كورنثوس الأولى

الرسالة الأولى إلى كورنثوس | 07 | الكنز الجليل

الكنز الجليل في تفسير الإنجيل

شرح الرسالة الثانية إلى كورنثوس

للدكتور . وليم إدي

الأصحاح السابع

الزيجة ومتعلقاتها

هذا الموضوع الرابع من مواضيع هذه الرسالة وهو ثلاثة أقسام:

  1. زيجة المؤمنين (ع ١ – ١١).
  2. واجبات الزوجين وأحدهما مسيحي والآخر غير مسيحي (ع ١٢ – ١٧).
  3. إن الإنجيل لا يوجب على المؤمنين تغيير أحوالهم الزمنية (ع ١٨ – ٢٤).

فرغ الرسول من لوم الكنيسة على التحزب وعلى ترك تأديب الزاني وعلى المحاكمات. وعلة لومه إياهم على ذلك ما بلغه من بعضهم. وأكثر ما بقي من هذه الرسالة أجوبة مسائل رفعها مسيحيو كورنثوس إليه بغية الإرشاد منها ما في هذا الأصحاح من مسئلة الزيجة وجواب الرسول أنه خير لهم نظراً للضيقات يومئذ أن لا يتزوجوا على أن القانون أن يكون لكل إنسان امرأة ولكل امرأة رجل (ع ١ و٢). وإن شريعة الزيجة يقيّد كلا من الرجل والمرأة حتى لا يحق لأحدهما أن ينفصل عن الثاني إلا وقتياً (ع ٣ – ٥). وإن ما قاله في ترك الزيجة وقتئذ نصيحة لا أمر (ع ٦ – ٩). وإن الطلاق محرم (ع ١٠ و١١). وإنه إن كان أحد الزوجين مؤمناً والآخر غير مؤمن ورضي غير المؤمن أن يبقى معه لا يجوز الانفصال وإن لم يرض ذلك وانفصل فللمؤمن الحق أن يتزوج أيضاً (ع ١٢ – ١٥). وأنه يجب على المسيحيين أن يعتزلوا على قدر الطاقة كل أسباب الانفصال لأن الإنجيل يدعونا إلى السلام ولا يدعونا إلى تغيير الأحوال في الهيئة الاجتماعية فلا يحكم بوجوب الختان أو الغرلة ولا بالحرية أو العبودية ومعظم تعليمه متعلق بما يجب علينا لله. فعلى كل مؤمن أن يبقى في الحال التي هو عليها (ع ١٦ – ٢٤).

زيجة المؤمنين ع ١ إلى ١١

١ «وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ ٱلأُمُورِ ٱلَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا، فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ ٱمْرَأَةً».

ع ٨ و٢٦

ٱلأُمُورِ ٱلَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا هذه الأمور سبعة ذُكرت في مقدمة الرسالة (صفحة ٤) ولعلهم كانوا مختلفين فيها وأولها هل يليق بالمؤمنين أن يتزوجوا. ولعل علة اختلافهم في هذا أن يوناني الأصل منهم اعتقدوا اعتقاد الفلاسفة اليونانيين أنه خير لطلبة الحكمة أن يمتنعوا من الزيجة ليتفرغوا لطلب العلم وأن يهودي الأصل اعتقدوا اعتقاد عامة اليهود أنه يجب على كل إنسان أن يتزوج واختلافهم في هذا ألجأهم إلى أن يسألوا الرسول عنه.

حَسَنٌ أي موافق نظراً للأحوال.

لاَ يَمَسَّ ٱمْرَأَةً أي لا يتزوج كما يتبين من مراجعة الأصل العبراني (تكوين ٢٠: ٤ و٦ و٢٦: ١١ وأمثال ٦: ٢٩).

بنى الرسول نصيحته لمؤمني كنيسة كورنثوس في اعتزال الزيجة على أحوال زمانهم ومكانهم ولم تكن هذه النصيحة موافقة للذين اخلتفت أحوالهم عن أحوال هؤلاء. ولا شيء من تعليمه هنا يشير إلى أن التبتل أقدس من التزوج أو إلى أن الزيجة غير موافقة للرجل غالباً. ولنا على ذلك ستة أدلة:

  • الأول: إن ما قاله في الآية التالية مناف لذلك.
  • الثاني: إنه بنى نصحه على مجرد الضيقات التي أحاطت بالمؤمنين يومئذ.
  • الثالث: إنباؤه أن المنع من الزيجة من علامات الارتداد العظيم في الأزمنة الأخيرة (١تيموثاوس ٤: ٣).
  • الرابع: إن الله عيّن الزجية وقال «ليس جيداً أن يكون الإنسان وحده» (تكوين ٢: ١٨) ومن المحال أن ينافي قول بولس قول الله.
  • الخامس: اختبار الناس في كل زمان ومكان أن الزيجة أفضل لهم من التبتل للنجاح والراحة والعفة. ومن هذا كله يتبين أن قول بولس لمؤمني كورنثوس في أمر الزيجة تصح لهم حمله عليه ما كان من أحوال زمنهم.

٢ «وَلٰكِنْ لِسَبَبِ ٱلزِّنَا، لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ ٱمْرَأَتُهُ، وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا».

هذا قانون عام يوافق النظام الذي رتبه الله في الفردوس لنفع الإنسان ويستثنى من ذلك أنه يجوز للإنسان أن لا يتزوج إذا حكمت عليه الأحوال.

لِسَبَبِ ٱلزِّنَا عوائد الوثنيين الشريرة في كورنثوس واستخفافهم بالزنى وفرت التجارب المؤدية إليه على كل سكان كورنثوس فلما نظر بولس إليها حكم بوجوب الزيجة ولكنه لما اعتبر الضيقات المحيطة بهم حينئذ حكم بما قاله في الآية الأولى.

لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ ٱمْرَأَتُهُ الخ هذا سنة إلهية ضرورية لحفظ العفاف والسلام والسعادة. ونص تلك السنة يفيد أنه لا يكون للرجل سوى امرأة وأنه لا سبيل إلى الطلاق.

٣ – ٥ «٣ لِيُوفِ ٱلرَّجُلُ ٱلْمَرْأَةَ حَقَّهَا ٱلْوَاجِبَ، وَكَذٰلِكَ ٱلْمَرْأَةُ أَيْضاً ٱلرَّجُلَ. ٤ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا بَلْ لِلرَّجُلِ، وَكَذٰلِكَ ٱلرَّجُلُ أَيْضاً لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ بَلْ لِلْمَرْأَةِ. ٥ لاَ يَسْلِبْ أَحَدُكُمُ ٱلآخَرَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَٱلصَّلاَةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضاً مَعاً لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ ٱلشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ».

خروج ٢١: ١٠ و١بطرس ٣: ٧ خروج ١٩: ١٥ و١صموئيل ٢١: ٤ و٥ ويوئيل ٢: ١٦ وزكريا ٣: ٧ متّى ١: ١٨ و١تسالونيكي ٣: ٥

ما جاء به هنا حمله عليه ما في كتاب مسائلهم ولعل المعلمين الكاذبين علموهم أنه يجب على الزوجين أن يعيشا معاً كأنهما غير متزوجين وبنوا هذا التعليم على زعمهم أن الجسد مركز الخطيئة وإن التقوى قائمة بتعذيب الجسد بالصوم والسهر وتعريضه للبرد ولبس المسوح وغيرها من التقشفات لما فيها من العبادة وما يرضي الله لا بغية أن يعينوا الروح بالصلاة والتواضع. ومن أوهام أهل هذا التعليم كون العزبة أفضل من الزواج وأنه يجب على الأزواج الذين أرادوا الارتقاء إلى الدرجة العليا من القداسة إن ينفصل بعضهم عن الآخر انفصالاً أبدياً فدفع الرسول هذا الوهم وأبان أنه لا يجوز أن يترك أحد الزوجين الآخر ولا أن يعيشا معاً كأنهما غير متزوجين إلا بالاتفاق مدة قصيرة لغاية دينية خاصة.

لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا (ع ٤) لأنها تخلت عن ذلك عند عقد الزواج باعتبار أن الزوجين صارا جسداً واحداً.

كَذٰلِكَ ٱلرَّجُلُ… بَلْ لِلْمَرْأَةِ إن الكتاب المقدس يصرّح بأن حقوق المرأة مساوية لحقوق الرجل فالذي يجب على المرأة يجب على الرجل.

لاَ يَسْلِبْ أَحَدُكُمُ ٱلآخَرَ حقوق الزيجة بالانفصال.

ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضاً مَعاً أي يكون انفصالكم وقتياً.

لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ ٱلشَّيْطَانُ الخ إن الشيطان عدو البشر يغتنم كل فرصة ليوقع الناس في الإثم فيتخذ انفصال الزوجين وسيلة إلى جذب كل منهما إلى الزنى. والشيطان هو الذي علم أهل كورنثوس أن الزنى ليس بخطيئة ويجوز قرنه بعبادة الآلهة في الهيكل.

٦ «وَلٰكِنْ أَقُولُ هٰذَا عَلَى سَبِيلِ ٱلإِذْنِ لاَ عَلَى سَبِيلِ ٱلأَمْرِ».

ع ١٢ و٢٥ و٢كورنثوس ٧: ٨ و١١: ١٧

اخلتفت الآراء في ما أشار الرسول إليه بقوله «هذا» فرأى بعضهم أنه ما في (ع ٥) أي انفصال بعض الأزواج عن بعض فكأنه قال هذا جائز لا واجب. لكن هذا الرأي لا يوافق قوله «لأني أريد أن يكون جميع الناس كما أنا» ورأى البعض أنه جزء من الآية الخامسة وهو قوله «إلى حين لكي تتفرغوا للصوم والصلاة» والمعنى أنه يجوز أن ينفصلوا لأسباب أُخر وقتياً. وهذا ينافي ما قيل في (ع ٢ و١٤) فالأوفق ضم هذه الآية إلى الآية الثانية وهي قوله «ليكن لكل واحد امرأته» الخ أي أن الزيجة أمر جائز لا واجب وهذا موافق لقوله في (ع ٧).

٧ «لأَنِّي أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ ٱلنَّاسِ كَمَا أَنَا. لٰكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ مَوْهِبَتُهُ ٱلْخَاصَّةُ مِنَ ٱللّٰهِ. ٱلْوَاحِدُ هٰكَذَا وَٱلآخَرُ هٰكَذَا».

أعمال ٢٦: ٢٩ و٢ ٩: ٥ متّى ١٩: ١٢ وص ١٢: ١١

أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ ٱلنَّاسِ كَمَا أَنَا كان بولس عزباً (١كورنثوس ٩: ٥) وليس معناه أنه يريد أن يكون كل الناس غير متزوجين لأن ذلك مناف لما رسمه الله وما علمه هو في أماكن أُخر. فالمعنى أنه يريد أن يكون الكل قادرين على ضبط طبيعتهم وشهواتهم البشرية حتى يستطيعوا أن يبقوا بلا زيجة في أزمنة تلك الضيقة والشيطان لا يأخذ بقاءهم كذلك وسيلة إلى طرحهم في التجربة.

مَوْهِبَتُهُ ٱلْخَاصَّةُ مِنَ ٱللّٰهِ هذه الموهبة قوة للتسلط على الشهوات حتى لا يكون عرضة للسقوط في التجربة. والله وهب لنا بعضها منذ خُلق ومعظمها بنعمة خاصة أُعطيها. فدأب بولس في خدمة المسيح والكنيسة واحتماله المشقات من الوسائط التي استخدمها الله لحفظه من التجربة لأنه لا شيء يعرّضنا لتلك التجربة مثل الكسل والترف.

٨، ٩ «٨ وَلٰكِنْ أَقُولُ لِغَيْرِ ٱلْمُتَزَوِّجِينَ وَلِلأَرَامِلِ، إِنَّهُ حَسَنٌ لَهُمْ إِذَا لَبِثُوا كَمَا أَنَا. ٩ وَلٰكِنْ إِنْ لَمْ يَضْبِطُوا أَنْفُسَهُمْ فَلْيَتَزَوَّجُوا، لأَنَّ ٱلتَّزَوُّجَ أَصْلَحُ مِنَ ٱلتَّحَرُّقِ».

ع ١ و٢٦ ١تيموثاوس ٥: ١٤

الكلام في هاتين الآيتين كالذي سبق مقصور على بعض مؤمني كورنثوس وأمثالهم في كنائس أُخر وإلا كان منافياً لتعليم الكتاب في هذه الأمر في أماكن أُخر. فكأنه قال لا ريب في أنه يحق لكم أن تتزوجوا والأوفق في غير هذه الأحوال أن تتزوجوا ولكن أيام الاضطهاد والفقر والضيقة كهذه الأيام لا يحسن أن تفكروا فيها في الزيجة وترتبكوا في هموم البيت وتربية الأولاد.

كَمَا أَنَا بلا زيجة. وما هذه الآية تكرار للآية الأولى مع تخصيص المشار إليهم. والكلام في ع ٩ مكرر ما في ع ٢ بزيادة إيضاح.

مِنَ ٱلتَّحَرُّقِ (ع ٩) مجاز حقيقته شدة الشهوة لأنها تشبه النار في قوتها وإيلامها.

١٠ «وَأَمَّا ٱلْمُتَزَوِّجُونَ فَأُوصِيهِمْ، لاَ أَنَا بَلِ ٱلرَّبُّ، أَنْ لاَ تُفَارِقَ ٱلْمَرْأَةُ رَجُلَهَا».

ع ١٢ و٢٥ و٤٠ ملاخي ٢: ١٤ و١٦ ومتّى ٥: ٣٢ و١٩: ٦ و٩ ومرقس ١٠: ١١ و١٢ ولوقا ١٦: ١٨

لا ريب في أن هذه الآية جواب على سؤال من كنيسة كورنثوس معناه هل توجب الديانة المسيحية على الزوجين أن ينفصلا.

فَأُوصِيهِمْ، لاَ أَنَا بَلِ ٱلرَّبُّ الخ فكأنه قال جواباً على السؤال المذكور «لا». وهذا القول ليس بنصيحة يجوز قبولها والإعراض عنها لكنه أمر إلهي كُرر بلسان رسول المسيح. ولم يقصد الرسول هنا أن يميز بين الكلام الموحى به و غيره ولا بين تعليمه وتعليم سائر الكتب المقدسة بل أراد أن يميز بين ما علمه المسيح بفمه وهو على الأرض وما ألهم الروح القدس رسوله أن يتكلم به. فقال لمؤمني كورنثوس لا حاجة لي إلى أن أقول شيئاً في انفصال أحد الزوجين عن الآخر لأن الرب يسوع حكم صريحاً في هذا الأمر (متّى ٥: ٣١ و١٩: ٣ – ٩ ومرقس ١٠: ٢ – ١٢ ولوقا ١٦: ١٨). فبموجب أمر المسيح ليس للرجل حق أن يترك امرأته ولا للمرأة أن تترك زوجها. وهذا تصريح بأن رباط الزيجة رباط مدة الحياة كلها لا يُحل عدلاً ولو برضى الزوجين ولكنه ينقطع بزنى أحد الزوجين أو كليهما. ولم يشر بولس إلى هذا (أي حل الرباط بالزنا) إذ لا داعي إليه لأن السؤال منحصر في الانفصال اختياراً لأوهام دينية.

ومعنى قوله «لا تفارق المرأة رجلها» لا تقطع رباط الزيجة بينها وبين زوجها لأن ذلك لا يجوز ولو كانت مسيحية وزوجها وثنياً.

١١ «وَإِنْ فَارَقَتْهُ فَلْتَلْبَثْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ، أَوْ لِتُصَالِحْ رَجُلَهَا. وَلاَ يَتْرُكِ ٱلرَّجُلُ ٱمْرَأَتَهُ».

وَإِنْ فَارَقَتْهُ باختيارها على خلاف شريعة المسيح التي أوجبت عليها البقاء مع زوجها.

فَلْتَلْبَثْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ، أَوْ لِتُصَالِحْ رَجُلَهَا لعل بعض النساء اضطرت أن تفارق زوجها لشدة الاضطهاد أو لنفي الحاكم أو سجنه إياه على تنصره ولعل من النساء من تركت أزواجها ظناً أن الشريعة المسيحية تتيح لهن ذلك وإن ذلك يزيدهن قداسة فصرّح بولس أنه يجب عليهن أن يصالحن رجالهن ويرجعن إليهم إن أمكن وإلا وجب أن يبقين غير متزوجات.

لاَ يَتْرُكِ ٱلرَّجُلُ ٱمْرَأَتَهُ أذنت الشريعة اليهودية بالطلاق ومنعته الشريعة المسيحية إذ رجعت إلى شريعة الله الأصلية في الزيجة (متّى ٥: ٣١ و٣٢).

واجبات الزوجين وأحدهما مسيحي والآخر غير مسيحي ع ١٢ إلى ١٧

١٢، ١٣ «١٢ وَأَمَّا ٱلْبَاقُونَ، فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا لاَ ٱلرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ ٱمْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ، وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ ،فَلاَ يَتْرُكْهَا. ١٣ وَٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ، وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا، فَلاَ تَتْرُكْهُ».

ع ٦

وَأَمَّا ٱلْبَاقُونَ كان الكلام السابق في غير المتزوجين من المؤمنين والمتزوجين الذين انفصلوا عن أزواجهم (ع ١٠ و١١). والمراد «بالباقين» المسيحيون الذين لهم زوجات وثنيات أو يهوديات والمسيحيات اللواتي لهن أزواج وثنيون أو يهوديون.

فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا لاَ ٱلرَّبُّ أي أن يسوع حين كان على الأرض لم يقل شيئاً في هذا الأمر ولذلك تكلم بولس رسوله فيه وهو «عنده روح الله» (ع ٤٠).

إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ ٱمْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ… وَٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ الخ حكم الرسول في الحالين أن زيجة الزوجين شرعية ولا داعي للرجل المسيحي أن يترك امرأته غير المسيحية ولا للمرأة المسيحية أن تترك زوجها غير المسيحي فلا يجوز لهما ذلك.

يُستدل من قول الرسول أنه كان للمرأة أن تطلق رجلها وهذا أذنت به الشريعة اليونانية والشريعة الرومانية التي كانت كورنثوس خاضعة لها (انظر تفسير مرقس ١٠: ١٢).

١٤ «لأَنَّ ٱلرَّجُلَ غَيْرَ ٱلْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي ٱلْمَرْأَةِ، وَٱلْمَرْأَةُ غَيْرُ ٱلْمُؤْمِنَةِ مُقَدَّسَةٌ فِي ٱلرَّجُلِ وَإِلاَّ فَأَوْلاَدُكُمْ نَجِسُونَ. وَأَمَّا ٱلآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ».

ملاخي ٢: ١٥

هذه الآية وما بعدها إلى الآية السابعة عشرة إثبات لما سبق من وجوب بقاء المؤمنين مع زوجاتهم غير المؤمنات وبقاء المؤمنات مع أزواجهم غير المؤمنين فكلام بولس هنا دفع لاعتراض ربما خطر على بال المؤمن أو المؤمنة وهو أنه يتنجس ببقائه مقترناً بغير مؤمنة أو تتنجس ببقائها مقترنة بغير مؤمن.

لأَنَّ ٱلرَّجُلَ غَيْرَ ٱلْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي ٱلْمَرْأَةِ، وَٱلْمَرْأَةُ… فِي ٱلرَّجُلِ علة جواز بقاء أحد الزوجين مع الآخر على اختلافهما في الإيمان إن غير المؤمن منهما مقدس بالآخر.

جاء التقديس في الكتاب المقدس لمعنيين:

الأول: تطهير الإنسان تطهيراً باطناً أدبياً وعليه قول المسيح «قدسهم في حقك» (يوحنا ١٧: ١٧).

الثاني: الوقف لخدمة الله والتطهير بمقتضى الرسوم اليهودية وهذا هو المراد هنا لأنه لا شيء في الزيجة يجعل الوثني مقدس القلب. وعلى المعنى الثاني كان الهيكل وكل أثاثه وذبائحه والكهنة وثيابهم مقدسة وبهذه المعنى جاء في قول الله لبطرس في الرؤيا «ما طهره (أي قدسه) الله لا تدنسه أنت» (أعمال ١٠: ١٥).

فُرزت الأمة اليهودية عن سائر الأمم لتكون شعباً خاصاً لله وبذلك كانوا وكل الذين لاذوا بهم مقدسين رجالاً ونساء وأولاداً كقول بولس مشيراً إلى هذا «إِنْ كَانَتِ ٱلْبَاكُورَةُ مُقَدَّسَةً فَكَذٰلِكَ ٱلْعَجِينُ! وَإِنْ كَانَ ٱلأَصْلُ مُقَدَّساً فَكَذٰلِكَ ٱلأَغْصَانُ» (رومية ١١: ١٦). والمعنى أن الأولاد يتقدسون بواسطة والديهم المقدسين وهذا لا يشير إلى التطهير الداخلي. إن الخروف الموقوف ذبيحة لله مقدس لكنه لا يتميز طبعاً عن سائر الخراف فأولاد المؤمنين في العهد القديم والعهد الجديد مقدسون كذلك مع أنهم وُلدوا بطبيعة مائلة إلى الخطيئة وهم «أولاد الغضب كالباقين» محتاجون إلى تجديد الروح القدس. فقول الرسول هنا «إن الرجل غير المؤمن» الخ لا يلزم منه أنه يتغير قلباً بل إنه يتقدس رسماً كما في قول المسيح «أَمِ ٱلْهَيْكَلُ ٱلَّذِي يُقَدِّسُ ٱلذَّهَبَ أَمِ ٱلْمَذْبَحُ ٱلَّذِي يُقَدِّسُ ٱلْقُرْبَانَ» (متّى ٢٣: ١٧ و١٩). ومعنى قوله «أولادكم مقدسون» إنهم موقوفون لخدمة الله وإنهم أولاد العهد لأن أحد والدي كل منهم مؤمن.

وَإِلاَّ فَأَوْلاَدُكُمْ نَجِسُونَ الخ هذا برهان على أن غير المؤمنين يتقدسون بزوجاتهم المؤمنات وغير المؤمنات بأزواجهن المؤمنين. الرجل وامرأته جسد واحد فوقف أحدهما لله وقف الآخر لله على وفق قول الرسول في رسالته إلى الرومانيين (رومية ١١: ١٦). واعتبر الرسول قداسة أولاد المؤمنين أمراً يسلم به الجميع فيلزم منه حسب شريعة الله أن بقاء الزيحة التي أولئك الأولاد ثمرتها وثبت قوله «إن غير المؤمن مقدس بالمؤمنة» الخ وإلا فالأولاد نجسون أي كأولاد الوثنين الذين خارج الكنيسة.

وعلى المبدإ المذكور اختتن أولاد اليهود في العهد القديم واعتمد أولاد المسيحيين في العهد الجديد اي أنهم مقدسون بنسبتهم إلى والديهم وهم لم يتقدسوا بالرسم في أحد العهدين بل استعمل الرسم لهم لأنهم مقدسون ولأنه علامة تقديسهم.

ومما يجب أن يُلاحظ هنا أنه لا شيء في كلام الرسول يجيز أن يتزوج المؤمن بغير مؤمنة أو المؤمنة بغير مؤمن لأن الكلام مقصور على الأزواج غير المسيحيين أصلاً وقد تنصر أحد الزوجين ولم يتنصر الآخر. وتحريم اقتران المؤمن أو المؤمنة بغير مؤمنة أو مؤمن صُرّح به في (ع ٣٩ من هذا الأصحاح و٢كورنثوس ٦: ١٤).

١٥ «وَلٰكِنْ إِنْ فَارَقَ غَيْرُ ٱلْمُؤْمِنِ فَلْيُفَارِقْ. لَيْسَ ٱلأَخُ أَوِ ٱلأُخْتُ مُسْتَعْبَداً فِي مِثْلِ هٰذِهِ ٱلأَحْوَالِ. وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ قَدْ دَعَانَا فِي ٱلسَّلاَمِ».

رومية ١٢: ١٨ و١٤: ١٩ وص ١٤: ٣٣ وعبرانيين ١٢: ١٤

ما قيل في الآية السابقة مبني على فرض أن غير المؤمن راض أن يبقى مع امرأته المؤمنة وأن غير المؤمنة راضية البقاء مع زوجها المؤمن وكثيراً ما حدث ذلك ولا يزال يحدث ولكن ليس كل غير مؤمن يرضى أن يبقى مع زوجته المؤمنة لشدة بغضه للدين المسيحي أو لغيظه على تنصرها أو كرهه له أو لاعتقاده أن الاقتران بها عار وإهانة أمام الناس. فهذه الآية تبين ما يجب على المؤمنة أن تفعله في مثل هذه الأحوال. صرّح الرسول فيها أن المؤمنة حرة حينئذ من ناموس الزيجة لأن زوجها أسقطه بتركه إياها. وما حق للمؤمنة في ما ذُكر يحق للمؤمن الذي تتركه زوجته غير المؤمنة.

ولا خلاف بين قول الرسول هنا ونهي المسيح عن التطليق لغير علة واحدة (متى ٥: ٣٢) إن المسيح منع أن يطلق المسيحي امرأته لمخالفتها له في الدين أو لغيرها من العلل سوى الزنى. والرسول يتكلم في ما يجب على المطلق لغير علة موجبة فقال إنه «ليس… مستعبداً» وأكثر المفسرين فهموا من هذا أنه حُلّ رباط الزيجة وإن صار المُطلق كأنه لم يتزوج وإنه يجوز له أن يتزوج واتخذوا الآية الثانية عشرة تفسيراً لهذه الآية. ففي تلك الآية بيان أن المؤمن مرتبط بعهد الزيجة إذا كانت امرأته غير المؤمنة راضية أن تبقى معه. ويلزم من هذا إنه غير مرتبط بذلك العهد إذا لم ترضَ البقاء معه. وقال بعضهم إنه لا يزال مرتبطاً بعهد الزيجة إلى أن تقترن بغيره وحيئنذ يكون محرراً بموجب شريعة المسيح لأنها زنت بذلك الاقتران.

ٱللّٰهَ قَدْ دَعَانَا فِي ٱلسَّلاَمِ ذهب بعض المفسرين إن هذه العبارة متعلقة بما قيل في (ع ١٢ – ١٤) وإن ما سبق من ع ١٥ جملة معترضة ومضمون متعلقها منع المفارقة لأن غاية الإنجيل السلام بين الرجل والمرأة لا قطع رباط الاتحاد بينهما وتشتت العائلة. فالإنجيل يلزم المؤمن أن لا يترك امرأته بل يجتهد في إرضائها وإقناعها بأن تبقى معه.

وذهب غيرهم إلى أن العبارة متعلقة بقوله «فليفارق» في هذه الآية بمعنى أنه لا يجبرها على البقاء وإن استطاع إجبارها عليه لأن بقاءها على رغمها يكون علة خصام دائم والله لم يدعنا إلى مثل ذلك بإنجيله. فخير أن يكون الإنسان بلا امرأة من أن يكون له امرأة مع خصام دائم. وهذا جيد لكن التفسير الأول أكثر موافقة لغاية الرسول ولا مانع من جمع المعنَيين وإن نفهم من قوله «الله دعانا في السلام» وجوب أن يعيش الرجل والمرأة معاً إذا أمكن ذلك بلا خصام ولكن إن لم يكن ذلك فالمفارقة أحسن.

١٦ «لأَنَّهُ كَيْفَ تَعْلَمِينَ أَيَّتُهَا ٱلْمَرْأَةُ، هَلْ تُخَلِّصِينَ ٱلرَّجُلَ؟ أَوْ كَيْفَ تَعْلَمُ أَيُّهَا ٱلرَّجُلُ، هَلْ تُخَلِّصُ ٱلْمَرْأَةَ؟».

١بطرس ٣: ١

الأرجح إن هذه الآية تعليل لقوله «فليفارق» بناء على أن المفارقة وسيلة إلى السلام وإن البقاء على الرغم سبيل إلى الخصام. فقوله «كيف الخ» استفهام إنكاري فكأنه قال رجاء خلاص غير المؤمن بإمساكه إجباراً عبث إذ لا تعلم أنك تكون بهذا واسطة خلاصه ويستحيل أن تعلم أنك تكون كذا فإذاً لا يجوز أن تنزع سلام البيت بمثل ذلك الرجاء الباطل. ومن البيّن في هذه الآية أن ما يسوغ للرجل في هذا الأمر يسوغ للمرأة.

وذهب بعض المفسرين إن هذه الآية متعلقة بالآية الثانية عشرة وما بعدها إلى نهاية الرابعة عشرة وإنها تتضمن رجاء قوياً إن بقاء الزوجين معاً يكون وسيلة إلى خلاص نفس غير المؤمن منهما وهذا على غير مقتضى النص وخلاف ما يقتضيه سياق الكلام.

١٧ «غَيْرَ أَنَّهُ كَمَا قَسَمَ ٱللّٰهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ، كَمَا دَعَا ٱلرَّبُّ كُلَّ وَاحِدٍ، هٰكَذَا لِيَسْلُكْ. وَهٰكَذَا أَنَا آمُرُ فِي جَمِيعِ ٱلْكَنَائِسِ».

ص ٤: ١٧ و٢كورنثوس ١١: ٢٨

ما قيل في هذه الآية وما بعدها إلى الآية الرابعة والعشرين موافق لما قيل في شأن المتزوجين في (ع ١١ و١٢) وإن الإنجيل لا يطلب حل رباط الزيجة. وفي هذه الآيات إن الإنجيل لا يتعرض لحل الإنسان من الربط الأرضية ما لم تكن محرمة لأن غايته التغيير الروحي لخلاص النفوس.

لا ريب أن كثيرين أخطأوا يومئذ غاية الدين المسيحي فظنوا أن المسيح يرجع سريعاً ليملك على الأرض وإن هذا يقتضي تغيير كل أحوال الناس وإنه بناء على ذلك يجب على المؤمنات أن يتركن بعولتهن غير المؤمنين وعلى المؤمنين أن يتركوا أزواجهم غير المؤمنات وأن يرفض العبيد خدمة سادتهم والرعايا الخضوع لملوكهم. فنفي بولس إصابة هذا الظن وقاومه وعلم أن اتحاد المؤمن بالمسيح لا يستلزم تغيير علاقاته بالهيئة الاجتماعية أو بأرباب الحكومة. فلا يؤثر شيئاً في اتحاده بالمسيح كونه مختوناً أو غير مختون عبداً أو حراً مقترناً بزوجة مؤمنة أو بغير مؤمنة. ولا شيء من غاية الإنجيل أن ينشئ شيئاً من الفتن السياسية أو يحل شيئاً من ربُط المدنية فغايته أن يطهر ما تدنس ويصلح ما فسد من كل ما أمكن في الأرض وأن يعد النفوس للقداسة والسعادة في السماء.

كَمَا قَسَمَ ٱللّٰهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ من مقام ورتبة وغنى أو فقر وعلم أو جهل وحرية أو عبودية.

كَمَا دَعَا ٱلرَّبُّ كُلَّ وَاحِدٍ بكلمته وروحه ليؤمن بالمسيح. انظر تفسير «دعوة» في (ص ١: ٢٦).

هٰكَذَا لِيَسْلُكْ أي كما يلبق بالمؤمن وهو في الحال التي كان عليها قبل الدعوة لأن تغيير القلب لا يستلزم تغيير أحواله المدنية لا في بيته ولا في نسبته إلى أرباب الحكومة (ولا غير ذلك لما لم يكن متعاطياً عملاً محرماً كالعمل في يوم الرب والإنجاز في المسكرات وما أشبههما). فعلى المؤمن أن لا يترك شيئاً من الواجبات التي كانت عليه قبل إيمانه بل أن يقوم بها بغيرة جديدة وأمانة زائدة بحسن تأثير الدين المسيحي في قلبه وسيرته.

وَهٰكَذَا أَنَا آمُرُ فِي جَمِيعِ ٱلْكَنَائِسِ هذا تصريح بأن ما ذكره قانون عام في الدين المسيحي فهو غير مقصور على كنيسة كورنثوس ولا على موضوع الزيجة الذي تكلم فيه فيُطلق على غيره أيضاً من الأمور وقد ذكر اثنين منها في ما يأتي وهما الختان والعبودية (ع ١٨ – ٢٤).

إن الإنجيل لا يوجب على المؤمن تغيير أحواله الزمنية وفيه بيان القانون في الآية السابعة عشرة ببعض الأمثلة ع ١٨ إلى ٢٤

١٨ «دُعِيَ أَحَدٌ وَهُوَ مَخْتُونٌ، فَلاَ يَصِرْ أَغْلَفَ. دُعِيَ أَحَدٌ فِي ٱلْغُرْلَةِ، فَلاَ يَخْتَتِنْ».

أعمال ١٥: ١ و٥ و١٩: ٢٤ و٢٨ وغلاطية ٥: ٢

دُعِيَ أَحَدٌ وَهُوَ مَخْتُونٌ الخ هذا المثال الأول لإيضاح القانون في (ع ١٧) ومعناه أنه إذا تنصر اليهودي لم يجب أن يزيل علامة الختان كما فعل بعض اليهود في أيام الاضطهاد بشهادة يوسيفوس المؤرخ في تاريخه (مجلد ١ فصل ١٢) وإذا تنصر الوثني لم يجب أن يختتن.

ظن كثيرون من متنصري يهود أورشليم إن ختن متنصري الأمم ضروري فحكم المجمع المؤلف من الرسل وشيوخ الكنيسة بعدم وجوبه (أعمال ١٥: ١ – ١٩ وغلاطية ٥: ٢) وبولس أمر بمثل هذا هنا وما صدق في أمر الختان يصدق في كل الرسوم اليهودية فليس على المسيحي أن يقوم بشيء منها.

١٩ «لَيْسَ ٱلْخِتَانُ شَيْئاً، وَلَيْسَتِ ٱلْغُرْلَةُ شَيْئاً، بَلْ حِفْظُ وَصَايَا ٱللّٰهِ».

غلاطية ٥: ٦ و٦: ١٥ يوحنا ١٥: ١٤ و١يوحنا ٢: ٣ و٣: ٢٤

في هذه الآية بيان علة أن الختان غير واجب على متنصري الأمم.

لَيْسَ ٱلْخِتَانُ شَيْئاً في نفسه فليس هو بعلّة قبول الله للإنسان.

وَلَيْسَتِ ٱلْغُرْلَةُ شَيْئاً أي ليست بمانع من أن يقبل الله الإنسان.

بَلْ حِفْظُ وَصَايَا ٱللّٰهِ هذا هو الأمر الضروري لقبول الله الإنسان وخلاص نفسه فالأمور الخارجية التي لا تؤثر في حاله الروحية لا يجب أن يعتني بها. وحفظ وصايا الله يتضمن الإيمان بالمسيح بدليل قوله «ٰهذَا هُوَ عَمَلُ ٱللّٰهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِٱلَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ» (يوحنا ٦: ٢٩).

٢٠ «اَلدَّعْوَةُ ٱلَّتِي دُعِيَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ فَلْيَلْبَثْ فِيهَا».

هذا هو القانون الذي صرّح به في (ع ١٧) وذكره أيضاً في (ع ٢٤).

اختلف المفسرون في معنى «الدعوة» فظن بعضهم أن المراد بها المهنة كالفلاحة والنجارة والتعليم والتطبيب وعلى هذا لا يجب على المؤمن أن يترك مهنته فالمطلوب تغيير القلب لا تغيير المهنة على أنه لا مانع للمؤمن أن يغير مهنته إذا رأى ذلك أحسن له وأنفع. وظن آخرون إن «الدعوة» هي الدعوة الإلهية وفهموا منها أنه يجب على الإنسان إذا دعاه الله إلى التعليم أو التبشير أن يبقى معلماً أو مبشراً. والأول هو الأرجح بمقتضى القرينة.

٢١ «دُعِيتَ وَأَنْتَ عَبْدٌ فَلاَ يَهُمَّكَ. بَلْ وَإِنِ ٱسْتَطَعْتَ أَنْ تَصِيرَ حُرّاً فَٱسْتَعْمِلْهَا بِٱلْحَرِيِّ».

وَإِنِ ٱسْتَطَعْتَ أَنْ تَصِيرَ حُرّاً فَٱسْتَعْمِلْهَا بِٱلْحَرِيِّ اختلف العلماء في مرجع الضمير المفعول به في «استعملها» أإلى الحرية يرجع أم إلى العبودية. إن الذي نميل إليه طبعاً رجوع إلى الحرية فيكون معنى العبارة إن قدرت أن تتحرر لأن الحرية أحب من العبودية.

إن الذي نميل إليه طبعاً رجوعه إلى الحرية فيكون معنى العبارة إن قدرت أن تتحرّر فتحرّر لأن الحرية أحب من العبودية. وقد فسرها بعضهم كذلك ولكن أكثر المفسرين على أن الضمير يرجع إلى . «العبودية» وإن المعنى إن قدرتم أن تهربوا من سادتكم فلا تهربوا بل أبقوا عبيداً لهم. والأدلة على صحة هذا التفسير ثلاثة:

  • الأول: القرينة في ما سبق وهي أنه لا يجب تغيير الأحوال الزمنية وقوله «وأنت عبد فلا يهمك».
  • الثاني: القرينة في ما يأتي وهي إن الذي هو عبد هو عتيق الرب.
  • الثالث: ترجيع بولس أناسيموس العبد إلى سيده فليمون بعد أن أبق من كولوسي وأتى إلى رومية.

إن سلمنا بالمعنى الأول وجب أن نعد تلك الجملة معترضة لأن الآية التي بعدها تعليل للرضى بالبقاء في العبودية.

٢٢ «لأَنَّ مَنْ دُعِيَ فِي ٱلرَّبِّ وَهُوَ عَبْدٌ فَهُوَ عَتِيقُ ٱلرَّبِّ. كَذٰلِكَ أَيْضاً ٱلْحُرُّ ٱلْمَدْعُوُّ هُوَ عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ».

يوحنا ٨: ٣٦ ورومية ٦: ١٨ و٢٢ وفليمون ١٦ ص ١٩: ٢١ وغلاطية ٥: ١٣ وأفسس ٦: ٦ و١بطرس ٢: ١٦

لأَنَّ متعلق بقوله «لا يهمك».

مَنْ دُعِيَ فِي ٱلرَّبِّ إلى الإيمان بالمسيح.

وَهُوَ عَبْدٌ لأحد البشر.

فَهُوَ عَتِيقُ ٱلرَّبِّ أي أن المسيح حرره من عبودية الشيطان والخطيئة والشهوات الرديئة وإنه حرره روحاً لا جسداً (يوحنا ٨: ٣٤ و٢تيموثاوس ٢: ٢٦ و٢بطرس ٢: ١٩). فإذاً لا داعي إلى الاضطراب من الربط الجسدية الوقتية لأن الحرية الروحية لعظمة مجدها تجعل الإنسان يسر بها حتى لا يلتفت إلى العبودية الجسدية.

كَذٰلِكَ أَيْضاً ٱلْحُرُّ الخ هذا علة أنه لا يتكبر ولا يحتقر أخاه المؤمن من العبيد وأن لا يظن أن الله يحبه أكثر من ذلك العبد فعليه أن يذكر أنه عبد للمسيح مكلف بأن يخدمه جسداً وروحاً. وفي ما قيل في شأن الأخ المدعو حراً أنه «عتيق الرب» علة للمدعو عبداً أن لا يحسده لأن الله ميزه عنه لأن الفرق بين الاثنين وجيز وأنهما عبدان للمسيح بكونه خلقهما وفداهما وأن كلا منهما وقف نفسه عبداً له والمسيح عتقهما من عبودية الشيطان واشتراهما بدمه عبدين له.

٢٣ «قَدِ ٱشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ، فَلاَ تَصِيرُوا عَبِيداً لِلنَّاسِ».

لاويين ٢٥: ٤٢ وص ٦: ٢٠ و١بطرس ١: ١٨ و١٩

في هذه الآية بيان على مصيرنا عبيداً للمسيح.

قَدِ ٱشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ هذا يطلق على المؤمنين أحراراً وعبيداً لأنه اشتراهم بدمه وهذا مثل قول بطرس «عَالِمِينَ أَنَّكُمُ ٱفْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ ٱلْبَاطِلَةِ ٱلَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ ٱلآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ ٱلْمَسِيحِ» (١بطرس ١: ١٨ و١٩ انظر أيضاً تفسير ص ٦: ٢٠). وهذه النسبة توجب علينا أن نخدمه بكل قلوبنا وأن غاية أعمالنا تكون إتماماً لإرادته.

فَلاَ تَصِيرُوا عَبِيداً لِلنَّاسِ أي فلا تفضلوا رضى الناس على رضى الله ولا مدحهم على مدحه تعالى ولا إثابتهم على إثابته.

٢٤ «مَا دُعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ فَلْيَلْبَثْ فِي ذٰلِكَ مَعَ ٱللّٰهِ».

ع ٢٠

هذا مكرر ما قيل في (ع ١٧) ثالثة فارجع إلى تفسيره وكرره ثلاثاً لتعليم القناعة وتأكيده.

مَعَ ٱللّٰهِ أي شاعراً بحضوره وبمراقبته إياه ومبتغياً رضاه ومتحداً به في الثقة والطاعة والتسليم لإرادته.

زيجة العذارى والأرامل وواجبات الوالدين في تزويج بناتهم وهذا هو الموضوع الثالث الذي كتبت الكنيسة إلى الرسول في شأنه ع ٢٥ إلى ٣٨

٢٥ «وَأَمَّا ٱلْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ ٱلرَّبِّ فِيهِنَّ، وَلٰكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ ٱلرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً».

ع ٦ و١٠ و٤٠ و٢كورنثوس ٨: ٨ و١٠ و١تيموثاوس ١: ١٦ ص ٤: ٢ و١تيموثاوس ١: ١٢

أَمَّا ٱلْعَذَارَى الظاهر أن والديهن أو وكلاءهن سألوا الرسول من جملة المسائل هل يسوغ لهم أن يزوجوهن أو لا.

فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ ٱلرَّبِّ فِيهِنَّ أي إن المسيح الرب لما كان على الأرض لم يأمر شيئاً في هذا الشأن كما أمر في شأن المتزوجين (ع ١٠).

وَلٰكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كما أعطي رأيه في (ع ٦ و١٢) باعتبار كونه رسولاً موحى إليه من الله. ولم يقصد بهذا إن الرب كان يلهمه وأنه لم يلهمه عند هذا الكلام وإنه لذلك تكلم بمجرد الإرشاد العقلي لأن هذا منفي بما في (ع ٤٠).

كَمَنْ رَحِمَهُ ٱلرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً «الأمين» هنا المستحق أن يوثق بكلامه كما في قوله «الشاهد الأمين» (رؤيا ١: ٥). وعلى ذلك يجب الاعتماد على رأيه فلا يعتبر كمجرد رأي إنسان حكيم مختبر. واعتبر أن تجديد قلبه وتعيينه رسولاً وإعلان المسيح مشيئته له رحمة من الله لا يستحقها لأنه لولا تلك الرحمة لم يزل مجدفاً مضطهداً. وهذا على وفق ما قيل في (٢كورنثوس ٤: ١) وهو دليل على تواضعه.

٢٦ «فَأَظُنُّ أَنَّ هٰذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ ٱلضِّيقِ ٱلْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هٰكَذَا».

متّى ٢٤: ٨ و١١ ولوقا ٢١: ٢٣ ع ١ و٨

فَأَظُنُّ بإرشاد الروح القدس.

أَنَّ هٰذَا حَسَنٌ أي مناسب كما هو في (ع ١). وكُرر هنا للتوكيد والتقرير.

لِسَبَبِ ٱلضِّيقِ ٱلْحَاضِرِ كان المسيحيون الأولون عرضة للاضطهاد في كل مكان. أثاره عليهم أولاً اليهود ثم اليهود والأمم. وتوقعوا مما أنبأ به المسيح قرب حدوث ضيقات كثيرة وحروب ومجاعات ونوازل هائلة على أورشليم واليهود جميعاً وأنه لا بد أن يلحق المسيحيين بعض الضيقات من جراء ذلك. نعم إن البشائر لم تكن في أيدي الناس يومئذ لكن كانت أقوال المسيح دائرة على ألسنة المؤمنين.

توقع بعض المسيحيين سرعة مجيء المسيح ثانية لكن لا دليل على أن بولس أشار هنا إلى ذلك المجيء لأنه أخبر الرومانيين أنه يتنصر قبل مجيئه الثاني أكثر الأمة اليهودية (رومية ١١: ٢٥) وأخبر أهل تسالونيكي أنه قبل مجيئه يحدث امتداد عظيم ويظهر إنسان الخطيئة ابن الهلاك (٢تسالونيكي ٢: ٢ و٣). وعلم ما نعلمه نحن من أن المسيح سيأتي ثانية وأن إتيانه يكون كلص في الليل وأنه يجب على المسيحيين أن يكونوا دائماً مستعدين لملاقاته.

لِلإِنْسَانِ الإنسان هنا اسم جنس يعم الرجال والنساء.

أَنْ يَكُونَ هٰكَذَا كما يأتي أي على ما هو عليه من الزيجة أو العزبة.

٢٧ «أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِٱمْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ ٱلٱنْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ ٱمْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ ٱمْرَأَةً».

أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِٱمْرَأَةٍ أي متزوج مقيد بشريعة الزيجة (رومية ٧: ٢).

فَلاَ تَطْلُبْ ٱلٱنْفِصَالَ طلاقاً كان أم ما أُشير إليه في (ع ١٠ – ١٧).

حسب الرسول أن الضيقة الحاضرة علة كافية لبقاء غير المتزوجين في العزبة لكنه لم يحسبها علة كافية لانفصال كل من الزوجين عن الآخر.

أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ ٱمْرَأَةٍ أي عزيب.

فَلاَ تَطْلُبِ ٱمْرَأَةً للسبب المذكور في (ع ٢٦).

٢٨ « لٰكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ ٱلْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلٰكِنَّ مِثْلَ هٰؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي ٱلْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ».

هذه الآية دفع لما يتوهم من كلامه السابق من أن المتزوجين أخطأوا. وهي تصريح أن الزواج مكرم وجائز في ذاته ولو اعتبره غير مناسب وقتئذ.

ِضِيقٌ فِي ٱلْجَسَد أي مصاب خارجي كإيلام النفي والسجن والبرد والجوع إلى غير ذلك مما يكون المسيحي عرضة له في أيام الاضطهاد الديني. ومن الواضح أن ذلك يكون على المتزوجين الذين لهم أولاد صغار أشد منه على غيرهم.

فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ فلا أريد أن تجلبوا على أنفسكم ذلك الضيق ولهذا نصحتكم بما تقدم. ومما يستحق الذكر هنا أنه لم ينسب إلى العزبة فضلاً تقوياً على الزيجة لكنه نسب إليها قلة الهموم في أيام العسر.

٢٩ – ٣١ «٢٩ فَأَقُولُ هٰذَا أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ: ٱلْوَقْتُ مُنْذُ ٱلآنَ مُقَصَّرٌ، لِكَيْ يَكُونَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ نِسَاءٌ كَأَنْ لَيْسَ لَهُمْ، ٣٠ وَٱلَّذِينَ يَبْكُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَبْكُونَ، وَٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَفْرَحُونَ، وَٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَمْلِكُونَ، ٣١ وَٱلَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هٰذَا ٱلْعَالَمَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَعْمِلُونَهُ. لأَنَّ هَيْئَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ تَزُولُ».

رومية ١٣: ١١ و١بطرس ٤: ٧ و٢بطرس ٩: ٨ و٩ ص ٩: ١٨ مزمور ٣٩: ٦ ويعقوب ١: ١٠ و٤: ١٤ و١بطرس ١: ٢٤ و٤: ٧ و١كورنثوس ٣: ١٧

هذه الآيات الثلاث كلام معترض يفيد وجوب الكف عن الأمور الدنيوية والربط الأرضية. وأثبت الرسول ذلك ببيان أمور أهم من الزيجة وما يتعلق بها وأنه يجب على الإنسان أن يهتم بها متزوجاً كان أو غير متزوج فرحاً أو حزيناً غنياً أو فقيراً مشغولاً بالأعمال الدنيوية أو لا. فلا يحسن أن يرتبك بشيء من تلك الأمور الأرضية حتى لا يستطيع أن يهتم بالأمور الروحية.

ٱلْوَقْتُ مُنْذُ ٱلآنَ مُقَصَّرٌ هذا القول موافق لكل تعليم الكتاب الإلهي في العهدين. ومعناه أن عمر كل واحد من الناس في عصره قصير بالنسبة إلى أعمار الآباء. وقضى الله بتقصيره لميل الإنسان إلى الارتباك بأمور هذه الدنيا التي حذّر الرسول مؤمني كورنثوس منها. أو إن وقت الإنسان على الأرض قصير بالنسبة إلى عظمة العمل المكلف به. أو إنه قصير لعدم تحقق بقائه وهو كقوله تعالى «كُلُّ مَا تَجِدُهُ يَدُكَ لِتَفْعَلَهُ فَٱفْعَلْهُ بِقُوَّتِكَ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلٍ وَلاَ ٱخْتِرَاعٍ وَلاَ مَعْرِفَةٍ وَلاَ حِكْمَةٍ فِي ٱلْهَاوِيَةِ ٱلَّتِي أَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَيْهَا» (جامعة ٩: ١٠). وقوله «لاَ تَفْتَخِرْ بِٱلْغَدِ لأَنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مَاذَا يَلِدُهُ يَوْمٌ» (أمثال ٢٧: ١ انظر أيضاً متى ٢٤: ٤٢ – ٤٤ و١بطرس ٤: ٧ و٢بطرس ٣: ٨ – ١٢). والنتيجة أنه يجب على الإنسان أن يكون مستعداً دائماً للموت فإن الإنسان إذا رأى الزمان طويلاً أمامه قال كما قال الغني الجاهل «يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَٱشْرَبِي وَٱفْرَحِي» (لوقا ١٢: ١٩). ولعل بولس أراد «بالوقت» الفرصة للحصول على الخلاص فيكون قوله هنا كقوله في رسالته الثانية إلى كورنثوس «هُوَذَا ٱلآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا ٱلآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ» (٢كورنثوس ٦: ٢).

ومفاد الآية كمفاد قوله «ٱهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى ٱلأَرْضِ» (كولوسي ٣: ٢). لأن الله قصّر أيامنا على الأرض أو أيام الدنيا الآن لكي يستخف المسيحيون بالأمور الحاضرة وعلاقاتهمم الأرضية إذا عاقتهم عن تحصيل الأمور العلوية الفضلى.

ٱلَّذِينَ لَهُمْ نِسَاءٌ كَأَنْ لَيْسَ لَهُمْ أي إنه يجب على المؤمنين أن لا يسمحوا بأن تكون محبتهم الزوجية مانعة من محبتهم لله وخدمتهم له. وفي هذا تلميح إلى شدة الخطر من أن محبة المخلوق تمنع من محبة الخالق.

ٱلَّذِينَ يَبْكُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَبْكُونَ الخ (ع ٣٠) أي إنه يجب على المؤمنين أن لا يسمحوا لبلايا هذا العالم ولا لخيراته ولا للأعمال الضرورية أن تشغل أفكارهم إلى حد تمنع عنده نموهم في القداسة واستعدادهم للأبدية.

ٱلَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هٰذَا ٱلْعَالَمَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَعْمِلُونَهُ مفاد هذه العبارة أنه يجوز لنا أن نتخذ في هذا العالم الوسائل إلى الطعام والكسوة والمسكن وغيرها من ضروريات الحياة الأرضية بغية أن نقوي أجسادنا لنتمكن من القيام بواجباتنا لله وللناس وإنه لا يجوز أن نطلب هذه الأمور لمجرد التلذذ بها وأن لا نكتفي بها غير ملتفتين إلى ما هو أعظم منها وأفضل ولا أن نحب الترفه والخلاعة والكسل والبطالة.

لأَنَّ هَيْئَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ تَزُولُ هذا كقول يوحنا «العالم يمضي وشهوته» (١يوحنا ٢: ١٧). والمعنى أن كل أمور هذه الدنيا قصيرة البقاء سريعة التغير فلا تستحق أن نعلق قلوبنا بها فتمنعنا عن نيل أفراح السماء الدائمة. وفي هذا تفسير لقوله «الوقت منذ الآن مقصر» (ع ٢٩) لأن أمور هذا العالم آخذة في الزوال.

لا دليل في هذا الفصل على أن بولس ظن المسيح آتياً ثانية في الحال وأنه أخطأ ظنه لأن أقواله على وفق أقوال المسيح إذ علم وجوب أن نكون كالعبيد المستنظرين مجيء سيدهم وحذر من القول «سيدي يبطئ قدومه» فإن قيل كيف جهل الرسول الموحى إليه وقت مجيء المسيح قلنا إن معرفة الأوقات والأزمنة أُخفيت عنه بقصد الله (أعمال ١: ٦).

٣٢، ٣٣ «٣٢ فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا بِلاَ هَمٍّ. غَيْرُ ٱلْمُتَزَوِّجِ يَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ كَيْفَ يُرْضِي ٱلرَّبَّ، ٣٣ وَأَمَّا ٱلْمُتَزَوِّجُ فَيَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ يُرْضِي ٱمْرَأَتَهُ».

١تيموثاوس ٥: ٥

رجع الرسول هنا إلى موضوع الزجية وأبان علاقة ما جاء من الكلام المعترض به.

فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا بِلاَ هَمٍّ هذا علة نصيحته «لا تطلب امرأة» في (ع ٢٧). ومراده «بالهم» هنا ما يشعر به المتزوج في أيام الخطر والضيقة والاضطهاد من جهة امرأته وأولاده فأراد بولس أن يكون المسيح موضوع هم الإنسان لا أهل بيته.

من البيّن أن هذه النصيحة ليست إلا لمن أحوالهم كأحوال مؤمني كورنثوس وقتئذ فإن المتزوج في أيام الأمن والرخاء أقل هما من العزيب من جهة الطعام والكسوة وما أشبههما فإن كانت زوجته مسيحية كانت معينة له في الروحيات والجسديات.

٣٤ «إِنَّ بَيْنَ ٱلزَّوْجَةِ وَٱلْعَذْرَاءِ فَرْقاً: غَيْرُ ٱلْمُتَزَوِّجَةِ تَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ لِتَكُونَ مُقَدَّسَةً جَسَداً وَرُوحاً. وَأَمَّا ٱلْمُتَزَوِّجَةُ فَتَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ تُرْضِي رَجُلَهَا».

ما قاله سابقاً في شأن الرجل قاله هنا في شأن المرأة.

غَيْرُ ٱلْمُتَزَوِّجَةِ تَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ… وَأَمَّا ٱلْمُتَزَوِّجَةُ الخ الفرق بين الاثنتين أن الأولى متفرغة لبذل كل وقتها في سبيل خدمة الرب وأن الثانية مضطرة أن تبذل بعض وقتها وأفكارها في تدبير البيت وهذا لا يفيد أن المؤمنة المتزوجة لا تهتم بأمور الرب لتتقدس جسداً وروحاً كالعذراء بل أنها لا تقدر أن تصرف كل وقتها في خدمته تعالى لأنها مضطرة فضلاً عن القيام بواجباتها للرب أن تنفق بعض الوقت على خدمة زوجها وإصلاح شأن بيتها وهذه الخدمة في أزمنة الضيق والاضطهاد تستغرق أكثر الوقت وتكون علة هم عظيم.

لا شيء مما قيل هنا يستلزم أن البتولية في نفسها أقدس من الزيجة لأن ذلك يوجب اللوم على الله الذي عيّن الزيجة وينافي قوله تعالى «ليس جيداً أن يكون آدم وحده» وينافي ما اختبره الناس.

٣٥ «هٰذَا أَقُولُهُ لِخَيْرِكُمْ، لَيْسَ لِكَيْ أُلْقِيَ عَلَيْكُمْ وَهَقاً، بَلْ لأَجْلِ ٱللِّيَاقَةِ وَٱلْمُثَابَرَةِ لِلرَّبِّ مِنْ دُونِ ٱرْتِبَاكٍ».

لوقا ١٠: ٤٠

هٰذَا أَقُولُهُ لِخَيْرِكُمْ نصحتكم بما تقدم بغية نفعكم.

لَيْسَ لِكَيْ أُلْقِيَ عَلَيْكُمْ وَهَقاً الوَهَق حبل يُجعل طرفه أنشوطة تُلقى في عنق الحيوان ليُجذب به على رغمه. فلم يرد بولس أن يمنع من الزيجة من يريدها بما يتوهم من كلامه أن العزبة أطهر من الزيجة إنما نصحهم بما هو أوفق لهم بالنظر إلى الأحوال التي كانوا عليها.

٣٦ «وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِدُونِ لِيَاقَةٍ نَحْوَ عَذْرَائِهِ إِذَا تَجَاوَزَتِ ٱلْوَقْتَ، وَهٰكَذَا لَزِمَ أَنْ يَصِيرَ، فَلْيَفْعَلْ مَا يُرِيدُ. إِنَّهُ لاَ يُخْطِئُ. فَلْيَتَزَوَّجَا».

هذه الآية والتي تليها موجهتان إلى الآباء الذين في سلطانهم حسب شريعة اليهود واليونانيين تزويج بناتهم أو عدمه. وكان بولس قد أشار عليهم بأنه خير لغير المتزوجين أن لا يتزوجوا «لسبب الضيق الحاضر» وهنا أعلن للآباء أن لهم الحكم بموافقة تزويج بناتهم أو لا. وإن كلامه السابق لا ينفي اختيارهم في هذا. ثم ذكر بعض الأحوال التي تقتضي تزويجهن.

يَعْمَلُ بِدُونِ لِيَاقَةٍ نَحْوَ عَذْرَائِهِ المراد بعذرائه ابنته أو من هي بمنزلتها من الأبكار. و «بالعمل بدون لياقة نحوها» تعريضها للعار والهوان بين أترابها وسائر النساء أو تركه إياها بعد موته بلا معين بها.

إِذَا تَجَاوَزَتِ ٱلْوَقْتَ الذي اعتاد الأبكار أن يتزوجن فيه.

وَهٰكَذَا لَزِمَ لسعادتها أو حمايتها أو القيام بما تحتاج إليه في المستقبل.

فَلْيَفْعَلْ مَا يُرِيدُ. إِنَّهُ لاَ يُخْطِئُ أي فليزوجها إن استحسن ولا جناح عليه.

فَلْيَتَزَوَّجَا أي العذراء وخاطبها. ومضمون العبارة أن المسئلة ليست مسئلة حلال أو حرام بل مناسبة واستصواب. فعلى الوالد أن ينظر إلى أحوال ابنته ويحكم كما يستحسن.

٣٧ «وَأَمَّا مَنْ أَقَامَ رَاسِخاً فِي قَلْبِهِ، وَلَيْسَ لَهُ ٱضْطِرَارٌ، بَلْ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى إِرَادَتِهِ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى هٰذَا فِي قَلْبِهِ أَنْ يَحْفَظَ عَذْرَاءَهُ، فَحَسَناً يَفْعَلُ».

ذكر الرسول في هذه الآية الأحوال التي لا يحسن فيها تزويج الأبكار.

مَنْ أَقَامَ رَاسِخاً فِي قَلْبِهِ أي متيقناً كل التيقن أن تزويج عذرائه غير مناسب.

وَلَيْسَ لَهُ ٱضْطِرَارٌ من أحوال خارجية تجبره على أن يعمل خلاف ما يستصوبه.

لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى إِرَادَتِهِ أن يفعل ما يتحقق نفعه لابنته.

أَنْ يَحْفَظَ عَذْرَاءَهُ أي أن يُبقي ابنته في بيته غير متزوجة.

٣٨ «إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ، وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ».

عبرانيين ١٣: ٤

ًإِذا أي ينتج مما سبق أن لا خطيئة في الزيجة ولا فضل في العزبة.

مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ لأنه نظر بالحكمة في الأحوال التي تدعو إلى الزيجة بمقتضاها.

وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ بالنظر إلى الضيقات الحاضرة والمستقبلة وهو لا يرى ما بجيره على تزويج بنته.

٣٩ «ٱلْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِٱلنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلٰكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ، فِي ٱلرَّبِّ فَقَطْ».

رومية ٧: ٢ و٢كورنثوس ٦: ١٤

هذه الآية وما بعدها في زيجة الأرامل.

ٱلْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ… رَجُلُهَا حَيّاً هذه شريعة الكتاب المقدس وهي أن الزيجة تكون بين رجل واحد وامرأة واحدة ولا تنفك ما داما حيين لا بإرادتهما معاً ولا بإرادة أحدهما ولا بسلطة بشرية.

إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا… تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ أي موت أحد الزوجين يبيح للآخر أن يتزوج (انظر تفسر رومية ٧: ١ – ٣).

فِي ٱلرَّبِّ فَقَطْ معنى هذا أنه يجوز للمؤمنة إذا مات رجلها أن تتزوج مؤمناً ولا يجوز أن تتزوج بغير المؤمن. قال سابقاً إن الزيجة بين المؤمن وغير المؤمن لا تنفك (ع ١٢ – ١٥) وأبان هنا أنها لا تنعقد. أي إذا تنصر أحد الزوجين فذلك لا يوجب الانفصال لكن يمتنع إنشاء الزيجة بين المؤمن وغير المؤمن. وتفيد عبارة الأصل أيضاً أنه يجب عليها أن تتزوج تزوجاً يليق بالمؤمنات المتعهدات أن يفعلن كل شيء لمجد الله وهذا يوجب عليها أن تقترن بمن يعينها على خدمة الرب ويكونا وارثين معاً نعمة الحياة (١بطرس ٣: ٧ ورومية ١٦: ٢ و٢٢ وأفسس ٥: ٢٢ – ٣١).

٤٠ «وَلٰكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هٰكَذَا، بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ ٱللّٰهِ».

ع ٢٥ و٢كورنثوس ١١: ٥ و١تسالونيكي ٤: ٨

وَلٰكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هٰكَذَا أي خير لها أن تبقى أرملة فلا تعرض نفسها لضيق فوق ضيقها (ع ٢٨) وتبقى متفرغة دائماً لخدمة الرب بإرشاد غيرها إليه. نصح بولس للأرامل هنا يختلف عن نصحه لهن في (١تيموثاوس ٥: ١٤) وعلى هذا الاختلاف اختلاف الأحوال فإن المسيحيين في كورنثوس يومئذ كانوا في أحوال الضيق ولا دليل على أن الناس الذين خدمهم تيموثاوس كانوا في مثل تلك الأحوال.

بِحَسَبِ رَأْيِي فإذاً قوله ليس أمراً يُقيد الضمير ويمنع الحرية الشخصية.

أَظُنُّ… عِنْدِي رُوحُ ٱللّٰهِ أي أني آلة للروح القدس في ذلك النصح والظن هنا لليقين لا للرجحان ولكنه استعمله تواضعاً ولطفاً كما استعمله في (ص ١٢: ٢٢ وغلاطية ٢: ٦) ولا داعي إلى أن نظن خلاف ما ظنه هو. فإذاً يجب أن نعتبر أن النصائح التي في هذا الأصحاح نصائح رسول أوحى الله إليه بما قاله. ولعله قصد بقوله «أيضاً» نفي ادعاء بعض المعلمين هناك أن عندهم وحدهم روح الله.

فوائد

  1. ما قيل في هذا الأصحاح يُبين أهمية أمر الزيجة عند الله وإن خير نفس الإنسان متوقف على كون زيجته موافقة وأنه يتوقف على مثل تلك الزيجة شرف الدين ومجد المسيح فوق النفع الشخصي (ع ١ – ١٣).
  2. إنه قد يحدث أن يكون ما هو حلال في نفسه ومناسب للإنسان في الأحوال العادية غير نافع ولا مناسب في غيرها. فإذاً علينا أن ننظر على الدوام إلى الأحوال ونتخذها دليلاً على ما يريد الله أن نفعله (ع ١).
  3. إن ما يجب على بعض الناس لا يلزم بالضرورة أنه واجب على الكل فيجب ملاحظة المواهب لمعرفة الواجبات (ع ٧).
  4. إنه يجب على كل من الزوجين أن يجتهد في تنوير عقل الآخر وخلاص نفسه بإظهار اهتمامه بذلك وبحسن سلوكه بناء على أوامر الإنجيل وبأمانته في القيام بكل ما يجب عليه وبتعليمه إياه وصلاته من أجله (ع ١٦).
  5. إنه يجب على كل منا أن يقتنع بما قسم الله له لأنه هو عيّنه بالحكمة والمحبة. فعلى تعليم الإنجيل ليس عاراً كون الإنسان فقيراً أو عبداً وأن الشيء الوحيد الذي يجب على الإنسان أن يستحي به هو الخطيئة وإن دنو مقام الإنسان لا يمنعه من إظهار أعظم الفضائل والحصول على رضى الله ومدحه وأعلى الأمكنة السماوية وأن سعادة الإنسان لا تتوقف على البلاد التي هو فيها ولا على مقامه بين أهلها بل على مباركة الله خدمته بالأمانة (ع ١٧ – ٢٠).
  6. إنه ليس في الإنجيل ما يحمل على الفتنة وحل رُبط الهيئة الاجتماعية بل ما يوجب على الزوج القيام بكل ما عليه لزوجته وعلى الوالد بما عليه لولده والخادم بما عليه لسيده والرعية بما عليها لملكها احتراماً لله لا للناس (ع ٢٠ – ٢٣).
  7. إنه من الخطأ أن يطلب الإنسان تغيير أحواله لغير داع كاف فإن كانت مهنته مما يجبر على مخالفة الله وجب أن يتركها حالاً مهما كان ربحه منها ويحل له أن يترك العمل الذي ينفعه في الدنيويات ليشرع في آخر يمجد الله ويخلص النفوس. إن متّى لم يترك كرسي الجباية إلا ليكون رسولاً فأحسن كما أحسن أندراوس وبطرس ويعقوب ويوحنا حينما تركوا صيد السمك ليكونوا صيادي الناس (ع ٢٠ – ٢٤).
  8. إن الدين المسيحي لا يمنع التمتع بالخيرات المحللة على شرط أن لا تمنع من نيل الخيرات السماوية فعلينا أن نجعل هذا العالم وسيلة إلى السماء لا مانعاً منها وأن لا ننسى أن مسرتنا بالمواهب تُنسينا الواهب. إن تيقننا قصر الوقت يقيناً من شدة الولوع بالأمور الدنيوية ومن شدة الحزن على فراقها. إن سرور المؤمنين الأرضي ينتهي سريعاً وتبتدئ أفراحهم السماوية ولكن أحزانهم تنتهي سريعاً إلى الأبد فلا يهمهم زوال هيئة هذا العالم لأنهم يعلمون أن لهم «بناء من الله بيتاً غير مصنوع بالأيدي أبدياً في السماء» (ع ٢٩ – ٣١).
  9. إنه يجب علينا الاجتهاد في طرح زيادة الهم والعناء لنتفرغ للاعتناء بنفوسنا وبالواجبات الدينية وهذا لا يمكن إلا بأن نلقي تلك الأحمال على الرب (ع ٣٢).
  10. إن الإنجيل يترك لاختيار الإنسان أن يتزوج بشرط أن تكون زيجته موافقة لتمجيد الرب فعلى حفظ هذا الشرط يتوقف خيره وخير أولاده في الدنيا والآخرة (ع ٣٩).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى