سفر الخروج

سفر الخروج | 18 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الخروج

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ عَشَرَ

زيارة يثرون

١ « فَسَمِعَ يَثْرُونُ كَاهِنُ مِدْيَانَ، حَمُو مُوسَى، كُلَّ مَا صَنَعَ ٱللّٰهُ إِلَى مُوسَى وَإِلَى إِسْرَائِيلَ شَعْبِهِ: أَنَّ ٱلرَّبَّ أَخْرَجَ إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ».

ص ٢: ١٦ و٣: ١ مزمور ٤٤: ١ و٧٧: ١٤ و١٥ و٧٨: ٤ و١٠٥: ٥ و٤٣ و١٠٦: ٢ و٨

يَثْرُونُ كَاهِنُ مِدْيَانَ، حَمُو مُوسَى ذُكرت علاقة يثرون بموسى في تفسير (ص ٣: ١) وكهنوت رعوئيل الذي ورثه عن يثرون في تفسير (ص ٢: ١٦).

أَنَّ ٱلرَّبَّ أَخْرَجَ إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ سمع يثرون هذا النبأ فكان علة مسيره إلى موسى.

٢ «فَأَخَذَ يَثْرُونُ حَمُو مُوسَى صَفُّورَةَ ٱمْرَأَةَ مُوسَى بَعْدَ صَرْفِهَا».

ص ٤: ٢٦

بَعْدَ صَرْفِهَا لم يُذكر نبأ صرفها قبلاً ولكنه مما يناسب القصة ومما تقتضيه فإن صفورة لم تُذكر من الأصحاح الرابع إلى هنا (ص ٤: ٢٦). فإن موسى كان قد أرسل صفورة إلى أهلها إما لغيظه منها مما ذُكر في (ص ٤: ٢٤ – ٢٦) وإما لأنه رأى أنه بأخذه إياها مع الأولاد يعرضها لخطر عظيم من الأخطار التي كانت عليه في مصر. وكان مبتهجاً حينئذ برجوع امرأته وأولاده إليه.

٣ «وَٱبْنَيْهَا، ٱللَّذَيْنِ ٱسْمُ أَحَدِهِمَا جَرْشُومُ (لأَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ نَزِيلاً فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ)».

ص ٤: ٢٠ وأعمال ٧: ٢٩ ص ٢: ٢٢

جَرْشُومُ (انظر تفسير ص ٢: ٢٢).

٤ «وَٱسْمُ ٱلآخَرِ أَلِيعَازَرُ (لأَنَّهُ قَالَ: إِلٰهُ أَبِي كَانَ عَوْنِي وَأَنْقَذَنِي مِنْ سَيْفِ فِرْعَوْنَ)».

أَلِيعَازَرُ المظنون أنه هو الولد الذي ختنته صفورة في البرية (ص ٤: ٢٥). وكان قد كبر وصار له ابناً سماه رحبيا (١أيام ٢٣: ١٧). وكان نسله كثيراً في أيام داود (١أيام ٢٣: ١٧ و٢٦: ٢٥ و٢٦). ولم يتحقق أن موسى سماه بذلك قبل انطلاقه عنه إشارة إلى أنه نجا من فرعون الذي كان يبتغي قتله (ص ٢: ١٥) أو بعد مشاهدته إياه لأن الله خلصه في البحر الأحمر من جيش المصريين الذي أغرقهم الله فيه.

٥ «وَأَتَى يَثْرُونُ حَمُو مُوسَى وَٱبْنَاهُ وَٱمْرَأَتُهُ إِلَى مُوسَى إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ حَيْثُ كَانَ نَازِلاً عِنْدَ جَبَلِ ٱللّٰهِ».

ص ٣: ١ و١٢

حَيْثُ كَانَ نَازِلاً عِنْدَ جَبَلِ ٱللّٰهِ لا يبعد أن يكون المقصود بجبل الله هنا كل أرض سيناء الجبلية أي سلسلة جبال سينا كما كان المقصود بالبرية كل القفر بين مصر وفلسطين. ولعل ما ذُكر في (ص ١٨: ١ و٢) كان قبل وصول يثرون وإن ذُكر بعد وصوله. ويجب هنا ان نذكر ترجيح أن سفر التكوين كتبه موسى قطعاً متفرقة ثم رتبه. والمرجّح أن هذا الأصحاح كُتب على حدته.

٦ «فَقَالَ لِمُوسَى: أَنَا حَمُوكَ يَثْرُونُ، آتٍ إِلَيْكَ وَٱمْرَأَتُكَ وَٱبْنَاهَا مَعَهَا».

فَقَالَ لِمُوسَى الخ (الظاهر أنه أرسل إليه هذا الكلام مع رسول بدليل ما في الآية التالية).

٧ «فَخَرَجَ مُوسَى لٱسْتِقْبَالِ حَمِيهِ وَسَجَدَ وَقَبَّلَهُ. وَسَأَلَ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ عَنْ سَلاَمَتِهِ. ثُمَّ دَخَلاَ إِلَى ٱلْخَيْمَةِ».

تكوين ١٤: ١٧ و١٨: ٢ و١٩: ١ و١ملوك ٢: ١٩ تكوين ٢٩: ١٣ و٣٣: ٤ تكوين ٤٣: ٢٧ و٢صموئيل ١١: ٧

فَخَرَجَ مُوسَى… وَسَجَدَ بمقتضى العادة التي هي دليل على الإكرام (تكوين ١٨: ٢ و١٩: ١ الخ) وكان ذلك فعلاً اختيارياً يشير إلى الإنسانية وكرم الأخلاق. ودل هنا على لطف موسى وتواضعه فإنه مع كونه أمير أمة كبيرة خرج للقاء حميه وسجد له.

وَقَبَّلَهُ كعادة بلادنا التي لم تزل جارية. وكان الفُرس يأتون مثل ذلك. قال هيرودوتس «إذا التقى اثنان من الفُرس في الطريق وأردت أن تعرف أنهما من رتبة واحدة دلك على ذلك أن كلا منهما يقبّل شفتي الآخر. وإن كان أحدهما دون الآخر دلّك على ذلك أن كلاً منهما يقبّل خد الآخر» (قابل هذا بما في ٢صموئيل ١٥: ٥ و١٩: ٣٩ ومتّى ٢٦: ٤٨ و٤٩ وأعمال ٢٠: ٣٧ الخ).

٨، ٩ «٨ فَقَصَّ مُوسَى عَلَى حَمِيهِ كُلَّ مَا صَنَعَ ٱلرَّبُّ بِفِرْعَوْنَ وَٱلْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَجْلِ إِسْرَائِيلَ، وَكُلَّ ٱلْمَشَقَّةِ ٱلَّتِي أَصَابَتْهُمْ فِي ٱلطَّرِيقِ فَخَلَّصَهُمُ ٱلرَّبُّ. ٩ فَفَرِحَ يَثْرُونُ بِجَمِيعِ ٱلْخَيْرِ ٱلَّذِي صَنَعَهُ إِلَى إِسْرَائِيلَ ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِي ٱلْمِصْرِيِّينَ».

تكوين ٤٤: ٣٤ وعدد ٢٠: ١٤ مزمور ٧٨: ٤٢ و٨١: ٧ و١٠٦: ١٠

الظاهر أن يثرون سأله عما سمع ليعرف القصة بكمالها (انظر تفسير ع ١ و٢) فذكر له موسى الأمر كله فابتهج بسلامته وسلامة شعبه وعناية الله ومراحمه.

١٠، ١١ «١٠ وَقَالَ يَثْرُونُ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي أَنْقَذَكُمْ مِنْ أَيْدِي ٱلْمِصْرِيِّينَ وَمِنْ يَدِ فِرْعَوْنَ. اَلَّذِي أَنْقَذَ ٱلشَّعْبَ مِنْ تَحْتِ أَيْدِي ٱلْمِصْرِيِّينَ. ١١ ٱلآنَ عَلِمْتُ أَنَّ ٱلرَّبَّ أَعْظَمُ مِنْ جَمِيعِ ٱلآلِهَةِ، لأَنَّهُ فِي ٱلشَّيْءِ ٱلَّذِي بَغَوْا بِهِ كَانَ عَلَيْهِمْ».

تكوين ١٤: ٢٠ و٢صموئيل ١٨: ٢٨ ولوقا ١: ٦٨ و٢أيام ٢: ٥ ومزمور ٩٥: ٣ و٩٧: ٩ و١٣٥: ٥ ص ١: ١٠ و١٦ و٢٢ و٥: ٧ و١٤: ٨ ص ٥: ٢ ونحميا ٩: ١٠ وإرميا ٥٠: ٢٩

مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ وفي العبرانية «مبارك يهوه» كان المديانيون نسل إبراهيم من قطورة فكانوا من المؤمنين بالله ومن عبدته وكان يجوز للإسرائيليين أن يعبدوا الرب معهم لكن ندر أن يعرف المديانيون الله باسمه يهوه. ويثرون لا شك في أنه سمع موسى في قصة النبأ عليه ينسب العناية والقدرة والخلاص إلى يهوه ويرفعه فوق كل الآلهة. فإن كثيرين من الأمم يومئذ كانوا يؤمنون بآلهة كثيرة ويعتقدون أنها أرواح قادرة (انظر تثنية ٣٢: ١٦ و١٧).

١٢ «فَأَخَذَ يَثْرُونُ حَمُو مُوسَى مُحْرَقَةً وَذَبَائِحَ لِلّٰهِ. وَجَاءَ هَارُونُ وَجَمِيعُ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ لِيَأْكُلُوا طَعَاماً مَعَ حَمِي مُوسَى أَمَامَ ٱللّٰهِ».

تثنية ١٢: ٧ و١أيام ٢٩: ٢٢ و١كورنثوس ١٠: ٣١

فَأَخَذَ يَثْرُونُ… مُحْرَقَةً وَذَبَائِحَ لِلّٰهِ كانت هذه الذبائح من البهائم التي أتى بها يثرون وقدّمها حينئذ شكراً لله بمنزلة ملكي صادق (تكوين ١٤: ١٨). أي كان كاهناً من رتبة الكهنة الأقدمين. والمرجح أنه كان أباً روحياً لقبيلته ورث الكهنوت بحق البكورية. وكما اعترف إبراهيم بكهنوت ملكي صادق (تكوين ١٤: ١٨) اعترف موسى وهارون بكهنوت يثرون. فأكل موسى وهارون وشيوخ إسرائيل طعاماً معه أمام الله علامة أنهم سلموا بكهنوته.

١٣ «وَحَدَثَ فِي ٱلْغَدِ أَنَّ مُوسَى جَلَسَ لِيَقْضِيَ لِلشَّعْبِ. فَوَقَفَ ٱلشَّعْبُ عِنْدَ مُوسَى مِنَ ٱلصَّبَاحِ إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

ٱلْغَدِ أي اليوم الثاني لوصول يثرون إلى موسى.

مُوسَى جَلَسَ لِيَقْضِيَ لِلشَّعْبِ كان الرؤساء أو الأمراء في تلك الأزمنة قضاة الشعب كما كان رؤساء إسرائيل من يشوع إلى صموئيل. وكان من هو أهل للقضاء يُعد عظيماً جداً ويقرب مقامه من مقام الملك كما أوضح هيرودوتس المؤرخ. والظاهر أن موسى تولى القضاء منذ صار رئيس أمته يسمع كل الدعاوي ويقف على الأسباب ويحكم يمقتضى العدل. ولا أحد غيره يقطع بشيء من الأحكام. ولعله كان يرى من الواجب أن لا يكل أمر القضاء إلى غيره أو إنه لم ير في الشعب من هو أهل له. وإذ كان القضاء لا بد منه لمصلحة الأمة لم يسمح بتركه ولو كان عنده ضيوف ولهذا زاوله ويثرون ضيفه كأنه لم يكن ضيفاً.

َفَوَقَفَ ٱلشَّعْبُ عِنْدَ مُوسَى مِنَ ٱلصَّبَاحِ إِلَى ٱلْمَسَاءِ فإن الشكايات كانت كثيرة وكان القاضي واحداً. وربما كان كثيراً منها مما يحتاج إلى نظر وإمعان لحل مشاكلها فتشغل وقناً طويلاً. وكان يجلس للقضاء باكراً كعادة الشرقيين ويرى من الضرورة أن يبقى إلى المساء. ولم يتبين ما كانت تلك الشكايات حينئذ. ورأى بعضهم أن رجال إسرائيل اختلفوا يومئذ في قسمة ما غنموه من عماليق.

١٤ «فَلَمَّا رَأَى حَمُو مُوسَى كُلَّ مَا هُوَ صَانِعٌ لِلشَّعْبِ، قَالَ: مَا هٰذَا ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي أَنْتَ صَانِعٌ لِلشَّعْبِ؟ مَا بَالُكَ جَالِساً وَحْدَكَ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَاقِفٌ عِنْدَكَ مِنَ ٱلصَّبَاحِ إِلَى ٱلْمَسَاءِ؟».

مَا بَالُكَ جَالِساً وَحْدَكَ أي لماذا لا تتخذ مساعدين لك على القضاء.

١٥، ١٦ «١٥ فَقَالَ مُوسَى لِحَمِيهِ: إِنَّ ٱلشَّعْبَ يَأْتِي إِلَيَّ لِيَسْأَلَ ٱللّٰهَ. ١٦ إِذَا كَانَ لَهُمْ دَعْوَى يَأْتُونَ إِلَيَّ فَأَقْضِي بَيْنَ ٱلرَّجُلِ وَصَاحِبِهِ، وَأُعَرِّفُهُمْ فَرَائِضَ ٱللّٰهِ وَشَرَائِعَهُ».

لاويين ٢٤: ١٢ وعدد ١٥: ٣٤ ص ٢٤: ١٤ وتثنية ١٧: ٨ و١كورنثوس ٦: ١ لاويين ٢٤: ١٥ وعدد ١٥: ٣٥ و٢٧: ٦ إلى ١١ و٣٦: ٦ إلى ٩ وتثنية ٥: ٥

أبان موسى في هاتين الآيتين علتين لاشتغاله مع الشعب (١) إن الشعب كان يريد قاضياً مُلهماً أو إلهياً مقدساً يأتون إليه ليسألوا الله لأنهم لم يعتقدوا أن من كان دون ذلك يصلح للقضاء (٢) إنه لم يكن مقتصراً على الحكم بل كان يتخذ النظر في الدعاوي وسيلة إلى الوعظ والإنذار والتهذيب والتعليم فكان يؤيد الأدبيات بواسطة السياسيات. وكان الأمران كلاهما من الأمور ذات الشأن ومن أحسن البراهين القاطعة على ضرورية عمله.

١٧، ١٨ «فَقَالَ حَمُو مُوسَى لَهُ: لَيْسَ جَيِّداً ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي أَنْتَ صَانِعٌ. ١٨ إِنَّكَ تَكِلُّ أَنْتَ وَهٰذَا ٱلشَّعْبُ ٱلَّذِي مَعَكَ جَمِيعاً، لأَنَّ ٱلأَمْرَ أَعْظَمُ مِنْكَ. لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصْنَعَهُ وَحْدَكَ».

عدد ١: ١٤ و١٧ وتثنية ١: ٩ و١٢

لَيْسَ جَيِّداً لم يقنع البرهان يثرون مع ما فيه من القوة فإنه أقام من البراهين ما يبطله. وخلاصة حجج يثرون أمران:

الأول: إن موسى باستمراره على ما هو عليه ينهك قوته.

والثاني: أنه يفني صبر الشعب بالعاقة لأنه لا يقدر أن ينجز كل الأقضية إلا بأن يشغل زماناً طويلاً فكان عمله ما يؤدي إلى إضرارا نفسه وإضرار شعبه.

١٩، ٢٠ «١٩ اَلآنَ ٱسْمَعْ لِصَوْتِي فَأَنْصَحَكَ. فَلْيَكُنِ ٱللّٰهُ مَعَكَ. كُنْ أَنْتَ لِلشَّعْبِ أَمَامَ ٱللّٰهِ، وَقَدِّمْ أَنْتَ ٱلدَّعَاوِيَ إِلَى ٱللّٰهِ، ٢٠ وَعَلِّمْهُمُ ٱلْفَرَائِضَ وَٱلشَّرَائِعَ وَعَرِّفْهُمُ ٱلطَّرِيقَ ٱلَّذِي يَسْلُكُونَهُ وَٱلْعَمَلَ ٱلَّذِي يَعْمَلُونَهُ».

ص ٣: ١٢ ص ٤: ١٦ و٢٠: ١٩ وتثنية ٥: ٥ ص ٤: ١٦ ص ٢١: ٦ و٢٢: ٨ و٩ ولاويين ٢٤: ١٢ و١٣ وعدد ١٥: ٣٤ و٣٥ و٢٧: ٥ وتثنية ١٧: ٨ إلى ١٣ تثنية ٤: ١ و٥ و٥: ١ و٦: ١ و٢ و٧: ١١ مزمور ١٤٣: ٨ تثنية ١: ١٨

فَلْيَكُنِ ٱللّٰهُ مَعَكَ أي وهب الله لك حكمة تتمكن بها من أحكام أعمالك على خير سنن.

كُنْ أَنْتَ لِلشَّعْبِ أَمَامَ ٱللّٰهِ أي كن نائباً عن الشعب أمام الله ونائباً عن الله أمام الشعب. ارفع المشاكل إليه تعالى وبلغ الشعب أحكامه. ومع ذلك أنبهم بشريعة الله وفرائضه. فكن لهم معلماً أدبياً ومرشداً لهم في أعمالهم (ع ٢٠) وكل ذلك ميسور لك بالترتيب الذي أدلك عليه.

٢١ «وَأَنْتَ تَنْظُرُ مِنْ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ ذَوِي قُدْرَةٍ خَائِفِينَ ٱللّٰهَ أُمَنَاءَ مُبْغِضِينَ ٱلرَّشْوَةَ، وَتُقِيمُهُمْ عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ».

تكوين ٤٧: ٦ وع ٢٥ تكوين ٤٢: ١٨ و٢صموئيل ٢٣: ٣ و٢أيام ١٩: ٩ حزقيال ١٨: ٨ تثنية ١٦: ١٩ تثنية ١: ١٥ و١٦ و١٦: ١٨ و٢أيام ١٩: ٥ إلى ١٠ وأعمال ٦: ٣

تَنْظُرُ مِنْ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ ذَوِي قُدْرَةٍ هذا لباب نصيحة يثرون. وتعريف يثرون للرجال الذين هم أهل للقضاء بذوي القدرة الخ من أحسن التعارف فإنه يتضمن ثلاثة أمور (١) أن يكون القاضي خائف الله. (٢) أن يكون أميناً. (٣) أن يكون مستقيماً يكره الرشوة أي البرطيل.

رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ فالقسمة عشرية. ولا يبعد أن موسى كان قد قسم الشعب هذه القسمة من أول زمان ذهابهم من مصر (ولكن لغير القضاء) في الحل والارتحال (انظر تفسير ص ١٣: ١٨). ورآها يثرون مناسبة للقضاء. فإن واحداً من عشرة قادر على القضاء في الدعاوي الزهيدة. فإن لم يُرض حكمه تُرفع الدعوى إلى رئيس خمسين فإن واحداً من الخمسين يرجّح أنه أحسن قضاء من واحد من عشرة. وإن لم يُرض حكم هذا تُرفع الدعوى إلى رئيس المئة وإن لم يُرض حكم هذا تُرفع إلى رئيس الألف وهناك يبت الحكم وينتهي الاستئناف.

٢٢ «فَيَقْضُونَ لِلشَّعْبِ كُلَّ حِينٍ. وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ ٱلدَّعَاوِي ٱلْكَبِيرَةِ يَجِيئُونَ بِهَا إِلَيْكَ. وَكُلَّ ٱلدَّعَاوِي ٱلصَّغِيرَةِ يَقْضُونَ هُمْ فِيهَا. وَخَفِّفْ عَنْ نَفْسِكَ، فَهُمْ يَحْمِلُونَ مَعَكَ».

ع ٢٦ ولاويين ٢٤: ١١ وعدد ١٥: ٣٣ و٢٧: ٢ و٣٦: ١ وتثنية ١: ١٧ و١٧: ٨ عدد ١١: ١٧

فَيَقْضُونَ لِلشَّعْبِ كُلَّ حِينٍ لا في الأوقات المعيّنة للقضاء كما كان يفعل موسى بل في كل يوم.

كُلَّ ٱلدَّعَاوِي ٱلْكَبِيرَةِ يَجِيئُونَ بِهَا إِلَيْكَ يجب أن يترك الحكم للقضاة في الدعاوي الكبيرة والدعاوي الصغيرة. لكن في بعض الأحوال يميل أعضاء الحكومة إلى إحكام الأمر والتحقيق لكن صعوبة الحياة في البرية كانت تمنعهم من ذلك وتحملهم على الاختصار لا التطويل. ولما انتهت الحياة البرية تغير النظام اليثروني وبُدل بأبسط منه وأكثر قبولاً للتطويل والتمحيص.

٢٣ «إِنْ فَعَلْتَ هٰذَا ٱلأَمْرَ وَأَوْصَاكَ ٱللّٰهُ تَسْتَطِيعُ ٱلْقِيَامَ. وَكُلُّ هٰذَا ٱلشَّعْبِ أَيْضاً يَأْتِي إِلَى مَكَانِهِ بِٱلسَّلاَمِ».

ع ١٨ تكوين ١٨: ٣٣ و٣٠: ٢٥ وص ١٦: ٢٩ و٢صموئيل ١٩: ٣٩

إِنْ فَعَلْتَ هٰذَا ٱلأَمْرَ وَأَوْصَاكَ ٱللّٰهُ في هذا إشارة إلى وجوب مشورة الله قبل الاعتماد على ذلك الترتيب. فإن موسى كان لا يأتي شيئاً من الأمور ذات الشأن ما لم يعرضه على الله تعالى ويرى مشيئته فيه. وهل كان ذلك يتم بالأوريم والتميم.

تَسْتَطِيعُ ٱلْقِيَامَ (قابل هذا بالآية ١٨) أي أنك لا تقدر أن تُبقي قوتك إلا بهذا التغيير وهذا النظام.

هٰذَا ٱلشَّعْبِ أَيْضاً يَأْتِي إِلَى مَكَانِهِ بِٱلسَّلاَمِ يذهبون إلى أرض كنعان بالوفق والمسالمة ولا يتعبونك كما يتعبونك الآن.

٢٤ – ٢٦ «٢٤ فَسَمِعَ مُوسَى لِصَوْتِ حَمِيهِ وَفَعَلَ كُلَّ مَا قَالَ. ٢٥ وَٱخْتَارَ مُوسَى ذَوِي قُدْرَةٍ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَجَعَلَهُمْ رُؤُوساً عَلَى ٱلشَّعْبِ، رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ. ٢٦ فَكَانُوا يَقْضُونَ لِلشَّعْبِ كُلَّ حِينٍ. ٱلدَّعَاوِي ٱلْعَسِرَةُ يَجِيئُونَ بِهَا إِلَى مُوسَى، وَكُلُّ ٱلدَّعَاوِي ٱلصَّغِيرَةِ يَقْضُونَ هُمْ فِيهَا».

ع ٢١ وتثنية ١: ١٥ وأعمال ٦: ٣ ع ٢٢

فَسَمِعَ مُوسَى الخ لم يجر موسى على نصح حميه يثرون إلا بعد إعطاء الشريعة وصنع خيمة الشهادة (انظر تثنية ١: ٩ – ١٥). ولم يخالف موسى يثرون إلا بأمر واحد وهو أن ينتخب هو الأقوياء أو الذين هم أهل للقضاء فإنه ترك اختيارهم للشعب (تثنية ١: ١٣) واكتفى بأن ولاهم ما انتخبوا له (انظر ما أتاه الرسل من النظام في أمر الشمامسة الأولين أعمال ٤: ٣ – ٦).

٢٧ «ثُمَّ صَرَفَ مُوسَى حَمَاهُ فَمَضَى إِلَى أَرْضِهِ».

عدد ١٠: ٢٩ و٣٠

صَرَفَ مُوسَى حَمَاهُ (الظاهر إن حماه كان يريد الانصراف وموسى يلح عليه بالبقاء حتى سمح له بالذهاب. فيكون معنى صرفه هنا سمح له بالانصراف). فكان أمره كأمر حوباب (عدد ١٠: ٢٩) ولذلك ظن بعضهم أن حوباب هو يثرون نفسه وعلى كل حال إن موسى كان يريد بقاءه وهو يريد الرحيل.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى