سفر التكوين | 32 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر التكوين
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلثَّلاَثُونَ
١ «وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَمَضَى فِي طَرِيقِهِ وَلاَقَاهُ مَلاَئِكَةُ ٱللهِ».
مزمور ٩١: ١١ وعبرانيين ١: ١٤
وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَمَضَى فِي طَرِيقِهِ كان من التقاء يعقوب ولابان الحد بين أرض الآراميين وأرض الكنعانيين. ولم يكن في تلك البقعة التي أُقيم عليها الحد حلفاء للابان بل كان له أضداد. وأما يعقوب فسار في الأرض التي وُعد بأن تكون لنسله ميراثاً. ولا ريب في أنه كان مضطرباً لأمور كثيرة لأنه كان يتوقع أن يكون عيسو أقسى من لابان عليه فكان محتاجاً إلى التشجيع ولعله رأى «ملائكة الله» بعد أسبوع من مضيّه.
مَلاَئِكَةُ ٱللهِ لم يذكر عددهم لكثرتهم. ولما كان معنى الملاك رسولاً رأى بعضهم إن الملائكة هنا أنبياء. ورأى آخرون أنهم رجال قافلة أنبأوه بأمر عيسو وإنه في جبل سعير. وذهب آخرون إلى أنهم جنود أرسلتهم رفقة لملاقاة يعقوب ومساعدته على عدوّه عيسو. والمرجح إن يعقوب كان حينئذ يطلب مساعدة الله وقد ألقى عليه كل أمره وتيقن أنه يحميه لأنه كان قد اختبر وقايته إياه وعنايته به في الطريق التي سار فيها إلى فدان آرام يوم رأى ملائكة الله تصعد وتنزل على السلم فأراه الله حينئذ ملائكته تسكيناً لخوفه وتأكيداً له أنه يقيه من شر أخيه.
٢ «وَقَالَ يَعْقُوبُ إِذْ رَآهُمْ: هٰذَا جَيْشُ ٱللهِ! فَدَعَا ٱسْمَ ذٰلِكَ ٱلْمَكَانِ «مَحَنَايِمَ».
يشوع ٥: ١٤ ومزمور ١٠٣: ٢١ و١٤٨: ٢ ولوقا ٢: ١٣
مَحَنَايِمَ أي معسكرين وهما معسكره ومعكسر الملائكة جيش الله. وكانت محنايم في سهم جاد وصارت مدينة ذات شأن (٢صموئيل ٢: ٨ و١٧: ٢٤ و١ملوك ٤: ١٤).
تصالح يعقوب وعيسو ع ٣ إلى ص ٣٣: ١٦
٣ – ٦ «٣ وَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ رُسُلاً قُدَّامَهُ إِلَى عِيسُوَ أَخِيهِ إِلَى أَرْضِ سَعِيرَ بِلاَدِ أَدُومَ، ٤ وَأَمَرَهُمْ: هٰكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِي عِيسُوَ: هٰكَذَا قَالَ عَبْدُكَ يَعْقُوبُ: تَغَرَّبْتُ عِنْدَ لاَبَانَ وَلَبِثْتُ إِلَى ٱلآنَ. ٥ وَقَدْ صَارَ لِي بَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَغَنَمٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ. وَأَرْسَلْتُ لأُخْبِرَ سَيِّدِي لِكَيْ أَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ. ٦ فَرَجَعَ ٱلرُّسُلُ إِلَى يَعْقُوبَ قَائِلِينَ: أَتَيْنَا إِلَى أَخِيكَ إِلَى عِيسُو، وَهُوَ أَيْضاً قَادِمٌ لِلِقَائِكَ، وَأَرْبَعُ مِئَةِ رَجُلٍ مَعَهُ».
ص ٣٣: ١٤ و١٦ و٣٦: ٦ إلى ٨ وتثنية ٢: ٥ ويشوع ٢٤: ٤ ص ٣٦: ٦ أمثال ١٥: ١ ص ٣٠: ٤٣ ص ٣٣: ٨ و١٥ ص ٣٣: ١
أَرْسَلَ يَعْقُوبُ رُسُلاً فيما كان يعقوب مسافراً إلى وطنه في حبرون بلغه أن عيسو يقود كثيرين من الأتباع والحشم وكان مشتغلاً بغزو الحوريين وكان هؤلاء الناس من الأوباش الأرذال كما رأينا في تفسير (ص ١٤: ٦). وكانوا يسكنون الكهوف. ولم يستطيعوا أن يغلبوا عيسو أو يثبتوا أمام رجاله المدربين. ونعلم من (ص ٣٦: ٦) ان عيسو كان مقيماً مع إسحاق بحبرون. والمرجّح أن غزوه إياهم لمجرد الغنائم كما فعل افرايم يوم غزا جتّ فسامه ذلك قتل كثيرين من أبنائه (١أيام ٧: ٢١). لكن ظهر لعيسو ضعف الحوريين ورأى الأرض صالحة للصيد فلم يكتف بالنهب بل توصل إلى ملك الأرض بأن أخذ زوجة من الحوريين (ص ٣٦: ٥) فإنه بهذه العلاقة انتقل إلى تلك الأرض بعد موت أبيه إسحاق فصارت بلاد أدوم وسُميت بالعبرانية بما معناه «حقل أدوم» وسميّت أيضاً «سعير» أي شعراء لكثرة شجرها ونباتها أي لأنها كانت كثيرة الآجام والأدغال فكانت من أوفق الأرض لغرض عيسو لأنه لم يكن يهتم بالزراعة بل بالصيد والغزو فآثرها بعد موت أبيه على حبرون أرض المراعي والحقول المحاطة بقبائل الأموريين والحثيين الأقوياء. وكانت أرض سعير على أمد مئة ميل من محنايم. والظاهر أن عيسو ذهب إلى البلاد التي كانت بعد ذلك يشغلها موآب وعمّون وإنها لم تكن بعيدة كثيراً عن يعقوب يوم أرسل الرسل إلى عيسو. وعلى كل حال بقي يعقوب في محنايم حتى اقترب أخوه منه وقطع يبوق لملاقاته.
٧، ٨ «٧ فَخَافَ يَعْقُوبُ جِدّاً وَضَاقَ بِهِ ٱلأَمْرُ. فَقَسَمَ ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ مَعَهُ وَٱلْغَنَمَ وَٱلْبَقَرَ وَٱلْجِمَالَ إِلَى جَيْشَيْنِ. ٨ وَقَالَ: إِنْ جَاءَ عِيسُو إِلَى ٱلْجَيْشِ ٱلْوَاحِدِ وَضَرَبَهُ، يَكُونُ ٱلْجَيْشُ ٱلْبَاقِي نَاجِياً».
ص ٣٥: ٣ وقضاة ٢: ١٥ و١٠: ٩
فَخَافَ يَعْقُوبُ جِدّاً كانت رسالة يعقوب إلى أخيه تعرب عن فرط اتضاعه إذ دعاه فيها سيده ودعا نفسه عبده ورجا أن يجد نعمة في عينيه وأبان له غناه بغية أن يفهمه أنه لا يحتاج إلى مساعدة ولا يريد أن يعطيه شيئاً مما استولى عليه من أملاك أبيه إسحاق. فلم يجبه عيسو على رسالته لأنه لم يكن قد اهتدى إلى الأسلوب المناسب لإجابته والطريق الموافقة لقبوله. ولعل الذين كانوا معه وهم أربع مئة رجل لم يكونوا سوى فرقة من الجيش الذي غزا به الحوريين فكان لا بد له من أن يُبقي كثيرين من جيشه يعتنون بما أخذ من الغنائم لكن الذين كانوا معه كانوا كفاة لأن يغلبوا يعقوب. وكان يعقوب قد خاف شديد الخوف مع تشجيع الله له فدل ذلك على ضعف إيمانه لكن ذلك الإيمان مع ضعفه كان إيماناً صحيحاً حمله على الصلاة والالتجاء إلى الله في وقت اشتداد خوفه.
٩ – ١٢ «٩ وَقَالَ يَعْقُوبُ: يَا إِلٰهَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَإِلٰهَ أَبِي إِسْحَاقَ، ٱلرَّبَّ ٱلَّذِي قَالَ لِيَ: ٱرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ. ١٠ صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ ٱلأَمَانَةِ ٱلَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ. فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هٰذَا ٱلأُرْدُنَّ، وَٱلآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ. ١١ نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي، مِنْ يَدِ عِيسُوَ، لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَضْرِبَنِي ٱلأُمَّ مَعَ ٱلْبَنِينَ. ١٢ وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ وَأَجْعَلُ نَسْلَكَ كَرَمْلِ ٱلْبَحْرِ ٱلَّذِي لاَ يُعَدُّ لِلْكَثْرَةِ».
مزمور ٥٠: ١٥ ص ٢٨: ١٣ ص ٣١: ٣ و١٣ ص ٢٤: ٢٧ أيوب ٨: ٧ مزمور ٥٩: ١ و٢ هوشع ١٠: ١٤ ص ٢٨: ١٣ إلى ١٥
قَالَ يَعْقُوبُ صلاة يعقوب وهي أول صلاة ذكرها الكتاب بنصها تستحق التأمل لما فيها من امتزاج شدة الشوق والحرارة بالبساطة فإنه بعد أن دعا الله بإله آبائه (إلوهيم أبائه) دعاه الرب (يهوه) الذي دعاه إلى الرجوع إلى أرض ميلاده (ص ٣١: ١٣). وبعد أن اعترف بأنه لا يستحق التفاته إليه أعلن أنه جاد عليه كثيراً وصلى له بشوق إلى الإنقاذ. وأبان ما كان يخشاه بكلام يحزن القلوب وهو قوله «يضربني الأم من البنين». فلم يكن خائفاً على نفسه كخوفه على الأم التي كان يتخيل أنها لحبها لبنيها تطرح نفسها عليهم لتقتل قبلهم وتموت فوق أجسادهم فيكون المشهد كالمشهد الذي ذكره هوشع في الحرب التي ليس فيها رحمة (هوشع ١٠: ١٤). لكنه شعر أخيراً إن ذلك لا يكون لأن الله وعده بأن يكون نسله كرمل البحر في الكثرة فإن الإنسان كثيراً ما أخلف وعده ولكن الله لا يخلف الميعاد.
١٣ «وَبَاتَ هُنَاكَ تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ وَأَخَذَ مِمَّا أَتَى بِيَدِهِ هَدِيَّةً لِعِيسُو أَخِيهِ».
ص ٤٣: ١١ وأمثال ١٨: ١٦
بَاتَ هُنَاكَ أي عند محنايم. إنه عند وصول الأخبار الأولى المتعلقة بتقدم عيسو على الأسلوب المذكور قسم يعقوب من معه وما معه قسمين أمل أن ينجو أحدهما إن لم ينج الاثنان. ولما سكن جأشه بالصلاة دبّر الأمور كما ينبغي فانتقى الهدية لعيسو خمس مئة وخمسين رأساً من بهائمه أرسلها إليه متوالية حتى يخفض غيظ أخيه شيئاً فشيئاً وبقي وراء الكل يصلي وكان خوفه يزول شيئاً فشيئاً كذلك حتى اطمأن كل الاطمئنان وصحا للأسلوب الذي يلاقي به أخاه.
مِمَّا أَتَى بِيَدِهِ رأى بعض اليهود إن معنى ذلك أهداه ما كان في يده من الخواتم ذوات الحجارة الكريمة. والمعنى الصحيح «مما ملكه أو استولى عليه» ويحتمل أن المقصود أرسل إليه ما وقع تحت يده بدون انتخاب.
١٤، ١٥ «١٤ مِئَتَيْ عَنْزٍ وَعِشْرِينَ تَيْساً، مِئَتَيْ نَعْجَةٍ وَعِشْرِينَ كَبْشاً، ١٥ ثَلاَثِينَ نَاقَةً مُرْضِعَةً وَأَوْلاَدَهَا، أَرْبَعِينَ بَقَرَةً وَعَشَرَةَ ثِيرَانٍ، عِشْرِينَ أَتَاناً وَعَشَرَةَ حَمِيرٍ».
عَنْزٍ… نَعْجَةٍ… نَاقَةً… بَقَرَةً… أَتَان إن كانت هذه البهائم رتبت باعتبار قيمتها كانت البقر أثمن من الجمال للحاجة إليها في الحرث والحمير أثمن من سائرها لأنها كانت يومئذ مما يركبه الكبراء ولذلك كانت تدل على غنى أربابها (ص ١٢: ١٦ وقضاة ٥: ١٠). وأرسل يعقوب إلى أخيه النياق لأن لبنها ثمين عند العرب فكانوا يشربونه كل يوم.
١٦ – ١٩ «١٦ وَدَفَعَهَا إِلَى يَدِ عَبِيدِهِ قَطِيعاً قَطِيعاً عَلَى حِدَةٍ. وَقَالَ لِعَبِيدِهِ: ٱجْتَازُوا قُدَّامِي وَٱجْعَلُوا فُسْحَةً بَيْنَ قَطِيعٍ وَقَطِيعٍ ١٧ وَأَمَرَ ٱلأَوَّلَ: إِذَا صَادَفَكَ عِيسُو أَخِي وَسَأَلَكَ: لِمَنْ أَنْتَ، وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ، وَلِمَنْ هٰذَا ٱلَّذِي قُدَّامَكَ؟ ١٨ تَقُولُ: لِعَبْدِكَ يَعْقُوبَ. هُوَ هَدِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ لِسَيِّدِي عِيسُوَ، وَهَا هُوَ أَيْضاً وَرَاءَنَا. ١٩ وَأَمَرَ أَيْضاً ٱلثَّانِيَ وَٱلثَّالِثَ وَجَمِيعَ ٱلسَّائِرِينَ وَرَاءَ ٱلْقُطْعَانِ: بِمِثْلِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ تُكَلِّمُونَ عِيسُوَ حِينَمَا تَجِدُونَهُ».
فُسْحَةً فضاء فكانت أقسام البهائم حسب أنواعها فكان رضا عيسو يُستجلب مراراً فما تنتهي الهدايا حتى ينتهي غضبه ويكمل رضاه.
٢٠، ٢١ «٢٠ وَتَقُولُونَ: هُوَذَا عَبْدُكَ يَعْقُوبُ أَيْضاً وَرَاءَنَا. لأَنَّهُ قَالَ: أَسْتَعْطِفُ وَجْهَهُ بِٱلْهَدِيَّةِ ٱلسَّائِرَةِ أَمَامِي، وَبَعْدَ ذٰلِكَ أَنْظُرُ وَجْهَهُ، عَسَى أَنْ يَرْفَعَ وَجْهِي. ٢١ فَٱجْتَازَتِ ٱلْهَدِيَّةُ قُدَّامَهُ، وَأَمَّا هُوَ فَبَاتَ تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ فِي ٱلْمَحَلَّةِ».
أمثال ٢١: ١٤ ص ٤: ٧ وأيوب ٤٢: ٨ و٩
أَسْتَعْطِفُ وَجْهَهُ وفي العبرانية «أغطي وجهه» أي فلا يرى ما كان من إساءته إليه.
٢٢ «ثُمَّ قَامَ فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ وَأَخَذَ ٱمْرَأَتَيْهِ وَجَارِيَتَيْهِ وَأَوْلاَدَهُ ٱلأَحَدَ عَشَرَ وَعَبَرَ مَخَاضَةَ يَبُّوقَ».
تثنية ٣: ١٦ ويشوع ١٢: ٢
مَخَاضَةَ يَبُّوقَ هذه المخاصمة في نهر يسمى اليوم بوادي الزرقاء أو النهر الأزرق.
٢٣ «أَخَذَهُمْ وَأَجَازَهُمُ ٱلْوَادِيَ، وَأَجَازَ مَا كَانَ لَهُ».
ٱلْوَادِيَ كان هذا الوادي طويلاً ضيقاً اختار ذلك يعقوب للسهولة على نسائه وأولاده وكان فاصلاً بين سبطي منسى وجاد.
٢٤ «فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ ٱلْفَجْرِ».
هوشع ١٢: ٣ و٤ وأفسس ٦: ١٢
صَارَعَهُ هذا الفعل في العبرانية «ابق» ولم يُذكر في غير هذا الموضع. قال بعضهم والمرجّح أنه مشتق من «ابق» الذي هو الغبار بالعبرانية لأنه إذ طرح أحد المتصارعين علاه الغبار.
إِنْسَانٌ أي ملاك في صورة إنسان (هوشع ١٢: ٤) وحكم يعقوب نفسه بأنه شخض إليه (ع ٣٠). فظهر الملاك ليعقوب هنا كما ظهر لهاجر في (ص ١٦: ١٣). وليس هنا من إشارة إلى أن ذلك الإنسان كان الإله المتجسد فالظاهر أنه لم يكن سوى ملاك ظهر في هيئة إنسان كما ظهر الملاك لمنوح (قضاة ١٣: ٢٢) لكنه دل على حضور الله ومداخلته في أمر يعقوب وكان من الرموز الكثيرة المشيرة إلى ظهور كلمة الله في الجسد وإمكان ذلك.
٢٥ «وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ، فَٱنْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ».
٢كورنثوس ١٢: ٧
ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ، فَٱنْخَلَعَ الحُقّ هنا ما يدخل فيه طرف عظم الفخذ الأعلى.
٢٦ «وَقَالَ: أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ ٱلْفَجْرُ. فَقَالَ: لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي».
أَطْلِقْنِي سؤاله الإطلاق يدل على أنه غُلب وكان ما أتاه الملاك تشجيعاً ليعقوب وإشارة إلى أنه يفوز (وترك ذلك التأثير فيه تذكاراً يقوي ثقته بالله ما حيي) ويقوى على ملاقاة المخاطر والأرزاء. ومن تخيلات اليهود إن ذلك الملاك ملاك عيسو وكان مما يجب عليه أن يحمي عيسو ويدفع عنه وإن يعقوب لما تحقق أنه غلب الملاك تحقق أنه يغلب عيسو ولذلك سُمي إسرائيل أي أميراً مع الله ومجاهداً معه ومع الناس.
إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي إذ كان للغالب أن يأخذ الغنيمة وعرف يعقوب إن الذي صارعه فوق الإنسان طلب أن تكون الغنيمة البركة.
٢٧، ٢٨ «٢٧ فَسَأَلَهُ: مَا ٱسْمُكَ؟ فَقَالَ: يَعْقُوبُ. ٢٨ فَقَالَ: لاَ يُدْعَى ٱسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ ٱللهِ وَٱلنَّاسِ وَقَدِرْتَ».
ص ٣٥: ١٠ و٢ملوك ١٧: ٣٤ هوشع ١٢: ٣ و٤ ص ٢٥: ٣١ إلى ٣٤ و٢٧: ٣٣
إِسْرَائِيلَ أمير الله أو قوي مع الله (انظر تفسير ص ١٧: ١٥). عيسو جعل لاسم يعقوب معنىً رديئاً لم يكن يستحقه والله سماه اسماً جيداً.
٢٩ «وَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ: أَخْبِرْنِي بِٱسْمِكَ. فَقَالَ: لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ ٱسْمِي؟ وَبَارَكَهُ هُنَاكَ».
قضاة ١٣: ١٨
لِمَاذَا أبى الملاك أن يخبر يعقوب باسمه كما أبى الملاك الذي ظهر لمنوح أن يخبره باسمه (قضاة ١٣: ١٨).
٣٠ «فَدَعَا يَعْقُوبُ ٱسْمَ ٱلْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: لأَنِّي نَظَرْتُ ٱللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي».
ص ١٦: ١٣ وخروج ٢٤: ١١ و٣٣: ٢٠ وتثنية ٥: ٢٤ وقضاة ٦: ٢٢ و١٣: ٢٢ وإشعياء ٦: ٥
فَنِيئِيلَ أي وجه الله وسُمي «فنوئيل» أيضاً (ع ٣١). ويغني عن الكلام في سائر الآية ما في تفسير (ص ١٦: ١٣).
٣١ «وَأَشْرَقَتْ لَهُ ٱلشَّمْسُ إِذْ عَبَرَ فَنُوئِيلَ وَهُوَ يَخْمَعُ عَلَى فَخْذِهِ».
إِذْ عَبَرَ فَنُوئِيلَ أسرع يعقوب بعد مصارعة الملاك ليدرك أزواجه ويظهر من ذلك أنه لم يترك فيه الملاك من الأثر إلا العرج.
٣٢ «لِذٰلِكَ لاَ يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِرْقَ ٱلنَّسَا ٱلَّذِي عَلَى حُقِّ ٱلْفَخْذِ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ، لأَنَّهُ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِ يَعْقُوبَ عَلَى عِرْقِ ٱلنَّسَا».
عِرْقِ ٱلنَّسَا هو عرق من الورك إلى الكعب.
السابق |
التالي |