سفر التكوين

سفر التكوين | 43 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر التكوين 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلأَرْبَعُونَ

الذهاب إلى مصر ثانية

١ – ٥ «١ وَكَانَ ٱلْجُوعُ شَدِيداً فِي ٱلأَرْضِ. ٢ وَحَدَثَ لَمَّا فَرَغُوا مِنْ أَكْلِ ٱلْقَمْحِ ٱلَّذِي جَاءُوا بِهِ مِنْ مِصْرَ، أَنَّ أَبَاهُمْ قَالَ لَهُمُ: ٱرْجِعُوا ٱشْتَرُوا لَنَا قَلِيلاً مِنَ ٱلطَّعَامِ. ٣ فَقَالَ لَهُ يَهُوذَا: إِنَّ ٱلرَّجُلَ قَدْ أَشْهَدَ عَلَيْنَا قَائِلاً: لاَ تَرَوْنَ وَجْهِي بِدُونِ أَنْ يَكُونَ أَخُوكُمْ مَعَكُمْ. ٤ إِنْ كُنْتَ تُرْسِلُ أَخَانَا مَعَنَا نَنْزِلُ وَنَشْتَرِي لَكَ طَعَاماً. ٥ وَلٰكِنْ إِنْ كُنْتَ لاَ تُرْسِلُهُ لاَ نَنْزِلُ. لأَنَّ ٱلرَّجُلَ قَالَ لَنَا: لاَ تَرَوْنَ وَجْهِي بِدُونِ أَنْ يَكُونَ أَخُوكُمْ مَعَكُمْ».

ص ٤١: ٥٤ و٥٧ ص ٤٢: ٢٦ ص ٤٢: ١٦ و٢صموئيل ٣: ١٣ و١٤: ٢٤ و٢٨ ص ٤٢: ٢٠ و٣٤ و٤٤: ٢٣

كَانَ ٱلْجُوعُ شَدِيداً في فلسطين أكثر مما كان قبلاً لنفاد غلالها القليلة.

إِنْ كُنْتَ هذا هو الشرط وكان لا بد منه.

٦، ٧ «٦ فَقَالَ إِسْرَائِيلُ: لِمَاذَا أَسَأْتُمْ إِلَيَّ حَتَّى أَخْبَرْتُمُ ٱلرَّجُلَ أَنَّ لَكُمْ أَخاً أَيْضاً؟ ٧ فَقَالُوا: إِنَّ ٱلرَّجُلَ قَدْ سَأَلَ عَنَّا وَعَنْ عَشِيرَتِنَا، قَائِلاً: هَلْ أَبُوكُمْ حَيٌّ بَعْدُ؟ هَلْ لَكُمْ أَخٌ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ بِحَسَبِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ. هَلْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ ٱنْزِلُوا بِأَخِيكُمْ؟.

ص ٤٤: ١٩

ٱلرَّجُلَ قَدْ سَأَلَ عَنَّا الذي ظهر من (ص ٤٢: ١٣) إنهم ذكروا أن لهم أخاً اختياراً ولا منافاة بين القولين لأنهم ذكروا ذلك أولاً إجمالاً وذكروه هنا تفصيلاً فإنهم لما أُتهموا بأنهم جواسيس اضطروا أن يبينوا من هم وشوق يوسف إلى أبيه وأخيه حمله على السؤال عن أبيه وأخيه وسائر الآل فما كان لهم إلا أن يخبروه.

وَعَنْ عَشِيرَتِنَا ومضمون هذا السؤال «هل أبوكم حي بعد. هل لكم أخ». ولا بد من أنه سألهم أين تسكنون ومن أين أتيتم وما شاكل ذلك.

٨ «وَقَالَ يَهُوذَا لإِسْرَائِيلَ أَبِيهِ: أَرْسِلِ ٱلْغُلاَمَ مَعِي لِنَقُومَ وَنَذْهَبَ وَنَحْيَا وَلاَ نَمُوتَ، نَحْنُ وَأَنْتَ وَأَوْلاَدُنَا جَمِيعاً».

ٱلْغُلاَمَ كان بنيامين حينئذ في سن بين العشرين والثلاثين. ودعاه يهوذا بالغلام على سبيل التحبيب لكنه مع ذلك كان موافقاً لسن بنيامين. ومثل الغلام في الرجال الفتاة في النساء ولذلك دُعيت رفقة في شبيبتها بالفتاة (انظر ص ٢٤: ١٦ والتفسير).

أَوْلاَدُنَا في العبرانية «طفنو» معناها أولادنا الصغار وقد يراد بها كل أهل البيت ما عدا الوالدين (انظر ص ٢٤: ٢٩).

٩ «أَنَا أَضْمَنُهُ. مِنْ يَدِي تَطْلُبُهُ. إِنْ لَمْ أَجِئْ بِهِ إِلَيْكَ وَأُوقِفْهُ قُدَّامَكَ أَصِرْ مُذْنِباً إِلَيْكَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ».

ص ٤٤: ٣٢ وفليمون ١٨ و١٩ و١ملوك ١: ٢١ وحبقوق ٢: ١٠

أَصِرْ مُذْنِباً إِلَيْكَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ هذا من الممكنات لا ما قاله رأوبين وليس بالأمر السهل أن يعيش الإنسان مذنباً إلى أبيه كل أيام حياته.

١٠ «لأَنَّنَا لَوْ لَمْ نَتَوَانَ لَكُنَّا قَدْ رَجَعْنَا ٱلآنَ مَرَّتَيْنِ».

نَتَوَانَ التواني التقصير في الحاجة وعدم الاهتمام بها. وهذا يدل على أنهم كانوا يسألون يعقوب أن يرسل معهم بنيامين مراراً كثيرة ولا يريد فزاد غلاء الحنطة كثيراً ولولا ذلك لذهبوا مرتين وأتوا بما يكفيهم زماناً طويلاً بنفقة قليلة بالنظر إلى النفقة في وقت هذه المحاورة.

١١ « فَقَالَ لَهُمْ إِسْرَائِيلُ أَبُوهُمْ: إِنْ كَانَ هٰكَذَا فَٱفْعَلُوا هٰذَا: خُذُوا مِنْ أَفْخَرِ جَنَى ٱلأَرْضِ فِي أَوْعِيَتِكُمْ وَأَنْزِلُوا لِلرَّجُلِ هَدِيَّةً. قَلِيلاً مِنَ ٱلْبَلَسَانِ وَقَلِيلاً مِنَ ٱلْعَسَلِ وَكَثِيرَاءَ وَلاَذَناً وَفُسْتُقاً وَلَوْزاً».

ص ٣٢: ١٣ و٢٠ و١ملوك ١٠: ٢٥ وأمثال ١٨: ١٦ ومتّى ٢: ١١ ص ٣٧: ٢٥ وإرميا ٨: ٢٢ وحزقيال ٢٧: ١٧

أَفْخَرِ جَنَى ٱلأَرْضِ وفي العبرانية أفخر أغنية الأرض أو غناء الأرض والمعنى أفخر أثمارها وحواصلها التي يُحمد الله عليها بالترنّم والغناء.

أَوْعِيَتِكُمْ عدالكم وآنيتكم (انظر ص ٤٢: ٢٥). وما ذُكر هنا دليل واضح على أنه كان المطر غير منقطع في فلسطين كل الانقطاع وإنه نزل منه ما حيي به كثير من النبات والأعشاب وإن كان ذلك قليلاً بالنسبة إلى المعهود وإلا لم يبق حي من المواشي والقطعان التي كانت ليعقوب (ص ٤٧: ١). ولا ريب في أن تلك الهدية كانت ثمينة لأن الاتجار بمثل الذي أهدوه كان قد وقف لقلته وغلاء أثمانه.

ٱلْعَسَلِ قال أحد المفسرين «كان العسل كثيراً في مصر فالظاهر أن العسل الذي ذكره يعقوب هو الدبس» (ولا نرى ذلك إلا ما في العبرانية فإن ما تُرجم بالعسل هنا هو في العبرانية «دبش» أي دبس وإلا فكثرة العسل في مصر ليست بالمانع يومئذ من أن يكون عسل النحل لأنه للقحط لم يكن من أزهار في مصر ليجني منها النحل العسل ولا نظن أن الدبس لم يكن في مصر أيام الخصب لأنه قد ثبت أنه كان فيها كثير من العنب فتأمل).

لَوْزاً قال أحد المفسرين شجرة اللوز تنمو وتقوى في الوعر ولذلك لم تكن تنمو في مصر.

١٢ «وَخُذُوا فِضَّةً أُخْرَى فِي أَيَادِيكُمْ. وَٱلْفِضَّةَ ٱلْمَرْدُودَةَ فِي أَفْوَاهِ عِدَالِكُمْ رُدُّوهَا فِي أَيَادِيكُمْ. لَعَلَّهُ كَانَ سَهْواً».

ص ٤٢: ٢٥ و٣٥

فِضَّةً أُخْرَى أي فوق الفضة التي وجدوها في العدال (ع ٢٢).

١٣ «وَخُذُوا أَخَاكُمْ وَقُومُوا ٱرْجِعُوا إِلَى ٱلرَّجُلِ».

خُذُوا أَخَاكُمْ هذا يدل على أنهم كانوا شديدي الحاجة إلى الطعام وان يعقوب كان على شيء من رجاء رجوع شمعون وبنيامين.

١٤ «وَٱللهُ ٱلْقَدِيرُ يُعْطِيكُمْ رَحْمَةً أَمَامَ ٱلرَّجُلِ حَتَّى يُطْلِقَ لَكُمْ أَخَاكُمُ ٱلآخَرَ وَبِنْيَامِينَ. وَأَنَا إِذَا عَدِمْتُ ٱلأَوْلاَدَ عَدِمْتُهُمْ».

ص ٤٢: ٢٤ و٢ملوك ٧: ٤ وأستير ٤: ١٦

وَٱللهُ ٱلْقَدِيرُ وفي العبرانية «شداي» وهو الاسم الذي جاء في عهد إبراهيم وجُدد ليعقوب (ص ١٧: ١ و٣٥: ١١).

وَأَنَا إِذَا عَدِمْتُ ٱلأَوْلاَدَ عَدِمْتُهُمْ (وفي الترجمة الإنكليزية «إن ثكلت أولادي ثكلت». وفي الترجمة اليسوعية «وإن ثكلتهم أكون ثكلتهم». وفي العبرانية «وإني كاشر شكلتي شكلتي» ولا ذكر فيها للأولاد. وكأنه أراد إن ثكلتهم فذلك أمر مقضي لا مناص منه.

١٥ – ١٧ «١٥ فَأَخَذَ ٱلرِّجَالُ هٰذِهِ ٱلْهَدِيَّةَ، وَأَخَذُوا ضِعْفَ ٱلْفِضَّةِ فِي أَيَادِيهِمْ، وَبِنْيَامِينَ، وَقَامُوا وَنَزَلُوا إِلَى مِصْرَ وَوَقَفُوا أَمَامَ يُوسُفَ. ١٦ فَلَمَّا رَأَى يُوسُفُ بِنْيَامِينَ مَعَهُمْ، قَالَ لِلَّذِي عَلَى بَيْتِهِ: أَدْخِلِ ٱلرِّجَالَ إِلَى ٱلْبَيْتِ وَٱذْبَحْ ذَبِيحَةً وَهَيِّئْ، لأَنَّ ٱلرِّجَالَ يَأْكُلُونَ مَعِي عِنْدَ ٱلظُّهْرِ. ١٧ فَفَعَلَ ٱلرَّجُلُ كَمَا قَالَ يُوسُفُ. وَأَدْخَلَ ٱلرَّجُلُ ٱلرِّجَالَ إِلَى بَيْتِ يُوسُفَ».

