرنم من نسله (١أيام ٦: ٢٢ و٣٣).
٢٨ «فَقَالَ مُوسَى: بِهٰذَا تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي لأَعْمَلَ كُلَّ هٰذِهِ ٱلأَعْمَالِ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِي».
خروج ٣: ١٢ وتثنية ١٨: ٢٢ وزكريا ٢: ٩ و١١ و٤: ٩ ويوحنا ٥: ٣٦ ص ٢٤: ١٣ وإرميا ٢٣: ١٦ وحزقيال ١٣: ١٧ ويوحنا ٥: ٣٠ و٦: ٣٨
لأَعْمَلَ كُلَّ هٰذِهِ ٱلأَعْمَالِ أي لأُخرج الشعب من أرض مصر ولأُفدي الأبكار باللاويين ولأُقدس هارون وبنيه ولاُعلن كل إرادة الرب للشعب.
٢٩، ٣٠ «٢٩ إِنْ مَاتَ هٰؤُلاَءِ كَمَوْتِ كُلِّ إِنْسَانٍ، وَأَصَابَتْهُمْ مَصِيبَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ فَلَيْسَ ٱلرَّبُّ قَدْ أَرْسَلَنِي. ٣٠ وَلٰكِنْ إِنِ ٱبْتَدَعَ ٱلرَّبُّ بِدْعَةً وَفَتَحَتِ ٱلأَرْضُ فَاهَا وَٱبْتَلَعَتْهُمْ وَكُلَّ مَا لَهُمْ، فَهَبَطُوا أَحْيَاءً إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ، تَعْلَمُونَ أَنَّ هٰؤُلاَءِ ٱلْقَوْمَ قَدِ ٱزْدَرَوْا بِٱلرَّبِّ».
حزقيال ٢٠: ٥ و٣٢: ٣٤ وأيوب ٣٥: ١٥ وإشعياء ١٠: ٣ وإرميا ٥: ٩ إشعياء ٤٥: ٧ أيوب ٣١: ٣ وإشعياء ٢٨: ٢١ ع ٣٣ ومزمور ٥٥: ١٥
إِنِ ٱبْتَدَعَ ٱلرَّبُّ بِدْعَةً أي صنع أمراً لم يُعهد مثله.
ٱلْهَاوِيَةِ أي دار الأموات وهي في العبرانية «شاول».
٣١، ٣٢ «٣١ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ ٱلتَّكَلُّمِ بِكُلِّ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ، ٱنْشَقَّتِ ٱلأَرْضُ ٱلَّتِي تَحْتَهُمْ، ٣٢ وَفَتَحَتِ ٱلأَرْضُ فَاهَا وَٱبْتَلَعَتْهُمْ وَبُيُوتَهُمْ وَكُلَّ مَنْ كَانَ لِقُورَحَ مَعَ كُلِّ ٱلأَمْوَالِ».
ص ٢٦: ١٠ و٢٧: ٣ وتثنية ١١: ٦ ومزمور ١٠٦: ١٧ ع ١٧ وص ٢٦: ١١ و١أيام ٦: ٢٢ و٣٧
فَتَحَتِ ٱلأَرْضُ فَاهَا لو لم يكن ما قيل في هذا الحادث غير هذه الآية لحكمنا أن قورح وأهل بيته كان نصيبهم نصيب داثان وأبيرام وأهل بيتهما. ولكن لنا دليل قاطع على أن بني قورح لم يصبهم ما أصاب أولئك (انظر تفسير ع ٢٧). أما قورح فلنا ما يحملنا على اعتقاد أنه هلك بالنار مع ٢٥٠ رجلاً قدموا البخور معه. وفي (ص ٢٦: ١٠) ذُكر قورح مع داثان وأبيرام. والذي يظهر لنا أن الله أهلك رؤساء الفتنة على معزل من غيرهم. ففي سفر التثنية أن الأرض «فَتَحَت فَاهَا وَٱبْتَلَعَتْهُمَا مَعَ بُيُوتِهِمَا وَخِيَامِهِمَا وَكُلِّ ٱلْمَوْجُودَاتِ ٱلتَّابِعَةِ» (تثنية ١١: ٦). وفي المزامير أنه «فَتَحَتِ ٱلأَرْضُ وَٱبْتَلَعَتْ دَاثَانَ، وَطَبَقَتْ عَلَى جَمَاعَةِ أَبِيرَامَ، وَٱشْتَعَلَتْ نَارٌ فِي جَمَاعَتِهِمْ. ٱللَّهِيبُ أَحْرَقَ ٱلأَشْرَارَ» (مزمور ١٠٦: ١٧ و١٨). فإن كانت خيمة قورح حينئذ في مكانها المعيّن بين القهاتيين فلنا أن نظن أن المصاب لم يتجاوز خيام داثان وأبيرام نستنتج أن أولاده بقوا في الخيمة الأولى مع القهاتيين أو أن موسى عزلهم عن تلك الأرض مع من عزل عنها. والطبع يحملنا على أن نظن أن قورح كان في ذلك الوقت أمام باب الخيمة مع ٢٥٠ من أصحابه الذين كانوا يقدمون البخور معه فنال نصيباً من نازلتهم.
٣٣ – ٣٥ «٣٣ فَنَزَلُوا هُمْ وَكُلُّ مَا كَانَ لَهُمْ أَحْيَاءً إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ، وَٱنْطَبَقَتْ عَلَيْهِمِ ٱلأَرْضُ، فَبَادُوا مِنْ بَيْنِ ٱلْجَمَاعَةِ. ٣٤ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ حَوْلَهُمْ هَرَبُوا مِنْ صَوْتِهِمْ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: لَعَلَّ ٱلأَرْضَ تَبْتَلِعُنَا. ٣٥ وَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ وَأَكَلَتِ ٱلْمِئَتَيْنِ وَٱلْخَمْسِينَ رَجُلاً ٱلَّذِينَ قَرَّبُوا ٱلْبَخُورَ».
لاويين ١٠: ٢ وص ١١: ١ ومزمور ١٠٦: ١٨ ع ١٧
خَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ قال الأسقف وردسورث أهلكهم العنصر الذي أخطأوا به.
٣٦، ٣٧ «٣٦ ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٣٧ قُلْ لأَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ ٱلْكَاهِنِ أَنْ يَرْفَعَ ٱلْمَجَامِرَ مِنَ ٱلْحَرِيقِ، وَٱذْرِ ٱلنَّارَ هُنَاكَ فَإِنَّهُنَّ قَدْ تَقَدَّسْنَ».
لاويين ٢٧: ٢٨
قُلْ لأَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ كان هارون على وشك أن يُشغل بالخدمة الكاهنية والتوسط للشعب فكان من الواجب أن يعتزل الموتى لئلا يتنجس.
٣٨ «مَجَامِرَ هٰؤُلاَءِ ٱلْمُخْطِئِينَ ضِدَّ نُفُوسِهِمْ فَلْيَعْمَلُوهَا صَفَائِحَ مَطْرُوقَةً غِشَاءً لِلْمَذْبَحِ، لأَنَّهُمْ قَدْ قَدَّمُوهَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ فَتَقَدَّسَتْ. فَتَكُونُ عَلاَمَةً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ».
أمثال ٢٠: ٢ وحبقوق ٢: ١٠ ص ١٧: ١٠ و٢٦: ١٠ وحزقيال ١٤: ٨
هٰؤُلاَءِ ٱلْمُخْطِئِينَ ضِدَّ نُفُوسِهِمْ أي الذين هلكوا بما خطئوا.
فَلْيَعْمَلُوهَا صَفَائِحَ مَطْرُوقَةً كان عقاب قورح وأصحابه على انتهاكهم حرمة الأدوات المقدسة عبرة لمن بعدهم إلى الأبد ليحذروا بها من تدنيس القدسيات. وكان مذبح المحرقة مغطى بنحاس وغطوه بذلك وقاية له من الاحتراق لأنه كان موضوعاً من الخشب وكانت النار عليه دائماً. وكانت مجامر قورح وجماعته من النحاس (ع ٣٩). وكانت مجامر هارون وبنيه من الفضة على ما ظُنّ ولكن لا دليل على ذلك كافٍ. ونُصّ في سفر الخروج على أن المباخر كانت من النحاس (خروج ٣٧: ٣). وصُنعت المباخر في أيام سليمان من الذهب (١ملوك ٨: ٥٠). والمجمرة التي كان هارون يبخر بها في يوم الكفارة كانت من الذهب (قابل عبرانيين ٩: ٤ ورؤيا ٨: ٣).
٣٩ «فَأَخَذَ أَلِعَازَارُ ٱلْكَاهِنُ مَجَامِرَ ٱلنُّحَاسِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا ٱلْمُحْتَرِقُونَ وَطَرَقُوهَا غِشَاءً لِلْمَذْبَحِ».
قَدَّمَهَا ٱلْمُحْتَرِقُونَ أي قدمها قورح وجماعته للرب فإنهم هم الذين احترقوا.
٤٠ «تِذْكَاراً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، لِكَيْ لاَ يَقْتَرِبَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ لِيُبَخِّرَ بَخُوراً أَمَامَ ٱلرَّبِّ، فَيَكُونَ مِثْلَ قُورَحَ وَجَمَاعَتِهِ، كَمَا كَلَّمَهُ ٱلرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى».
ص ٣: ١٠ و٢أيام ٢٦: ١٨
تِذْكَاراً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أي تذكار عبرة وإنذار وقد حذّر يهوذا الرسول المسيحيين بهذا من تدنيس الإلهيات (يهوذا ١١).
٤١ «فَتَذَمَّرَ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْغَدِ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلِينَ: أَنْتُمَا قَدْ قَتَلْتُمَا شَعْبَ ٱلرَّبِّ».
ص ١٤: ٢ ومزمور ١٠٦: ٢٥
فِي ٱلْغَدِ هذا من عجيب فساد القلب البشري فإن القوم تذمروا على أثر ما شاهدوا من شديد عقاب المتذمرين.
٤٢ «وَلَمَّا ٱجْتَمَعَتِ ٱلْجَمَاعَةُ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ٱنْصَرَفَا إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ وَإِذَا هِيَ قَدْ غَطَّتْهَا ٱلسَّحَابَةُ وَتَرَاءَى مَجْدُ ٱلرَّبِّ».
خروج ٤٠: ٢٤ ع ١٩ وص ٢٠: ٦
قَدْ غَطَّتْهَا ٱلسَّحَابَةُ المرجّح أن السحابة كانت قد زالت في اليوم الماضي وعادت الآن تشجيعاً لموسى وهارون لأنها كانت علامة حضور الرب.
٤٣ – ٤٦ «٤٣ فَجَاءَ مُوسَى وَهَارُونُ إِلَى قُدَّامِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. ٤٤ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٤٥ اِطْلَعَا مِنْ وَسَطِ هٰذِهِ ٱلْجَمَاعَةِ فَإِنِّي أُفْنِيهِمْ بِلَحْظَةٍ. فَخَرَّا عَلَى وَجْهَيْهِمَا. ٤٦ ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: خُذِ ٱلْمَجْمَرَةَ وَٱجْعَلْ فِيهَا نَاراً مِنْ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ، وَضَعْ بَخُوراً، وَٱذْهَبْ بِهَا مُسْرِعاً إِلَى ٱلْجَمَاعَةِ وَكَفِّرْ عَنْهُمْ، لأَنَّ ٱلسَّخَطَ قَدْ خَرَجَ مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ. قَدِ ٱبْتَدَأَ ٱلْوَبَأُ».
ع ٢١ و٢٤ ع ٢٢ وص ٢٠: ٦ لاويين ١٠: ٦ وص ١: ٥٣ و٨: ١٩ و١١: ٣٣ و١٨: ٥ و١أيام ٢٧: ٢٤ ومزمور ١٠٦: ٢٩
خُذِ ٱلْمَجْمَرَةَ المقصود بهذه المجمرة المجمرة الذهبية المختصة بالحبر الأعظم. وكان البخور رمزاً إلى الصلاة والشفاعة والوساطة التي يقوم بها المسيح (انظر مزمور ١٤١: ٢ ورؤيا ٨: ٣ و٤).
٤٧ «فَأَخَذَ هَارُونُ كَمَا قَالَ مُوسَى وَرَكَضَ إِلَى وَسَطِ ٱلْجَمَاعَةِ، وَإِذَا ٱلْوَبَأُ قَدِ ٱبْتَدَأَ فِي ٱلشَّعْبِ. فَوَضَعَ ٱلْبَخُورَ وَكَفَّرَ عَنِ ٱلشَّعْبِ».
رَكَضَ إِلَى وَسَطِ ٱلْجَمَاعَةِ كان الأمر كله غير معتاد فإن العادة كانت أن يقدم البخور على مذبح الذهب في القدس الذي يخدم فيه الكاهن.
٤٨ «وَوَقَفَ بَيْنَ ٱلْمَوْتٰى وَٱلأَحْيَاءِ فَٱمْتَنَعَ ٱلْوَبَأُ».
وَقَفَ بَيْنَ ٱلْمَوْتٰى وَٱلأَحْيَاءِ عمل هارون مثل عمل المسيح الذي «أَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَاناً وَذَبِيحَةً لِلّٰهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً» (أفسس ٥: ٢).
٤٩ «فَكَانَ ٱلَّذِينَ مَاتُوا بِٱلْوَبَإِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفاً وَسَبْعَ مِئَةٍ، عَدَا ٱلَّذِينَ مَاتُوا بِسَبَبِ قُورَحَ».
عَدَا ٱلَّذِينَ مَاتُوا بِسَبَبِ قُورَحَ (هم الذين احترقوا معه ع ٣٥).
٥٠ «ثُمَّ رَجَعَ هَارُونُ إِلَى مُوسَى إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ وَٱلْوَبَأُ قَدِ ٱمْتَنَعَ».
رَجَعَ هَارُونُ إلى حيث كان فإنه كان هو وموسى عند باب خيمة الاجتماع.
السابق |
التالي |