سفر اللاويين

سفر اللاويين | 04 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر اللاويين

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ

١، ٢ «١ وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٢ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ سَهْواً فِي شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَعَمِلَتْ وَاحِدَةً مِنْهَا».

ص ٥: ١٥ و١٧ وعدد ١٥: ٢٢ الخ و١صموئيل ١٤: ٢٧ ومزمور ١٩: ١٢

إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ كانت الذبائح الثلاث المذكورة آنفاً أي ذبيحة المحرقة والذبيحة غير الدموية وذبيحة السلامة مما ألفه الإسرائيليون وأتوه قبل إعطاء الشريعة على طور سيناء (ص ١: ١ – ١٧ و٢: ١ – ١٦ و٣: ١ – ١٧) فذبيحة الخطيئة ذُكرت هنا كأمر جديد. وكانت واجبة على الكاهن كما كانت واجبة على غيره (ع ٣).

سَهْواً أو جهلاً بأن تصدر منه من غير قصد أو أن يرتكبها غير عالم أنها خطيئة (قابل بهذا ع ١٣ و٢٢ و٢٧ وص ٥: ١٨ و٢٢: ١٤). وكانت هذه الخطية في مدة الهيكل الثاني تعيّن بما يأتي:

  1. أن تُرتكب جهلاً أو سهواً أي بلا قصد (عد ١٥: ٣٠).
  2. أن تكون مخالفة لوصية سلبية أو واردة على طريق النهي.
  3. أن تكون فعلية لا قولية ولا فكرية كما يفيد النص.
  4. أن تكون من الخطايا التي إذا ارتكبها الإنسان عمداً وجب عليه العقاب الشديد (انظر عدد ١٥: ٢٩ و٣٠).

٣ «إِنْ كَانَ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ يُخْطِئُ لإِثْمِ ٱلشَّعْبِ، يُقَرِّبُ عَنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ ثَوْراً ٱبْنَ بَقَرٍ صَحِيحاً لِلرَّبِّ، ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ».

ص ٨: ١٢ ص ٩: ٢

ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ عمل الكاهن هنا وهو الحبر الأعظم أو رئيس الكهنة دليل على أنه يخطأ كسائر الناس وعليه ما عليهم. فالرتبة الروحية لا تعصم صاحبها من الخطاء. وعلى هذا جاء في الرسالة إلى العبرانيين ما نصه «لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هٰذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ ٱنْفَصَلَ عَنِ ٱلْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ ٱلَّذِي لَيْسَ لَهُ ٱضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا ٱلشَّعْبِ» (عبرانيين ٧: ٢٦ و٢٧). وسُمي الكاهن الأعظم بالكاهن الممسوح أربع مرات في هذا السفر (ع ٣ و٥ و١٦ وص ٦: ٢٢). وسُمي بالكاهن الأعظم والكاهن العظيم في مواضع أُخر منه ومن غيره من الأسفار الخمسة وغيرها (لاويين ٢١: ١٠ وعدد ٣٥: ٢٥ و٢٨ ويشوع ٢٠: ٦) وسُمي في ما بعد ذلك من أسفار العهد القديم الكاهن الرئيس والكاهن الرأس (٢ملوك ٢٥: ١٨ و٢أيام ١٩: ١١ و٢٤: ١١ و٢٦: ٢٠ و٣١: ١٠ وعزرا ٨: ١٢).

لإِثْمِ ٱلشَّعْبِ قال بعضهم أي يرتكب الإثم الذي يرتبكه غيره من الشعب سهواً أو جهلاً فإنه كان عرضة لارتكابه كغيره من الناس. ويُستدل من هذا ومما في (ص ١٠: ٦ و٢١: ١٠ – ١٥) إن خطيئة السهو لم تكن إهمال شيء من وظيفة الكاهن الأعظم أو إهمال رتبته الواجبة بل كانت ارتكاب سوى ذلك عن غير عمد (والذي يوافق الترجمة العربية من قوله «لإثم الشعب» إن الكاهن العظيم إذا ارتكب إثماً سهواً أو جهلاً فكان بذلك وسيلة إلى ارتكاب الشعب للإثم يقرب الخ).

ثَوْراً ٱبْنَ بَقَرٍ الظاهر من قوله ابن بقر أنه أراد به عجلاً أو ثوراً صغيراً ولم يعيّن سنه هنا. ولكن الذي عُرف من أمر هذا الثور في أيام المسيح أنه كان ابن ثلاث سنين.

٤ «يُقَدِّمُ ٱلثَّوْرَ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ، وَيَذْبَحُ ٱلثَّوْرَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص ١: ٣ و٤

بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أي مدخلها (انظر تفسير ص ١: ٥). وكان يُرش دم هذه الذبيحة كما يُرش دم غيرها.

٥ «وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَيَدْخُلُ بِهِ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

ص ١٧: ١٤ وعدد ١٩: ٤

يَدْخُلُ بِهِ بعد أن يأخذ دمه في الآناء (ص ١: ٥).

٦ «وَيَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ إِصْبِعَهُ فِي ٱلدَّمِ وَيَنْضِحُ مِنَ ٱلدَّمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى حِجَابِ ٱلْقُدْسِ».

يَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ إِصْبِعَهُ الاختلاف هنا في مسألة الدم فإن الكاهن في غير هذه الذبيحة كذبيحة المحرقة كان يرش الدم على جدران المذبح (ص ١: ٣). وأما هنا فكان يغمس إصبعه سبع مرات ويرش الدم سبعاً. وكانت تلك الإصبع على ما عُرف من خدمة الهيكل الثاني إحدى أصابع اليد اليمنى لأنه كان يرش الدم بتلك اليد. والذبيحة هنا ذبيحة الخطية. وكانت السبعة عدداً كاملاً عند الإسرائيليين (وغيرهم من مجاوريهم في تلك العصور) يؤتي إكمالاً للعمل. ومن ذلك كانت أيام الخليقة سبعة (تكوين ٢: ٢ و٣). وفروع المنارة الذهبية سبعة (خروج ٢٥: ٣٧ و٣٧: ٢٣). ومرات رش الدم في يوم الكفارة سبعاً (ص ١٦: ١٤). ومرات رش الزيت على المذبح يوم تقديسه ووقفه للرب سبعاً (ص ٨: ١١). وأيام ملء الكهنة سبعة (ص ٨: ٣٥). وأيام التطهير سبعة (ص ١٢: ٢ وعدد ١٩: ١٩). وعدد اغتسال نعمان في نهر الأردن سبعة (٢ملوك ٥: ١٠ و١٤) وأيام حصار أريحا سبعة وعدد الكهنة والأبواق التي هدمت أسوارها سبعة (يشوع ص ٦). وقرون الحمل سبعة وعيونه سبعاً وأرواح الله سبعة (رؤيا ٥: ٦). وختوم كتاب الله سبعة (رؤيا ١: ٥).

أَمَامَ ٱلرَّبِّ لأن عرش الرب كان على الغطاء بين الكروبين (خروج ٢٥: ٢٢) في قدس الأقداس فالموضع المقصود بقوله «أمام الرب» واجهة قدس الأقداس حيث كان مذبح البخور وخبز الوجوه والمنارة الذهبية (خروج ٢٧: ٢١ و٢٨: ٣٥ و٣٠: ٨ و٣٤: ٣٤) وإلى جهة ذلك الموضع كان الدم يُرش.

لَدَى حِجَابِ ٱلْقُدْسِ معنى هذه العبارة كمعنى العبارة التي قبلها لأن الحجاب كان فاصلاً بين القدس وقدس الأقداس فكأنه قال «أمام الرب» ظن بعضهم أن الحجاب نفسه كان الدم يُرش عليه ورأى بعضهم أنه كان يُرش على الأرض التي أمامه على ما يفيد النص هنا.

٧ «وَيَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ مِنَ ٱلدَّمِ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْبَخُورِ ٱلْعَطِرِ ٱلَّذِي فِي خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَسَائِرُ دَمِ ٱلثَّوْرِ يَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ ٱلَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

ص ٨: ١٥ و٩: ٩ و١٦: ١٨ ص ٥: ٩

يَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ أي الكاهن الأعظم فإنه هو الذي كان يغمس إصبعه في الدم ويضع بعضه على قرون المذبح الذهبي الأربعة الذي كان البخور يوقد عليه. وكانت هذه الخدمة مختصة بذبيحة الخطية. وكان هذا المذبح في القدس أمام الحاجب الذي يفصله عن قدس الأقداس (خروج ٣٠: ١ – ٦). وكان الكاهن على ما عُرف في أيام المسيح يضع الدم أولاً على قرن الشمال الشرقي ثم على قرن الشمال الغربي ثم على قرن الجنوب الغربي ثم على قرن الجنوب الشرقي. وكان يغمس إصبعه في إناء الدم عند رش كل قرن ويمسح إصبعه بجانب الإناء بين كل رشتين لأنه لم يكن من المناسب عندهم أن يدهن أو ينضح قرن بما بقي من الدم على الإصبع بعد رش أحد القرون.

يَصُبُّهُ أي يصب كل ما بقي من الدم في الإناء. وكان الكاهن يصب الدم الباقي أسفل مذبح المحرقة الذي كان خارج القدس. وكان في أيام الهيكل الثاني قرب قرن الجنوب الغربي بالوعتان كالمنخرين يجري منهما الدم إلى وادي قدرون.

٨ «وَجَمِيعُ شَحْمِ ثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ. ٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي يُغَشِّي ٱلأَحْشَاءَ، وَسَائِرَ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلأَحْشَاءِ»

جَمِيعُ شَحْمِ ثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ يَنْزِعُهُ أي أحسن أجزاء الثور (ص ٣: ٣). كانت ذبيحة الخطية في عصر المسيح تُقطع وينزع الشحم والأحشاء منها وتوضع في إناء وتُملح وتُشوى على النار وتحرق على المذبح رائحة سرور للرب.

٩ «وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي عَلَيْهِمَا ٱلَّذِي عَلَى ٱلْخَاصِرَتَيْنِ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ مَعَ ٱلْكُلْيَتَيْنِ يَنْزِعُهَا».

ص ٣: ٤

وَٱلْكُلْيَتَيْنِ الكلام في هذه الآية والآية الثامنة كالكلام في (ص ٣: ٤ و٥) إلا أن الذبيحة هنا ذبيحة الخطيئة والذبيحة هناك ذبيحة السلامة.

١٠ «كَمَا تُنْزَعُ مِنْ ثَوْرِ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ. وَيُوقِدُهُنَّ ٱلْكَاهِنُ عَلَى مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَة».

ص ٣: ٣ و٤ و٥

(انظر ص ٣: ٤ و٥).

١١، ١٢ «١١ وَأَمَّا جِلْدُ ٱلثَّوْرِ وَكُلُّ لَحْمِهِ مَعَ رَأْسِهِ وَأَكَارِعِهِ وَأَحْشَائِهِ وَفَرْثِهِ ١٢ فَيُخْرِجُ سَائِرَ ٱلثَّوْرِ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ إِلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ إِلَى مَرْمَى ٱلرَّمَادِ، وَيُحْرِقُهَا عَلَى حَطَبٍ بِٱلنَّارِ. عَلَى مَرْمَى ٱلرَّمَادِ تُحْرَقُ».

خروج ٢٩: ١٤ وعدد ١٩: ٥ ص ٦: ١١ عبرانيين ١٣: ١١

جِلْدُ ٱلثَّوْرِ الخ بخلاف جلد ذبيجة المحرقة فإن ذلك كان يأخذه الكاهن. وما كان الكاهن الأعظم نفسه يحمل كل بقية الثور إلى ذلك المكان البعيد بل كان يحمله مساعدوه وأُسند الفعل إليه لأنه هو الآمر بذلك. ويؤيد ذلك الترجمة اليونانية ويوضحه ما في النسخة السامرية ففيها (ويحملون سائر الثور الخ) وسنده ما في (ع ١٤). وكان في عصر الهيكل الثاني ثلاثة مواضع للإحراق أحدهما في دار الهيكل الخارجية حيث كانوا يحرقون نفايات المذبح. والموضع الثاني على الجبل في مكان يسمى بيره. والثالث خارج أورشليم ويسمى مكان الرماد ومرمى الرماد. وهذا هو المكان الذي أشار إليه الرسول بقوله «فَإِنَّ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلَّتِي يُدْخَلُ بِدَمِهَا عَنِ ٱلْخَطِيَّةِ إِلَى «ٱلأَقْدَاسِ» بِيَدِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ تُحْرَقُ أَجْسَامُهَا خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ. لِذٰلِكَ يَسُوعُ أَيْضاً، لِكَيْ يُقَدِّسَ ٱلشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ ٱلْبَابِ» (عبرانيين ١٣: ١١ و١٢). وكانت الذبيحة التي تحرق في دار الهيكل أو دار القدس تحرق بنار حطب معيّن (انظر ص ١: ٧). ولكن الذبائح التي كانت تُحمل إلى خارج المدينة كانت تُحرق بنار أي حطب تيسّر حتى أنه كان يجوز أن تحرق بنار التبن وكسر العيدان.