ص ٢٤: ٢ و٣٩: ٤ و٤٤: ١

وَٱذْبَحْ اعتُرض على كاتب السفر هنا إن عظماء مصر ولا سيما الكهنة لا يأكلون لحم الحيوان ولكن هذا الاعتراض باطل لأنه شوهد في رسوم الولائم في تلك الأيام إنهم كانوا يذبحون كثيراً من البهائم ويأكلون لحمها. نعم كانت البهائم في بعض البلاد مقدسة لا تُذبح ولكن كانت في بعضها تُذبح وتؤكل. وكان الكهنة يأكلون لحم الثيران والأوز ولكنهم لم يكونوا يأكلون لحم الضأن ولا لحم الخنزير ولا لحم السمك.

١٨، ١٩ «١٨ فَخَافَ ٱلرِّجَالُ إِذْ أُدْخِلُوا إِلَى بَيْتِ يُوسُفَ، وَقَالُوا: لِسَبَبِ ٱلْفِضَّةِ ٱلَّتِي رَجَعَتْ أَوَّلاً فِي عِدَالِنَا نَحْنُ قَدْ أُدْخِلْنَا لِيَهْجِمَ عَلَيْنَا وَيَقَعَ بِنَا وَيَأْخُذَنَا عَبِيداً وَحَمِيرَنَا. ١٩ فَتَقَدَّمُوا إِلَى ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي عَلَى بَيْتِ يُوسُفَ وَكَلَّمُوهُ فِي بَابِ ٱلْبَيْتِ».

ص ٤٢: ٣٥ خروج ٢٢: ٣

بَابِ ٱلْبَيْتِ لا شك في أن ذلك يخيفهم لأنهم لم ينتظروا أن يدخلوا بيت الحاكم لأنه لم يكن شيء مخيف كدخوله ولا يدخله أحد ما لم يأخذ صك الأمن من الحاجب الذي على باب بيت يوسف (انظر تفسير ع ٢٥).

٢٠ – ٢٢ «٢٠ وَقَالُوا: ٱسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. إِنَّنَا قَدْ نَزَلْنَا أَوَّلاً لِنَشْتَرِيَ طَعَاماً. ٢١ وَكَانَ لَمَّا أَتَيْنَا إِلَى ٱلْمَنْزِلِ أَنَّنَا فَتَحْنَا عِدَالَنَا، وَإِذَا فِضَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي فَمِ عِدْلِهِ. فِضَّتُنَا بِوَزْنِهَا. فَقَدْ رَدَدْنَاهَا فِي أَيَادِينَا. ٢٢ وَأَنْزَلْنَا فِضَّةً أُخْرَى فِي أَيَادِينَا لِنَشْتَرِيَ طَعَاماً. لاَ نَعْلَمُ مَنْ وَضَعَ فِضَّتَنَا فِي عِدَالِنَا».

ص ٤٢: ٣ و١٠ ص ٤٢: ٢٧ و٣٥

ٱلْمَنْزِلِ (انظر تفسير ص ٤٢: ٢٧).

عِدَالَنَا… فِي فَمِ عِدْلِهِ في العبرانية أكياس السفر وهي غير عدال الحبوب وإن كانت هي فالمعنى إن فضة كل واحد قرب الفم تحت الحَب وفضة واحد منهم كانت عند الفم فوق الحَب (انظر تفسير ص ٤٢: ٢٧ و٣٥). وغايتهم من ذلك أنهم لم يعرفوا هذا إلا بعد أن وصلوا إلى بيوتهم وإلا ما حملوا الفضة معهم بل كانوا ردوها حالاً.

٢٣ «فَقَالَ: سَلاَمٌ لَكُمْ. لاَ تَخَافُوا. إِلٰهُكُمْ وَإِلٰهُ أَبِيكُمْ أَعْطَاكُمْ كَنْزاً فِي عِدَالِكُمْ. فِضَّتُكُمْ وَصَلَتْ إِلَيَّ. ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيْهِمْ شَمْعُونَ».

إِلٰهُكُمْ علم يوسف حاجبه أو أمين بيته أن يقول ذلك أو كان الحاجب قد عرف الحق من تعليم يوسف إياه لكل من في بيته (انظر تفسير ص ٤٢: ١٨).

كَنْزاً أي فضة مكنوزة.

أَخْرَجَ إِلَيْهِمْ شَمْعُونَ ليزيل خوفهم فيأمنوا الدخول.

٢٤، ٢٥ «٢٤ وَأَدْخَلَ ٱلرَّجُلُ ٱلرِّجَالَ إِلَى بَيْتِ يُوسُفَ وَأَعْطَاهُمْ مَاءً لِيَغْسِلُوا أَرْجُلَهُمْ، وَأَعْطَى عَلِيقاً لِحَمِيرِهِمْ. ٢٥ وَهَيَّأُوا ٱلْهَدِيَّةَ إِلَى أَنْ يَجِيءَ يُوسُفُ عِنْدَ ٱلظُّهْرِ. لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُمْ هُنَاكَ يَأْكُلُونَ طَعَاماً».

ص ١٨: ٤ و٢٤: ٣٢

لأَنَّهُمْ سَمِعُوا الخ تكلم يوسف في الآية السادسة عشرة بالمصرية فلم يفهم إخوته ما عنى فالمرجّح أن الحاجب أو أمين البيت أخبرهم هنا أنهم مدعوون إلى وليمة الحاكم تسكيناً لخوفهم لأن الضيافة كانت توجب على القائم بها العناية بكل ما يسر الضيوف.

٢٦ – ٢٨ «٢٦ فَلَمَّا جَاءَ يُوسُفُ إِلَى ٱلْبَيْتِ أَحْضَرُوا إِلَيْهِ ٱلْهَدِيَّةَ ٱلَّتِي فِي أَيَادِيهِمْ إِلَى ٱلْبَيْتِ، وَسَجَدُوا لَهُ إِلَى ٱلأَرْضِ. ٢٧ فَسَأَلَ عَنْ سَلاَمَتِهِمْ، وَقَالَ: أَسَالِمٌ أَبُوكُمُ ٱلشَّيْخُ ٱلَّذِي قُلْتُمْ عَنْهُ؟ أَحَيٌّ هُوَ بَعْدُ؟ ٢٨ فَقَالُوا: عَبْدُكَ أَبُونَا سَالِمٌ. هُوَ حَيٌّ بَعْدُ. وَخَرُّوا وَسَجَدُوا».

ص ٣٧: ٧ و١٠ ص ٤٢: ١١ و١٣ ص ٣٧: ٧ و١٠

وَخَرُّوا وَسَجَدُوا هذا كان تمام الحلم الأول وهو ان حزمهم الإحدى عشرة سجدت لحزمته وكانت الحزم في الحلم مناسبة لطلبهم القمح منه.

٢٩ «فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ بِنْيَامِينَ أَخَاهُ ٱبْنَ أُمِّهِ، وَقَالَ: أَهٰذَا أَخُوكُمُ ٱلصَّغِيرُ ٱلَّذِي قُلْتُمْ لِي عَنْهُ؟ ثُمَّ قَالَ: ٱللهُ يُنْعِمُ عَلَيْكَ يَا ٱبْنِي».

ص ٣٥: ١٧ و١٨ ص ٤٢: ١٣

أَهٰذَا أَخُوكُمُ ٱلصَّغِيرُ هذا الاستفهام للتعجب فإنه رآه نحو ابن ثلاثين سنة وكان يوم بيع يوسف نحو ابن ثماني سنين.

٣٠، ٣١ «٣٠ وَٱسْتَعْجَلَ يُوسُفُ لأَنَّ أَحْشَاءَهُ حَنَّتْ إِلَى أَخِيهِ وَطَلَبَ مَكَاناً لِيَبْكِيَ. فَدَخَلَ ٱلْمَخْدَعَ وَبَكَى هُنَاكَ. ٣١ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَخَرَجَ وَتَجَلَّدَ، وَقَالَ: قَدِّمُوا طَعَاماً».

١ملوك ٣: ٢٦ ص ٤٢: ٢٤ ع ٢٥

غَسَلَ وَجْهَهُ ليزيل آثار الدموع.

٣٢ «َقَدَّمُوا لَهُ وَحْدَهُ وَلَهُمْ وَحْدَهُمْ وَلِلْمِصْرِيِّينَ ٱلآكِلِينَ عِنْدَهُ وَحْدَهُمْ، لأَنَّ ٱلْمِصْرِيِّينَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَأْكُلُوا طَعَاماً مَعَ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ، لأَنَّهُ رِجْسٌ عِنْدَ ٱلْمِصْرِيِّينَ».

ص ٣٤: ١٣ ص ٤٦: ٣٤ وخروج ٨: ٢٦

وَحْدَهُ… وَحْدَهُمْ هذا التمييز كان عاماً في الأزمنة القديمة ولا يزال في الهند. ولعل يوسف أتى ذلك لارتفاع منزلته عن إخوته. لكن لفظة «رجس» تدل أيضاً ان المصريين كانوا يحرمون الأكل مع الغرباء بمقتضى أمر ديني. ففي تاريخ هيرودوتس ان المصريين كانوا يأبون الأكل مع اليونانيين وإن مسّ الطعام بسكين يونانية ينجسه.

٣٣ «فَجَلَسُوا قُدَّامَهُ: ٱلْبِكْرُ بِحَسَبِ بَكُورِيَّتِهِ، وَٱلصَّغِيرُ بِحَسَبِ صِغَرِهِ. فَبُهِتَ ٱلرِّجَالُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ».

فَجَلَسُوا في الرسوم المصرية يمثل المصريون جلوساً على المائدة أو حول الطعام وقد مرّ أن اليهود كانوا يجلسون حول الطعام في تلك الأيام لا يتكئون كما كانوا يفعلون بعد ذلك (انظر تفسير ص ٢٧: ١٩).

ٱلْبِكْرُ بِحَسَبِ بَكُورِيَّتِهِ، وَٱلصَّغِيرُ بِحَسَبِ صِغَرِهِ لا بد من أن إخوة يوسف لما أجلسهم بحسب أسنانهم أي أعمارهم حسبوه ممن يوحى إليه.

٣٤ «وَرَفَعَ حِصَصاً مِنْ قُدَّامِهِ إِلَيْهِمْ. فَكَانَتْ حِصَّةُ بِنْيَامِينَ أَكْثَرَ مِنْ حِصَصِ جَمِيعِهِمْ خَمْسَةَ أَضْعَافٍ. وَشَرِبُوا وَرَوُوا مَعَهُ».

٢صموئيل ١١: ٨ ص ٤٥: ٢٢ حجي ١: ٦

حِصَصاً أجزاء من الطعام الذي أُعد له وهذا يُعد من الرئيس في بلاد الشرق وإكراماً عظيماً.

فَكَانَتْ حِصَّةُ بِنْيَامِينَ أَكْثَرَ مِنْ حِصَصِ جَمِيعِهِمْ خَمْسَةَ أَضْعَافٍ يُظن من هذا ان يوسف كان يريد أن يمتحن محبتهم لبنيامين ويرى هل يحسدونه على ذلك كما حسدوا يوسف قبله والظاهر أنهم سرّوا بذلك.

شَرِبُوا وَرَوُوا فدل ذلك على أنهم كانوا آمنين مبتهجين.

السابق
التالي

 

زر الذهاب إلى الأعلى