الرسالة الأولى إلى كورنثوس | 09 | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح الرسالة الثانية إلى كورنثوس
للدكتور . وليم إدي
الأصحاح التاسع
وجوب أن ينكر المسيحيون أنفسهم بغية نفع الغير وتقديم الرسول نفسه مثالاً لذلك
بيان أن للرسول حقاً بأخذ نفقته من الكنيسة وأنه لم يطلب حقه في الجسديات لكي يفيدهم في الروحيات (ع ١ – ١٨). وإنه لم يقتصر على إنكار نفسه في أمر النفقة بل أنكرها في أمور أخرى رغبة في إرضاء غيره بالنظر إلى آرائهم ومطاليبهم وفي هدايتهم إلى المسيح (ع ١٩ – ٢٣). وإنه لا يمكن النجاح في أمر ما بلا الاجتهاد وإنكار النفس وضبطها (ع ٢٤ – ٢٧).
إنه بيّن في الأصحاح الثامن وجوب الامتناع عن بعض الأشياء الجائزة بغية نفع الإخوة الضعفاء. وبيّن في هذا الأصحاح أنه لم يكلفهم بشيء من إنكار النفس إلا وهو قد كلف نفسه بمثله أو بأكثر منه.
١ «أَلَسْتُ أَنَا رَسُولاً؟ أَلَسْتُ أَنَا حُرّاً؟ أَمَا رَأَيْتُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ رَبَّنَا؟ أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ عَمَلِي فِي ٱلرَّبِّ؟!».
أعمال ٩: ١٥ و١٣: ٢ و٢٦: ١٧ و٢كورنثوس ١٢: ١٢ وغلاطية ٢: ٧ و٨ و١تيموثاوس ٢: ٧ و٢تيموثاوس ١: ١١ أعمال ٩: ٣ و١٧ و١٨: ٩ و٢٢: ١٤ و١٨ وص ١٥: ٨ ص ٣: ٦ و٤: ١٥
أبان الرسول في هذه الآية والآيتين اللتين بعدها أنه رسول وله كل ما يحق للرسول وإن عدم طلبه ما يحق له كان تبرعاً واختياراً.
أَلَسْتُ أَنَا رَسُولاً غاية بولس من هذا الاستفهام التأكيد وأنه مستعد أن يثبت أنه رسول بالبراهين. ولعل بعض المعلمين الذين في كورنثوس أظهر ريبه في رسوليته فأقام على صحة دعواه الأدلة. وعلامات مرسلية كل رسول ثلاث:
- الأولى: إن المسيح عيّنه وهو قد عاينه (أعمال ١: ٢ و٨ و٢١ و١٠: ٣٩ و٢٢: ١٥ وغلاطية ١: ١٢) ومثل هذا كثير.
- الثانية: صنعه المعجزات.
- الثالثة: نجاح خدمته. فاقتصر بولس في هذا الأصحاح على بيان أن له العلامة الأولى والعلامة الثالثة وأبان الثانية في (٢كورنثوس ١٢: ١٢).
أَلَسْتُ أَنَا حُرّاً جاءت هذه العبارة في بعض النسخ قبل قوله «ألست أنا رسولاً» ومعناه أليس لي حرية كسائر المؤمنين والرسل وأن أفعل حسب علمي وضميري وأن أطلب حقوقي بلا التفات إلى آراء البعض وأوهامهم. والمرجح أن الحرية التي أشار إليها هي أن يترك العمل بيديه لتحصيل أمور المعاش وأن تقوم بنفقته الكنائس التي خدمها في الروحيات. ولعل بعض الناس استدل على أنه ليس برسول بعدم طلبه تلك الحقوق وأنه لم يطلبها لمعرفته أنه لا يستحقها.
أَمَا رَأَيْتُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ رَبَّنَا رؤية الإنسان للمسيح شرطاً ضرورياً ليكون رسولاً (أعمال ١: ٢١ و٢٢). ورأى بولس يسوع المسيح وهو سائر على طريق دمشق يوم قال له «أنا يسوع الذي أنت تضطهده» (أعمال ٩: ٣ – ٥ و١٧ و٢٢: ١٤ – ١٦). ورآه مراراً أخرى (أعمال ١٨: ٩ و٢٢: ١٧ و١٨ و١كورنثوس ١٥: ٨).
أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ عَمَلِي فِي ٱلرَّبِّ هذا يدل على أن إيمانهم بالمسيح كان نتيجة تعليمه إياهم في الوقت الذي صرّح فيه بأنه رسول وهذا دليل على أن المسيح أرسله واعتبره رسولاً وبارك عمله (انظر ص ٤: ١٥). ومعنى قوله «عملي في الرب» العمل الذي أتاه في خدمة الرب وبأمره وبالاتكال على وقته وبركته.
٢ «إِنْ كُنْتُ لَسْتُ رَسُولاً إِلَى آخَرِينَ، فَإِنَّمَا أَنَا إِلَيْكُمْ رَسُولٌ، لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ خَتْمُ رِسَالَتِي فِي ٱلرَّبِّ».
٢كورنثوس ٣: ٢ و١٢: ١٢
إِنْ كُنْتُ لَسْتُ رَسُولاً إِلَى آخَرِينَ الذين أتوا إلى كورنثوس بعد ذهابي منها ولم يختبروا سلطان رسوليتي فشكوا فيها.
فَإِنَّمَا أَنَا إِلَيْكُمْ رَسُولٌ أي ليس لكم أن تشكوا في رسوليتي كالذين لم يقفوا على بيّناتها.
لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ خَتْمُ رِسَالَتِي أي أن إيمانهم وتجدد قلوبهم برهان على صحة رسوليته لأن تغيّر القلب عمل إلهي كالمعجزات فإن الله لا يجري المعجزات على يد من ادّعى الرسولية كذباً.
فِي ٱلرَّبِّ كرر هذا ليدل على أنه اعتبر المسيح مصدر كل نجاحه.
٣ «هٰذَا هُوَ ٱحْتِجَاجِي عِنْدَ ٱلَّذِينَ يَفْحَصُونَنِي».
هٰذَا هُوَ ٱحْتِجَاجِي على صدق دعواي رسول وهو ما تضمنته الآية الأولى والآية الثانية من أنه رأى الرب يسوع وأن نجاحه في التبشير ختم الرب لرسوليته وإثبات لها. وهذا البرهان أقنع بطرس ويعقوب ويوحنا وأعطوه يمين الشركة بناء على ما فعل الرب بيده بين الأمم (غلاطية ٢: ٨ و٩).
لم يُورد بولس في هذه الرسالة غير ما ذكره من الأدلة على كونه رسولاً لكنه أورد غيرها في الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس (٢كورنثوس ص ٣ وص ١١ وص ١٢).
٤ «أَلَعَلَّنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ نَأْكُلَ وَنَشْرَبَ؟»
ع ١٤ و١تسالونيكي ٢: ٦ و٢تسالونيكي ٣: ٩
أَلَعَلَّنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أي لنا حق أن نعيش على نفقة الكنيسة ونحن نخدمها في الروحيات بناء على قول المسيح «وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ… أَقِيمُوا فِي ذٰلِكَ ٱلْبَيْتِ آكِلِينَ وَشَارِبِينَ مِمَّا عِنْدَهُمْ، لأَنَّ ٱلْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌّ أُجْرَتَهُ» (لوقا ١٠: ٥ و٧). فليس مراد الرسول أنه غير مكلف بإطاعة الشريعة اليهودية من جهة تمييز الأطعمة.
٥ «أَلَعَلَّنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ نَجُولَ بِأُخْتٍ زَوْجَةً كَبَاقِي ٱلرُّسُلِ وَإِخْوَةِ ٱلرَّبِّ وَصَفَا؟».
متّى ١٣: ٥٥ ومرقس ٦: ٣ ولوقا ٦: ١٥ وغلاطية ١: ١٩ متّى ٨: ١٤ ويوحنا ١: ٤٢ وص ١: ١٢
غاية الرسول من هذه الآية إثبات أن له ما لسائر الرسول من الحقوق.
أَنْ نَجُولَ للتبشير بالإنجيل وهذا دليل على أنه لم يكن مقيماً بمدينة واحدة بل كان يذهب من مكان إلى آخر منادياً ببشرى الخلاص.
بِأُخْتٍ زَوْجَةً أي بزوجة مؤمنة. فزوجة مؤمنة تفسير لأخت. وليس مُفاد السؤال أن له حقاً أن يتزوج بل أن يأخذ من الكنيسة نفقة زوجة فضلاً عن نفقة نفسه. فالظاهر أن أعداءه قالوا علة أنه لم يتزوج ويجول بامرأة على نفقة الكنيسة كما فعل بعض الرسل لمعرفته أنه ليس برسول وليس له حقوق رسول فنفى ذلك القول وصرّح بأن له ما لغيره من الرسل من الحقوق لكنه لم يطلبها لأسباب ذكرها بعد.
كَبَاقِي ٱلرُّسُلِ هذا دليل على أن أكثر الرسل متزوجون وأنهم جالوا للتبشير وزوجاتهم معهم لكي يبشرنَ النساء اللواتي لم يكن للرسل سبيل إلى مخاطبتهن فوق خدمتهن لأزواجهن.
وَإِخْوَةِ ٱلرَّبِّ وهم يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا (متى ١٣: ٥٥). هؤلاء لم يؤمنوا بالمسيح في أول دعوته (يوحنا ٧: ٥ ومرقس ٣: ٢١) لكنهم آمنوا بعد ذلك (أعمال ١: ١٤). ويظهر من كلام الرسول هنا أنهم صاروا مبشرين وجالوا للتبشير مع زوجاتهم. وذُكر يعقوب أيضاً في (أعمال ١٢: ١٧ و١٥: ١٣ و٢١: ١٨ وغلاطية ١: ١٩ و٢: ٩ و١٢). ولم يُذكر في سفر الأعمال غيره من إخوة الرب لقلّة شهرتهم.
وَصَفَا أي بطرس (يوحنا ١: ٤٢). وذُكر أنه كان متزوجاً في بعض البشائر (متى ٨: ١٤ ومرقس ١: ٣٠). ويظهر مما قيل هنا أن زوجته بقيت معه بعدما صار رسولاً.
٦ «أَمْ أَنَا وَبَرْنَابَا وَحْدَنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ لاَ نَشْتَغِلَ؟».
٢تسالونيكي ٣: ٨ و٩
إن بولس وبرنابا بشرا معاً (أعمال ١١: ٣٠ و١٢: ٢٥ و١٥: ٢٢ و٣٥). ونعلم أن بولس اشتغل بصناعة الخيام في كورنثوس (أعمال ١٨: ٣). ونستدل من الآية أن برنابا اقتدى ببولس ولم يسأل الكنيسة بل عمل بيديه لتحصيل أسباب المعاش. ومفاد السؤال أنه كان لبولس وبرنابا حق أن يعملا بأيديهما بغية ما يحتاجان إليه من الدنيويات إذا أرادا. ولم يستطع أحد أن يلومهما على تقصيرهما في الخدمة الروحية وعلى أن خدمتهما كانت أقل نفعاً من خدمة غيرهما.
٧ «مَنْ تَجَنَّدَ قَطُّ بِنَفَقَةِ نَفْسِهِ؟ وَمَنْ يَغْرِسُ كَرْماً وَمِنْ ثَمَرِهِ لاَ يَأْكُلُ؟ أَوْ مَنْ يَرْعَى رَعِيَّةً وَمِنْ لَبَنِ ٱلرَّعِيَّةِ لاَ يَأْكُلُ؟».
٢كورنثوس ١٠: ٤ و١تيموثاوس ٦: ١٢ و٢تيموثاوس ٢: ٣ و٤: ٧ تثنية ٢٠: ٦ وأمثال ٢٧: ١٨ وص ٣: ٦ – ٨ يوحنا ٢١: ١٥ و١بطرس ٥: ٢
أخذ الرسول من (ع ٧ – ١٣) في بيان أنه يحق للمبشرين أخذ نفقاتهم من الكنائس وأورد أربعة أمثلة لذلك البيان. الأول مثال الجندي. والثاني مثال الكرام. والثالث مثال الراعي. والرابع مثال كهنة اليهود. فإن هؤلاء كلهم عاشوا من أجرة أعمالهم فيحق للمبشر أن يعيش من أجرة تبشيره ثم بيّن أنه لم يطلب هذا الحق لنفسه.
مَنْ تَجَنَّدَ قَطُّ بِنَفَقَةِ نَفْسِهِ أي لا يحق أن يُنتظر من الجندي وهو يحارب دفعاً عن ملكه وبلاده أن يعول نفسه إذ لا يمكنه ذلك إلا بأن يسرق الطعام واللباس ويقصر في الواجبات العسكرية. وكذا ليس من العدل أن يُطلب من المبشر أن يقوم بنفقة نفسه.
وَمَنْ يَغْرِسُ كَرْماً وَمِنْ ثَمَرِهِ لاَ يَأْكُلُ ينفق الكرام على نفسه من غلة كرمه وكذا للمبشر الذي يزرع كلمة الله حق أن تعتني به الكنيسة التي يخدمها.
مَنْ يَرْعَى رَعِيَّةً وَمِنْ لَبَنِ الخ أورد مثال الراعي الذي يقتات بلبن رعيته أو بثمنه بياناً أن للراعي الروحي حقاً أن يقتات بنفقة رعيته.
٨ «أَلَعَلِّي أَتَكَلَّمُ بِهٰذَا كَإِنْسَانٍ؟ أَمْ لَيْسَ ٱلنَّامُوسُ أَيْضاً يَقُولُ هٰذَا؟».
أَلَعَلِّي أَتَكَلَّمُ بِهٰذَا كَإِنْسَانٍ أي لم أتكلم بحسب رأيي البشري الخاص كسائر الناس (انظر رومية ٣: ٥ وغلاطية ٣: ١٥). والمراد أنه لم يبرهن صحة دعواه أن للمبشر حقاً أن يعيش بنفقة الكنيسة بما تعلمه من عوائد الناس على ما ذُكر في (ع ٧).
أَمْ لَيْسَ ٱلنَّامُوسُ أَيْضاً الخ القرينة تدل على أن الناموس هنا شريعة الله بلسان موسى. والمعنى أن الله أثبت ذلك المبدأ بأمره الإلهي.
٩ «فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ مُوسَى: لاَ تَكُمَّ ثَوْراً دَارِساً. أَلَعَلَّ ٱللّٰهَ تُهِمُّهُ ٱلثِّيرَانُ؟».
تثنية ٢٥: ٤ و١تيموثاوس ٥: ١٨
مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ مُوسَى (تثنية ٢٥: ٤). وإيراد الأدلة من الناموس الموسوي يُفحم كل من أصله يهودي من أعدائه. والأرجح أن أكثر المعترضين عليه كانوا من متنصري اليهود.
لاَ تَكُمَّ ثَوْراً دَارِساً كثيراً ما ذُكر في العهد القديم استخدام الثيران للدراس والغاية من هذه الوصية وجوب معاملة الثور العامل بالرحمة والحق وإيجاب أن يأكل مما يتعب به. واقتبس الرسول هذه العبارة أيضاً في (١تيموثاوس ٥: ١٨).
أَلَعَلَّ ٱللّٰهَ تُهِمُّهُ ٱلثِّيرَانُ لا ريب في أنه يعتني بالثيران كما يعتني بالغربان (أيوب ٣٨: ٤١ ومزمور ١٤٧: ٩). وبطيور السماء (متّى ٤: ٢٦ ولوقا ١٢: ٢٤) وبسائر البهائم (يونان ٤: ١١). وغاية السؤال أن ما يصدق على الثيران من هذه الجهة يصدق على كل حيوانات الأرض ناطقة وغير ناطقة وأن الله يعتني بالجميع وأنه يريد أن يُعامل كل عامل بالرفق والعدل. فما قاله في أمر الثيران تنبيه للإنسان على أن يكون رفيقاً معطياً لكل فاعل ما يستحقه اقتداء بخالقه.
١٠ «أَمْ يَقُولُ مُطْلَقاً مِنْ أَجْلِنَا؟ إِنَّهُ مِنْ أَجْلِنَا مَكْتُوبٌ. لأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْحَرَّاثِ أَنْ يَحْرُثَ عَلَى رَجَاءٍ، وَلِلدَّارِسِ عَلَى ٱلرَّجَاءِ أَنْ يَكُونَ شَرِيكاً فِي رَجَائِهِ».
٢تيموثاوس ٢: ٦
أَمْ يَقُولُ مُطْلَقاً مِنْ أَجْلِنَا أي إن غاية الله من هذا الأمر الخاص التنبية على مبدإ عام يعم الناس والبهائم وهو «كل فاعل مستحق أجرته». والضمير في «أجلنا» ليس للرسل وحدهم بل لكل الناس لأنهم أسمى من سائر الحيوان.
إِنَّهُ مِنْ أَجْلِنَا مَكْتُوبٌ أي جل غاية الله مما كتب نفع الفعلة من الناس.
لِلْحَرَّاثِ أَنْ يَحْرُثَ عَلَى رَجَاءٍ، وَلِلدَّارِسِ عَلَى ٱلرَّجَاءِ أي على أمل أن كلاً منهما يثاب على تعبه.
فِي رَجَائِهِ أي في مرجوه وهو ثمر تعبه. وهذا مثل قوله «يَجِبُ أَنَّ ٱلْحَرَّاثَ ٱلَّذِي يَتْعَبُ يَشْتَرِكُ هُوَ أَوَّلاً فِي ٱلأَثْمَارِ» (٢تيموثاوس ٢: ٦). ويصح هذا على الحارث والدارس المجازين كما يصح على الحارث والدارس الحقيقيين. أي كل إنسان يتعب يستحق أجرة تعبه سواء تعب بيديه أم بشفتيه أو بعقله لتحصيل الطعام أو لخلاص النفوس. وأمل الثواب على العمل يحث على الاجتهاد فيه. وإذا لم يكن من أمل في الثواب على العمل لم تكن من رغبة فيه. لا يُتوقع أن إنساناً يتعب بلا أجرة لا في جمع حصيد أرضي ولا في جمع حصيد روحي.
١١ «إِنْ كُنَّا نَحْنُ قَدْ زَرَعْنَا لَكُمُ ٱلرُّوحِيَّاتِ، أَفَعَظِيمٌ إِنْ حَصَدْنَا مِنْكُمُ ٱلْجَسَدِيَّاتِ؟»
رومية ١٥: ٢٧ وغلاطية ٦: ٦
هنا بيان نتيجة ما سبق وهي وجوب أن تقوم الكنيسة بنفقة الرسل والمبشرين الذين يخدمونها.
زَرَعْنَا لَكُمُ ٱلرُّوحِيَّاتِ أي معرفة الإنجيل والإيمان بالمسيح ورجاء الخلاص وسائر أثمار الروح وهذه أمور لا تُثمن.
أَفَعَظِيمٌ إِنْ حَصَدْنَا مِنْكُمُ ٱلْجَسَدِيَّاتِ يتحصل من العبارة السابقة ومن هذه العبارة أن مراد الرسول أننا نفعناكم بنوع من البركات التي كنتم محتاجين إليها فمن الإنصاف أنكم تنفعوننا بنوع آخر من البركات. نحن أعطيانكم خيراً أبدياً لنفوسنا فيجب أن تعطونا خيراً زمنياً لأجسادنا. ففي كتاب الله دليل قاطع على أنه يحق لخادم الكنيسة أن يأخذ نفقته منها.
١٢ «إِنْ كَانَ آخَرُونَ شُرَكَاءَ فِي ٱلسُّلْطَانِ عَلَيْكُمْ، أَفَلَسْنَا نَحْنُ بِٱلأَوْلَى؟ لٰكِنَّنَا لَمْ نَسْتَعْمِلْ هٰذَا ٱلسُّلْطَانَ، بَلْ نَتَحَمَّلُ كُلَّ شَيْءٍ لِئَلاَّ نَجْعَلَ عَائِقاً لإِنْجِيلِ ٱلْمَسِيحِ».
أعمال ٢٠: ٣٢ وع ١٥ و١٨ و٢كورنثوس ١١: ٧ و٩ و١٢: ١٣ و١تسالونيكي ٢: ٦ و٢كورنثوس ١١: ١٢
سلّم مسيحيو كورنثوس بأنه يحق لغير بولس من معلميهم أخذ النفقة منهم ومن الظلم إباؤهم أن يسلموا بمثل ذلك لبولس مع أنه أول من علّمهم الإنجيل وفتح لهم باب الإيمان وكان أباهم الروحي.
لَمْ نَسْتَعْمِلْ هٰذَا ٱلسُّلْطَانَ أي تركنا اختياراً طلب ما يحق لنا.
بَلْ نَتَحَمَّلُ كُلَّ شَيْء من آلام العوز وتعب الكدّ (ص ٤: ١١ – ١٤ وأعمال ١٨: ٣ و٢٠: ٣٤ و٣٥).
لِئَلاَّ نَجْعَلَ عَائِقاً لإِنْجِيلِ ٱلْمَسِيحِ أي لئلا يظن أحد أننا خدمنا الإنجيل طمعاً في الربح الدنيوي والمعاش بلا عمل. إنه كان للرسول أعداء في كورنثوس ينسبون إليه غايات رديئة رغبة في منع الناس من سمع تعليمه والإيمان بالإنجيل (ع ١٨ و٢كورنثوس ١١: ٧ – ٩ و١٢: ١٤ وأعمال ٢٠: ٣٣ و٣٤ و٢تسالونيكي ٣: ٨).
١٣ «أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلأَشْيَاءِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، مِنَ ٱلْهَيْكَلِ يَأْكُلُونَ؟ ٱلَّذِينَ يُلاَزِمُونَ ٱلْمَذْبَحَ يُشَارِكُونَ ٱلْمَذْبَحَ».
لاويين ٦: ١٦ و٢٦ و٧: ٦ الخ وعدد ٥: ٩ و١٠ و١٨: ٨ – ٢٠ وتثنية ١٠: ٩ و١٨: ١
في هذه الآية المثال الرابع في الاستدلال على أنه يحق للمبشرين أخذ النفقة من الشعب وهو ما عيّنه الله للكهنة واللاويين الذين كانوا يخدمون في هيكل أورشليم. كان لبولس أن يورد كهنة كل الأديان مثالاً في أنهم كانوا ينفقون مما يعطيهم الشعب على خدمة آلهتهم فاقتصر على إيراد كهنة اليهود لأن المسيحيين مكلفون بأن يقتدوا باليهود في اعتنائهم بخدمة دينهم.
ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلأَشْيَاءِ ٱلْمُقَدَّسَةِ المرجح أنهم اللاويون المساعدون للكهنة والقائمون بحراسة الهيكل والعناية به وبدخله وبخرجه. وكان بعضهم يعتني بالترنيم والتوقيع على آلات الطرب (عدد ٣: ١ – ٣٦ و٤: ١ و٣٠ و٣٥ و٤٢ و٨: ٥ – ٢٢ و١أيام ٢٣: ٣ – ٥ و٢٤ و٢٧ و٢٤: ٣٠ و٣١).
مِنَ ٱلْهَيْكَلِ يَأْكُلُونَ أي ينفوقون من تقدمات الشعب له. ففي الناموس «إِنَّ عُشُورَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي يَرْفَعُونَهَا لِلرَّبِّ رَفِيعَةً قَدْ أَعْطَيْتُهَا لِلاَّوِيِّينَ نَصِيباً الخ» (عدد ١٨: ٢٤ – ٣٢).
ٱلَّذِينَ يُلاَزِمُونَ ٱلْمَذْبَحَ أي يقدمون الذبائح عليه وهم الكهنة بنو هرون.
يُشَارِكُونَ ٱلْمَذْبَحَ أي يأخذون من كل ذبيحة جزءاً كما عيّن الله (لاويين ٦: ١٦ و٢٦ و٧: ٦ وعدد ص ٥ وص ١٨ وتثنية ص ١٠ وص ١٨).
١٤ «هٰكَذَا أَيْضاً أَمَرَ ٱلرَّبُّ: أَنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَ بِٱلإِنْجِيلِ، مِنَ ٱلإِنْجِيلِ يَعِيشُونَ».
متّى ١٠: ١٠ ولوقا ١٠: ٧ غلاطية ٦: ٦ و١تيموثاوس ٥: ١٧
نسب ما سبق إلى المبشرين بالإنجيل.
هٰكَذَا أَيْضاً كما رسم الله من جهة خدم الدين في العهد القديم.
أَمَرَ ٱلرَّبُّ يسوع المسيح في شأن خدم الدين في عصر الإنجيل. وهذا علاوة على الأمثلة الأربعة التي ذكرها وأقوى منها جميعاً.
مِنَ ٱلإِنْجِيلِ يَعِيشُونَ أي يأخذون نفقتهم من الشعب الذي يبشرونه وليسوا بمكلفين أن يحصلوا أسباب المعاش بعمل أيديهم (متّى ١٠: ١٠ ولوقا ١٠: ٧). فأمر المسيح بذلك وما تكلم به رسوله بإلهام الروح القدس يوجب على القسوس أن يتفرغوا من كل عمل يمنعهم عن بذل كل أوقاتهم وقواهم في إفادة رعيتهم في الروحيات ويوجب على الرعية أن تقوم بنفقة قسوسها باختيار وسرور وذلك ليس على سبيل الإحسان إليهم بل هو أجرة يستحقونها كما يستحقه الأطباء وأساتذة المدارس ووكلاء الأملاك.
١٥ «أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَسْتَعْمِلْ شَيْئاً مِنْ هٰذَا، وَلاَ كَتَبْتُ هٰذَا لِكَيْ يَصِيرَ فِيَّ هٰكَذَا. لأَنَّهُ خَيْرٌ لِي أَنْ أَمُوتَ مِنْ أَنْ يُعَطِّلَ أَحَدٌ فَخْرِي».
أعمال ١٨: ٣ و٢٠: ٢٤ وص ٤: ١٢ وع ١٢ و١تسالونيكي ٢: ٩ و٢تسالونيكي ٣: ٨ و٢كورنثوس ١١: ١٠
فَلَمْ أَسْتَعْمِلْ شَيْئاً مِنْ هٰذَا أي السلطان المذكور في (ع ١٢) فإنه لم يطلب من الكنيسة النفقة التي يستحقها على أتعابه كسائر الفعلة (ع ٧) ولم يطلبها مقابلة لما نفعهم به (ع ١١) ولم يطلب أن يعاملوه معاملتهم لسائر المبشرين (ع ١٢) ولا مثل ما رسم الله لخدمة الهيكل ولا ما رسمه المسيح لخدام الإنجيل (ع ١٣ و١٤) وفضّل أن يحصّل نفقته بتعب يديه.
وَلاَ… لِكَيْ يَصِيرَ فِيَّ هٰكَذَا أي لكي تعولني الكنيسة في المستقبل. إن الرسول ما عدل عن عزمه أن يخدم الكنيسة مجاناً لئلا يعطل أحد فخره.
يُعَطِّلَ أَحَدٌ فَخْرِي لم يرد فخره قدّام الله بل أمام الناس ولا سيما الذين أخذوا نفقتهم من الكنيسة. وموضوع ذلك الفخر أنه بشر بالإنجيل بلا غرض شخصي من ربح مالي أو غيره من الدنيويات فخدم الإنجيل منكراً لنفسه رغبة في خلاص نفوس الناس وتمجيد المسيح. وهذا مثل قوله لشيوخ كنيسة أفسس «فِضَّةَ أَوْ ذَهَبَ أَوْ لِبَاسَ أَحَدٍ لَمْ أَشْتَهِ. أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَاجَاتِي وَحَاجَاتِ ٱلَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا هَاتَانِ ٱلْيَدَانِ» (أعمال ٢٠: ٣٣ و٣٤). فلو أخذ نفقة من كنيسة ما، ما استطاع أن يقول ذلك القول. ففضل أن يموت من الفقر والجوع والبرد والمشقة والعناء على أن يُنزع منه ذلك الفخر.
١٦ «لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ ٱلضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ».
رومية ١: ١٤
إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ أي أن مطلق تبشيره ليس بعلة فخره إنما هي تبشيره مجاناً وأتى ذلك اختياراً لا اضطراراً بياناً لإخلاصه ولذلك اختار أن يقرن تبشيره بإنكاره لنفسه وحرمه إياها من كل راحة بدنية وحمله لها على مقاساة مشقات وافرة.
ٱلضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ الذي يضطر الإنسان إلى عمله لا يمكن أن يكون علة فخر له أو برهاناً على إخلاصه وإنما اضطر بولس إلى التبشير لأن الرب يسوع دعاه إليه من السماء وهو يضطهده ويضطهد كنيسته فوجب عليه أن يبشر شكراً للمسيح على رحمته الخاصة وإطاعة لأمره ولصوت ضميره.
فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ أي لو تركت التبشير لوبخني ضميري ولم يسمح لي أن أستريح فأُري أني مذنب وعرضة لغضب الله والعقاب على معاندتي للدعوة السماوية. فضّل المناداة بالإنجيل مع العناء والفقر والهوان على الراحة والغنى بدونه.
١٧ «فَإِنَّهُ إِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ هٰذَا طَوْعاً فَلِي أَجْرٌ، وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ كَرْهاً فَقَدِ ٱسْتُؤْمِنْتُ عَلَى وَكَالَةٍ».
ص ٣: ٨ و١٤ ص ٤: ١ وغلاطية ٢: ٧ وفيلبي ١: ١٧ وكولوسي ١: ٢٥
غاية بولس من هذه الآية بيان أن الاضطرار إلى التبشير بالإنجيل ينزع من المبشر حق الافتخار بتبشيره.
إِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ هٰذَا طَوْعاً فَلِي أَجْرٌ أي لو كان تبشيري اختيارياً لا اضطرارياً لكان لي فضل به واستحققت الثواب. فالاضطرار عطل الفخر والأجر. ولو أخذ بولس في التبشير تبرعاً بلا أمر من المسيح وبلا أمر من ضميره لكان له حق أن يفتخر ويتوقع الإثابة.
لٰكِنْ إِنْ كَانَ كَرْهاً أي اضطراراً. وهذا هو الواقع لأن بولس رأى أنه مجبر على التبشير (أعمال ٩: ١٥ و٢٢: ١٤ و٢٦: ١٦).
فَقَدِ ٱسْتُؤْمِنْتُ عَلَى وَكَالَةٍ فهو كوكيل مكلف بالقيام بما يجب عليه لموكله وكعبد مضطر أن يخدم سيده بلا توقع ثواب. وهذا كقوله «فليحسبنا الإنسان كخدام ووكلاء سرائر الله» (ص ٤: ١ انظر أيضاً لوقا ١٧: ٩ و١٠).
١٨ «فَمَا هُوَ أَجْرِي؟ إِذْ وَأَنَا أُبَشِّرُ أَجْعَلُ إِنْجِيلَ ٱلْمَسِيحِ بِلاَ نَفَقَةٍ، حَتَّى لَمْ أَسْتَعْمِلْ سُلْطَانِي فِي ٱلإِنْجِيلِ».
ص ١٠: ٣٣ و٢كورنثوس ٤: ٥ و١١: ٧ ص ٧: ٣١
هذه الآية كلها سؤال واحد جمع الرسول فيها كل ما سبق من كلامه على إنكاره لنفسه وعلى تعب عمله بيديه وإعفائه الكنيسة من نفقته التي يستحقها لكي يبيّن الأجر الذي توقعه من كل ذلك.
فَمَا هُوَ أَجْرِي أجاب على السؤال بقوله «لأربح الذين تحت الناموس» (ع ٢٠) «والذين هم بلا ناموس» (ع ٢١) «ولأخلص على كل حال قوماً» (ع ٢٢). والخلاصة أن أجرة نفع الناس بخلاص نفوسهم.
إِذْ وَأَنَا أُبَشِّرُ الخ ما في هذه البقية ليس بأجره إنما هو جزء من السؤال وبيان لعلة توقعه الأجر.
١٩ «فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ ٱلْجَمِيعِ، ٱسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ ٱلأَكْثَرِينَ».
ع ١ غلاطية ٥: ١٣ متى ١٨: ١٥ و١بطرس ٣: ١
هذه الآية أول الجواب على السؤال في التي قبلها والمعنى أنه ربح بالتبشير بلا نفقة وبإنكاره لنفسه نفوساً للمسيح أكثر مما لو بشر بلا ذلك الإنكار.
حُرّاً مِنَ ٱلْجَمِيعِ أي مستقلاً عنهم غير مضطر أن أسير بمقتضى آرائهم.
ٱسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ باختياري. أبان أنه كيف استعبد نفسه في الآيتين الآتيتين وهو أنه بذل جهده في نفعهم كأنه عبد لهم فإنه خدمهم بلا أجرة كالعبد لسيده ولم يلتفت إلى مشيئة نفسه وآرائه في ما لا يخالف ضميره بل سلك بمقتضى إرادتهم وآرائهم وعوائدهم كما يسلك العبد بمقتضى إرادة سيده وآرائه.
لأَرْبَحَ ٱلأَكْثَرِينَ فسّر الرسول هذا بقوله «لأخلص… قوماً» (ع ٢٢) فأعلن الرسول أنه ترك ما حق له وهو أخذ نفقته من الكنيسة ليكون بذلك واسطة إلى أن يرشد بتبشيره إلى المسيح أناساً أكثر ممن يمكنه أن يرشدهم وهو يأخذ تلك النفقة. فإذاً خلاص نفوس الكورنثيين هو أجره الذي ذكره في (ع ١٨). وهذا مثل قوله لأهل تسالونيكي «مَنْ هُوَ رَجَاؤُنَا وَفَرَحُنَا وَإِكْلِيلُ ٱفْتِخَارِنَا؟ أَمْ لَسْتُمْ أَنْتُمْ أَيْضاً أَمَامَ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ؟ لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ مَجْدُنَا وَفَرَحُنَا» (١تسالونيكي ٢: ١٩ و٢٠). تساهل بولس في العرضيات الشخصية بغية رضى الناس ونفعهم ولكنه لم يتساهل في الجوهريات الدينية شيئاً (غلاطية ٢: ٥).
٢٠ «فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ ٱلْيَهُودَ، وَلِلَّذِينَ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ لأَرْبَحَ ٱلَّذِينَ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ».
أعمال ١٦: ٣ و١٨: ١٨ و٢١: ٢٣ الخ
أوضح بولس في هذه الآية واللتين بعدها إنكاره لنفسه واستعباده إياها بالتفصيل ومن هم الذين استعبد نفسه لهم وإن خلاصهم هو أجره.
ٱلْيَهُودَ غير المتنصرين لأن المتنصرين كان قد ربحهم.
صِرْتُ… كَيَهُودِيٍّ أي سار في سنن عوائد اليهود ورسومهم وآرائهم في كل ما لا ينافي حكم ضميره فأبى أن يغيظهم لغير اضطرار (أعمال ١٦: ٣ و١٨: ١٨ و٢٠: ٦ و٢١: ٢١ – ٢٧ و٣٢: ١ – ٦). حفظ بولس شريعة اليهود الرمزية حين كان يتضح للجميع أنه أتى ذلك اختياراً لا اضطراراً فختن تيموثاوس ليقبله اليهود مبشراً لا لأنه اعتقد وجوب ختان المتنصرين من الأمم وأبى أن يختن تيطس حين ادعى بعضهم أن ختانه ضروري لخلاصه.
لِلَّذِينَ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ الأرجح أن هؤلاء هم اليهود المذكورون في العبارة الأولى وعلى رأي من أوجب التمييز بين الفريقين هم الدخلاء. لأنهم امتازوا عن اليهود بأنهم متهودو الأمم.
كَأَنِّي تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ في أسلوب المعيشة والتعليم ليوافقهم على ذوقهم وعوائدهم في كل الأمور الجائزة ولا يهيّج غضبهم وتعصبهم. وأتى ذلك اختياراً بدليل قوله للمؤمنين «لَسْتُمْ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ ٱلنِّعْمَةِ» (رومية ٦: ١٤).
لأَرْبَحَ ٱلَّذِينَ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ أي لأرشدهم بثقتهم بي ومحبتهم لي إلى الإنجيل والخلاص بالمسيح.
٢١ «وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلّٰهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ لأَرْبَحَ ٱلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ».
رومية ٢: ١٢ و١٤ وغلاطية ٣: ٢ ص ٧: ٢٢
لِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ أي الوثنيين لأنه لم يكن لهم شريعة إلهية مكتوبة لترشدهم في العقائد والأعمال (رومية ٢: ١٢).
كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ… لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلّٰهِ استدرك الرسول في الحال بيان معنى قوله «كأني بلا ناموس» وهو أنه لم يتبع شريعة اليهود الرمزية وهو بين الأمم ولم يشر قط إلى أنه لم يحفظ ناموس الله الأدبي.
بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ أي الشريعة الأدبية التي أوجب المسيح حفظها على كل تلاميذه. فرأى بولس نفسه مكلفاً بأن يطيعها أبداً الطاعة الكاملة لكي يرضيه ويمجد اسمه لا لكي يتبرر بواسطتها. قام المسيح بمطاليب الشريعة الرمزية تمام القيام بتقديم نفسه ذبيحة فرفع عن تلاميذه وجوب حفظها لكنه أوجب عليهم الشريعة الأدبية بسيرته وأوامره وبيان أسباب جديدة توجب حفظها.
إن بولس حفظ الشريعة الرمزية وهو في أورشليم بين اليهود ولكنه لما ذهب إلى أنطاكية أبى أن يحفظها ووبخ بطرس على تصرفه تصرّف اليهود وهو بين الأمم (غلاطية ٢: ١١ – ٢١).
لو حمّل الرسل متنصري الأمم كل الشريعة الرمزية لعاقوا الإنجيل كثيراً عن تقدمه بينهم لأن بطرس قال إنها «نِيرٍ لَمْ يَسْتَطِعْ آبَاؤُنَا وَلاَ نَحْنُ أَنْ نَحْمِلَهُ» (أعمال ١٥: ١٠). وقال إنه «قاوم المعلمين الذين أوجبوا حفظ تلك الشريعة كل المقاومة إبقاء لحق الإنجيل» (غلاطية ٢: ٥).
٢٢ «صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ ٱلضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً».
رومية ١٥: ١ و٢كورنثوس ١١: ٢٩ ص ١٠: ٣٣ رومية ١١: ١٤ وص ٧: ١٦
لِلضُّعَفَاءِ هم الذين ذُكروا كثيراً في هذه الرسالة والرسالة إلى أهل رومية أنهم مؤمنون لكن ليس لهم معرفة تامة بتعليم الإنجيل ولم يتحققوا تحررهم من وجوب حفظ الناموس الرمزي وكانوا ناقصي الإيمان مترددين بين المحلل والمحرم من الأطعمة وبين حفظ الأعياد وتركها إلى غير ذلك من الرسوم الخارجية.
صِرْتُ… كَضَعِيفٍ أي جعلت تعليمي بسيطاً واضحاً مراعاة لضعفهم. وإلى هذا أشار بقوله «سقيتكم لبناً لا طعاماً» (ص ٣: ٢). ولم يوبخهم على شكوكهم بل تدرّج في بيان بطلان تلك الشكوك بالحكمة وحاجّهم بكل لين لكي ينزعها من قلوبهم.
ٍصِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْء جمع بهذا كل ما أتاه لكل صنف من الناس من التنازل واللطف والحلم والتساهل في آرائهم في العرضيات متجنباً كل ما يغيظهم وينفرهم لغير اضطرار.
لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً أي لأقودهم إلى المسيح لخلاص نفوسهم. وهذا هو الأجرة التي طلبها الرسول وهي أعظم أجرة يستطيع البشر أن يطلبها وهي عين المجازاة التي طلبها المسيح ونالها (إشعياء ٥٣: ١١).
ويتضمن قوله هنا ثلاثة أمور:
- الأول: إن الناس كلهم هالكون بدون المسيح.
- الثاني: إنه يجب على المسيحيين أن يبذلوا جهدهم في خلاص الناس وأن يحتملوا في سبيل ذلك إنكار أنفسهم وشديد المشاق.
- الثالث: إن القول بأن كل الناس يخلصون باطل وإلا لم يتعب بولس وغيره من الرسل ولم يحتملوا ما احتملوه ليحصلوا على إنقاذ بعضهم من الهلاك الأبدي.
٢٣ «وَهٰذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ ٱلإِنْجِيلِ، لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ».
وَهٰذَا أَنَا أَفْعَلُهُ أي لم أزل أفعله كما قلت (ع ٢٢) وقرئ في بعض النسخ «كل شيء أنا أفعله».
لأَجْلِ ٱلإِنْجِيلِ أي للقيام بمطاليب الإنجيل. وهذا كان غايته من كل ما فعل لاعتقاده أن الإنجيل إعلان إرادة الله.
لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ أي لأشارك المؤمنين في الفوائد التي أتى بها الإنجيل إلى العالم. إننا نحصل على بعض هذه الفوائد ونحن على الأرض ونتمتع بمعظمها ونحن في السماء. وهذا أعظم ثواب للمسيحي على تعبه وإنكاره لنفسه.
لا يحق لأحد انتظار أن يكون شريكاً في فوائد الإنجيل ما لم يبذل جهده في إثبات تعاليمه.
٢٤ «أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي ٱلْمِيْدَانِ جَمِيعُهُمْ يَرْكُضُونَ، وَلٰكِنَّ وَاحِداً يَأْخُذُ ٱلْجِعَالَةَ؟ هٰكَذَا ٱرْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا».
غلاطية ٢: ٢ و٥: ٧ وفيلبي ٢: ١٦ و٣: ١٤ و٢تيموثاوس ٤: ٧ وعبرانيين ١٢: ١
في هذه الآية بيان أنه يجب على المسيحي لكي ينال الخلاص الاجتهاد وإنكار النفس. وكلام هذا البيان مجاز على ما اعتاد الكورنثيون مشاهدته في الملاعب العامة الأولمبية والدلفية والنيمية والبرزخية. وكانت البرزخية على مقربة من كورنثوس نُسبت إلى البرزخ الذي بُنيت المدينة عليه وكان الناس يجتمعون إليها أفواجاً من كل جهات اليونان ليشاهدوا السباق والوثوب والجري والمصارعة والملاكمة والمقاواة وأمثالها. وكان الناس يومئذ يعدون هذه الألعاب شريفة حتى أن الملوك الرومانيين لم يستنكفوا أن يكونوا من أولئك المتبارين المجاهدين رغبة في نيل إكليل النصر الذي حسبوه المجد الأعلى.
أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أي أنتم تعلمون لأنكم اختبرتم الشروط التي على أهل تلك الملاعب.
ٱلَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي ٱلْمِيْدَانِ حسب القدماء سرعة الجري من أعظم ما يكتسبه الإنسان. قال داود في مدح شاول ويوناثان «أنها أخف من النسور» (٢صموئيل ١: ٢٣). وكان طول ميدان كورنثوس ٦٠٤ أقدام محاطاً بمقاعد يجلس عليها المعيّنون للقضاء في السباق وغيرهم من المشاهدين وفي المقاعد الأولى الذين انتصروا في السنين السابقة.
وَلٰكِنَّ وَاحِداً يَأْخُذُ ٱلْجِعَالَةَ ولا يأخذها بمجرد كونه ممن يركضون في الميدان أو بمجرد الركض في بعضه بل بمداومته الركض إلى الغاية وبسبقه سائر الراكضين.
هٰكَذَا ٱرْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا شرط الانتصار في الملاعب اليونانية إنكار النفس في الاستعداد للمباراة وبذل الاجتهاد في الميدان. وهذان ضروريان في الجهاد المسيحي لا يمكن الانتصار بدونهما مع أن الجعالة الدينية ليست بمقصورة على واحد كالجعالة اليونانية.
٢٥ «وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَمَّا أُولَئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى».
أفسس ٦: ١٢ و١تيموثاوس ٦: ١٢ و٢تيموثاوس ٢: ٥ و٤: ٧ و٢تيموثاوس ٤: ٨ ويعقوب ١: ١٢ و١بطرس ١: ٤ و٥: ٤ ورؤيا ٢: ١٠ و٣: ١١
كُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ كان على المجاهد في الميدان أن يأكل ويشرب وينام بقانون وأن يمتنع عن الأطعمة الغليظة والمسكرات وأن يعرّض جسده لشدة البرد تارة وشدة الحرارة أخرى وأن يتمرن على السهر والأعمال الشاقة عشرة أشهر استعداداً للجهاد وأن يكون ما يأتيه من ذلك في آخر هذه الشهور في ملعب الحكومة الخاص بمراقبة معلمين تعينهم.
لِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى كان هذا الإكليل غالباً مضفوراً من أوراق الشجر وكان في الملاعب البرزخية من ورق الصنوبر وفي الملاعب النيمية من ورق الغار وفي الأولمبية من ورق الزيتون وفي الدلفية من ورق التفاح. وكان من يناله يهنئه الأصحاب والأقارب وأهل بلده ويسر سروراً عظيماً. وينادي مناد باسمه في مشهد الميدان وفي مدينته. وكثيراً ما كان الناس يحملونه على المناكب ويدورون به بأغاني المدح وطرح الأزهار عليه في الطريق. وكانوا يركبونه على المركبة حين يبلغ مدينته ولا يرضون أن يدخلها من الباب كسائر الناس بل كانوا يهدمون جزءاً من سورها ليفتحوا مدخلاً له. ويكون ما بقي من حياته مُعفى من الجزية وكثيراً ما كان يُعيّن له معاش من صندوق الحكومة.
أَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى وهو «إكليل البر» (٢تيموثاوس ٤: ٨). و «إكليل المجد الذي لا يبلى» (١بطرس ٥: ٤). و «إكليل الحياة» (يعقوب ١: ١٢ ورؤيا ٢: ١٠). والنتيجة أن الإكليل الذي لا يفنى يستحق أكثر مما يستحقه الذي يفنى من إنكار النفس والاجتهاد.
٢٦ «إِذاً أَنَا أَرْكُضُ هٰكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هٰكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ ٱلْهَوَاءَ».
٢تيموثاوس ٢: ٥
إِذاً أَنَا أَرْكُضُ هٰكَذَا صرّح بولس هنا بأنه في مسيره إلى السماء ينكر نفسه ويبذل كل جهده جرياً على الأسلوب الذي كان المتسابقون يجرون عليه وأن حياته بينهم كانت كذلك. ولا ريب في أنه قصد بما قاله على نفسه أن يحث غيره على الاقتداء به.
لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ أي أنه لم يكن شاكاً في قصد الجهة فيرى السماء أمامه أبداً. ولا في حقيقة الجعالة التي هي نصب عينيه وهي الحياة الأبدية. ولا في الحصول على المأمول لاتكاله على معونة الله واتخاذ الوسائل التي أعدها لانتصاره.
هٰكَذَا أُضَارِبُ انتقل الرسول من استعارة الركض للجهاد الروحي إلى استعارة المضاربة والمراد بها الملاكمة وهي من الألعاب التي كان اليونانيون يأتونها في ميدان كورنثوس.
لاَ أَضْرِبُ ٱلْهَوَاءَ الذي يزاول الملاكمة وحده يضرب الهواء فلا يستفيد شيئاً من الانتصار على الخصم وكذا من يلكم الخصم ولا يصيبه. وعدم إصابته إياه دليل على قلة مهارته واجتهاده. فكان بولس متيقناً أن اجتهاده في الجهاد الروحي ليس عبثاً لأنه ما انفك يمارس ما علّمه إياه المعلم السماوي ولم يتأخر قط عن الاجتهاد وإنكار النفس.
٢٧ «بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضاً».
لوقا ١٨: ٥ رومية ٨: ١٣ وكولوسي ٣: ٥ رومية ٦: ١٨ و١٩ إرميا ٦: ٣٠ و٢كورنثوس ١٣: ٥ و٦
بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي هذا مجاز حقيقته أنه يدفع كل شهواته الجسدية القائدة إلى الكسل والترف وسائر الأهواء المحاربة للنفس (١بطرس ٢: ١١). إن الرسول لم يسمح لشهواته الجسدية أن تستعبده بل أخضعها.
حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ كان في كل ملعب كارز عمله أن ينادي بقوانين اللعب ويدعو كلا من اللاعبين إلى اللعب في نوبته وينادي بأسماء المجاهدين والمنتصرين منهم ولم يكن ذلك الكارز من المجاهدين في ذلك الميدان. ولكن بولس كان كارزاً فضلاً عن كونه مجاهداً إذ يجاهد بغية الحياة الأبدية وكان ينادي لغيره ببشارة الخلاص ويحثه على طلب إكليل المجد.
لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضاً كان يُرفض في الملاعب من تبيّن أنه غير مستحق الجعالة لكونه لم يستعد الاستعداد الكافي أو أنه مخالف لقوانين الجهاد أو أنه متوان في المباراة. وكان ذلك الرفض عاراً عظيماً على المرفوض علاوة عن خيبته من الجعالة فخشي بولس أن يصيبه شيء من مثل تلك الخيبة والرفض. وكلامه على نفسه يدل على أنه مع تيقنه الخلاص بكل ما يتعلق برحمة الله الآب وفداء المسيح وإرشاد الروح القدس رأى إمكان أن يُقصر عن الخلاص بكل ما يتعلق برحمة الله الآب وفداء المسيح وإرشاد الروح القدس رأى إمكان أن يُقصر عن الخلاص إذا لم يجاهد وينكر نفسه. وهذا جعله يقمع جسده ويستعبده ويبذل كل جهده ويحتمل المشقات بالصبر والسرور. والذي رآه ضرورياً لخلاص نفسه هو ضروري لخلاص كل مسيحي وإلا فهو مخطئ في ما قاله ومن يستطيع أن يثبت خطأه. ويوافق قوله هنا قوله في الرسالة إلى الفيلبيين «تمموا خلاصكم بخوف ورعدة» (فيلبي ٢: ١٢ و١٣). وقول بطرس «البار بالجهد يخلص» (١بطرس ٤: ١٨). وقول يسوع المسيح «اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق» (لوقا ١٣: ٢٤). وقوله «ملكوت السماوات يُغتصب والغاصبون يختطفونه» (متى ١١: ١٢).
فوائد
- إن إرشاد الناس إلى المسيح لخلاص نفوسهم من الأمور التي توجب على المسيحي أن ينكر نفسه ويبذل كل جهده في تحصيلها (ع ١ – ٢٤).
- إنه يحق لرعاة الكنيسة أن يأخذوا نفقتهم في الجسديات ممن يخدمونهم في الروحيات فيجب على الكنيسة أن تقوم بنفقة خدمها برضى وسرور وأن يجعلوا تلك النفقة كافية ليتفرغ من كل همومه للخدمة الروحية (ع ٧: ١٤).
- إنه يجب أن نكون لطفاء مع جميع الناس مراعين عوائدهم وآراءهم في كل أمر جائز رغبة في أن نقودهم إلى المسيح (ع ١٩ – ٢٢).
- إنه علينا أن نستفرغ المجهود في إرضاء الله وخلاص النفوس لكي ننال إكليل المجد حين نرى الناس يبذلون الوسع في تحصيل أكاليل فانية في ميادين الملاعب (ع ٢٤ و٢٥).
-
إن كون الإنسان مبشراً بالإنجيل ناحجاً في التبشير لا يؤكد خلاصه إنما الذي يؤكده هو إيمانه بالمسيح وثبوته إلى النهاية في محاربة الخطيئة (ع ٢٧).
السابق |
التالي |