١٣ «وَإِنْ سَهَا كُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَأُخْفِيَ أَمْرٌ عَنْ أَعْيُنِ ٱلْمَجْمَعِ، وَعَمِلُوا وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمُوا»

عدد ١٥: ٢٤ ويشوع ٧: ١١ ص ٥: ٢ و٣ و٤ و١٧

إِنْ سَهَا كُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فالكنيسة كلها غير معصومة من الخطأ والسهو والجهل وقد عرفت أن الكاهن الأعظم لم يكن معصوماً من ذلك. والكلام هنا في ذبيحة الخطية عن كل الجماعة (ع ١٣ – ٢١). وفيه أن الجماعة كلها قد تأتي أمراً تظنه جائزاً ثم ترى أنه محظور وإن إتيانها إياه كان خطيئة. والجماعة والمجمع هنا بمعنىً واحد (قابل بهذا عدد ١٥: ٢٤ و٢٦). ووقع مثل هذه الخطيئة العامة في إسرائيل (١صموئيل ١٤: ٣٢) فإنه «ثار الشعب على الغنيمة فأخذوا غنماً وبقراً وعجولاً وذبحوا على الأرض وأكل الشعب على الدم» وكانت تلك الغنيمة من الفلسطينيين. وقال قدماء المفسرين في عصر المسيح أن المقصود بالمجمع هنا مجمع اليهود العظيم المعروف بالسنهدريم الممثل أمة إسرائيل كلها ولكن هذا مناف لما في ( عدد ١٥: ٢٢ – ٢٦).

١٤ «ثُمَّ عُرِفَتِ ٱلْخَطِيَّةُ ٱلَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا، يُقَرِّبُ ٱلْمَجْمَعُ ثَوْراً ٱبْنَ بَقَرٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. يَأْتُونَ بِهِ إِلَى قُدَّامِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

ثَوْراً ٱبْنَ بَقَرٍ أي عجلاً أو ثوراً صغيراً وذلك مثل الذبيحة التي كان يقربها الكاهن العظيم عن خطيئته (ع ٣) ولا بد من أن يكون بلا عيب قياساً على ما مرّ وإن لم يُذكر هنا.

يَأْتُونَ… قُدَّامِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ (ص ١: ٣) والذين يأتون به بعض جماعة إسرائيل لا كلهم كما يدل العقل لأنهم كانو نحو مليونين. والمعنى أن الجماعة يأمرون بعضهم بحمل الذبيحة إلى مدخل خيمة الاجتماع.

١٥ «وَيَضَعُ شُيُوخُ ٱلْجَمَاعَةِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَيَذْبَحُوا ٱلثَّوْرَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص ١: ٤

يَضَعُ شُيُوخُ ٱلْجَمَاعَةِ أَيْدِيَهُمْ لأنه لا يمكن كل جماعة إسرائيل ذلك ولا كل الشيوخ لأنهم كانوا سبعين فالمعنى أن بعض شيوخ الجماعة يضع الخ. وكان الشيوخ المعيّنون لذلك في عصر الهيكل الثاني ثلاثة. وكان من القرابين عن كل جماعة إسرائيل ما عدا القربان المذكور التيس المطلق فإنه كانت توضع اليدان عليه (ص ١٦: ٢١).

١٦ – ٢١ «١٦ وَيُدْخِلُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. ١٧ وَيَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ إِصْبِعَهُ فِي ٱلدَّمِ وَيَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى ٱلْحِجَابِ. ١٨ وَيَجْعَلُ مِنَ ٱلدَّمِ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ فِي خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. وَسَائِرَ ٱلدَّمِ يَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ ٱلَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. ١٩ وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ وَيُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. ٢٠ وَيَفْعَلُ بِٱلثَّوْرِ كَمَا فَعَلَ بِثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ. كَذٰلِكَ يَفْعَلُ بِهِ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُمُ ٱلْكَاهِنُ، فَيُصْفَحُ عَنْهُمْ. ٢١ ثُمَّ يُخْرِجُ ٱلثَّوْرَ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ وَيُحْرِقُهُ كَمَا أَحْرَقَ ٱلثَّوْرَ ٱلأَوَّلَ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةِ ٱلْمَجْمَعِ».

ع ٥ وعبرانيين ٩: ١٢ و١٣ و١٤ ع ٣ عدد ١٥: ٢٥ ودانيال ٩: ٢٤ ورومية ٥: ١١ وعبرانيين ٢: ١٧ و١٠: ١٠ و١١ و١٢ و١يوحنا ١: ٧ و٢: ٢

كل ما في هذه الآيات مثل ما قيل في ذبيحة الخطيئة عن الكاهن (ع ٥ – ١٢).

٢٢ «إِذَا أَخْطَأَ رَئِيسٌ وَعَمِلَ بِسَهْوٍ وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ إِلٰهِهِ ٱلَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمَ».

ع ٢ و١٣

في هذه الآية وما بعدها إلى الآية ٢٦ يتعلق بخطيئة الرئيس.

رَئِيسٌ تُطلق هذه الكلمة على الملك (١ملوك ١١: ٣٤ وحزقيال ٣٤: ٢٤ و٤٦: ٢). ورأس السبط (عدد ٣٤: ١٨). واختلف المفسرون في المقصود بالرئيس هنا. وإذا قابلنا الآيات التي تتعلق بخطيئة السهو أو الجهل غير هذه نراها كلها تجعلها من أحد مناهي الرب وتقتصر على ذلك ولكنه هنا يزيد كلمة «إلهه» وهذا قوله بنصه «إذا أخطأ رئيس وعمل بسهو واحدة من جميع مناهي الرب إلهه». وهذا يدل على أنه ليس فوق ذلك الرئيس إلا الله ولا يناسب هذا سوى الملك.

أَثِمَ أي وعرف أنه ارتكب الإثم سهواً واعترف به فالخاطئ أثيم سواء كانت خطيئته سهواً أو جهلاً أو عمداً.

٢٣ «ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ تَيْساً مِنَ ٱلْمَعْزِ ذَكَراً صَحِيحاً».

ع ١٤

أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ أي أعلمه غيره أنه أَثم (فالخطيئة لا تُحسب ما لم تُعرف) واعترف بذلك اختياراً.

تَيْساً مِنَ ٱلْمَعْزِ (أبان أنه من المعز لأن التيس يطلق على الذكر من المعز والظباء والوعول أو الذكر من كل منها إذا أتى عليه سنة) وهو في العبرانية الأشعر من ذكور المعز أو الطويل الشعر الكبير خلا الجدي (وهو الذكر من أولاد المعز في السنة الأولى) فالأول لم يكن يذبح ليكون طعاماً أو قربان محرقة أو تقدمة شكر في الاحتفالات (ص ١٦: ٩ و١٥ و٢٣: ١٩ وعدد ٢٨: ١٥ و٢٢ و٣٠ و٢٩: ٥ و١١ و١٦). ولا عند تقديس الكهنة والقدس (ص ٩: ٣ و١٥ و١٠: ١٦). وأما الثاني فكان يُذبح ليكون طعاماً (تثنية ٣٢: ١٤ وإرميا ٥١: ٤٠). وكان كالعجل والكبش والحمل الخ وإشعياء ١: ١١ و٣٤: ٦ وحزقيال ٣٩: ١٨ ومزمور ١: ٩ و١٣ و٦٦: ١٥). ويرى هنا أن الاختلاف الأول في خطيئة الرئيس أنه يقدم تيساً كبيراً طويل الشعر لا عجلاً.

٢٤ «وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ وَيَذْبَحُهُ فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ ٱلْمُحْرَقَةَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ».

ع ٤ و١٥

يَذْبَحُهُ الخ (انظر ص ١: ٥).

٢٥، ٢٦ «٢٥ وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ بِإِصْبِعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ، ثُمَّ يَصُبُّ دَمَهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ. ٢٦ وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ كَشَحْمِ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ، وَيُكَفِّرُ ٱلْكَاهِنُ عَنْهُ مِنْ خَطِيَّتِهِ فَيُصْفَحُ عَنْهُ».

ع ٣٠ ص ٣: ٥ ع ٢٠ وعدد ١٥: ٢٨

يَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ وهنا اختلاف أيضاً في الرسم فإن الكاهن الأعظم في تقدمة الذبيحة عن نفسه وفي تقدمة الذبيحة عن الجماعة كان هو نفسه يقوم بالعمل الأوليّ في الرسم (ع ٥ – ١٧) والكاهن هنا أحد الكهنة لا الأعظم. وما كان دم الذبيحة هنا يرش أمام حجاب قدس الأقداس ولا على مذبح البخور الذي في القدس بل على مذبح النحاس الذي كان في الدار خارجاً.

٢٧ «وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ مِنْ عَامَّةِ ٱلأَرْضِ سَهْواً بِعَمَلِهِ وَاحِدَةً مِنْ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمَ».

ع ٢ وعدد ١٥: ٢٧

إِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ مِنْ عَامَّةِ ٱلأَرْضِ هذا مثال رابع لذبيحة خطيئة السهو أو الجهل (ع ٢٧ – ٣٥) وهو خطيئة كل من أفراد الشعب سهواً كما جاء في المواضع الآتية (ص ٢٠: ٢ و٤ و٢ملوك ٩: ١٨ و١٦: ١٥).

وَأَثِمَ أي وعُرف أنه إثم (انظر ع ٢٢) واعترف بإثمه اختياراً.

٢٨ «ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ عَنْزاً مِنَ ٱلْمَعْزِ أُنْثَى صَحِيحَةً عَنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ».

ع ٢٣

أُعْلِمَ أي أعلمه غيره (انظر ع ٢٣).

عَنْزاً أي عنزة كبيرة طويلة الشعر بلا عيب وكانت أنثى المعز أرخص من الذكر ولذلك كانت موافقة لعامة الشعب (لأنهم فقراء غالباً).

٢٩ – ٣١ «٢٩ وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَيَذْبَحُ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ فِي مَوْضِعِ ٱلْمُحْرَقَةِ. ٣٠ وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِهَا بِإِصْبِعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ، وَيَصُبُّ سَائِرَ دَمِهَا إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ. ٣١ وَجَمِيعَ شَحْمِهَا يَنْزِعُهُ كَمَا نُزِعَ ٱلشَّحْمُ عَنْ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ، وَيُوقِدُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ رَائِحَةَ سُرُورٍ لِلرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ فَيُصْفَحُ عَنْهُ».

ع ٤ و٢٤ ص ٣: ١٤ و١٥ ص ٣: ٣ خروج ٢٩: ١٨ وص ١: ٩ ع ٢٦

يَضَعُ يَدَهُ أسلوب التقدمة هنا كأسلوب تقدمة الرئيس (ع ٢٤ – ٢٦). وعبارة «رائحة سرور للرب» ذُكرت مع إحراق الشحم ولم تُذكر مع تقدمة الكاهن الأعظم عن الخطيئة ولا مع تقدمة الجماعة عن ذلك ولا تقدمة الرئيس (ع ١٠ و١٩ و٢٦) لكنها ذُكرت مع تقدمة المحرقة (ص ١: ٩ و١٣) وذبائح السلامة (ص ٣: ٥ و١٦) وحسب أنها ذُكرت مع أرخص التقدمات بياناً لقبول الله إياها إذا قُدمت بتواضع وإخلاص كما يقبل القرابين.

٣٢ – ٣٤ «٣٢ وَإِنْ أَتَى بِقُرْبَانِهِ مِنَ ٱلضَّأْنِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، يَأْتِي بِهَا أُنْثَى صَحِيحَةً. ٣٣ وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَيَذْبَحُهَا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ ٱلْمُحْرَقَةَ. ٣٤ وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ بِإِصْبِعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ، وَيَصُبُّ سَائِرَ ٱلدَّمِ إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ».

ع ٢٨

مِنَ ٱلضَّأْنِ… أُنْثَى صَحِيحَةً أي إن كان لا يستطيع أن يقدم عنزاً فليقدم نعجة لأنها كانت أرخص من العنز. وأسلوب تقدمتها كأسلوب تقدمة العنز (انظر ع ٢٩ – ٣١) إلا أن هنالك فرقاً وهو إحراق الإلية (انظر ص ٣: ١٢).

٣٥ «وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ كَمَا يُنْزَعُ شَحْمُ ٱلضَّأْنِ عَنْ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ، وَيُوقِدُهُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ عَلَى وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ فَيُصْفَحُ عَنْهُ».

ص ٣: ٥ و٥: ١٢ ع ٢٦ و٣١

عَلَى وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ أي على نار المحرقات الدائمة فإنه كان تُقدم التقدمات كل صباح وتحرق على النار الدائمة التي لا تطفأ (انظر ص ٣: ٥ و٥: ١٢). ولحم تقدمة الخطية عن الرئيس وعن أفراد الجماعة ما كان يحرق خارج المحلة كلحم تقدمة الكاهن الأعظم ولحم تقدمة كل الجماعة بل كان من أجرة الكهنة وكانوا يأكلونه (ص ٦: ٢٦ – ٣٠). وما كان للخاطئ الذي يقدم ذبيحة الخطيئة أن يأكل من لحمها ولذلك لم يكن للكاهن أن يأكل من لحم التقدمة التي يقدمها عن خطيئته ولا من لحم تقدمة الخطية عن كل الجماعة لأنه واحد منها.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى