سفر اللاويين

سفر اللاويين | 27 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر اللاويين

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

١ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذا مقدمة سنّة جديدة وهي سنة النذور المختلفة. والنذور قديمة استعملها الأقدمون وذُكرت في هذه السفر وكانت من الذبائح (ص ٧: ١٦ و١٢: ١٨ و٢١ و٢٣ و٢٣: ٣٨) وهي هنا أعمّ من الذبائح أي قد يكون النذر ذبيحة وقد يكون غيرها.

٢ «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا أَفْرَزَ إِنْسَانٌ نَذْراً حَسَبَ تَقْوِيمِكَ نُفُوساً لِلرَّبِّ».

عدد ٦: ٢ وقضاة ١١: ٣٠ و٣١ و٣٩ و١صموئيل ١: ١١ و٢٨

إِذَا أَفْرَزَ إِنْسَانٌ نَذْراً وترجم بعضهم هذا بقوله «وقف نذراً» وترجمه علماء الدين اليهودي مدة الهيكل الثاني بقولهم «فاه بنذر». وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية القديمة «فاه بنذر بوضوح (أو ببيان)» فلم يكن يصحّ النذر بمجرد التصور العقلي دون اللفظ فكان يجب أن يبين بالكلام جلياً. ولم تذكر صورة كلام النذر في الكتاب المقدس كغيرها من التفاصيل التي تُركت لاختيار خدم الدين أو علماء الشريعة. وتقسم النذور إلى قسمين الأول النذور الإيجابية وهي التي يوجبها الإنسان على نفسه من المقاصد والأعمال الدينية أو وقف بعض أهل بيته أو كلهم لله أو وقف شيء من الأملاك والمقتنيات لخدمة الله. وكانت صورة النذر الكلامية في هذا القسم «ها أنا قد وقفت كذا للرب». والثاني النذور السلبية وهي التي يوجب فيها الإنسان على نفسه الامتناع عن شيء من الأشياء وصورتها الكلامية «يحرم عليّ كذا وكذا مدة كذا وكذا يوماً أو أسبوعاً أو إلى الأبد».

حَسَبَ تَقْوِيمِكَ نُفُوساً لِلرَّبِّ أي نفوساً للرب حسب تقويمك والمعنى أنه إذا نذر إنسان نفوساً للرب فليفتدها بحسب تقديرك من المال. فكان موسى يعيّن مقدار الفدية عن النفس. وفي هذه العبارة بيان حقيقة المنذور والمعنى أن الإنسان يقف نفسه أو ابنه أو غيره من أهل بيته للرب ويفتدي النذير بمال يقدره موسى النبي (انظر ص ٥: ١٥ و١٨).

٣ «فَإِنْ كَانَ تَقْوِيمُكَ لِذَكَرٍ مِنِ ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً إِلَى ٱبْنِ سِتِّينَ سَنَةً، يَكُونُ تَقْوِيمُكَ خَمْسِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ عَلَى شَاقِلِ ٱلْمَقْدِسِ».

خروج ٣٠: ١٣

مِنِ ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً إِلَى ٱبْنِ سِتِّينَ لم يقتصر على أن يكون النذير ذكراً بل نظر مع ذلك إلى قدر سنّه والسنون المذكورة هنا أحسن سني الحياة. ولا يعتبر النذير هنا بالنسبة إلى مقامه بل بالنسبة إلى قيمة خدمته.

خَمْسِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ عَلَى شَاقِلِ ٱلْمَقْدِسِ سواء كان ذلك نذراً عن نفسه أو عن غيره. وقيمة الخمسين شاقلاً من الفضة من نقودنا اليوم نحو ٨٨٣ غرشاً. وهذا كان فداء النذير ما بين سن العشرين وسن الستين غنياً كان أو فقيراً. وكان عليه أن يؤدي هذا المبلغ على ما عُرف مدة الهيكل الثاني إذا قال «قيمتي عليّ» أو «قيمة هذا الإنسان عليّ» أو «قيمة إنسان ما عليّ».

٤ «وَإِنْ كَانَ أُنْثَى يَكُونُ تَقْوِيمُكَ ثَلاَثِينَ شَاقِلاً».

وَإِنْ كَانَ أُنْثَى… ثَلاَثِينَ شَاقِلاً لما كانت الأنثى إناء ضعيفاً وعملها أقل قيمة من عمل الرجل فإذا نذرت نفسها أو غيرها من بنات جنسها كان عليها أن تؤدي ثلاثين شاقلاً أو نحو ٥٢٨ غرشاً من نقودنا اليوم. وكانت هذه القيمة قيمة العبد (خروج ٣١: ٣٢) وهو الثمن الذي باع به يهوذا الاسخريوطي يسوع المسيح (متّى ٢٧: ٩). والمظنون أن يفتاح كان له أن يفدي ابنته التي وقع عليها النذر بهذا المقدار (قضاة ١١: ٣٠ وكيف كان الأمر فانظر ع ٢٩).

٥ «وَإِنْ كَانَ مِنِ ٱبْنِ خَمْسِ سِنِينَ إِلَى ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً يَكُونُ تَقْوِيمُكَ لِذَكَرٍ عِشْرِينَ شَاقِلاً، وَلأُنْثَى عَشَرَةَ شَوَاقِلَ».

مِنِ ٱبْنِ خَمْسِ سِنِينَ إِلَى ٱبْنِ عِشْرِينَ ذكر النذر على ابن خمس سنين دليل قاطع أنه لا يُراد بالنذر في هذا الفصل النذر الذي يجعله الإنسان على نفسه دون غيره بل يصدق على هذا وعلى نذر الإنسان غيره من أهل بيته أو أقربائه لان ابن خمس سنين لا يستطيع أن يؤدي ما يقتضيه النذر. فيُفهم من هذا إن أحد الوالدين ينذر الولد للرب ويفديه بالقدر المذكور.

لِذَكَرٍ عِشْرِينَ شَاقِلاً لأن عمل الولد في مثل السن المذكور قليل القيمة ففديته نحو ٣٥٢ غرشاً.

وَلأُنْثَى عَشَرَةَ شَوَاقِلَ أي نحو ١٧٦ غرشاً ومثل هذا كان على ابن ما فوق الستين (انظر ع ٧).

٦ «وَإِنْ كَانَ مِنِ ٱبْنِ شَهْرٍ إِلَى ٱبْنِ خَمْسِ سِنِينَ يَكُونُ تَقْوِيمُكَ لِذَكَرٍ خَمْسَةَ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ، وَلأُنْثَى يَكُونُ تَقْوِيمُكَ ثَلاَثَةَ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ».

مِنِ ٱبْنِ شَهْرٍ إِلَى ٱبْنِ خَمْسِ سِنِينَ هذا برهان ثانٍ أقطع من الأول على أن النذر هنا يطلق على نذر الإنسان على نفسه ونذره على نفس غيره ولا شك في أن الناذر أحد والديه او غيرهما ينذر على نفسه أن يؤدي عن ذلك الولد الفداء الواجب. وكانت صورة النذر هنا على ما عُرف مدة الهيكل الثاني «هآنذا عليّ ثمن ابني أو ابنتي أو ابن أو ابنة».

لِذَكَرٍ خَمْسَةَ شَوَاقِلِ أو نحو ٨٧ غرشاً إذ لا قيمة لخدمة الصبي في هذا السن.

وَلأُنْثَى ثَلاَثَةَ شَوَاقِلِ أو نحو ٥٢ غرشاً إذ هي أقل قيمة من الصبي بالنظر إلى خدمتها.

٧ «وَإِنْ كَانَ مِنِ ٱبْنِ سِتِّينَ سَنَةً فَصَاعِداً فَإِنْ كَانَ ذَكَراً يَكُونُ تَقْوِيمُكَ خَمْسَةَ عَشَرَ شَاقِلاً. وَأَمَّا لِلأُنْثَى فَعَشَرَةَ شَوَاقِلَ».

مِنِ ٱبْنِ سِتِّينَ سَنَةً فَصَاعِداً وفي هذا السن يكون مرّ زمن أحسن عمله غالباً فهو ثاني الولد.

ذَكَراً… خَمْسَةَ عَشَرَ شَاقِلاً أي نحو ٢٦٣ غرشاً.

وَأَمَّا لِلأُنْثَى فَعَشَرَةَ شَوَاقِلَ اعتُبر الرجل من ابن ستين وصاعداً بمنزلة ابنة من سن الخمس إلى سن العشرين (انظر ع ٥). وقيمة العشرة الشواقل نحو ١٧٦ غرشاً. فالنسبة بين الرجل والمرأة في سن الكبر غير النسبة بينهما في سن الحداثة. قال علماء الدين اليهودي مدة الهيكل الثاني «الرجل الكبير في البيت يشغل الطريق أبداً والمرأة الكبيرة في البيت كنز لأنها ترتب كل أمور البيت».

٨ «وَإِنْ كَانَ فَقِيراً عَنْ تَقْوِيمِكَ يُوقِفُهُ أَمَامَ ٱلْكَاهِنِ فَيُقَوِّمُهُ ٱلْكَاهِنُ. عَلَى قَدْرِ مَا تَنَالُ يَدُ ٱلنَّاذِرِ يُقَوِّمُهُ ٱلْكَاهِنُ».

وَإِنْ كَانَ فَقِيراً عَنْ تَقْوِيمِكَ أي غير قادر أن يؤدي القدر الذي تعيّنه لفقره.

يُوقِفُهُ أَمَامَ ٱلْكَاهِنِ لم يتبيّن فاعل يوقف سوى أنه ضمير مستتر ولم يبين إلى من يعود فعلى هذا يصح أن يوقفه أحد الكهنة أو رجل غير معيّن. وفي بعض التراجم الأجنبية «يمثل نفسه أمام الكاهن». فكان هذا الفقير يقف أمام الكاهن فيفحص عن أحواله ويفرض عليه بحسبها. وكان أقل ما يؤديه على ما عُرف مدة الهيكل الثاني شاقلاً واحداً. وكان انه إذا امتنع بشرط أن لا تكون ضرورية لقوام حياته وكان يأخذ ذلك أحد الشُرط. وكان على الشرطي أن يترك له أدوات العمل الضرورية ونير الثيران والحمار أو الأتان. وأن يترك له من الطعام ما يكفيه ثلاثين يوماً ومن الفرش ما يكفيه اثني عشر شهراً وأن يترك له الأحذية والرقوق المكتوبة وأمتعة زوجته وثياب أولاده.

٩ «وَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً مِمَّا يُقَرِّبُونَهُ قُرْبَاناً لِلرَّبِّ، فَكُلُّ مَا يُعْطِي مِنْهُ لِلرَّبِّ يَكُونُ قُدْساً».

وَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً مِمَّا يُقَرِّبُونَهُ أي إن كان ما ينذره الإنسان بهيمة من ذوات الأربع التي يصح أن تُقدّم قرباناً أو إن كان ثوراً أو نعجة أو عنزة.

يَكُونُ قُدْساً لا يُفدى أبداً فيجب أن يعطى للقدس وللكهنة أن يبيعوه للإسرائيليين الذين يريدون أن يقدموه ذبيحة على المذبح وينفق الثمن على الخدمة.

١٠ «لاَ يُغَيِّرُهُ وَلاَ يُبْدِلُهُ جَيِّداً بِرَدِيءٍ أَوْ رَدِيئاً بِجَيِّدٍ. وَإِنْ أَبْدَلَ بَهِيمَةً بِبَهِيمَةٍ تَكُونُ هِيَ وَبَدِيلُهَا قُدْساً».

لاَ يُغَيِّرُهُ وَلاَ يُبْدِلُهُ فالحيوان الذي يُنذر يجب أن يقدم بدون أدنى تغيير ولا يجوز أن يُبدل بغيره فإن أتى ببدل عنه كان البدل والمبدّل منه مقدساً معاً أي كانا للقدس لا يفديان. وهذا الذي عُلم من استعمالهم أيضاً.

١١ «وَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً نَجِسَةً مِمَّا لاَ يُقَرِّبُونَهُ قُرْبَاناً لِلرَّبِّ يُوقِفُ ٱلْبَهِيمَةَ أَمَامَ ٱلْكَاهِنِ».

وَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً نَجِسَةً اي إن كان ما نذره من الحيوانات النجسة التي لا يجوز تقديمها ذبائح للرب أو ليست من أنواع البهائم الثلاثة البقر والغنم والمعزى. قال علماء الناموس مدة الهيكل الثاني يدخل تحت هذه البهيمة ما فيه عيب من البهائم النجسة.

١٢ «فَيُقَوِّمُهَا ٱلْكَاهِنُ جَيِّدَةً أَمْ رَدِيئَةً. فَحَسَبَ تَقْوِيمِكَ يَا كَاهِنُ هٰكَذَا يَكُونُ».

جَيِّدَةً أَمْ رَدِيئَةً أي فيقدّر الكاهن قيمتها سواء كانت ذات قيمة كبيرة أو ذات قيمة صغيرة بالنظر إلى جودتها ورداءتها.

١٣ «فَإِنْ فَكَّهَا يَزِيدُ خُمْسَهَا عَلَى تَقْوِيمِكَ».

ع ١٥ و١٩

فَإِنْ فَكَّهَا أي فإن أراد فداءها الرجل الذي نذرها على أن القيمة وُضعت على من يشتريها سوى ناذرها.

يَزِيدُ خُمْسَهَا عَلَى تَقْوِيمِكَ أي يزيد على ما قومتها به خمسه ولعل هذا وُضع جزاء على الناذر لأنه رجع عما وعد به الرب. وإن شئت أن تعرف كيف كان يعيّن الخمس أو يحُسب مدة الهيكل الثاني فانظر تفسير (ص ٥: ١٦).

١٤ «وَإِذَا قَدَّسَ إِنْسَانٌ بَيْتَهُ قُدْساً لِلرَّبِّ يُقَوِّمُهُ ٱلْكَاهِنُ جَيِّداً أَمْ رَدِيئاً. وَكَمَا يُقَوِّمُهُ ٱلْكَاهِنُ هٰكَذَا يَقُومُ».

وَإِذَا قَدَّسَ إِنْسَانٌ بَيْتَهُ أي و قف بيته لخدمة الرب بطريق النذر. فكان يُباع البيت المنذور ويأخذ خدم الدين في الهيكل ثمنه وينفقونه على إصلاح القدس إذا اقتضت الحال إصلاحه أو على بيوت تُبنى للكهنة أو على غير ذلك من أمور الهيكل. وما كان البيع يصح إلا بعد أن يفحص الكاهن عن أحوال ذلك البيت ويقدر قيمته بالنظر إلى تلك الأحوال. وحينئذ يكون لكل واحد أن يشتريه بالثمن المعيّن إذا شاء. وفسّر خدم الدين أو علماء الناموس مدة الهيكل الثاني البيت بالبناء أو ما يختص بالبناء من أرض ومتاع وأثاث يفرزه رب البيت ويقفه لله على سبيل النذر. وقالوا إذا نظر الإنسان شيئاً خطأ لم يكن واجباً للقدس عُدّ النذر باطلاً. وفد فهم من ذلك إن الموقوف على سبيل النذر لم يكن كالموقوف عندنا اليوم للأمور الدينية فإن ذلك كان يؤخذ ثمنه فقط أو فداؤه للقدس فهو مما يفك ويُباع. ويغلب في عصرنا واصطلاحنا اليوم إن الوقف لا يُباع ولا يُشرى.

١٥ «فَإِنْ كَانَ ٱلْمُقَدِّسُ يَفُكُّ بَيْتَهُ، يَزِيدُ خُمْسَ فِضَّةِ تَقْوِيمِكَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ لَهُ».

ع ١٣

فَإِنْ كَانَ ٱلْمُقَدِّسُ يَفُكُّ بَيْتَهُ كان على صاحب البيت الذي نذر البيت أو ابنه أو أحد أقاربه أن يفدي البيت بزيادة خُمس الثمن الذي عيّنه الكاهن مع أنه لم يكن على من أراد أن يشتريه من غير هؤلاء أن يؤدي سوى الثمن المعيّن كما كان الأمر في نذر البهيمة التي لا تصلح لأن تقرب على المذبح. وما ظهر لنا علة ذلك سوى أن الناذر أو المقدس أو قريبه كان كأنه يطلب الفكاك قد رجع عن وعده للرب فكان الخمس الزائد جزاء على ذلك (انظر تفسير ع ١٣).

١٦ «وَإِنْ قَدَّسَ إِنْسَانٌ بَعْضَ حَقْلِ مُلْكِهِ لِلرَّبِّ يَكُونُ تَقْوِيمُكَ عَلَى قَدَرِ بِذَارِهِ. بِذَارُ حُومَرٍ مِنَ ٱلشَّعِيرِ بِخَمْسِينَ شَاقِلِ فِضَّةٍ».

بَعْضَ حَقْلِ مُلْكِهِ أي إن وقف على سبيل النذر جزءاً من حقل وصل إليه بالإرث عن أسلافه لخدمة القدس فذلك الجزء وقف لا يُباع ولا يُشرى وهذا ما يميزه عن الحقل الذي حدده بالشراء من ماله (انظر ع ٢٢). والذي يفيده قوله «بعض حقل ملكه» إن ليس لإنسان أن ينذر كل أرض ملكه للقدس لأنه بذلك يفتقر عياله.

يَكُونُ تَقْوِيمُكَ عَلَى قَدَرِ بِذَارِهِ كان الكاهن يقوّم الجزء المنذور من الحقل على قدر ما يُزرع فيه من البذار.

بِذَارُ حُومَرٍ مِنَ ٱلشَّعِيرِ الحومر مكيال قدره عشر إيفات (انظر خروج ١٦: ٣٦) والإيفة مكيال يساوي نحو كيلة سلطانية وسدسها.

بِخَمْسِينَ شَاقِلِ فِضَّةٍ ذلك نحو ٨٨٣ غرشاً (انظر ع ٣ والتفسير). وكان هذا المبلغ على ما عُرف مدة الهيكل الثاني مقام غلة ذاك الجزء تسعاً وأربعين سنة أي ما بين يوبيل ويوبيل فكان على كل سنة شاقل و١ على ٤٩ من الشاقل وكان له في مثل هذه الحال أن يفك وأن يبيع ما وقفه للقدس متى أراد لأن أرض الميراث لا يجوز أن تخرج من ملك الوارث إلى الأبد كما علمت سابقاً.

١٧ «إِنْ قَدَّسَ حَقْلَهُ مِنْ سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ فَحَسَبَ تَقْوِيمِكَ يَقُومُ».

إِنْ قَدَّسَ حَقْلَهُ مِنْ سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ أي إنه يؤدي خمسين شاقلاً إن كان وقت تقديس الحقل من سنة اليوبيل فتكون مدة التقديس تسعاً وأربعين سنة.

١٨ «وَإِنْ قَدَّسَ حَقْلَهُ بَعْدَ سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ يَحْسِبُ لَهُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْفِضَّةَ عَلَى قَدَرِ ٱلسِّنِينَ ٱلْبَاقِيَةِ إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ، فَيُنَقَّصُ مِنْ تَقْوِيمِكَ».

ص ٢٥: ١٥ و١٦

وَإِنْ قَدَّسَ حَقْلَهُ بَعْدَ سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ فيعطي قيمة الفكاك بقدر السنين الباقية إلى اليوبيل.

فَيُنَقَّصُ مِنْ تَقْوِيمِكَ على مقدار السنين الماضية من المدة بين اليوبيلين فإن كان الوقت الذي نذر فيه بعد عشرين سنة من اليوبيل مثلاً كانت السنون الباقية إلى اليوبيل التالي تسعاً وعشرين فينقّص الذي يؤدي فكاكاً عشرين شاقلاً و٢٠ على ٤٩ من الشاقل وقس على ذلك.

١٩ «فَإِنْ فَكَّ ٱلْحَقْلَ مُقَدِّسُهُ، يَزِيدُ خُمْسَ فِضَّةِ تَقْوِيمِكَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ لَهُ».

ع ١٣

فَإِنْ فَكَّ ٱلْحَقْلَ مُقَدِّسُهُ (انظر ع ١٣) أو امرأته أو ولده أو أحد أقربائه على ما أفاد علماء الناموس مدة الهيكل الثاني. وعلة زيادة الخُمس ذكرت في ما مرّ (انظر تفسير ع ١٣ و١ع ١٥).

٢٠ «لٰكِنْ إِنْ لَمْ يَفُكَّ ٱلْحَقْلَ وَبِيعَ ٱلْحَقْلُ لإِنْسَانٍ آخَرَ لاَ يُفَكُّ بَعْدُ».

إِنْ لَمْ يَفُكَّ ٱلْحَقْلَ بعد كل التسهيلات التي جعلتها الشريعة للناذر ليفك ملك ميراثه قبل سنة اليوبيل ولم يكترث بدوام اسم أسرته وكل ذلك دناءة.

وَبِيعَ ٱلْحَقْلُ لإِنْسَانٍ آخَرَ زيادة على أنه لم يكترث بدوام اسم أسرته فزاد دناءته دناءة.

لاَ يُفَكُّ بَعْدُ أي لا يبقى للناذر حق الفكاك.

٢١ «بَلْ يَكُونُ ٱلْحَقْلُ عِنْدَ خُرُوجِهِ فِي ٱلْيُوبِيلِ قُدْساً لِلرَّبِّ كَٱلْحَقْلِ ٱلْمُحَرَّمِ. لِلْكَاهِنِ يَكُونُ مُلْكُهُ».

ص ٢٥: ١٠ و٢٨ و٣١ ع ٢٨ عدد ١٨: ١٤ وحزقيال ٤٤: ٢٩

بَلْ يَكُونُ ٱلْحَقْلُ عِنْدَ خُرُوجِهِ فِي ٱلْيُوبِيلِ أي عند خروجه من ملك الشاري لأن كل شار لأرض يبطل ملكه إياها في سنة اليوبيل (انظر ص ٢٥: ٢٥ – ٢٨ والتفسير).

قُدْساً لِلرَّبِّ فلا يُرد إلى بائعه الذي نذره ورفض أن يفكه فيبقى لله كسائر الموقوفات الأبدية له تعالى (انظر ع ٢٨). وعلى ما عُرف من علماء الناموس مدة الهيكل الثاني أن مفاد الشريعة في (ع ٢٠ و٢١) «إذا لم يفك ناذر الحقل ما نذره قبل سنة اليوبيل وبقي الحقل المنذور ملكاً للقدس الذي له الاستيلاء على كل نذر أو إذا باع أمناء خزينة الهيكل الحقل لآخر ولم يفكه منه ناذره يخرج سنة اليوبيل من ملك القدس والشاري ويصير للكاهن الخادم على أن لهذا الكاهن أن يبيعه إذا شاء».

٢٢ «وَإِنْ قَدَّسَ لِلرَّبِّ حَقْلاً مِنْ شِرَائِهِ لَيْسَ مِنْ حُقُولِ مُلْكِهِ».

ص ٢٥: ١٠ و٢٥

وَإِنْ قَدَّسَ لِلرَّبِّ حَقْلاً مِنْ شِرَائِهِ أي إن وقف إنسان على سبيل النذر حقلاً اشتراه ويكون ملكه إياه ليس إلا إلى حلول اليوبيل (فإنه ثمّ يرد إلى بائعه). (انظر ص ٢٥: ٢٥ – ٢٨) اختلفت الحال كما سترى.

٢٣ «يَحْسِبُ لَهُ ٱلْكَاهِنُ مَبْلَغَ تَقْوِيمِكَ إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ، فَيُعْطِي تَقْوِيمَكَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ قُدْساً لِلرَّبِّ».

ع ١٨

يَحْسِبُ لَهُ ٱلْكَاهِنُ ليس على الناذر في هذه الحال أن يؤدي المبلغ الشرعي المعيّن على ذلك الحقل الذي هو ميراث من الأسرة (انظر ع ١٦) ولكن كان للكاهن أن يقدّر قيمة غلّته إلى سنة اليوبيل (انظر ص ٢٥: ١٤ – ١٦).

فَيُعْطِي تَقْوِيمَكَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ كان على الناذر أو أحد أقربائه أن يؤدي ذلك بدون زيادة خمس القيمة المقوم بها بخلاف الحقل الموروث.

٢٤ «وَفِي سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ يَرْجِعُ ٱلْحَقْلُ إِلَى ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِنْهُ، إِلَى ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلأَرْضِ».

ص ٢٥: ٢٨

يَرْجِعُ ٱلْحَقْلُ إِلَى ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ إنه بمقتضى الشريعة الموضوعة في (ص ٢٥: ٢٣ – ٢٨) إن الحقل المنذور لا يرجع إلى الذي اشتراه في سنة اليوبيل بل إلى صاحبه الوارث الذي اشتراه الناذر منه.

٢٥ «وَكُلُّ تَقْوِيمِكَ يَكُونُ عَلَى شَاقِلِ ٱلْمَقْدِسِ. عِشْرِينَ جِيرَةً يَكُونُ ٱلشَّاقِلُ».

خروج ٣٠: ١٣ وعدد ٣: ٤٧ و١٨: ١٦ وحزقيال ٤٥: ١٢

عَلَى شَاقِلِ ٱلْمَقْدِسِ إذ كانت النذور لنفع القدس كانت القيم تقدّر على شواقل القدس (خروج ٣٠: ١٣).

عِشْرِينَ جِيرَةً يَكُونُ ٱلشَّاقِلُ الجيرة تعدل ١٦ حبة شعير أو قمحة (خروج ٣٠: ١٣).

٢٦ «لٰكِنَّ ٱلْبِكْرَ ٱلَّذِي يُفْرَزُ بِكْراً لِلرَّبِّ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ فَلاَ يُقَدِّسُهُ أَحَدٌ. ثَوْراً كَانَ أَوْ شَاةً فَهُوَ لِلرَّبِّ».

خروج ١٣: ٢ و١٢ و٢٢: ٣٠ وعدد ١٨: ١٧ وتثنية ١٥: ١٩

لٰكِنَّ ٱلْبِكْرَ أبان إن الأشياء التي يصحّ أن تنذر للرب أربعة:

  1. الإنسان (ع ٢ – ٨).
  2. الحيوان غير الناطق أي البهيمة (ع ٩ – ١٣).
  3. البيت (ع ١٤ و١٥).
  4. الأرض (ع ١٦ – ٢٥). ومُنع من ذلك اثنان (١) بكر البهائم و(٢) المحرّم فإن البكر للرب على ما صُرح مراراً (خروج ١٣: ٢). ونذر ما هو للرب للرب شرب من الهذيان أو الهزء.

فَهُوَ لِلرَّبِّ لأنه بكر والبكر للرب فلا ينذر للرب ما له.

٢٧ «وَإِنْ كَانَ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلنَّجِسَةِ يَفْدِيهِ حَسَبَ تَقْوِيمِكَ وَيَزِيدُ خُمْسَهُ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يُفَكَّ فَيُبَاعُ حَسَبَ تَقْوِيمِكَ».

ع ١١ و١٢ و١٣

وَإِنْ كَانَ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلنَّجِسَةِ أي وإن كان المنذور بكر بهيمة نجسة فله أن يفديه بزيادة خُمس الثمن الذي يعيّنه الكاهن. و إن لم يفده فلأمين خزانة الهيكل أن يبيعه من أراد أن يشتريه وينفق ثمنه على إصلاح القدس. وفي هذا شيء من الخلاف للفريضة في (خروج ١٣: ١٣ و٣٤: ٢٠) فإنه بُيّن هنالك أن بكر الحمار إما أنه يُفدى بنعجة وإما أنه يُقتل فدفع ذلك علماء الشريعة مدة الهيكل الثاني إن المقصود في سفر الخروج بكر الحيوان النجس وأما هنا فأراد البهيمة النجسة مطلقاً. (قلت ولا حاجة إلى هذا التأويل أيضاً لأن الكلام هنا يصح على نذر البكر بعد فدائه وإلا فهو للرب فلا ينذر فتأمل).

٢٨ «أَمَّا كُلُّ مُحَرَّمٍ يُحَرِّمُهُ إِنْسَانٌ لِلرَّبِّ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ مِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلْبَهَائِمِ وَمِنْ حُقُولِ مُلْكِهِ فَلاَ يُبَاعُ وَلاَ يُفَكُّ. إِنَّ كُلَّ مُحَرَّمٍ هُوَ قُدْسُ أَقْدَاسٍ لِلرَّبِّ».

ع ٢١ ويشوع ٦: ١٧ و١٨ و١٩

أَمَّا كُلُّ مُحَرَّمٍ المحرّم هو الذي يُنذر ويحرّم أنه يُفدى.

مِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلْبَهَائِمِ وَمِنْ حُقُولِ مُلْكِهِ أي من ابن أو عبد أو بهيمة أو أرض.

كُلَّ مُحَرَّمٍ هُوَ قُدْسُ أَقْدَاسٍ لِلرَّبِّ عنى بقوله «قدس أقداس كثير القداسة أو أكثر قداسة من سواه». وهذا المحرّم لا يُباع ولا يُشرى فناذره لا يجوز له أن يفكه وخدم القدس لا يجوز لهم أن يبيعوه إنما يكون من أملاك الكهنة (انظر ع ١٧ وعدد ١٨: ١٤ وحزقيال ٤٤: ٢٩).

٢٩ «كُلُّ مُحَرَّمٍ يُحَرَّمُ مِنَ ٱلنَّاسِ لاَ يُفْدَى. يُقْتَلُ قَتْلاً».

عدد ٢١: ٢ و٣

كُلُّ مُحَرَّمٍ يُحَرَّمُ مِنَ ٱلنَّاسِ أي كل منذور من البشر نذر تحريمٍ من البيع والشراء لا يُفدى فيكون منزلته منزلة وقف الأملاك الموروثة من الأرض فإذا نذر لله نذر تحريم أو منع كان «قدس أقداس» للرب.

يُقْتَلُ قَتْلاً لا ليقدم ذبيحة للرب بل بالعكس فإنه يُقتل ليُرفع من أمام الرب أو يُعزل ويحجب عن نظره. وهذا علة حزن يفتاح على ابنته لأنه على هذه الشريعة جرى ولولا ذلك لفدى ابنته بكل عزيز لديه.

٣٠ «وَكُلُّ عُشْرِ ٱلأَرْضِ مِنْ حُبُوبِ ٱلأَرْضِ وَأَثْمَارِ ٱلشَّجَرِ فَهُوَ لِلرَّبِّ. قُدْسٌ لِلرَّبِّ».

تكوين ٢٨: ٢٢ وعدد ١٨: ٢١ و٢٤ و٢أيام ٣١: ٥ و٦ و١٢ ونحميا ١٣: ١٢ وملاخي ٣: ٨ و١٠

كُلُّ عُشْرِ ٱلأَرْضِ أي عُشر نبت التربة أو ما ينبت فيها. وهذا بخلاف العُشر المذكور في (ع ٣٢) لأن هذا يُفك وذاك لا يُفك لأنه لله كبكر البهائم (ع ٢٦) فإنه لله بسنة أُخرى والإنسان لا يقدر أن ينذر للرب ما هو للرب.

مِنْ حُبُوبِ ٱلأَرْضِ أي غلة ما يزرع من الحبوب (عدد ١٨: ٢١ – ٢٤ وتثنية ١٤: ٢٢ – ٢٩).

٣١ «وَإِنْ فَكَّ إِنْسَانٌ بَعْضَ عُشْرِهِ يَزِيدُ خُمْسَهُ عَلَيْهِ».

ع ١٣

وَإِنْ فَكَّ إِنْسَانٌ أي إن أراد إنسان أن يفك (انظر ع ١٣ و١٩). إن الإنسان مع أنه ليس له أن ينذر العشور لأنها للرب كان له أن يفكها إذا زاد الخمس على القيمة التي لها. قال علماء الدين اليهودي مدة الهيكل الثاني لكل إنسان أن يفك العشور من شخص آخر بتأدية الثمن الكامل بدون أن يزيد الخُمس. وإن الأعشار يمكن أن تؤكل في أي مكان أُريد لكن نقود الفكاك يجب أن تؤخذ إلى أورشليم وتُنفق على الولائم للاويين والغرباء والمساكين.

٣٢ «وَأَمَّا كُلُّ عُشْرِ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ فَكُلُّ مَا يَعْبُرُ تَحْتَ ٱلْعَصَا يَكُونُ ٱلْعَاشِرُ قُدْساً لِلرَّبِّ».

إرميا ٣٣: ١٣ وحزقيال ٢٠: ٣٧ وميخا ٧: ١٤

فَكُلُّ مَا يَعْبُرُ تَحْتَ ٱلْعَصَا كان طريق عدّ البهائم لتعشيرها على ما وصف علماء الناموس هكذا إن صاحب البهائم يجمع كل الخراف والعجول إلى الحظيرة ويجعل لها باباً صغيراً حتى أنه يتعذر على البهائم التي في الحظيرة أن يخرج اثنان منها معاً ويضع أمّات الخراف والعجول خارج الحظيرة فإذا ثغت النعاج وخارت البقر سمعتها الحملان والعجول وأخذت تخرج من الحظيرة فأخذ الرجل يعدها بعصاه. وعلى هذا قوله «فكل ما يعبر تحت العصا». فيقول واحد اثنان ثلاثة الخ والعاشر سواء كان أنثى أو ذكراً جيداً أو ردياً يعلّمه بعلامة حمراء ويقول «هذا عشر». وهذه العادة أشار إليها النبي بقوله «وَأُمِرُّكُمْ تَحْتَ ٱلْعَصَا، وَأُدْخِلُكُمْ فِي رِبَاطِ ٱلْعَهْدِ» (حزقيال ٢٠: ٣٧). يعني أنكم ستُعلَّمون مرة بعلامة تدل على أنكم للرب.

٣٣ «لاَ يُفْحَصُ أَجَيِّدٌ هُوَ أَمْ رَدِيءٌ وَلاَ يُبْدِلُهُ. وَإِنْ أَبْدَلَهُ يَكُونُ هُوَ وَبَدِيلُهُ قُدْساً. لاَ يُفَكُّ».

ع ١٠

لاَ يُفْحَصُ أَجَيِّدٌ هُوَ أَمْ رَدِيءٌ أي ليس على صاحب البهائم أن يميّز الجيد من الرديء في ذلك وما عليه إلا أن يعلّم العاشر ليفَرز للرب.

٣٤ «هٰذِهِ هِيَ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَوْصَى ٱلرَّبُّ بِهَا مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي جَبَلِ سِينَاءَ».

ص ٢٦: ٤٦

هٰذِهِ هِيَ ٱلْوَصَايَا الإشارة إلى الوصايا المذكورة من أول هذا الأصحاح إلى آخره أي من (ع ١ – ٣٤).

فِي جَبَلِ سِينَاءَ أي في أرض سيناء الجبلية (انظر ص ٢٦: ٤٦).

السابق
زر الذهاب إلى الأعلى