سفر الخروج

سفر الخروج | 21 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الخروج

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلْعِشْرُونَ

الشريعة المتعلقة بحقوق الإنسان

١ «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلأَحْكَامُ ٱلَّتِي تَضَعُ أَمَامَهُمْ».

ص ٢٤: ٤ و٤ وتثنية ٤: ١٤ و٦: ١

هٰذِهِ هِيَ ٱلأَحْكَامُ فسّر بعضهم الأحكام بالحقوق وفسّرها بعضهم بالشرائع وبعضهم بالقواعد التي تتعلق بالحقوق ومعناها التام مجموع هذه الأقوال.

٢ «إِذَا ٱشْتَرَيْتَ عَبْداً عِبْرَانِيّاً فَسِتَّ سِنِينَ يَخْدِمُ، وَفِي ٱلسَّابِعَةِ يَخْرُجُ حُرّاً مَجَّاناً».

لاويين ٢٥: ٣٩ إلى ٤١ وتثنية ١٥: ١٢ وإرميا ٣٤: ١٤

إِذَا ٱشْتَرَيْتَ عَبْداً عِبْرَانِيّاً كانت العبودية من مبادئ المجتمع البشري القديم. قال أرسطوطاليس غاية ما انتهت إليه مبادئ السياسة في البيت ما بين السيد ورفيقه والرجل وزوجته والوالد وأولاده. وكان العبيد صنفين وطنياً وأجنبياً. وكان العبراني يصير عبداً لثلاثة أسباب.

  1. أن يرتكب بعض الذنوب في بعض الأحوال (ص ٢٢: ٣).
  2. الدَّين إذا عجز عن إيفائه (لاويين ٢٥: ٣٩) لكنه لا يكون عبداً على رغمه سوى ست سنين (ع ٥).
  3. أن يبيعه أبوه لأنه كان للعبراني أن يبيع ولده (نحميا ٥: ٥). وكان العبد الأجنبي إما أسيراً وأما مشترىً (لاويين ٢٥: ٤٥).

فَسِتَّ سِنِينَ يَخْدِمُ ما كان للعبراني أن يستعبد عبرانياً أكثر من ست سنين وإن جاء اليوبيل قبل نهاية السنين الست حُرّر أيضاً قبل أن يتمها (لاويين ٢٥: ٣٩ – ٤١) إلا إذا شاء أن يبقى عبداً (ع ٥). وهذه الشريعة بقيت زماناً طويلاً ولم تُنسخ إلا منذ زمن ليس ببعيد. وهي ليست من الشريعة الأدبية الواجبة البقاء إنما مما تُرك لاختيار الناس على ما اقتضته الأحوال.

٣ «إِنْ دَخَلَ وَحْدَهُ فَوَحْدَهُ يَخْرُجُ. إِنْ كَانَ بَعْلَ ٱمْرَأَةٍ، تَخْرُجُ ٱمْرَأَتُهُ مَعَهُ».

تَخْرُجُ ٱمْرَأَتُهُ مَعَهُ كانت عبودية العبد المتزوج لا تلحق زوجته ولكنه كان له الحق أن يبقيها معه ولا ريب أنه كان له أن يُبقي أولاده معه مدة عبوديته.

٤ «إِنْ أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ ٱمْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ بَنِينَ أَوْ بَنَاتٍ، فَٱلْمَرْأَةُ وَأَوْلاَدُهَا يَكُونُونَ لِسَيِّدِهِ، وَهُوَ يَخْرُجُ وَحْدَهُ».

إِنْ أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ ٱمْرَأَةً كان للعبد العبراني العزب أن يتزوج أَمة وكان له أن يتحرر في نهاية المدة ولكن لم يكن لزوجته كذلك فتبقى هي ومن ولدت في العبودية.

٥ «وَلٰكِنْ إِنْ قَالَ ٱلْعَبْدُ: أُحِبُّ سَيِّدِي وَٱمْرَأَتِي وَأَوْلاَدِي. لاَ أَخْرُجُ حُرّاً».

تثنية ١٥: ١٧ و١٧

وَلٰكِنْ إِنْ قَالَ ٱلْعَبْدُ أُحِبُّ سَيِّدِي الخ كان كثيرون من العبيد عند العبرانيين يحبون سادتهم لرفقهم بهم وحنوهم عليهم ولكن العبيد في رومية كانوا يقاسون جهد البلاء والعذاب الذي لا يحتمل فكانوا يشكرون السادة أعظم الشكر لأقل الرحمة. فكان الفرق عظيماً بين عبيد العبرانيين وعبيد الرومانيين فإن العبد العبراني لم يكن يُستعبد مثل استعباد الرقيق بل كان كأجير ونزيل (لاويين ٢٥: ٣٩ و٤٠). وما كان لسيده أن يتسلط عليه بعنف (لاويين ٢٥: ٤٦). ولذلك غلب أن يحب العبد سيده ولا يريد أن يخرج من بيته ويود أن يبقى مع زوجته وأولاده مع إكرام سيده لهم.

٦ «يُقَدِّمُهُ سَيِّدُهُ إِلَى ٱللّٰهِ وَيُقَرِّبُهُ إِلَى ٱلْبَابِ أَوْ إِلَى ٱلْقَائِمَةِ، وَيَثْقُبُ سَيِّدُهُ أُذُنَهُ بِٱلْمِثْقَبِ، فَيَخْدِمُهُ إِلَى ٱلأَبَدِ».

ص ١٨: ١٩ و٢٢: ٨ و٩ وتثنية ١٧: ٨ إلى ١٣ و١٩: ١٧ و١٨ ١صموئيل ١: ٢٢

يُقَدِّمُهُ سَيِّدُهُ إِلَى ٱللّٰهِ الخ ترجم بعضهم هذا بقوله يقدمه إلى القضاة لأن الكلمة في العبرانية «هالوهيم» أي الآلهة وهم القضاة وذلك لكي يثبت أنه اختار العبودية من تلقاء نفسه. وكانت علامة ذلك أن تثقب أذنه بالمثقب عند الباب أو القائمة ولذلك صار ثقب الأذن كناية عن العبودية اختياراً (مزمور ٤٠: ٦). وقد جاء إلوهيم بمعنى القضاة في (ص ٢٢: ٨ و٩).

٧ «وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ٱبْنَتَهُ أَمَةً، لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ ٱلْعَبِيدُ».

نحميا ٥: ٥ ع ٢ و٣

وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ٱبْنَتَهُ أَمَةً كان للقدماء حق أن يبيعوا أولادهم وكان ذلك فاشياً بينهم على اختلاف أممهم على ما يُفهم من تاريخ هيرودوتس. وان لليهود كذلك ولكنه كان نادراً عندهم. ولم يأت ذلك سوى بعض فقرائهم البائسين (نحميا ٥: ٥). وكان للنساء المستعبدات أن يتحررن بعد ست سنين إذا شئن (تثنية ١٥: ١٧ انظر أيضاً خروج ٢١: ٨ و٩). وكان للمَبيعة إن لم تُعامل حسناً أن تترك مشتريها ولا يُرد له الثمن (ع ١١).

٨ «إِنْ قَبُحَتْ فِي عَيْنَيْ سَيِّدِهَا ٱلَّذِي خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ يَدَعُهَا تُفَكُّ. وَلَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يَبِيعَهَا لِقَوْمٍ أَجَانِبَ لِغَدْرِهِ بِهَا».

ٱلَّذِي خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ المعنى أن الرجل الذي لا تروق له من اشتراها يجب عليه ما يأتي.

يَدَعُهَا تُفَكُّ الخ أن تحرر منه بأن يشتريها غيره من العبرانيين وليس له أن يبيعها أجنبياً لأن أباها لا يريد أن يتزوجها غير عبراني.

٩ «وَإِنْ خَطَبَهَا لٱبْنِهِ فَبِحَسَبِ حَقِّ ٱلْبَنَاتِ يَفْعَلُ لَهَا».

أي أنه يزفها إلى ابنه كما تُزف غيرها من بنات العبرانيين.

١٠ «إِنِ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ أُخْرَى، لاَ يُنَقِّصُ طَعَامَهَا وَكِسْوَتَهَا وَمُعَاشَرَتَهَا».

١كورنثوس ٧: ٥

إِنِ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ أُخْرَى يُفهم من هذا أن الزواج بغير امرأة واحدة كان مباحاً للعبرانيين على أن شريعة موسى لم تمدح ذلك وإن لم تنه عنه لقساوة قلوبهم (متّى ١٩: ٨).

١١ «وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَهَا هٰذِهِ ٱلثَّلاَثَ تَخْرُجُ مَجَّاناً بِلاَ ثَمَنٍ».

هٰذِهِ ٱلثَّلاَثَ الأولى التصاقه بها. والثانية تزويجها ابنه. والثالثة نقلها إلى عبراني غيره.

١٢ «مَنْ ضَرَبَ إِنْسَاناً فَمَاتَ يُقْتَلُ قَتْلاً».

تكوين ٩: ٦ ولاويين ٢٤: ١٧ وعدد ٣٥: ٣٠ و٣١ وعبرانيين ٢٦: ٥٢

مَنْ ضَرَبَ إِنْسَاناً فَمَاتَ حُرم القتل في الوصية السادسة إجمالاً وجاء هنا بعض التفصيل فإن الوصية لا تُرهب حق الرهبة ما لم يُرتب عليها العقاب أو الجزاء. ولنا هذا أمران الأول إن جزاء القتل القتل أي قتل القاتل. والثاني إعداد ملجأ للقاتل بلا عمد. ومعاقبة القاتل بالقتل سُنت منذ عصر نوح (تكوين ٩: ٦). والعقل والضمير يدلان على أن تلك الشريعة ثبتت عند الناس من أقدم العصور. فشريعة الطور تثبيت للشرائع الحقة التي كان عليها الناس قبل الكتاب وفرض إجرائها فعلاً (١ملوك ٢: ٢٨ – ٣٤) حتى أنه أُوجب أن يُقتل القاتل ولو استجار بمذبح الله.

١٣ «وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي لَمْ يَتَعَمَّدْ، بَلْ أَوْقَعَ ٱللّٰهُ فِي يَدِهِ، فَأَنَا أَجْعَلُ لَكَ مَكَاناً يَهْرُبُ إِلَيْهِ».

عدد ٣٥: ٢٢ وتثنية ١٩: ٤ و٥ ١صموئيل ٢٤: ٤ و١٠ و١٨ عدد ٣٥: ١ وتثنية ١٩: ٣ ويشوع ٢٠: ٢ و٣

وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي لَمْ يَتَعَمَّدْ، بَلْ أَوْقَعَ ٱللّٰهُ فِي يَدِهِ أي الذي يقتل عن غير عمد ولا مقصد شر كأن الله يدفع إنساناً ليقتله بيده فيقتله بدون أن يتعهد ذلك.

فَأَنَا أَجْعَلُ لَكَ مَكَاناً يَهْرُبُ إِلَيْهِ فيبقى آمناً في ذلك المكان إلى أن تجري المحاكمة وتتبين براءته من تعمّد القتل. وكانت الشريعة في الشرق أن القاتل يُقتل تعمّد القتل أم لم يتعمّده فلم يعهد أنه كان ملجأ للقاتل قبل ذلك. فمدينة الملجإ لم تُعرف قبل الشريعة التي خاطب الله بها موسى على طور سيناء. وكان الذين ينظرون في أمر تعمّد القاتل وخطإه شيوخ بلدته فإذا وجدوه قد قتل خطأ حموه وإلا عوقب (عدد ٣٥: ٢٢ – ٢٥).

١٤ «وَإِذَا بَغَى إِنْسَانٌ عَلَى صَاحِبِهِ لِيَقْتُلَهُ بِغَدْرٍ فَمِنْ عِنْدِ مَذْبَحِي تَأْخُذُهُ لِلْمَوْتِ».

عدد ١٥: ٣٠ و٣٥: ٢٠ وتثنية ١٩: ١١ و١٢ وعبرانيين ١٠: ٢٦ ١ملوك ٢: ٢٨ إلى ٣٤ و٢ملوك ١١: ١٥

وَإِذَا بَغَى إِنْسَانٌ عَلَى صَاحِبِهِ أي ظلمه واعتدى عليه.

فَمِنْ عِنْدِ مَذْبَحِي تَأْخُذُهُ لِلْمَوْتِ (قابل هذا بما في ١ملوك ٢: ٢٨ – ٣٤). كان أكثر أهل العالم القديم يحظرون قتل الملتجئين إلى الأماكن المقدسة ويلعنون من يقتلهم بناء على ظنهم أنه لو كان معتدياً أو متعمداً للذنب ما لجأ إلى ذلك المكان. لكن الشريعة الموسوية حسبت ذلك من الخرافات. ورفضت أن يوقي القاتل في الأماكن المقدسة وأمرت بقتله إذا ثبت أنه قتل عمداً.

١٥ – ١٧ «١٥ وَمَنْ ضَرَبَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُقْتَلُ قَتْلاً. ١٦ وَمَنْ سَرِقَ إِنْسَاناً وَبَاعَهُ، أَوْ وُجِدَ فِي يَدِهِ، يُقْتَلُ قَتْلاً. ١٧ وَمَنْ شَتَمَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُقْتَلُ قَتْلاً».

تثنية ٢٤: ٧ و١تيموثاوس ١: ١٠ تكوين ٣٧: ٢٨ ص ٢٢: ٤ لاويين ٢٠: ٩ وأمثال ٢٠: ٢٠ ومتّى ١٥: ٤ ومرقس ٧: ١٠

كان القتل ثلاثة ذنوب (١) ضرب الأب أو الأم. (٢) سرقة الإنسان. و(٣) لعن الإنسان إحدى والديه. وفرض الله قتل مرتكب أحد هذه الذنوب دليل قاطع على شدة كرهه تعالى إياها. فإن الوالدين نائبا الله فضارب أحد الوالدين يعد معتدياً على الله سبحانه. ولعنة أحدهما استهانة بالله وإذ كانت اللعنة تُطلب من الله كان لاعن والديه طالباً من الله أن يلعن نائبه. وسابي الناس يقرب من القاتل لأنه يسلب من الإنسان حريته التي تتوقف عليها لذته بالحياة فكأنه بسبيه إياه وبيعه عبداً أو استعباده إياه لنفسه سلب حياته. وكثيرون من الناس يفضلون الموت على العبودية لأن عاقبتها عيش الشقاء إلى نهاية الحياة. وتاريخ يوسف ابن يعقوب يبين لنا كيف كان يسهل على الناس أن يجعلوا الحر عبداً ويفصلوه عن أهله وأقربائه وأصحابه ويجعلونه غريباً ذليلاً محتقراً بين الغرباء (تكوين ٣٧: ٢٥ – ٢٨) وكان الناس في الأزمنة القديمة يقيمون سوقاً للرقيق فكان ما أتت به الشريعة الموسوية حينئذ من خير ما يضطر إليه الناس يومئذ.

١٨، ١٩ «١٨ وَإِذَا تَخَاصَمَ رَجُلاَنِ فَضَرَبَ أَحَدُهُمَا ٱلآخَرَ بِحَجَرٍ أَوْ بِلَكْمَةٍ وَلَمْ يُقْتَلْ بَلْ سَقَطَ فِي ٱلْفِرَاشِ، ١٩ فَإِنْ قَامَ وَتَمَشَّى خَارِجاً عَلَى عُكَّازِهِ يَكُونُ ٱلضَّارِبُ بَرِيئاً. إِلاَّ أَنَّهُ يُعَوِّضُ عُطْلَتَهُ، وَيُنْفِقُ عَلَى شِفَائِهِ».

٢صموئيل ٣: ٢٩

بِحَجَرٍ أَوْ بِلَكْمَةٍ (إذ قاصد القتل لا يكتفي بضرب الحجر أو اللكمة إنما يضرب بما يقتل قطعاً).

فَإِنْ قَامَ وَتَمَشَّى خَارِجاً عَلَى عُكَّازِهِ ما كان يثبت القتل بمجرد الضرب ولو كان المقصود منه القتل فإذا قام المضروب من فراشه ولو زماناً قليلاً واستعان بعكازه سقط جرم القتل ولو مات على أثر ما ينتج منه فما كان على الضارب إلا أن يؤدي التعويض والنفقة على العلاج.

٢٠ «وَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِٱلْعَصَا فَمَاتَ تَحْتَ يَدِهِ يُنْتَقَمُ مِنْهُ».

تكوين ٤: ١٥ و٢٤ ورومية ١٣: ٤

وَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ عَبْدَهُ إن الشريعة الموسوية لم تقف عند مجازاة القتل للأحرار كغيرها من الشرائع الكثيرة بل صرحت بعقاب قتل العبد أيضاً. فإنه في كثير من بلاد الشرق والغرب كان يُحسب العبد لسيده مطلباً حتى كان له أن يتصرف به كما يشاء. ولم نعلم أن سئل عن حياة العبد في العصور السالفة إلا في الشريعة الموسوية. ولم نعلم تمام العلم ماذا كان قصاص قاتل العبد ولكن جاء في التلمود أنه كان قتل السيد القاتل. وجاء في أقوال المحدثين من اليهود أنه كان يؤدي الديّة. وعل كل حال القتل محظوراً والقصاص معيناً لكل ضرر يلحق بالعبد من سيده (ع ٢٦ و٢٧).

بِٱلْعَصَا آلة القصاص غالباً لكن قد تضر ضرراً شديداً إذا كان الضرب شديداً.

٢١ «لٰكِنْ إِنْ بَقِيَ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ لاَ يُنْتَقَمُ مِنْهُ لأَنَّهُ مَالُهُ».

لاويين ٢٥: ٤٥ و٤٦

إِنْ بَقِيَ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ لاَ يُنْتَقَمُ مِنْهُ (قابل بهذا ع ١٩) والغرض من ذلك إن الموت إذا لم يكن على أثر الضرب كان ذلك مما يدل على أن الضارب لم يقصد القتل ولا سيما إذا كان المضروب العبد لأن قتله خسارة لسيده.

٢٢ «وَإِذَا تَخَاصَمَ رِجَالٌ وَصَدَمُوا ٱمْرَأَةً حُبْلَى فَسَقَطَ وَلَدُهَا وَلَمْ تَحْصُلْ أَذِيَّةٌ، يُغَرَّمُ كَمَا يَضَعُ عَلَيْهِ زَوْجُ ٱلْمَرْأَةِ، وَيَدْفَعُ عَنْ يَدِ ٱلْقُضَاةِ».

ع ٣٠ وتثنية ٢٢: ١٩

في هذه الآية دليل على اعتبار أن المرأة كالرجل في الحقوق وأنه يُطالب بإضرارها كما يُطالب بإضرار الرجل على خلاف كثير من الشرائع في العصور الخالية. فقاتل المرأة من الرجال يُقتل لأنه في الشريعة الموسوية ما في ما قبلها من شرائع شعب الله الحياة بالحياة.

وَإِذَا تَخَاصَمَ رِجَالٌ وَصَدَمُوا ٱمْرَأَةً حُبْلَى العقل يدل على أن هذه الشريعة كانت مراعاة قبل شريعة موسى. ويرجح وقوع هذا الصدم إذا كان رجل المرأة أحد المتخاصمين فإنها تقرب منهم رغبة في أن تقي زوجها.

وَلَمْ تَحْصُلْ أَذِيَّةٌ فوق أذيّة إسقاط الولد.

٢٣ – ٢٥ «٢٣ وَإِنْ حَصَلَتْ أَذِيَّةٌ تُعْطِي نَفْساً بِنَفْسٍ، ٢٤ وَعَيْناً بِعَيْنٍ، وَسِنّاً بِسِنٍّ، وَيَداً بِيَدٍ، وَرِجْلاً بِرِجْلٍ، ٢٥ وَكَيّاً بِكَيٍّ، وَجُرْحاً بِجُرْحٍ، وَرَضّاً بِرَضٍّ».

لاويين ٢٤: ٢٠ وتثنية ١٩: ٢١ ومتّى ٥: ٣٨

نَفْساً بِنَفْسٍ وهذه الشريعة يحكم بمقتضى العقل أنها روعيت قبل شريعة موسى والنص دل على أنها كانت تُراعى في شعب الله قبل أن يخلق موسى. وكانت شائعة بين أمم الأرض وعُرف أنها كانت في الهند ومصر وبلاد اليونان. قال أرسطوطاليس إن أصحاب فلسفة فيثاغورس استحسنوها. وحكم عقلاء الناس على اختلاف صنوفهم بأنها من سنن العدل والحق وخلاصتها العين بالعين الخ أي الجزاء من جنس العمل وقد يعدل عن ذلك إلى الدية. وكان ما في هذه الآية بين شعب اليهود أنفسهم ثم عمّ (انظر لاويين ٢٤: ١٧ – ٢١ وتثنية ١٩: ٢١).

٢٦، ٢٧ «٢٦ وَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ عَيْنَ عَبْدِهِ أَوْ عَيْنَ أَمَتِهِ فَأَتْلَفَهَا، يُطْلِقُهُ حُرّاً عِوَضاً عَنْ عَيْنِهِ. ٢٧ وَإِنْ أَسْقَطَ سِنَّ عَبْدِهِ أَوْ سِنَّ أَمَتِهِ يُطْلِقُهُ حُرّاً عِوَضاً عَنْ سِنِّهِ».

وَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ عَيْنَ عَبْدِهِ الخ هنا استثناء في الشريعة النسبية وهو إن كان الضار حراً والمضرور عبداً كان ذلك مما يحتمل على تغيير نسبة الجزاء لكن لا يترك العبد بلا واق. فإن الشريعة الموسوية كما جعلت وقاية لحياته جعلت وقاية لسائر أعضائه. فكان جزاء السيد إذا أضر ببعض أعضاء العبد أن يحرر ذلك العبد حالاً. فكان يحرر عبده لإتلافه عينه أو سنه وإن كان الضرر الأول أعظم من الضرر الثاني.

٢٨ «وَإِذَا نَطَحَ ثَوْرٌ رَجُلاً أَوِ ٱمْرَأَةً فَمَاتَ، يُرْجَمُ ٱلثَّوْرُ وَلاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ. وَأَمَّا صَاحِبُ ٱلثَّوْرِ فَيَكُونُ بَرِيئاً».

تكوين ٩: ٥

يُرْجَمُ ٱلثَّوْرُ كان الضرر للإنسان إما من إنسان وإما من بهيمة فكان العدل يقتضي وقايته من ضرر الاثنين. وهذه الشريعة أُعلنت لنوح (تكوين ٩: ٥) وكررت هنا مع شيء من الإيضاح والتفصيل. فإذا كان الإنسان الذي له البهيمة عارفاً بأمرها كان يُعاقب أيضاً معها (ع ٢٩). وإن كان جاهلاً ذلك اكتفى بتأدية العوض (ع ٢٩). وكان عوض العبد ثمنه وهو ثلاثون شاقلاً من الفضة (لاويين ٢٥: ٤٤ – ٤٦ و٢٧: ٣). وكان الثور يُرجم أي يُرمى بالحجارة إلى أن يُقتل.

وَلاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لأنه إذا قُتل رجماً لا يُسفك دمه بالطريق المعتادة فيكون نجساً عند العبرانيين. وعلى ما قال الربانيون لم يكن مباحاً لهم أن يبيعوه للأمم بل كان عليهم أن يدفنوه. وهذا يدل على أن القاتل على اختلاف جنسه ملعون.

٢٩ «وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ ثَوْراً نَطَّاحاً مِنْ قَبْلُ، وَقَدْ أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يَضْبِطْهُ فَقَتَلَ رَجُلاً أَوِ ٱمْرَأَةً، فَٱلثَّوْرُ يُرْجَمُ وَصَاحِبُهُ أَيْضاً يُقْتَلُ».

وَصَاحِبُهُ أَيْضاً يُقْتَلُ هذا يدل على أنه كان لوكلاء القتيل أو المطالبين بدمه أن يجبروا الحكام على أن يأخذوا النفس بالنفس لكن يرجّح أنهم في أكثر الأحوال كانوا يكتفون بالدّية.

٣٠، ٣١ «٣٠ إِنْ وُضِعَتْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ يَدْفَعُ فِدَاءَ نَفْسِهِ كُلُّ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ. ٣١ أَوْ إِذَا نَطَحَ ٱبْناً أَوْ نَطَحَ ٱبْنَةً فَبِحَسَبِ هٰذَا ٱلْحُكْمِ يُفْعَلُ بِهِ».

ع ٢٢ وعدد ٣٥: ٣١

كُلُّ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الخ كان الذي يضع عليه الجزاء في أول الأمر حُزانة القتيل أي أهله أو عياله الذين يحزنون لضره أو موته. فإذا كان ما يضعونه فوق الطاقة رُفع الأمر إلى القضاة فعيّنوا الفدية المحتملة.

٣٢ «إِنْ نَطَحَ ٱلثَّوْرُ عَبْداً أَوْ أَمَةً، يُعْطِي سَيِّدَهُ ثَلاَثِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ، وَٱلثَّوْرُ يُرْجَمُ».

لاويين ٢٧: ٣ إلى ٧ وزكريا ١١: ١٢ و١٣ ومتّى ٢٦: ١٥ وفيلبي ٢: ٧ ع ٢٨

معنى هذه الآية أن صاحب الثور القاتل يؤدي سيد العبد المقتول ثمنه ويخسر ثوره.

شريعة المقتنيات ع ٣٣ إلى ٣٦

هذه الشريعة تتعلق بأمرين:

  1. ترك الإنسان حفرته غير مغطاة بما يقي من السقوط فيها.
  2. إضرار أحد بهائم الإنسان ببهائم قريبه مع الجزاء على كل من الأمرين.

٣٣ «وَإِذَا فَتَحَ إِنْسَانٌ بِئْراً أَوْ حَفَرَ إِنْسَانٌ بِئْراً وَلَمْ يُغَطِّهِ، فَوَقَعَ فِيهِ ثَوْرٌ أَوْ حِمَارٌ».

بِئْراً الآبار في الشرق لها أغطية تقي من السقوط فلا تُرفع عنها إلا وقت الاستقاء فكان أنه إذا أبقى أحد البئر مكشوفة سُئل بكل ما يحدث من الضرر بذلك. وكان حفر البئر وتركها مكشوفة ذنباً كذلك فالجزاء على كل منهما واحد.

٣٤ «فَصَاحِبُ ٱلْبِئْرِ يُعَوِّضُ وَيَرُدُّ فِضَّةً لِصَاحِبِهِ، وَٱلْمَيِّتُ يَكُونُ لَهُ».

وَٱلْمَيِّتُ يَكُونُ لَهُ أي له بعد أن يؤدي الجزاء أن يتصرف بالثور أو الحمار الميت كما يشاء.

٣٥، ٣٦ «٣٥ وَإِذَا نَطَحَ ثَوْرُ إِنْسَانٍ ثَوْرَ صَاحِبِهِ فَمَاتَ، يَبِيعَانِ ٱلثَّوْرَ ٱلْحَيَّ وَيَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ. وَٱلْمَيِّتُ أَيْضاً يَقْتَسِمَانِهِ. ٣٦ لٰكِنْ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ ثَوْرٌ نَطَّاحٌ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَضْبِطْهُ صَاحِبُهُ، يُعَوِّضُ عَنِ ٱلثَّوْرِ بِثَوْرٍ وَٱلْمَيِّتُ يَكُونُ لَهُ».

وَإِذَا نَطَحَ ثَوْرُ إِنْسَانٍ ثَوْرَ صَاحِبِهِ إذا لم يكن من لوم على صاحب الثور الناطح كانت الخسارة متساوية. وإذا كان صاحب الناطح عارفاً بأن ثوره من عادته ذلك كانت الخسارة كلها عليه.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى