سفر التكوين | 31 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر التكوين
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلثَّلاَثُونَ
هرب يعقوب واتباع لابان إياه ومصالحتهما
١ «فَسَمِعَ يَعْقُوبُ بَنِي لاَبَانَ يَقُولُونَ: أَخَذَ يَعْقُوبُ كُلَّ مَا كَانَ لأَبِينَا، وَمِمَّا لأَبِينَا صَنَعَ كُلَّ هٰذَا ٱلْمَجْدِ».
أستير ٥: ١١ ومزمور ٤٩: ١٦
بَنِي لاَبَانَ لم تُذكر أسماء بنيه فإن كانوا من أم ليئة وراحيل فربما كانوا أبناء ما فوق الخمسين أو ما بين الخامسة والخمسين والستين. وقولهم «أخذ يعقوب كل ما لأبينا» مبالغة لأن أباهم لم يزل غنياً جداً. والكلام يدل على أن يعقوب صار غنياً عظيماً في عيون أهل حاران لنشاطه واجتهاده في الرعاية والتجارة.
٢، ٣ «٢ وَنَظَرَ يَعْقُوبُ وَجْهَ لاَبَانَ وَإِذَا هُوَ لَيْسَ مَعَهُ كَأَمْسٍ وَأَوَّلَ مِنْ أَمْسِ. ٣ وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِيَعْقُوبَ: ٱرْجِعْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ، فَأَكُونَ مَعَكَ».
ص ٤: ٥ خروج ٤: ١٠ و١صموئيل ٤: ٧ ص ٢٨: ١٥ و٢١ و٣٢: ٩
قَالَ ٱلرَّبُّ لِيَعْقُوبَ لعل هذا هو الإعلان الذي فُصّل في (ع ١٠ – ١٣). ونُسب هنالك إلى «إلوهيم» ونُسب هنا إلى «يهوه» فيدلنا ذلك أن الكاتب نظر إلى عناية الأزلي باعتبار كونه إلوهيم أي الله وإنه هو يهوه باعتبار كونه رب العهد والموعد (انظر تفسير ص ٢٦: ٢٩).
عَشِيرَتِكَ في العبرانية أرض مولدك (انظر ص ١٢: ١ و٢٤: ٤ و٧ الخ).
٤ «فَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ وَدَعَا رَاحِيلَ وَلَيْئَةَ إِلَى ٱلْحَقْلِ إِلَى غَنَمِهِ»
فَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ وَدَعَا رَاحِيلَ وَلَيْئَةَ ذكر راحيل أولاً لأنها هي زوجته الأصلية بمقتضى العادة ومقتضى طلبه كما مر.
إِلَى ٱلْحَقْلِ لعل هذا الحقل كان مرعى قطعان لابان ولكنها كانت تحت عناية يعقوب.
٥ «وَقَالَ لَهُمَا: أَنَا أَرَى وَجْهَ أَبِيكُمَا أَنَّهُ لَيْسَ نَحْوِي كَأَمْسِ وَأَوَّلَ مِنْ أَمْسِ. وَلٰكِنْ إِلٰهُ أَبِي كَانَ مَعِي».
ع ٢ ص ٢٦: ٢٤ و٢٨: ١٥ وع ٣
أَرَى وَجْهَ أَبِيكُمَا أبان لهما ذلك لتعرفا أنه راجع بهما إلى أرض ميلاده لأمر موجب لذلك ثم أبان لهما أيضاً أن من موجبات ذلك الرجوع أمر الله عينه.
٦ «وَأَنْتُمَا تَعْلَمَانِ أَنِّي بِكُلِّ قُوَّتِي خَدَمْتُ أَبَاكُمَا».
ص ٣٠: ٢٩ و٣٠ وع ٣٨ إلى ٤١
قال يعقوب هذا ليبيّن لهما أنه لم يظلم أباهما بشيء وإن تغيّر وجهه عليه لم يكن عن عدلٍ.
٧ «وَأَمَّا أَبُوكُمَا فَغَدَرَ بِي وَغَيَّرَ أُجْرَتِي عَشَرَ مَرَّاتٍ. لٰكِنَّ ٱللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِي شَرّاً».
ع ٤١ عدد ١٤: ٢٢ ونحميا ٤: ١٢ وأيوب ١٩: ٣ وزكريا ٨: ٢٣ ص ٢٠: ٦ ومزمور ١٠٥: ١٤
عَشَرَ مَرَّاتٍ أي مراراً كثيرة.
٨ «إِنْ قَالَ: ٱلرُّقْطُ تَكُونُ أُجْرَتَكَ، وَلَدَتْ كُلُّ ٱلْغَنَمِ رُقْطاً. وَإِنْ قَالَ: ٱلْمُخَطَّطَةُ تَكُونُ أُجْرَتَكَ، وَلَدَتْ كُلُّ ٱلْغَنَمِ «مُخَطَّطَةً».
ص ٣٠: ٣٢
إِنْ قَالَ الخ أي أنه كان يغيّر الشرط وكان الله يسعدني في كل أحوال التغيّرات.
٩ «فَقَدْ سَلَبَ ٱللهُ مَوَاشِيَ أَبِيكُمَا وَأَعْطَانِي».
ع ١ و١٦
معنى ذلك إن الله عاقب أباكما وجازاني خيراً فهو المعاقِب والمثيب وهو لا يظلم فالحق على أبيكما لا علي.
١٠ «وَحَدَثَ فِي وَقْتِ تَوَحُّمِ ٱلْغَنَمِ أَنِّي رَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ فِي حُلْمٍ، وَإِذَا ٱلْفُحُولُ ٱلصَّاعِدَةُ عَلَى ٱلْغَنَمِ مُخَطَّطَةٌ وَرَقْطَاءُ وَمُنَمَّرَةٌ».
ٱلْفُحُولُ الخ من الكباش والتيوس فنتاجها من الغنم والمعزى.
١١ «وَقَالَ لِي مَلاَكُ ٱللهِ فِي ٱلْحُلْمِ: يَا يَعْقُوبُ. فَقُلْتُ: هَئَنَذَا».
ص ٤٨: ١٦
مَلاَكُ ٱللهِ ( «ملاك إلوهيم» قال هذا ولم يقل «ملاك يهوه» أي ملاك الرب لأن الكلام في الله هنا من جهة العناية وقد مرّ لذلك أمثال).
١٢ «فَقَالَ: ٱرْفَعْ عَيْنَيْكَ وَٱنْظُرْ! جَمِيعُ ٱلْفُحُولِ ٱلصَّاعِدَةِ عَلَى ٱلْغَنَمِ مُخَطَّطَةٌ وَرَقْطَاءُ وَمُنَمَّرَةٌ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ كُلَّ مَا يَصْنَعُ بِكَ لاَبَانُ».
خروج ٣: ٧
مُنَمَّرَةٌ أي نُمرٌ جمع أنمَر ونمراء وهو ما كان شبيهاً للنمر في رقطه.
١٣ «أَنَا إِلٰهُ بَيْتِ إِيلَ حَيْثُ مَسَحْتَ عَمُوداً. حَيْثُ نَذَرْتَ لِي نَذْراً. ٱلآنَ قُمِ ٱخْرُجْ مِنْ هٰذِهِ ٱلأَرْضِ وَٱرْجِعْ إِلَى أَرْضِ مِيلاَدِكَ».
ص ٢٨: ١٨ إلى ٢٢ ع ٣ وص ٣٢: ٩
أَنَا إِلٰهُ بَيْتِ إِيلَ كان المتكلم ملاك الله (ع ١١) ولكه قال «أنا إله الخ» لأنه كان يتكلم بالنيابة عن الله أي كان الله يتكلم به (١تسالونيكي ٢: ١٣ وعبرانيين ١: ١ قابل بهذا ما في ص ٢٨: ١٣).
١٤، ١٥ «فَأَجَابَتْ رَاحِيلُ وَلَيْئَةُ: أَلَنَا أَيْضاً نَصِيبٌ وَمِيرَاثٌ فِي بَيْتِ أَبِينَا؟ ١٥ أَلَمْ نُحْسَبْ مِنْهُ أَجْنَبِيَّتَيْنِ، لأَنَّهُ بَاعَنَا وَقَدْ أَكَلَ أَيْضاً ثَمَنَنَا؟١٤».
ص ٢٩: ١٥ و١٨ و٢٧
أَلَمْ نُحْسَبْ مِنْهُ أَجْنَبِيَّتَيْنِ (أي حسبنا أنّا لسنا بنتيه ولسنا من أهله فالاستفهام إنكاري).
بَاعَنَا الخ (كما تُباع البهائم وإلا لأعطانا شيئاً من مهرينا). اتفق البنتان راحيل المحبوبة وليئة المهجورة على أن أباهما جائر فإنه باعهما بيعاً لم يسبق له نظير في الشرق إذ لم يعطهما شيئاً وذلك دناءة.
١٦ «إِنَّ كُلَّ ٱلْغِنَى ٱلَّذِي سَلَبَهُ ٱللهُ مِنْ أَبِينَا هُوَ لَنَا وَلأَوْلاَدِنَا. فَٱلآنَ كُلَّ مَا قَالَ لَكَ ٱللهُ ٱفْعَلْ».
(اتفق في هذا زوجتاه على أن أباهما ظلمه وظلمهما لأنه أكل أجرته ونصيبهما وأجمعنا على أن الله عدل بما فعل وإن على يعقوب أن يعلم كما أمره للحصول على حقه وللقيام بالإطاعة لربه).
١٧، ١٨ «١٧ فَقَامَ يَعْقُوبُ وَحَمَلَ أَوْلاَدَهُ وَنِسَاءَهُ عَلَى ٱلْجِمَالِ، ١٨ وَسَاقَ كُلَّ مَوَاشِيهِ وَجَمِيعَ مُقْتَنَاهُ ٱلَّذِي كَانَ قَدِ ٱقْتَنَى: مَوَاشِيَ ٱقْتِنَائِهِ ٱلَّتِي ٱقْتَنَى فِي فَدَّانِ أَرَامَ، لِيَجِيءَ إِلَى إِسْحَاقَ أَبِيهِ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ».
فَقَامَ يَعْقُوبُ هذا ما تم الاتفاق عليه بعد المشورة والنظر ولكن ما أُجري فعلاً إلا بعد أن جز الغنم. ولا ريب في أن يعقوب كان يستعد الاستعداد التام إلى التمكن من أن لا يترك شيئاً من غناه للابان ومما ساعده على ذلك أنه كان على أمد نحو أربعين ميلاً من حاران (ص ٣٠: ٣٦).
١٩ «وَأَمَّا لاَبَانُ فَكَانَ قَدْ مَضَى لِيَجُزَّ غَنَمَهُ، فَسَرِقَتْ رَاحِيلُ أَصْنَامَ أَبِيهَا».
ص ٣٥: ٢ ويشوع ٢٤: ٢
لاَبَانُ… مَضَى لِيَجُزَّ غَنَمَهُ كان وقت جز الغنم وقت فرح وكانوا متى فرغوا من الجز يولمون (١صموئيل ٢٥: ٧ و٨). وهذا يدل على أن قطعان لابان نفسه كانت بعيدة شيئاً من حاران وأن نساء لابان وبنيه وعبيده كانوا معه يشتغلون بالجز. ويدل أيضاً على أن غنى لابان لم يكن قد نقص نقصاً فاحشاً مع أنه لم يكن يزيد الزيادة المعهودة. ولماذا لم يكن يعقوب معهم يومئذ مع أنه هو المعتني بقطعان لابان ولعله كان ينتظر الدعوة فلم يُدعَ لكره لابان وأولاده له على وفرة غناه.
أَصْنَامَ أَبِيهَا في العبرانية «ترافيم» وذُكر أنها آلهة أبيها في (ع ٣٠). وعبادة الترافيم بقيت مدة طويلة على ما في تاريخ العهد القديم فكان لميخا أفود وترافيم مسبوكة (قضاة ١٨: ١٧) وقد حُسبت عبادة الترافيم كعبادة الوثن (١صموئيل ١٥: ٢٣). ونظن من قرائن ذكرها في الكتاب أنها كانت في هيئة الإنسان ولكنها صغيرة لوضع ميكال عدة منها في المضجع لتوهم أن داود فيه (١صموئيل ١٩: ١٣). ولأن راحيل خبأتها في حداجة الجمل (ع ٣٤) وهذا دليل قاطع على أنها كانت صغيرة الحجوم. وقد ذُكرت الترافيم في تاريخ الإصلاح الذي أتاه الملك يوشيا أنها من جملة ما أبادها (٢ملوك ٢٣: ٢٤). والذي رأيناه في سفر نبوءة زكريا أنها كانت تُستعمل استعمالاً للتكهن (زكريا ١٠: ٢). وفي سفر نبوءة هوشع أن الترافيم كانت كثيرة بين الأسباط العشرة (هوشع ٣: ٤). ويُظن أن العبرانيين أخذوها عن الكلدانيين لأن نبوخذ نصر ملك بابل كان يتكهن بها (حزقيال ٢١: ٢١). والظاهر أن تكون سَدَنتها وخَدَمتها النساء وكن يتفاءلن بها فسرقتها راحيل متوقعة أن يكون بها نجاح لنفسها ولزوجها.
٢٠ «وَخَدَعَ يَعْقُوبُ قَلْبَ لاَبَانَ ٱلأَرَامِيِّ إِذْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِأَنَّهُ هَارِبٌ».
خَدَعَ يَعْقُوبُ قَلْبَ لاَبَانَ هذا لازم معنى الأصل العبراني فإنه «جنب يعقوب لابان» أي دفع عقله عن أن يدرك قصده الهرب.
٢١ «فَهَرَبَ هُوَ وَكُلُّ مَا كَانَ لَهُ، وَقَامَ وَعَبَرَ ٱلنَّهْرَ وَجَعَلَ وَجْهَهُ نَحْوَ جَبَلِ جِلْعَاد».
ص ٤٦: ٢٨ و٢ملوك ١٢: ١٧ ولوقا ٩: ٥١ و٥٣ ع ٤٧ و٤٨ وعدد ٣٢: ٢٦ و٢٩ وتثنية ٣: ١٢
ٱلنَّهْرَ هو نهر الفرات.
جَبَلِ جِلْعَادَ جلعام كورة صخرية وكان جبلها حاجزاً بين الآراميين والكنعانيين وتصرف بها يعقوب فدعاها جلعيد (ع ٤٧).
٢٢، ٢٣ «٢٢ فَأُخْبِرَ لاَبَانُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ بِأَنَّ يَعْقُوبَ قَدْ هَرَبَ، ٢٣ فَأَخَذَ إِخْوَتَهُ مَعَهُ وَسَعَى وَرَاءَهُ مَسِيرَةَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، فَأَدْرَكَهُ فِي جَبَلِ جِلْعَاد».
ص ١٣: ٨
أُخْبِرَ لاَبَانُ… فَأَخَذَ إِخْوَتَهُ المقصود بإخوته هنا غير العبيد من رجاله وهم كبراؤه وأقرباؤه.
سَبْعَةِ أَيَّامٍ الظاهر ان يعقوب ذهب شرقاً ماراً بتدمر ثم حوران تاركاً دمشق إلى الغرب والجبل المعروف بجبل جلعاد جنوبي يبوق. ولكنه إذ كان موقع محنايم التي وصل إليها يعقوب بعد بضعة أيام من التقاء لابان به إلى شمالي ذلك النهر رُجّح أن جلعاد تُطلق على كل الأرض الطباشيرية التي هي شرقي الأردن ويحقق ذلك أن لابان أدرك يعقوب بعد أن قطع مسيرة سبعة أيام ولكن البعد بين حاران وأقصى الجزء الشمالي من تلك البلاد (وهي البلاد التي كانت بعد حين لنصف سبط منسى) نحو ٣٠٠ ميل فكان مما يشق على لابان وإخوته ويقتضي بذل الجهد في السير إدراكهم إياه على حدود تلك البلاد. ولم يكن ذلك السفر صعباً على يعقوب لأن الطريق كانت مجاورة لكثير من المراعي وكان قبل انطلاقه بعيداً عن حاران حيث كان يرعى قطعانه ولعله كان بعيداً عنها نحو ستين ميلاً أو سبعين ميلاً قبل أن شرع في الرحيل. ولعله أرسل القطعان أمامه مع بعض العبيد واهتم بما بقي من أولاده وسائر عبيده. ولم يدر لابان بذهاب يعقوب إلا بعد أيام. وحمل يعقوب أولاده ونساءه على الجمال وسار الهوينا ولعله لم يقطع في كل يوم سوى عشرة أميال أو اثني عشر ميلاً. ومرّ ثلاثة أيام قبل أن عرف لابان هربه ولا بد من أنه شغل يومين بالرجوع إلى حاران والاستعداد لتأثره.
٢٤ «وَأَتَى ٱللهُ إِلَى لاَبَانَ ٱلأَرَامِيِّ فِي حُلْمِ ٱللَّيْلِ وَقَالَ لَهُ: ٱحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُكَلِّمَ يَعْقُوبَ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ».
ص ٢٠: ٣ أيوب ٣٣: ١٥ ومتّى ١: ٢٠ ص ٢٤: ٥٠
بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ أي لا تعترضه في شيء من أموره وجاءت هذه العبارة في (ص ٢٤: ٥٠).
٢٥ – ٣٠ «٢٥ فَلَحِقَ لاَبَانُ يَعْقُوبَ، وَيَعْقُوبُ قَدْ ضَرَبَ خَيْمَتَهُ فِي ٱلْجَبَلِ. فَضَرَبَ لاَبَانُ مَعَ إِخْوَتِهِ فِي جَبَلِ جِلْعَادَ. ٢٦ وَقَالَ لاَبَانُ لِيَعْقُوبَ: مَاذَا فَعَلْتَ، وَقَدْ خَدَعْتَ قَلْبِي، وَسُقْتَ بَنَاتِي كَسَبَايَا ٱلسَّيْفِ؟ ٢٧ لِمَاذَا هَرَبْتَ خُفْيَةً وَخَدَعْتَنِي وَلَمْ تُخْبِرْنِي حَتَّى أُشَيِّعَكَ بِٱلْفَرَحِ وَٱلأَغَانِيِّ، بِٱلدُّفِّ وَٱلْعُودِ، ٢٨ وَلَمْ تَدَعْنِي أُقَبِّلُ بَنِيَّ وَبَنَاتِي؟ ٱلآنَ بِغَبَاوَةٍ فَعَلْتَ! ٢٩ فِي قُدْرَةِ يَدِي أَنْ أَصْنَعَ بِكُمْ شَرّاً، وَلٰكِنْ إِلٰهُ أَبِيكُمْ كَلَّمَنِيَ ٱلْبَارِحَةَ قَائِلاً: ٱحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُكَلِّمَ يَعْقُوبَ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. ٣٠ وَٱلآنَ أَنْتَ ذَهَبْتَ لأَنَّكَ قَدِ ٱشْتَقْتَ إِلَى بَيْتِ أَبِيكَ، وَلٰكِنْ لِمَاذَا سَرِقْتَ آلِهَتِي؟».
١صموئيل ٣٠: ٢ ع ٥٥ وراعوث ١: ٩ و١٤ و١ملوك ١٩: ٢٠ وأعمال ٢٠: ٣٧ ١صموئيل ١٣: ١٣ و٢أيام ١٦: ٩ تثنية ٢٨: ٣٢ وأمثال ٣: ٢٧ وميخا ٢: ١ ص ٢٨: ١٣ وع ٥٣ ع ٢٤ ع ١٩ وقضاة ١٨: ٢٤
قَالَ لاَبَانُ (ع ٢٦) وبخ لابان يعقوب على ثلاثة أمور الأول أنه هرب ببنتيه سراً وأخذهما أخذ السبايا وذلك عار عليهما وإيلام للابان (ع ٢٦ و٢٨). والثاني أنه أوجب على نفسه العقاب وكان في طاقة لابان أن يعاقبه لكنه عدل عن ذلك لتحذير الله إياه. والثالث أنه سرق له الترافيم.
خَدَعْتَ قَلْبِي (انظر تفسير ع ٢٠).
أُشَيِّعَكَ بِٱلْفَرَحِ وَٱلأَغَانِيِّ، بِٱلدُّفِّ وَٱلْعُودِ (ع ٢٧) وفي العبرانية «بتف وكنور» أي بدف وكنارة وكان ذلك من أنواع الإكرام للمسافر لا فرحاً بذهابه.
بَنِيَّ (ع ٢٨) أي حفدتي.
قُدْرَةِ يَدِي (ع ٢٩) أي قدرة سلطاني أو قدرة طاقتي لأن اليد تأتي بمعنى السلطان والطاقة (وتأتي بمعنى القدرة أيضاً فتكون إضافة القدرة إليها للمبالغة ويكون المعنى قدرتي القادرة. وفي العربية «لا يدين لك بهذا» أي لا قوة ولا طاقة. ومن أمثال العرب «لا يدي لواحد بعشرة» أي لا قدرة. «وما لي بفلان يدان» أي طاقة). وكذا في العبرانية (انظر تثينة ٢٨: ٣٢ ونحميا ٥: ٥ وميخا ٢: ١).
وكان بعض كلام لابان حقاً وبعضه باطلاً فإنه لم يكن يرغب في أن يفارقه يعقوب فلحقه ليأخذ منه ما استطاع من المقتنيات.
٣١، ٣٢ «٣١ فَأَجَابَ يَعْقُوبُ: إِنِّي خِفْتُ لأَنِّي قُلْتُ لَعَلَّكَ تَغْتَصِبُ ٱبْنَتَيْكَ مِنِّي. ٣٢ اَلَّذِي تَجِدُ آلِهَتَكَ مَعَهُ لاَ يَعِيشُ. قُدَّامَ إِخْوَتِنَا ٱنْظُرْ مَاذَا مَعِي وَخُذْهُ لِنَفْسِكَ. (وَلَمْ يَكُنْ يَعْقُوبُ يَعْلَمُ أَنَّ رَاحِيلَ سَرَقَتْهَا)».
ص ٤٤: ٩
فَأَجَابَ يَعْقُوبُ عذر يعقوب على هربه صحيح وأما سرقة الترافيم فلم يكن عالماً بها فكانت كسرقة بنيامين الطاس (ص ٤٤: ١ – ١٣).
لاَ يَعِيشُ رأى الربانيون أن كلام يعقوب هذا نبوءة بموت راحيل قبل إكمال عمرها ولكن المعنى واضح وهو من سرق آلهتك فاقتله.
٣٣ – ٣٥ «٣٣ فَدَخَلَ لاَبَانُ خِبَاءَ يَعْقُوبَ وَخِبَاءَ لَيْئَةَ وَخِبَاءَ ٱلْجَارِيَتَيْنِ وَلَمْ يَجِدْ. وَخَرَجَ مِنْ خِبَاءِ لَيْئَةَ وَدَخَلَ خِبَاءَ رَاحِيلَ. ٣٤ وَكَانَتْ رَاحِيلُ قَدْ أَخَذَتِ ٱلأَصْنَامَ وَوَضَعَتْهَا فِي حِدَاجَةِ ٱلْجَمَلِ وَجَلَسَتْ عَلَيْهَا. فَجَسَّ لاَبَانُ كُلَّ ٱلْخِبَاءِ وَلَمْ يَجِدْ. ٣٥ وَقَالَتْ لأَبِيهَا: لاَ يَغْتَظْ سَيِّدِي أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُومَ أَمَامَكَ لأَنَّ عَلَيَّ عَادَةَ ٱلنِّسَاءِ. فَفَتَّشَ وَلَمْ يَجِدِ ٱلأَصْنَامَ».
خروج ٢٠: ١٢ ولاويين ١٩: ٣٢ لاويين ١٥: ٢٠ إلى ٢٢
حِدَاجَةِ ٱلْجَمَلِ (الحداجة مركب للنساء وأداته وفي العبرانية في كور الجمل أي رحله أو سرجه لكن السرج غلب استعماله للخيل). وإخفاء الترافيم تحت الكور يدل على أنها كانت صغيرة.
٣٦ – ٣٨ «٣٦ فَٱغْتَاظَ يَعْقُوبُ وَخَاصَمَ لاَبَانَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ لِلاَبَانَ: مَا جُرْمِي؟ مَا خَطِيَّتِي حَتَّى حَمِيتَ وَرَائِي؟ ٣٧ إِنَّكَ جَسَسْتَ جَمِيعَ أَثَاثِي. مَاذَا وَجَدْتَ مِنْ جَمِيعِ أَثَاثِ بَيْتِكَ؟ ضَعْهُ هٰهُنَا قُدَّامَ إِخْوَتِي وَإِخْوَتِكَ! فَلْيُنْصِفُوا بَيْنَنَا ٱلٱثْنَيْنِ. ٣٨ اَلآنَ عِشْرِينَ سَنَةً أَنَا مَعَكَ. نِعَاجُكَ وَعِنَازُكَ لَمْ تُسْقِطْ. وَكِبَاشَ غَنَمِكَ لَمْ آكُلْ. ٣٩ فَرِيسَةً لَمْ أُحْضِرْ إِلَيْكَ. أَنَا كُنْتُ أَخْسَرُهَا. مِنْ يَدِي كُنْتَ تَطْلُبُهَا. مَسْرُوقَةَ ٱلنَّهَارِ أَوْ مَسْرُوقَةَ ٱللَّيْلِ».
حزقيال ٣٤: ٢ و٣ خروج ٢٢: ١٠ إلى ١٣ خروج ٢٢: ١٢
فَٱغْتَاظَ يَعْقُوبُ لأنه رأى شكواه سرقة الترافيم حيلة يتمكن بها من تفتيش أمتعته ولما لم يجد لابان شيئاً كان ليعقوب أن يُظهر غضبه طبعاً.
٤٠ «كُنْتُ فِي ٱلنَّهَارِ يَأْكُلُنِي ٱلْحَرُّ وَفِي ٱللَّيْلِ ٱلْجَلِيدُ، وَطَارَ نَوْمِي مِنْ عَيْنَيَّ».
فِي ٱللَّيْلِ ٱلْجَلِيدُ يشتد برد الليل في الشرق من أيلول إلى أيار فيكون المصير من حر النهار إلى برد الليل من أشد المضرات بالصحة.
٤١ «اَلآنَ لِي عِشْرُونَ سَنَةً فِي بَيْتِكَ. خَدَمْتُكَ أَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَةً بِٱبْنَتَيْكَ، وَسِتَّ سِنِينٍ بِغَنَمِكَ. وَقَدْ غَيَّرْتَ أُجْرَتِي عَشَرَ مَرَّاتٍ!».
ص ٢٩: ٢٠ و٢٧ ع ٧
انظر تفسير ص ٢٩: ٢٧
٤٢ «لَوْلاَ أَنَّ إِلٰهَ أَبِي إِلٰهَ إِبْرَاهِيمَ وَهَيْبَةَ إِسْحَاقَ كَانَ مَعِي، لَكُنْتَ ٱلآنَ قَدْ صَرَفْتَنِي فَارِغاً. قَدْ نَظَرَ ٱللهُ مَشَقَّتِي وَتَعَبَ يَدَيَّ، فَوَبَّخَكَ ٱلْبَارِحَةَ».
مزمور ١٢٤: ١ و٢ ع ٥٣ وإشعياء ٨: ١٣ ص ٢٩: ٣٢ وخروج ٣: ٧ ١أيام ١٢: ١٧ ويهوذا ٩
وَهَيْبَةَ إِسْحَاقَ أي موضع عبادة إسحاق أو إله إسحاق وعبر يعقوب عنه بهذه العبارة تعظيماً وتنزيهاً له عن أن يذكره بلسانه. وإله إسحاق هنا هو الرب «يهوه» (ص ٢٨: ١٣).
٤٣ – ٤٦ «٤٣ فَأَجَابَ لاَبَانُ: ٱلْبَنَاتُ بَنَاتِي وَٱلْبَنُونَ بَنِيَّ وَٱلْغَنَمُ غَنَمِي، وَكُلُّ مَا أَنْتَ تَرَى فَهُوَ لِي. فَبَنَاتِي مَاذَا أَصْنَعُ بِهِنَّ ٱلْيَوْمَ أَوْ بِأَوْلاَدِهِنَّ ٱلَّذِينَ وَلَدْنَ؟ ٤٤ فَٱلآنَ هَلُمَّ نَقْطَعْ عَهْداً أَنَا وَأَنْتَ، فَيَكُونُ شَاهِداً بَيْنِي وَبَيْنَكَ. ٤٥ فَأَخَذَ يَعْقُوبُ حَجَراً وَأَوْقَفَهُ عَمُوداً، ٤٦ وَقَالَ يَعْقُوبُ لإِخْوَتِهِ: ٱلْتَقِطُوا حِجَارَةً. فَأَخَذُوا حِجَارَةً وَعَمِلُوا رُجْمَةً وَأَكَلُوا هُنَاكَ عَلَى ٱلرُّجْمَةِ».
ص ٢٦: ٢٨ ص ٢٨: ١٨
فَأَجَابَ لاَبَانُ كان جوابه برفق ولين لا بعنف وغضب كما تدل القرينة وأبان به أنه لم يلحقه ليضره لأنه هو وأباه واحد إذ البنات بناته الخ ولذلك طلب لابان أن يكون بينه وبين يعقوب عهد على أن يحسن معاملة ابنتيه وأن لا يتزوج عليهما وعلى أنه هو نفسه لا يسيء إلى يعقوب. وحينئذ أخذ يعقوب حجراً وأوقفه عموداً ليكون مذبحاً وذكرى وعمل لابان عمله. ولعلهما نصبا الحجرين بين الجبلين اللذين نزلا عليهما (ع ٢٥) وجمعا حجارة كثيرة جعلوها أكمة أَولما عليها دليلاً على الصداقة (ص ٢٦: ٣٠).
٤٧، ٤٨ «٤٧ وَدَعَاهَا لاَبَانُ «يَجَرْ سَهْدُوثَا» وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَدَعَاهَا «جَلْعِيدَ» ٤٨ وَقَالَ لاَبَانُ: هٰذِهِ ٱلرُّجْمَةُ هِيَ شَاهِدَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ٱلْيَوْمَ. لِذٰلِكَ دُعِيَ ٱسْمُهَا «جَلْعِيدَ».
يشوع ٢٤: ٢٧
يَجَرْ سَهْدُوثَا كلمتان سريانيتان معناهما «ركام الشهادة» كجلعيد والمرجّح أن اللغة السريانية الأرامية كانت لغة أهل الجزيرة أي ما بين النهرين. ولكن كان لابان وأهل بيته يتكلمون بالعبرانية أيضاً بدليل تسميته المكان بالمصفاة (ع ٤٩) وهي كلمة عبرانية ومن أسماء الأولاد الذين سمتهم ابنتاه.
٤٩ – ٥٢ «٤٩ وَ «ٱلْمِصْفَاةَ» لأَنَّهُ قَالَ: لِيُرَاقِبِ ٱلرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ حِينَمَا نَتَوَارَى بَعْضُنَا عَنْ بَعْضٍ. ٥٠ إِنَّكَ لاَ تُذِلُّ بَنَاتِي، وَلاَ تَأْخُذُ نِسَاءً عَلَى بَنَاتِي. لَيْسَ إِنْسَانٌ مَعَنَا. اُنْظُرْ. اَللّٰهُ شَاهِدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ. ٥١ وَقَالَ لاَبَانُ لِيَعْقُوبَ: هُوَذَا هٰذِهِ ٱلرُّجْمَةُ، وَهُوَذَا ٱلْعَمُودُ ٱلَّذِي وَضَعْتُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ. ٥٢ شَاهِدَةٌ هٰذِهِ ٱلرُّجْمَةُ وَشَاهِدٌ ٱلْعَمُودُ أَنِّي لاَ أَتَجَاوَزُ هٰذِهِ ٱلرُّجْمَةَ إِلَيْكَ وَأَنَّكَ لاَ تَتَجَاوَزُ هٰذِهِ ٱلرُّجْمَةَ وَهٰذَا ٱلْعَمُودَ إِلَيَّ لِلشَّرِّ».
قضاة ١١: ٢٩
ٱلْمِصْفَاةَ أي المرقب.
٥٣ «إِلٰهُ إِبْرَاهِيمَ وَآلِهَةُ نَاحُورَ، آلِهَةُ أَبِيهِمَا، يَقْضُونَ بَيْنَنَا. وَحَلَفَ يَعْقُوبُ بِهَيْبَةِ أَبِيهِ إِسْحَاقَ».
يشوع ٢٤: ٢ ص ١٦: ٥ ص ٢١: ٢٣ ع ٤٢
يَقْضُونَ بضمير الجمع. إن لابان ذكر «إلوهيم» أي الله وإلوهيم جمع. وذكر إلوهيم إبراهيم وإلوهيم ناحور لأنه كان يعتبر كلاً منهما ممتازاً عن الآخر. والأول في العبرانية مفرد والآخر جمع وعلة ذلك ترجيح أن ناحور كان يمزج عبادة الرب بعبادة غيره ولكن إبراهيم كان موحداً وكذا إسحاق ويعقوب (انظر تفسير ص ٢٠: ١٣).
٥٤، ٥٥ «٥٤ وَذَبَحَ يَعْقُوبُ ذَبِيحَةً فِي ٱلْجَبَلِ وَدَعَا إِخْوَتَهُ لِيَأْكُلُوا طَعَاماً. فَأَكَلُوا طَعَاماً وَبَاتُوا فِي ٱلْجَبَلِ. ٥٥ ثُمَّ بَكَّرَ لاَبَانُ صَبَاحاً وَقَبَّلَ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَبَارَكَهُمْ وَمَضَى. وَرَجَعَ لاَبَانُ إِلَى مَكَانِهِ».
ص ٢٨: ١ ص ١٨: ٣٣ و٣٠: ٢٥
وَذَبَحَ يَعْقُوبُ ذبيحة الوليمة.
السابق |
التالي |