سفر العدد | 06 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر العدد
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ
١، ٢ «١ وَأَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى: ٢ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا ٱنْفَرَزَ رَجُلٌ أَوِ ٱمْرَأَةٌ لِيَنْذُرَ نَذْرَ ٱلنَّذِيرِ لِيَنْتَذِرَ لِلرَّبِّ».
لاويين ٢٧: ٢ وقضاة ١٣: ٥ وأعمال ٢١: ٢٣ ورومية ١: ١
إِذَا ٱنْفَرَزَ رَجُلٌ أَوِ ٱمْرَأَةٌ أي امتازا عن غيرهما بالنذر. والفعل في العبرانية يدل على الانفراد بعمل عجيب أو غير عادي. ولنا منه أنه يجب على المسيحي أن يمتاز عن غيره بالصلاح (متّى ٥: ٤٦ و٤٧). والنذر هنا لوقت معين. ثم كان بعض الناس ينذر على نفسه ما يريده الله مدة حياته كشمشون وصموئيل ويوحنا المعمدان. والظاهر أن مثل هذا النذر كان من معلنات الله لا من اختيار الوالدين. ومعنى النذر في هذه الآية الذي يفرز نفسه للرب أي يقفها لخدمته.
٣ «فَعَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ، وَلاَ يَشْرَبْ خَلَّ ٱلْخَمْرِ وَلاَ خَلَّ ٱلْمُسْكِرِ، وَلاَ يَشْرَبْ مِنْ نَقِيعِ ٱلْعِنَبِ، وَلاَ يَأْكُلْ عِنَباً رَطْباً وَلاَ يَابِساً».
عاموس ٢: ١٢ ولوقا ١: ١٥
فَعَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ كانت شريعة النذير في هذا الاعتبار كما في التنجس بالميت أشد مما كان على الكهنة فهي موجبة وقف القلب والحياة كلها للرب واعتزال كل الربط الدنيوية. ولم يكن هذا الانفراز الانقطاع عن الناس كالعزلة الراهبية بل الانقطاع للعمل المتصل في خدمة الرب. كان محظوراً على الكهنة أن يشربوا الخمر وغيرها من المسكرات حين يدخلون الخيمة للخدمة لكن كان يجوز لهم أن يشربوا الخمر في غير ذلك الوقت. والمرجّح أن المقصود بالمسكر هنا ما كان يُستخرج من الشعير والتمر والعسل. والمنع من أكل كل ما يُستخرج منه الخمر والمسكر وإن لم يكن مسكراً يشير إلى تمام وقف النذير نفسه لله ولخدمته وإلى أنه يجب أن يعتزل عن كل شهوات الجسد ولذاته. وقد قرن هوشع النبي محبة أقراص الزبيب بالعبادة الوثنية (هوشع ٣: ١).
٤ «كُلَّ أَيَّامِ نَذْرِهِ لاَ يَأْكُلْ مِنْ كُلِّ مَا يُعْمَلُ مِنْ جَفْنَةِ ٱلْخَمْرِ مِنَ ٱلْعَجَمِ حَتَّى ٱلْقِشْرِ».
مِنَ ٱلْعَجَمِ حَتَّى ٱلْقِشْرِ العجم هنا بزر الزبيب أو العنب والقشر جلدتهما.
٥ «كُلَّ أَيَّامِ نَذْرِ ٱفْتِرَازِهِ لاَ يَمُرُّ مُوسَى عَلَى رَأْسِهِ. إِلَى كَمَالِ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي ٱنْتَذَرَ فِيهَا لِلرَّبِّ يَكُونُ مُقَدَّساً، وَيُرَبِّي خُصَلَ شَعْرِ رَأْسِهِ».
قضاة ١٣: ٥ و١٦: ١٧ و١صموئيل ١: ١١
لاَ يَمُرُّ مُوسَى عَلَى رَأْسِهِ كانوا يتركون الشعر ينمو كل مدة النذر. ويمكن أن يتضح معنى هذا بمراجعة ما في (لاويين ٢٥: ٤ و٥ و١١).
٦ «كُلَّ أَيَّامِ ٱنْتِذَارِهِ لِلرَّبِّ لاَ يَأْتِي إِلَى جَسَدِ مَيِّتٍ».
لاويين ٢١: ١١ وص ١٩: ١١ و١٦
إِلَى جَسَدِ مَيِّتٍ في الأصل العبراني «إلى نفس ميتة» والمعنى واحد.
٧ «أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَأَخُوهُ وَأُخْتُهُ لاَ يَتَنَجَّسْ مِنْ أَجْلِهِمْ عِنْدَ مَوْتِهِمْ، لأَنَّ ٱنْتِذَارَ إِلٰهِهِ عَلَى رَأْسِهِ».
لاويين ٢١: ١ و٢ و١١ وص ٩: ٦
لاَ يَتَنَجَّسْ كانت شريعة النذير في هذا الأمر كشريعة الكاهن الأعلى (لاويين ٢١: ١١) وأشد من الشريعة على سائر الكهنة (لاويين ٢١: ٢ و٣).
٨ «إِنَّهُ كُلَّ أَيَّامِ ٱنْتِذَارِهِ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ».
مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ أي موقوف لله.
٩ «وَإِذَا مَاتَ مَيِّتٌ عِنْدَهُ بَغْتَةً عَلَى فَجْأَةٍ فَنَجَّسَ رَأْسَ ٱنْتِذَارِهِ، يَحْلِقُ رَأْسَهُ يَوْمَ طُهْرِهِ. فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ يَحْلِقُهُ».
أعمال ١٨: ١٨ و٢١: ٢٤
رَأْسَ ٱنْتِذَارِهِ أي رأسه في أيام نذره.
١٠، ١١ «١٠ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يَأْتِي بِيَمَامَتَيْنِ أَوْ بِفَرْخَيْ حَمَامٍ إِلَى ٱلْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ، ١١ فَيَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ وَاحِداً ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَٱلآخَرَ مُحْرَقَةً وَيُكَفِّرُ عَنْهُ مَا أَخْطَأَ بِسَبَبِ ٱلْمَيِّتِ، وَيُقَدِّسُ رَأْسَهُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ».
لاويين ٥: ٧ و١٤: ٢٢ و١٥: ١٤ و٢٩
فَيَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ أي يقرّب (بدليل القرينة).
بِسَبَبِ ٱلْمَيِّتِ (انظر ع ٩).
١٢ «فَمَتَى نَذَرَ لِلرَّبِّ أَيَّامَ ٱنْتِذَارِهِ يَأْتِي بِخَرُوفٍ حَوْلِيٍّ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ، وَأَمَّا ٱلأَيَّامُ ٱلأُولَى فَتَسْقُطُ لأَنَّهُ نَجَّسَ ٱنْتِذَارَهُ».
لاويين ٥: ٦
وَأَمَّا ٱلأَيَّامُ ٱلأُولَى فَتَسْقُطُ اي لا تُحسب من أيام النذر لأن مدة النذر يجب أن تكون متصلة على طهارته لكنه لما تنجس قبل أن تنتهي لم يُحسب ما مر منها قبل تنجسه.
١٣ «وَهٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلنَّذِيرِ: يَوْمَ تَكْمُلُ أَيَّامُ ٱنْتِذَارِهِ يُؤْتَى بِهِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».
أعمال ٢١: ٢٦
شَرِيعَةُ ٱلنَّذِيرِ أي الشريعة التي يجب السير عليها في جعل الإنسان نذيراً.
١٤ «فَيُقَرِّبُ قُرْبَانَهُ لِلرَّبِّ خَرُوفاً وَاحِداً حَوْلِيّاً صَحِيحاً مُحْرَقَةً، وَنَعْجَةً وَاحِدَةً حَوْلِيَّةً صَحِيحَةً ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشاً وَاحِداً صَحِيحاً ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ».
لاويين ٤: ٢ و٢٧ و٣٢ لاويين ٣: ٦
فَيُقَرِّبُ أصل المعنى أن يدني الشيء إلى الشيء أي يجعله قريباً منه واستُعمل هنا للإهداء إلى الله لكونه أهدي إليه في المكان الذي يُعلن فيه حضوره. واستعمل متّى القربان بمعنى الهدية المقدمة للرب (قابل بهذا متّى ١٥: ٥ و٦ ومرقس ٧: ١١). وكان قربان الخطية أو ذبيحة الخطية هنا تقدمة عن الخطايا المرتكبة في أيام النذر والمحرقة رمزاً إلى وقف كل الجسد والنفس والروح لله وبذلها في سبيله.
١٥ «وَسَلَّ فَطِيرٍ مِنْ دَقِيقٍ أَقْرَاصاً مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ، وَرِقَاقَ فَطِيرٍ مَدْهُونَةً بِزَيْتٍ مَعَ تَقْدِمَتِهَا وَسَكَائِبِهَا».
لاويين ٢: ٤ خروج ٢٩: ٢ ص ١٥: ٥ و٧ و١٠
تَقْدِمَتِهَا وَسَكَائِبِهَا أي تقدمة الدقيق والزيت والخمر المختصة بذبائح المحرقة وذبائح السلامة (ص ١٥: ٣ الخ).
١٦ «فَيُقَدِّمُهَا ٱلْكَاهِنُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَيَعْمَلُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّتِهِ وَمُحْرَقَتَهُ».
وَيَعْمَلُ أي ويقدم أو يقرب بدليل القرينة.
١٧ «وَٱلْكَبْشُ يَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ مَعَ سَلِّ ٱلْفَطِيرِ، وَيَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ تَقْدِمَتَهُ وَسَكِيبَهُ».
تَقْدِمَتَهُ وَسَكِيبَهُ (انظر تفسير ع ١٥).
١٨ «وَيَحْلِقُ ٱلنَّذِيرُ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ رَأْسَ ٱنْتِذَارِهِ، وَيَأْخُذُ شَعْرَ رَأْسِ ٱنْتِذَارِهِ وَيَجْعَلُهُ عَلَى ٱلنَّارِ ٱلَّتِي تَحْتَ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ».
أعمال ٢١: ٢٤
وَيَحْلِقُ ٱلنَّذِيرُ الخ إيداع شعره نار الذبيحة خاتمة مناسبة لوقفه نفسه للرب كل مدة نذره.
١٩ «وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ ٱلسَّاعِدَ مَسْلُوقاً مِنَ ٱلْكَبْشِ، وَقُرْصَ فَطِيرٍ وَاحِداً مِنَ ٱلسَّلِّ، وَرُقَاقَةَ فَطِيرٍ وَاحِدَةً، وَيَجْعَلُهَا فِي يَدَيِ ٱلنَّذِيرِ بَعْدَ حَلْقِهِ شَعْرَ ٱنْتِذَارِهِ».
١صموئيل ٢: ١٥ خروج ٢٩: ٢٣ و٢٤
شَعْرَ ٱنْتِذَارِهِ أي شعره النامي مدة نذره.
٢٠ «وَيُرَدِّدُهَا ٱلْكَاهِنُ تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ. إِنَّهُ قُدْسٌ لِلْكَاهِنِ مَعَ صَدْرِ ٱلتَّرْدِيدِ وَسَاقِ ٱلرَّفِيعَةِ. وَبَعْدَ ذٰلِكَ يَشْرَبُ ٱلنَّذِيرُ خَمْراً».
خروج ٢٩: ٢٧ و٢٨
يُرَدِّدُهَا (انظر تفسير خروج ٩: ٢٦ – ٢٨).
٢١ «هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلنَّذِيرِ ٱلَّذِي يَنْذُرُ. قُرْبَانُهُ لِلرَّبِّ عَنِ ٱنْتِذَارِهِ فَضْلاً عَمَّا تَنَالُ يَدُهُ. حَسَبَ نَذْرِهِ ٱلَّذِي نَذَرَ كَذٰلِكَ يَعْمَلُ حَسَبَ شَرِيعَةِ ٱنْتِذَارِهِ».
فَضْلاً عَمَّا تَنَالُ يَدُهُ اي ما عدا الذبائح الاختيارية التي يستطيعها.
٢٢، ٢٣ «٢٢ وَأَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى: ٢٣ قُلْ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ: هٰكَذَا تُبَارِكُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
لاويين ٩: ٢٢ و١أيام ٢٣: ١٣
هٰكَذَا تُبَارِكُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لم تُذكر أحوال هذه المباركة ولكن ذكر ما هي. والذي عُلم من (ع ٢٤ – ٢٦) أنها كانت مركبة من ثلاثة أقسام كل منها جملتان وفي كل منها يُذكر اسم الرب مضمونها بارك الرب ومنح الإنسان. وفيها إشارة إلى الثالوث القدوس. وذُكرت هذه المباركة في سفر اللاويين (لاويين ٩: ٢٢) ولكن لم تُذكر ألفاظها فيه.
٢٤ – ٢٦ «٢٤ يُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ وَيَحْرُسُكَ. ٢٥ يُضِيءُ ٱلرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَرْحَمُكَ. ٢٦ يَرْفَعُ ٱلرَّبُّ وَجْهَهُ عَلَيْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاَماً».
مزمور ١٢١: ٧ ويوحنا ١٧: ١١ مزمور ٣١: ١٦ و٦٧: ١ و٨٠: ٣ و٧ و١٩ و١١٩: ١٣٥ ودانيال ٩: ١٧ تكوين ٤٣: ٢٩ مزمور ٤: ٦ يوحنا ١٤: ٢٧ و٢تسالونيكي ٣: ١٦
يُضِيءُ ٱلرَّبُّ بِوَجْهِهِ أي يسر بك ويرشدك.
يَرْفَعُ ٱلرَّبُّ وَجْهَهُ عَلَيْكَ أي ينظر إليك ويقيك.
٢٧ «فَيَجْعَلُونَ ٱسْمِي عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَنَا أُبَارِكُهُم».
تثنية ٢٨: ١٠ و٢أيام ٧: ١٤ وإشعياء ٤٣: ٧ ودانيال ٩: ١٨ و١٩ مزمور ١١٥: ١٢
فَيَجْعَلُونَ ٱسْمِي عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ (أي يجعلونني ملكاً لهم وسيداً وحافظاً ويجعلون بني إسرائيل لي فيُعرفون أنهم لي من كون اسمي عليهم كما يُكتب على الكتاب اسم صاحبه مثلاً).
السابق |
التالي |