سفر العدد | 11 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر العدد
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ
١ «وَكَانَ ٱلشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ ٱلرَّبِّ. وَسَمِعَ ٱلرَّبُّ فَحَمِيَ غَضَبُهُ، فَٱشْتَعَلَتْ فِيهِمْ نَارُ ٱلرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ ٱلْمَحَلَّةِ».
تثنية ٩: ٢٢ ومزمور ٧٨: ٢١ لاويين ١٠: ٢ وص ١٦: ٣٥ و٢ملوك ١: ١٢ ومزمور ١٠٦: ١٨
ًوَكَانَ ٱلشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّا أي يتذمرون كأنهم أُصيبوا بشرّ وفي الترجمة السبعينية «وتذمر الشعب تذمُر خطإ أمام الرب» وإلى هذا أشار الرسول بقوله «وَلاَ تَتَذَمَّرُوا كَمَا تَذَمَّرَ أَيْضاً أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَهُمُ ٱلْمُهْلِكُ» (١كورنثوس ١٠: ١٠).
وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ ٱلْمَحَلَّةِ رأى أكثر المفسرين وأجادوا أن نقمة الله بعد إعطاء الشريعة كانت أشد منها قبل إعطائها وربما أوضح ذلك ما في (خروج ١٤: ١١ – ١٤ و١٥: ٢٤ و٢٥ و١٦: ٢ – ٨ و١٧: ٣ – ٧). ومن هذا برهن كاتب الرسالة إلى العبرانيين الجزاء على كل تعدٍ ومعصية بالنظر إلى الشريعة وتوصل بذلك إلى أن مسؤولية المسيحي إلى الشريعة وتوصل بذلك إلى أن مسؤولية المسيحي الذي يهمل الخلاص أعظم بالنظر إلى سموّ المخلّص ووفرة رحمته وإحسانه (انظر عبرانيين ٢: ٢ و٣ وقابل بهذا عبرانيين ١٠: ٢٨ و٢٩ و١٢: ٢٥).
٢ «فَصَرَخَ ٱلشَّعْبُ إِلَى مُوسَى، فَصَلَّى مُوسَى إِلَى ٱلرَّبِّ فَخَمَدَتِ ٱلنَّارُ».
يعقوب ٥: ١٦
فَخَمَدَتِ ٱلنَّارُ لم يذكر الأمد الذي بلغته النار ولا القدر الذي أحرقته فاقتصر على أنها اتقدت في طرف المحلة وإنها خمدت بصلاة موسى. والمرجّح أنها أحرقت بعض الإسرائيليين لا بعض خيمهم فقط. وظن بعضهم أن المقصود بهذه النار ريح السموم أو ريح الجنوب المحرقة التي تهب أحياناً في صحاري المشرق وتؤذي ما تمر به (والظاهر أنها النار الحقيقية).
٣ «فَدُعِيَ ٱسْمُ ذٰلِكَ ٱلْمَوْضِعِ «تَبْعِيرَةَ» لأَنَّ نَارَ ٱلرَّبِّ ٱشْتَعَلَتْ فِيهِمْ».
تثنية ٩: ٢٢
تَبْعِيرَةَ اتقاد أو احتراق أو إحراق.
٤ «وَٱللَّفِيفُ ٱلَّذِي فِي وَسَطِهِمِ ٱشْتَهَى شَهْوَةً. فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضاً وَبَكَوْا وَقَالُوا: مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً؟».
خروج ١٢: ٣٨ مزمور ٧٨: ١٨ و١٠٦: ١٤ و١كورنثوس ١٠: ٦
وَٱللَّفِيفُ أي الإخلاط من قوم شتى وهؤلاء كانوا كثيرين ثم صاروا عبيداً أو خدماً لبني إسرائيل كالجبعونيين (تثنية ٢٩: ١١). ورجّح بعضهم أنهم أولاد العبرانيين من النساء المصريات ولعل كثيرين منهم كذلك وأكثرهم أو كلهم اشتاقوا إلى سمك مصر وبقولها وحملوا سائر الجماعة على التذمر من عيش البرية والبكاء على اللحم. وذكر التذمر لمثل هذا في سفر الخروج ولم يُذكر البكاء (انظر خروج ١٦: ٣).
مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً لفظة اللحم هنا تُطلق على لحم السمك ولعلها في الأصل العبراني وُضعت للحم السمك أولاً ثم أُطلقت. واستُعملت للحم السمك في سفر اللاويين (انظر لاويين ١١: ١١) وتدل الآية الثانية والعشرون على أن موسى فهم منها ذلك.
٥ «قَدْ تَذَكَّرْنَا ٱلسَّمَكَ ٱلَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّاناً وَٱلْقِثَّاءَ وَٱلْبَطِّيخَ وَٱلْكُرَّاثَ وَٱلْبَصَلَ وَٱلثُّومَ».
خروج ١٦: ٣
قَدْ تَذَكَّرْنَا ٱلسَّمَكَ أجمع الذين سافروا إلى مصر على وفرة السمك في النيل وترعه وحياضه.
َ ٱلْقِثَّاءَ أنواع القثاء المصرية كبيرة الحجوم لذيذة الطعم ويطلق القثاء على الخيار وما يُعرف عند بعض العامة بالمقتي.
وَٱلْبَطِّيخَ على أنواعه وهو من أحسن معدلات الحرارة الباطنة في البلاد الحارة (انظر الأرض والكتاب صفحة ٥٠٨).
ٱلْكُرَّاثَ (وهو في العبرانية «الحصير» ومثله في العربية الخضير وهو ذو الخضرة والبقلة الخضراء والظاهر أنه غلب بالأبِّ على الكراث). وترجم في غير هذا الموضع بالأبِّ أو بالعشب الذي ترعاه البهائم (انظر مزمور ١٠٤: ١٤). وظنه بعضهم نوعاً من القرط (وهو عندنا نوع من الكرّاث خاص بمصر على قول بعضهم يؤكل الرخص منه ويعتقدون أنه من مقويات المعدة (وذكره مع البصل يرجح هذا المعنى).
ٱلْبَصَلَ قيل أن بصل مصر أحلى من سائر البصل وإنه هو أدام الفقراء هنالك.
ٱلثُّومَ كانوا يكثرون من أكله في مصر ولم يزل كثيرون من العرب والمصريين يأكلونه اليوم.
ثم إنه لم يذكر الكتاب أنهم كانوا يأكلون مجاناً سوى السمك. والمرجّح أن البقول والخضرة على أنواعها كانوا يزرعونها في حقولهم ويأكلونها.
٦ «وَٱلآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا. لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هٰذَا ٱلْمَنِّ!».
ص ٢١: ٥
يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا أي ضمرت جسومنا من الحاجة إلى الأطعمة الطيبة.
لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هٰذَا ٱلْمَنِّ أي إذا التفتنا إلى الأطعمة لا نرى سوى المن.
٧ «وَأَمَّا ٱلْمَنُّ فَكَانَ كَبِزْرِ ٱلْكُزْبَرَةِ وَمَنْظَرُهُ كَمَنْظَرِ ٱلْمُقْلِ».
خروج ١٦: ١٤ و٣١ تكوين ٢: ١٢
وَأَمَّا ٱلْمَنُّ فَكَانَ الخ وصف المن هنا حساً (قابل بهذا خروج ١٦: ١٤ و٣١) والمنّ في قاموس التوراة لسمث) والمرجّح أن الغاية من وصفه أن يبين بحسنه ونفاسته قبح خطية الإسرائيليين وزيادة فظاعتها باستخفافهم بإحسان الله إليهم وإطعامهم خبز السماء الحلو بعد طعام العبودية في مصر. وكان هذا الخبز السماوي رمزاً إلى خبز الحياة النازل من السماء ابن الله الإنسان يسوع المسيح مخلص العالم.
٨ «كَانَ ٱلشَّعْبُ يَطُوفُونَ لِيَلْتَقِطُوهُ ثُمَّ يَطْحَنُونَهُ بِٱلرَّحَى أَوْ يَدُقُّونَهُ فِي ٱلْهَاوَنِ وَيَطْبُخُونَهُ فِي ٱلْقُدُورِ وَيَعْمَلُونَهُ مَلاَّتٍ. وَكَانَ طَعْمُهُ كَطَعْمِ قَطَائِفَ بِزَيْتٍ».
خروج ١٦: ٣١
قَطَائِفَ بِزَيْتٍ وهذا معروف مألوف عندنا. وقال بعض العلماء إن طعمه كطعم الرقاق بالعسل. قال وكان القدماء يأكلون الكعك بالزيت والعسل.
٩ «وَمَتَى نَزَلَ ٱلنَّدَى عَلَى ٱلْمَحَلَّةِ لَيْلاً كَانَ يَنْزِلُ ٱلْمَنُّ مَعَهُ».
خروج ١٦: ١٣ و١٤
نَزَلَ ٱلنَّدَى (كانوا يظنون إن الندى ينزل على الأعشاب والأماكن الباردة من الأرض كما ينزل المطر والمعروف اليوم أنه يجتمع على المواضع الباردة من رطوبة الهواء على أنه يجوز التعبير عن ذلك النزول لأنه من الهواء والهواء فوق الأرض).
١٠ «فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى ٱلشَّعْبَ يَبْكُونَ بِعَشَائِرِهِمْ، كُلَّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ، وَحَمِيَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ جِدّاً، سَاءَ ذٰلِكَ فِي عَيْنَيْ مُوسَى».
مزمور ٧٨: ٢١
سَاءَ ذٰلِكَ فِي عَيْنَيْ مُوسَى أي رآه قبيحاً جداً فإنه ساءه تذمر الشعب الذي هو مسؤول به لأنه قائده ووسيطه فكان الأمر ثقيلاً عليه إلى الغاية.
١١ «فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى عَبْدِكَ، وَلِمَاذَا لَمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنَّكَ وَضَعْتَ ثِقْلَ جَمِيعِ هٰذَا ٱلشَّعْبِ عَلَيَّ؟».
تثنية ١: ١٢
لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى عَبْدِكَ أي لماذا ضربتني بهذا الشر وأنا عبدك المطيع.
١٢ «أَلَعَلِّي حَبِلْتُ بِجَمِيعِ هٰذَا ٱلشَّعْبِ، أَوْ لَعَلِّي وَلَدْتُهُ، حَتَّى تَقُولَ لِي ٱحْمِلْهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ ٱلْمُرَبِّي ٱلرَّضِيعَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي حَلَفْتَ لآبَائِهِ؟».
إشعياء ٤٠: ١١ إشعياء ٤٩: ٢٣ و١تسالونيكي ٢: ٧ تكوين ٢٦: ٣ و٥٠: ٢٤ وخروج ١٣: ٥
أَلَعَلِّي حَبِلْتُ بِجَمِيعِ هٰذَا ٱلشَّعْبِ الخ أي ما حبلت بهذا الشعب وما ولدته حتى أحمل أثقاله كما يحمل الوالد أثقال المولود الرضيع.
١٣ «مِنْ أَيْنَ لِي لَحْمٌ حَتَّى أُعْطِيَ جَمِيعَ هٰذَا ٱلشَّعْبِ. لأَنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَيَّ قَائِلِينَ: أَعْطِنَا لَحْماً لِنَأْكُلَ».
متّى ١٥: ٣٣ ومرقس ٨: ٤
مِنْ أَيْنَ لِي لَحْمٌ لا ريب في أن موسى خطّأ الشعب على تذمرهم وشعر بأنهم أخطأوا لكنه استثقل العناية بهم ويئس من أن يرضيهم ورأى إن ميلهم إلى اللحم من الأمور المعقولة.
١٤ «لاَ أَقْدِرُ أَنَا وَحْدِي أَنْ أَحْمِلَ جَمِيعَ هٰذَا ٱلشَّعْبِ لأَنَّهُ ثَقِيلٌ عَلَيَّ».
خروج ١٨: ١٨
لاَ أَقْدِرُ أَنَا وَحْدِي أَنْ أَحْمِلَ جَمِيعَ هٰذَا ٱلشَّعْبِ كان لموسى معينون من كبراء الشعب كما فعل بمقتضى مشورة يثرون ولكنهم كانوا يساعدونه بأن يقضوا بالأمور الصغيرة لا بمثل هذه المسئلة العظيمة (خروج ١٨: ٢٥ و٢٦).
١٥ «فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ بِي هٰكَذَا، فَٱقْتُلْنِي قَتْلاً إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ، فَلاَ أَرَى بَلِيَّتِي».
١ملوك ١٩: ٤ ويونان ٤: ٣ صفنيا ٣: ١٥
ٱقْتُلْنِي (هذا يدل على أن موسى صار إلى جهد البلاء وهو الحال التي يفضّل فيها الموت على الحياة).
بَلِيَّتِي أي محنتي وهي هنا جهد البلاء.
١٦ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٱجْمَعْ إِلَيَّ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ شُيُوخُ ٱلشَّعْبِ وَعُرَفَاؤُهُ، وَأَقْبِلْ بِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ فَيَقِفُوا هُنَاكَ مَعَكَ».
خروج ٢٤: ١ و٩ تثنية ١٦: ١٨
سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ ذُكر شيوخ الشعب في (خروج ٣: ١٦) وأكثر ما ذُكروا في سفر العدد. والسبعون عدد مقدس ضلعاه وهما ١٠ و٧ عددان مقدسان فالعشرة عدد وصايا الله والسبعة عدد كامل فهو يشير إلى الكمال. ولعل بعض هؤلاء السبعين كانوا من القضاة المعينين سابقاً بمقتضى مشورة يثرون.
١٧ «فَأَنْزِلَ أَنَا وَأَتَكَلَّمَ مَعَكَ هُنَاكَ، وَآخُذَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلَّذِي عَلَيْكَ وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ، فَيَحْمِلُونَ مَعَكَ ثِقْلَ ٱلشَّعْبِ، فَلاَ تَحْمِلُ أَنْتَ وَحْدَكَ».
تكوين ١١: ٥ و١٨: ٢١ وخروج ١٩: ٢٠ وع ٢٥ و١صموئيل ١٠: ٦ و٢ملوك ٢: ١٥ ونحميا ٩: ٢٠ وإشعياء ٤٤: ٣ ويوئيل ٢: ٢٨
فَأَنْزِلَ أي تنزل السحابة التي هي آية حضوري (ع ٢٥) فنزولها دليل على نزوله أي حضوره بنوع خاص حيث نزلت (قابل بهذا خروج ٣٣: ٩ وعدد ١٢: ٥ وتثنية ٣١: ١٥).
وَآخُذَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلَّذِي عَلَيْكَ ليس المعنى بذلك أن ينقص الروح الذي على موسى بأخذه جزءاً منه بل المعنى أن الله يضع على السبعين جزءاً من مثل ذلك الروح. (والمقصود بالروح هنا المواهب وسُمّيت بالروح مجازاً لأن الروح القدس يهبها. فكأنه قال وآخذ من مواهب الروح القدس التي مثل مواهبك جزءاً للشيوخ السبعين). وأوضح ذلك بعضهم وأجاد بقوله أخذ ذلك الجزء من موسى ووضعه على الشيوخ لم ينقص الروح الذي على موسى كما لم ينقص إضاءة أحد سرج المنارة الذهبية ضوء السراج الذي أُضيء منه.
١٨ «وَلِلشَّعْبِ تَقُولُ: تَقَدَّسُوا لِلْغَدِ فَتَأْكُلُوا لَحْماً. لأَنَّكُمْ قَدْ بَكَيْتُمْ فِي أُذُنَيِ ٱلرَّبِّ قَائِلِينَ: مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً؟ إِنَّهُ كَانَ لَنَا خَيْرٌ فِي مِصْرَ! فَيُعْطِيكُمُ ٱلرَّبُّ لَحْماً فَتَأْكُلُونَ».
خروج ١٩: ١٠ خروج ١٦: ٧ ع ٥ وأعمال ٧: ٣٩
تَقَدَّسُوا لِلْغَدِ (قابل بهذا خروج ١٩: ١٠) كُلف الإسرائيليون بأن يتقدسوا لظهور الحضرة الإلهية مع أن طلبتهم كانت خطية وكانوا يستحقون العقاب عليها وما ذلك إلا من وفور نعمة الله ورحمته ولكنه صحب الرحمة بالانتقام تأديباً فأعطاهم سؤلهم ولكنه أرسل هزالاً إلى أنفسهم (مزمور ١٠٦: ١٥).
١٩ «تَأْكُلُونَ لاَ يَوْماً وَاحِداً وَلاَ يَوْمَيْنِ وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عِشْرِينَ يَوْماً».
تَأْكُلُونَ لاَ يَوْماً وَاحِداً هذا يدل على أن السلوى التي أُرسلت إليهم في السنة السابقة غطت المحلة يوماً واحداً فقط (خروج ١٦: ١٣).
٢٠ «بَلْ شَهْراً مِنَ ٱلزَّمَانِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ، وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً، لأَنَّكُمْ رَفَضْتُمُ ٱلرَّبَّ ٱلَّذِي فِي وَسَطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ: لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ؟».
مزمور ٧٨: ٢٩ و١٠٦: ١٥ ص ٢١: ٥
حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ، وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً هذا مبالغة في كثرة شبعهم واكتفائهم والزيادة على ما يحتاجون إليه من اللحم.
٢١ «فَقَالَ مُوسَى: سِتُّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ هُوَ ٱلشَّعْبُ ٱلَّذِي أَنَا فِي وَسَطِهِ، وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: أُعْطِيهِمْ لَحْماً لِيَأْكُلُوا شَهْراً مِنَ ٱلزَّمَانِ».
تكوين ١٢: ٢ وخروج ١٢: ٣٧ و٣٨: ٢٦ وص ١: ٤٦
سِتُّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ ذُكر في غير موضع أن العدد ٦٠٣٥٥٠ فاكتفى هنا بصحيح مئات الألوف وترك الكسر كعادة كتّاب الكتاب المقدس وغيرها عند إرادة الاختصار والتقريب.
٢٢ «أَيُذْبَحُ لَهُمْ غَنَمٌ وَبَقَرٌ لِيَكْفِيَهُمْ، أَمْ يُجْمَعُ لَهُمْ كُلُّ سَمَكِ ٱلْبَحْرِ لِيَكْفِيَهُمْ؟»
٢ملوك ٧: ٢ ومتى ١٥: ٣٣ ومرقس ٨: ٤ ويوحنا ٦: ٧ و٩
أَيُذْبَحُ لَهُمْ غَنَمٌ وَبَقَرٌ لم يرد بذلك الغنم والبقر التي كانت معهم إذ لم يُدخل أداة التعريف فيقول أيذبح لهم الغنم والبقر فالمقصود أنه لا وصول إلى ما يكفيهم من ذلك.
٢٣ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: هَلْ تَقْصُرُ يَدُ ٱلرَّبِّ؟ ٱلآنَ تَرَى أَيُوافِيكَ كَلاَمِي أَمْ لاَ».
إشعياء ٥٠: ٢ و٥٩: ١ ص ٢٣: ١٩ وحزقيال ١٢: ٢٥ و٢٤: ١٤
هَلْ تَقْصُرُ يَدُ ٱلرَّبِّ أي إن الرب لا يعجز عن أن يشبعهم لحماً وإن كان ذلك مما يعجز عنه مقتدرو البشر.
٢٤ «فَخَرَجَ مُوسَى وَكَلَّمَ ٱلشَّعْبَ بِكَلاَمِ ٱلرَّبِّ، وَجَمَعَ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ ٱلشَّعْبِ وَأَوْقَفَهُمْ حَوَالَيِ ٱلْخَيْمَةِ».
ع ١٦
فَخَرَجَ مُوسَى من خيمة الاجتماع حيث كان الله يكلمه.
حَوَالَيِ ٱلْخَيْمَةِ هذا لا يقتضي بالضرورة إنهم كانوا محيطين بالخيمة إحاطة المحيط بالدائرة بل كانوا محيطين بجانب منها.
٢٥ «فَنَزَلَ ٱلرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ، وَأَخَذَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلَّذِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ عَلَى ٱلسَّبْعِينَ رَجُلاً ٱلشُّيُوخَ. فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِمِ ٱلرُّوحُ تَنَبَّأُوا، وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا».
ع ١٧ وص ١٢: ٥ و٢ملوك ٢: ١٥ و١صموئيل ١٠: ٥ و٦ و١٠ و١٩: ٢٠ و٢٣ ويوئيل ٢: ٢٨ وأعمال ٢: ١٧ و١٨ و١كورنثوس ١٤: ١ الخ
فِي سَحَابَةٍ في العبرانية «في السحابة».
مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلَّذِي عَلَيْهِ أي جزءاً من مثل مواهبه الروحية.
وَجَعَلَ أي وضع.
حَلَّتْ عَلَيْهِمِ ٱلرُّوحُ أي حلّت عليهم مواهب الروح القدس أو حل عليهم الروح بمواهبه.
تَنَبَّأُوا، وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا أي لم يأتوا غير التنبوء أو لم يزيدوا التنبوء أو عليه. وقُرئ لم يزالوا أي ما فتئوا يتنبأون فلم يكن تنبؤهم إلى حين (وقرى أيضاً لم يجتمعوا أي لم يجتمعوا للنظر في أمر الشعب) وما في المتن هو القراءة الصحيحة (قابل بهذا تكوين ٨: ١٢ وخروج ١١: ٦ و٢صموئيل ٢: ٢٨). وليس المقصود بالتنبوء الإنباء بالحوادث المستقبلة بالضرورة فقد أُطلق على التسبيح لله إما بالكلام وإما بأدوات الألحان (قابل بهذا ١صموئيل ١٠: ٦ و١ملوك ١٨: ٢٩ و١أيام ٢٥: ١ – ٣ وإرميا ٢٩: ٢٦).
٢٦ – ٢٩ «٢٦ وَبَقِيَ رَجُلاَنِ فِي ٱلْمَحَلَّةِ ٱسْمُ ٱلْوَاحِدِ أَلْدَادُ وَٱسْمُ ٱلآخَرِ مِيدَادُ، فَحَلَّ عَلَيْهِمَا ٱلرُّوحُ. وَكَانَا مِنَ ٱلْمَكْتُوبِينَ، لٰكِنَّهُمَا لَمْ يَخْرُجَا إِلَى ٱلْخَيْمَةِ. فَتَنَبَّئَا فِي ٱلْمَحَلَّةِ. ٢٧ فَرَكَضَ غُلاَمٌ وَأَخْبَرَ مُوسَى وَقَالَ: أَلْدَادُ وَمِيدَادُ يَتَنَبَّئَانِ فِي ٱلْمَحَلَّةِ. ٢٨ فَقَالَ يَشُوعُ بْنُ نُونَ خَادِمُ مُوسَى (مِنْ حَدَاثَتِهِ): يَا سَيِّدِي مُوسَى، ٱرْدَعْهُمَا! ٢٩ فَقَالَ لَهُ مُوسَى: هَلْ تَغَارُ أَنْتَ لِي؟ يَا لَيْتَ كُلَّ شَعْبِ ٱلرَّبِّ كَانُوا أَنْبِيَاءَ إِذَا جَعَلَ ٱلرَّبُّ رُوحَهُ عَلَيْهِمْ!».
١صموئيل ٢٠: ٢٦ وإرميا ٣٦: ٥ مرقس ٩: ٣٨ ولوقا ٩: ٤٩ ويوحنا ٣: ٢٦ و١كورنثوس ١٤: ٥
هَلْ تَغَارُ أَنْتَ لِي (ع ٢٩) أي هل كرهت ذلك إكراماً لي (قابل بهذا ص ٢٥: ١٣ و١ملوك ١٩: ١٠ و١٤).
٣٠ «ثُمَّ ٱنْحَازَ مُوسَى إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ هُوَ وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ».
ٱنْحَازَ مُوسَى إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ أي مال إليها.
٣١ «فَخَرَجَتْ رِيحٌ مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ وَسَاقَتْ سَلْوَى مِنَ ٱلْبَحْرِ وَأَلْقَتْهَا عَلَى ٱلْمَحَلَّةِ، نَحْوَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَا وَمَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَاكَ، حَوَالَيِ ٱلْمَحَلَّةِ، وَنَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فَوْقَ وَجْهِ ٱلأَرْضِ».
خروج ١٦: ١٣ ومزمور ٧٨: ٢٦ و٢٧ و٢٨ و١٠٥: ٤٠
فَخَرَجَتْ رِيحٌ جاء في سفر المزامير «أَهَاجَ رِيحاً شَرْقِيَّةً فِي ٱلسَّمَاءِ وَسَاقَ بِقُوَّتِهِ جَنُوبِيَّةً» (مزمور ٧٨: ٢٧). كانت الريح الجنوبية الشرقية تسوق السلوى إلى الإسرائيليين من جوار البحر الأحمر لأنها تكثر هنالك.
وَأَلْقَتْهَا أي نشرتها وفرّقتها وهي تطرحها على الأرض (قابل بهذا ١صموئيل ٣٠: ١٦).
حَوَالَيِ ٱلْمَحَلَّةِ أي على جوانبها.
نَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فَوْقَ وَجْهِ ٱلأَرْضِ كون بعض السلوى على بعض على هذا الارتفاع زماناً طويلاً يمنع ما تحت العليا من الحياة فتكون حياتها بمعجزة وإلا فهي تموت ولا يجوز للإسرائيليين أكل الميتة فالقرينة العقلية تدل على أن الإسرائيليين كانوا يذبحون السلوى عندما تقع حتى صار ارتفاع المذبوح منها كذلك. وإذا كان الأمر كذا فلا ضرورة إلى المعجزة.
٣٢ «فَقَامَ ٱلشَّعْبُ كُلَّ ذٰلِكَ ٱلنَّهَارِ وَكُلَّ ٱللَّيْلِ وَكُلَّ يَوْمِ ٱلْغَدِ وَجَمَعُوا ٱلسَّلْوَى. (ٱلَّذِي قَلَّلَ جَمَعَ عَشَرَةَ حَوَامِرَ). وَسَطَّحُوهَا لَهُمْ مَسَاطِحَ حَوَالَيِ ٱلْمَحَلَّةِ».
خروج ١٦: ٣٦ وحزقيال ٤٥: ١١
عَشَرَةَ حَوَامِرَ الحومر عشر إيفات أو مئة عُمر (أو نحو وزن ما يسع ١٢ كيلة سلطانية) وهو على قول الربانيين بين ٤٠ أقّة و٦٨ أقّة وعلى قول يوسيفوس ضعفا ذلك (والذي في مرشد الطالبين الحومر بعدل ٢٢٧ آقّة و٢٠٠ درهم).
٣٣ «وَإِذْ كَانَ ٱللَّحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ، حَمِيَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَى ٱلشَّعْبِ، وَضَرَبَ ٱلرَّبُّ ٱلشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدّاً».
مزمور ٧٨: ٣٠ و٣١
ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدّاً كثيراً ما يراد بالضربة الوبأ أو الأمراض المتفشية. وهذا هو المقصود هنا.
٣٤ «فَدُعِيَ ٱسْمُ ذٰلِكَ ٱلْمَوْضِعِ «قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ» لأَنَّهُمْ هُنَاكَ دَفَنُوا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَهَوْا» .
تثنية ٩: ٢٢
قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ أي قبور الشهوة. وكانت قبروت هتأوة على ما في (عدد ٣٣: ١٦) أول منزلة بعد انطلاق الشعب من سيناء مع انه ذُكر أنهم نزلوا في تبعيرة (ع ٣) فلعل الاسمين اسم مكان واحد أو تبعيرة اسم جزء من قبروت هتأوة.
٣٥ «وَمِنْ قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ ٱرْتَحَلَ ٱلشَّعْبُ إِلَى حَضَيْرُوتَ، فَكَانُوا فِي حَضَيْرُوتَ».
ص ٣٣: ١٧
حَضَيْرُوتَ (انظر ص ٣٣: ١٧ و١٨).
السابق |
التالي |