الرسالة الثانية إلى كورنثوس | 10 | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح الرسالة الثانية إلى كورنثوس
للدكتور . وليم إدي
الأصحاح العاشر
إظهار الرسول عدم إرادته أن يتصرف بمقتضى سلطته الرسولية وأن يعاقب المعاندين (ع ١ – ٦). تصريحه بأن له سلطة من الله (ع ٧ – ١١). وإنه لا يدّعيها على من ليس تحت إرادته (ع ١٢ – ١٨).
لا يخفى على القارئ ما أتاه الرسول هنا إلى نهاية الأصحاح الثالث عشر من تغيير أسلوب كتابته إلى الكورنثيين فذهب البعض إلى أن هذا الجزء رسالة أخرى إليهم لكن لا داعي إلى هذا المذهب لأنه يكفي سبباً لهذا التغيير أن يكون من خاطبهم هنا غير الذي خاطبهم قبلاً لأنه خاطب في ما مر الأمناء المطيعين وأخذ هنا يخاطب المقاومين له وهم كذبة المعلمين وأتباعهم الذين احتقروه وأبوا طاعته ورفضوا الإنجيل الذي نادى به وحذّرهم من أن يطمعوا به لطول أناته لأن له قوة على أن يعاقبهم مع أنه كان متواضعاً لديهم حتى أنهم استخفوا به فقال أنه يصبر ايضاً عليهم ويمتحنهم (ع ١ – ٦). وأنه لا يحسن أن يحكموا بأموره بمقتضى ما ظهر منه لأنهم مهما ادعوا من السلطة فله أعظم منها حقيقة (ع ٧ و٨). فان له أن يظهر جسارته وهو حاضر بينهم لو أراد (ع ٩ – ١١). وإنهم تحت إدارته لأن بلادهم مما وُكل تبشيرها إليه (ع ١٢ – ١٦) وأن ثقته ليست بنفسه بل بالرب (ع ١٧ و١٨).
١ «ثُمَّ أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ بِوَدَاعَةِ ٱلْمَسِيحِ وَحِلْمِهِ، أَنَا نَفْسِي بُولُسُ ٱلَّذِي فِي ٱلْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي ٱلْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ».
رومية ١٢: ١ ع ١٠ وص ١٢: ٥ و٧ و٩
أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ بِوَدَاعَةِ ٱلْمَسِيحِ وَحِلْمِهِ أي متمثلاً بالمسيح الذي كان وديعاً متواضعاً حليماً وأمر تلاميذه أن يقتدوا به في ذلك (متى ١١: ٢٩ انظر أيضاً إشعياء ٥٣: ٧). وأشار إلى وجوب ذلك بقوله «طوبى للودعاء» (متّى ٥: ٥). والمراد بالوداعة هو حلم الإنسان مع اعتزاله طلب الحقوق حين يتعدى غيره عليه. واقتداؤه بالمسيح في ذلك كان على صبره على أعدائه وامتناعه عن معاقبتهم.
ولعل في العبارة تعريضاً بقلة حلم المقاومين ووداعتهم كما أن فيه تصريحاً بوداعة المسيح وحلمه وهو على الأرض.
أَنَا نَفْسِي بُولُسُ اعتاد الرسول هذه العبارة في مقدمة كلامه على ما هو ذو شأن عنده (غلاطية ٥: ٢ وأفسس ٣: ١ وفليمون ١٩) وغُلب أن يستعمل صيغة الجمع لكنه استعمل هنا المفرد فكأنه قال أن الإنسان المخاطب لكم هو الرجل الذي احتقرتموه نفسه.
ٱلَّذِي فِي ٱلْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ لا ريب في أن هذا حكاية قولهم عليه كما علم من تيطس وغيره (انظر ع ١٠) ومفاده أنه جبان في الحضرة شجاع في الغيبة.
وَأَمَّا فِي ٱلْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ نسب إليه أعداؤه الجسارة وهو بعيد عنهم وعن مقاومتهم له وتخطئتهم إياه ولعلهم بنوا هذه التهمة على إبطائه عن مواجهتهم حسبما وعدهم. والحق الصريح أن بولس لم يكن جباناً لكنه كان شجاعاً ثابتاً في الحق والمناداة به على رغم كثرة مقاوميه وثروتهم وسطوتهم وأنه عرّض نفسه لكل أنواع الأخطار والمصائب في التبشير بالإنجيل فكان تاريخ حياته شهادة بصدق قوله «إِنِّي مُسْتَعِدٌّ لَيْسَ أَنْ أُرْبَطَ فَقَطْ، بَلْ أَنْ أَمُوتَ أَيْضاً… لأَجْلِ ٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ» (أعمال ٢١: ١٣).
٢ «وَلٰكِنْ أَطْلُبُ أَنْ لاَ أَتَجَاسَرَ وَأَنَا حَاضِرٌ بِٱلثِّقَةِ ٱلَّتِي بِهَا أَرَى أَنِّي سَأَجْتَرِئُ عَلَى قَوْمٍ يَحْسِبُونَنَا كَأَنَّنَا نَسْلُكُ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ».
١كورنثوس ٤: ٢١ وص ١٣: ٢ و١٠
أَطْلُبُ هذا مكرّر قوله في الآية الأولى بعد كلام معترض لبيان العلاقة بين الكلامين. ولا بد من أن في هذا الطلب شيئاً من التحذير مما سيكون إذا رُفض الطلب.
أَنْ لاَ أَتَجَاسَرَ وَأَنَا حَاضِرٌ بِٱلثِّقَةِ لم يرد أنهم يجبرونه على تغيير أسلوبه السابق من الحلم واللطف وأن يظهر لهم الشدة والشجاعة التي تحمله أمانته للحق على إظهارها والتي هو واثق أنه يظهرها لهم عندما يلاقيهم وجهاً لوجه خلافاً لزعمهم.
ٱلَّتِي بِهَا أَرَى أَنِّي سَأَجْتَرِئُ أي أعزم أن أتصرف غير ناظر إلى ما يقوله أو يفعله المقاومون إن لم يرجعوا عن افترائهم.
عَلَى قَوْمٍ يَحْسِبُونَنَا الخ هؤلاء القوم هم المعلمون الكاذبون الذين نسبوا إلى بولس الخداع والتقلب وحب الذات والغايات النفسانية العالمية. أتى في الإنجيل «السلوك بحسب الجسد» بمعنى الضعف الذي هو من خواص الجسد. وأتى بمعنى الطبيعة الفاسدة الظاهرة في كل آراء أهل العالم وأعمالهم وهذا هو المقصود هنا.
٣ «لأَنَّنَا وَإِنْ كُنَّا نَسْلُكُ فِي ٱلْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ ٱلْجَسَدِ نُحَارِبُ».
وَإِنْ كُنَّا نَسْلُكُ فِي ٱلْجَسَدِ أي إن كانت حياتنا حياة بشرية بما فيها من الضعف والألم ولا إشارة هنا إلى خطيئة الجسد كما يفيده ذلك السلوك أحياناً.
لَسْنَا حَسَبَ ٱلْجَسَدِ نُحَارِبُ أي في محاربتنا الخطيئة لا نتكل على وسائط بشرية يتخذها الناس في حروبهم كالقوة الإجبارية والرشوة والتمليق والفلسفة العقلية والأدلة السفسطية والغش والخداع.
٤ «إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِٱللّٰهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ».
أفسس ٦: ١٣ و١تسالونيكي ٥: ٨ و١تيموثاوس ١: ١٨ و٢تيموثاوس ٢: ٣ أعمال ٧: ٢٢ و١كورنثوس ٢: ٥ وص ٦: ٧ و١٣: ٣ و٤ إرميا ١: ١٠
أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا أي الوسائط التي اتخذها للمحاماة عن الحق ومقاومة الضلال وهي ما ذُكرت في (أفسس ٦: ١١ – ١٦) و١تسالونيكي ٥: ٨). والأسلحة التي استعملها تدل على أنه لم يحارب حسب الجسد.
لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً أي ليست مما يستعملها البعض من الفصاحة والفنون والحيل المعتادة في الحروب. فأسلحة الرسول كانت من الروح القدس ويجب على كل المبشرين بالإنجيل أن يتسلحوا به كما تسلّح.
بَلْ قَادِرَةٌ بِٱللّٰهِ أي أن الله يجعلها فعالة بقدرة يده المقارنة إياها.
عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ هذه من العبارات العسكرية أشار بها الرسول إلى ما أتاه في مقاومة الخطيئة. والمراد «بالحصون» هنا قلب الإنسان وجهله وضلاله وعصيانه وشره عموماً وهذا كله ظاهر أوضح ظهور في عبادة الأوثان وفساد الآداب في مدينة كورنثوس وسائر المدن اليونانية والرومانية. وتلك الضلالات انتظمت بقوة حكام الممالك وتوطدت بعظمة الهياكل الفاخرة ورسومها واحتفالاتها.
٥ «هَادِمِينَ ظُنُوناً وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ ٱللّٰهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ ٱلْمَسِيحِ»،
١كورنثوس ١: ١٩ و٣: ١٩
في هذه الآية ذكر بعض الحصون التي تيقن الرسول أنه قادر على هدمها بأسلحة الإنجيل.
ظُنُوناً آراء الذين فضلوا استدلال عقولهم على أقوال الله (قابل هذا ما في ١كورنثوس ١: ١١ – ٣١ ورومية ١: ٢١ – ٢٣).
وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ ٱللّٰهِ أي علو ما كانت تبنى عليه الحصون لأنها كانت في القديم تبنى على عاليات الآكام وشواهق الصخور. واستعاره الرسول لكبرياء الفلاسفة وكل الذين يفضلون أحكام عقولهم على أحكام الوحي ويقيسون كل الأمور بمقياس النواميس والمبادئ الطبيعية وهذا فنده الرسول بقوله «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هٰذَا ٱلدَّهْرِ، فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيماً! لأَنَّ حِكْمَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ ٱللّٰهِ» (١كورنثوس ٣: ١٨ و١٩). وأشار الرسول بهذه العبارة إلى الحرب العظيمة الدائمة بين الحق والباطل وبين حكمة الله وحكمة العالم وبين دين المسيح والأديان التي اخترعها البشر وهي الحرب التي كان الرسول يجاهد فيها ولم تزل تتلظى إلى الآن وستبقى إلى أن ينتصر الإنجيل على كل ما سواه لأن فعل روح الله مع إنجيله وقوته أعظم من قوة كل برهان وفصاحة بشرية.
مُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ ٱلْمَسِيحِ أنزل طاعة المسيح في منزلة حصن ساق إليه الأسرى المأخوذين من حصون الضلال التي هدمها المسيح. وأراد بقوله «كل فكر» كل إنسان لأن الإنسان كفكره. وهذا على وفق قول الحكيم «لأَنَّهُ كَمَا شَعَرَ فِي نَفْسِهِ هٰكَذَا هُوَ» (أمثال ٢٣: ٧). فيجب علينا بمقتضى هذا التعليم أن نترك كل اتكال على مجرد الاستدلال العقلي وأن نخضع لتعليم المسيح إذا شئنا أن نكون مسيحيين حقيقيين وهذا كقوله «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هٰذَا ٱلدَّهْرِ، فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيماً» (١كورنثوس ٣: ١٨).
إن المسيح لا يريد أن تخضع أعمالنا وحدها له بل يريد أن تخضع له أفكارنا أيضاً.
٦ «وَمُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِمَ عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ، مَتَى كَمَلَتْ طَاعَتُكُمْ».
مُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِمَ عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ من المعلمين الكاذبين. علم الرسول أن له قدرة على ذلك وقد عزم على إجرائه إن بقوا على مقاومتهم للإنجيل وأنه لا بد من انتصار الإنجيل فإن المسيح عثرة للبعض ورأس الزاوية لآخرين. ولم يذكر حقيقة الانتقام الذي عزم على إجرائه ولعله مجرد القطع من الكنيسة أو من المصائب الجسدية التي كان للرسل سلطة على أن يضربوا بها (١كورنثوس ٥: ٥ و١تيموثاوس ١: ٢٠).
مَتَى كَمَلَتْ طَاعَتُكُمْ أي طاعة الذين قبلوا نصحه وسلموا بسلطته. قصد الرسول أن يتخذ كل الوسائل الممكنة ليحملهم على الخضوع له قبل أن يعاقب المعاندين والعصاة.
٧ «أَتَنْظُرُونَ إِلَى مَا هُوَ حَسَبَ ٱلْحَضْرَةِ؟ إِنْ وَثِقَ أَحَدٌ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ لِلْمَسِيحِ، فَلْيَحْسِبْ هٰذَا أَيْضاً مِنْ نَفْسِهِ: أَنَّهُ كَمَا هُوَ لِلْمَسِيحِ، كَذٰلِكَ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمَسِيحِ!»
يوحنا ٧: ٢٤ وص ٥: ١٢ و١١: ١٨ وع ١ ١كورنثوس ٢٤: ٣٧ و١يوحنا ٤: ٦ و١كورنثوس ٣: ٢٣ و٩: ١ وص ١١: ٢٣
خاطب الرسول بهذه الآية الذين أنكروا سلطته ودعاهم إلى بيان سبب إنكارهم التسليم بحقوقه وجاء ذلك بياناً لعدم حجتهم بإثبات سلطته الرسولية وحقه أن يحكم على كنيسة كورنثوس. وبهذا شغل قلمه في هذا الأصحاح إلى الآية الثامنة عشرة من الأصحاح الثاني عشر. وهذا كله كلام معترض رجع بعده إلى الموضوع الذي تكلم عليه في أول هذا الأصحاح وهو بيان ما يقصد إجراءه في كورنثوس عند وصوله إليها.
أَتَنْظُرُونَ إِلَى مَا هُوَ حَسَبَ ٱلْحَضْرَةِ أي أتقصرون توجيه أفكاركم إلى ما يظهر من أمري كالهيئة وأسلوب التصرف والكلام وعليه تستخفون بي.
إِنْ وَثِقَ أَحَدٌ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ لِلْمَسِيحِ لم يقصد شخصاً معيناً بهذا بل أراد صنفاً من الناس الذين استهانوا بسلطته (١كورنثوس ١: ١٠) إن بعض مسيحيي كورنثوس ادعوا أن لهم تقرباً من المسيح ليس لغيرهم من سائر المؤمنين والمبشرين لقرابة أهلية أو لكونهم قد شاهدوا المسيح في الجسد. ولعل دعوى المشار إليهم في هذه الآية بأنهم «للمسيح» كدعوى أولئك.
فَلْيَحْسِبْ هٰذَا الخ معنى الرسول أنه لا يحتاج هؤلاء المدّعون إلى سوى التأمل للاقتناع بأن ليس لهم فضل عليه بما يدعونه فإنه هو وإياهم بمنزلة واحدة فيه.
٨ «فَإِنِّي وَإِنِ ٱفْتَخَرْتُ شَيْئاً أَكْثَرَ بِسُلْطَانِنَا ٱلَّذِي أَعْطَانَا إِيَّاهُ ٱلرَّبُّ لِبُنْيَانِكُمْ لاَ لِهَدْمِكُمْ، لاَ أُخْجَلُ».
ص ١٣: ١٠ ص ٧: ١٤ و١٢: ٦
لم يدع الرسول في الآية السابقة إلا المساواة لأولئك المدعين ولكنه صرّح في هذه الآية بأنه أفضل منهم لأن له سلطة وقوة بالنظر إلى رتبته ليستا لهم فلو أراد أن يبسط الكلام في حقوقه لم يخجل لأنه يقدر أن يُثبت كل دعاويه بأدلة أفعاله.
وَإِنِ ٱفْتَخَرْتُ إن هنا وصلية فهي للتأكيد لا للشك.
شَيْئاً أَكْثَرَ بِسُلْطَانِنَا من دعواهم. فإنهم قالوا إنهم للمسيح فقال إن له حقاً بهذا أكثر مما لهم كما يتبيّن مما أعطاه المسيح من السلطة في سياسة الكنيسة وأن يثبت تلك السلطة بعقاب المذنبين.
إن بولس أخذ هذه السلطة من الرب يسوع حين دعاه إلى أن يكون رسولاً وأنه كان له فوقها موهبة الروح القدس التي جعلته معلماً معصوماً من الغلط وقادراً على إتيان أعمال خارقة العادة.
ٱلَّذِي أَعْطَانَا إِيَّاهُ ٱلرَّبُّ لِبُنْيَانِكُمْ الرب هنا هو يسوع المسيح والمواهب التي أعطاها بولس تدل على كونه إلهاً إذ لا يقدر أن يعطيها إلا الله وهو أعطاها رسوله لا لرفعه شأنه ولا لغاية أخرى من الغايات البشرية ولا لإذلال أعدائه بالذات بل لأجل بنيان الكنيسة بالقداسة والسلام والحق.
لاَ أُخْجَلُ هذا خبر أن في أول الآية. وعلة عدم خجله قدرته على إثبات دعواه بأعماله.
٩ «لِئَلاَّ أَظْهَرَ كَأَنِّي أُخِيفُكُمْ بِٱلرَّسَائِلِ».
الكلام في هذه الآية متعلق بالآية السابقة ولإيضاح المعنى يلزم أن نضيف إلى أوله «هذا أقوله» أو ما أشبهه. وغايته منه أن يدفع عن نفسه تهمة كذبة المعلمين أنه يهددهم برسائله لكي يخيفهم فيطيعوا. ويفعل ذلك ولا قوة له ولا عزم على إجرائه.
١٠ «لأَنَّهُ يَقُولُ: ٱلرَّسَائِلُ ثَقِيلَةٌ وَقَوِيَّةٌ، وَأَمَّا حُضُورُ ٱلْجَسَدِ فَضَعِيفٌ وَٱلْكَلاَمُ حَقِيرٌ».
ع ٧ و١١ ١كورنثوس ٢: ٣ و٤ وع ١ وص ١٢: ٥ و٧ و٩ وغلاطية ٤: ١٣ ١كورنثوس ١: ١٧ ٢: ١ و٤ وص ١١: ٦
لم يُرد أن يتظاهر أنه يبتغي إخافتهم برسائله كما افتروا عليه.
ٱلرَّسَائِلُ ثَقِيلَةٌ وَقَوِيَّةٌ فتدل على كون كاتبها نشيطاً ذا سلطة وشدة غريبة.
وَأَمَّا حُضُورُ ٱلْجَسَدِ فَضَعِيفٌ الخ هذا افتراء أعدائه إذ لا شيء يشير إلى أن بولس كان ضعيفاً في البنية الجسدية وأنه كان قصير القامة فإن كثرة أسفاره وطولها وما قاساه من الأتعاب والآلام دليل قاطع على أنه لم يكن ضعيف الجسد. والخلاصة أنه لا وجه لهم إلى إثبات تهمتهم إلا ما قاله على أحواله حين أتى كورنثوس من أثينا وشعر بثقل انتظاره دخول الإنجيل تلك المدينة ذات الشر والكبرياء كما يظهر من قوله «أَنَا كُنْتُ عِنْدَكُمْ فِي ضَعْفٍ وَخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ كَثِيرَةٍ. وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ ٱلْحِكْمَةِ ٱلإِنْسَانِيَّةِ» (١كورنثوس ٢: ٣ و٤). فإنه لم يأتهم المعلمين العالميين والفلاسفة مستنداً على فصاحة الكلام ولم يفتخر بما أتاه في غيرها من المدن وبما سيفعله بينهم.
١١ «مِثْلُ هٰذَا فَلْيَحْسِبْ أَنَّنَا كَمَا نَحْنُ فِي ٱلْكَلاَمِ بِٱلرَّسَائِلِ وَنَحْنُ غَائِبُونَ، هٰكَذَا نَكُونُ أَيْضاً بِٱلْفِعْلِ وَنَحْنُ حَاضِرُونَ».
لم يقصد بهذا الكلام شخصاً بعينه بل قصد كل فرد ممن يقاومونه فإنهم سلموا بأن رسائله قوية فحقق لهم هنا أن أعماله لا تكون أقل قوة منها وأنه قادر على إجراء كل ما ادعاه من القدرة على المعاقبة فلا يكون قوله افتخاراً باطلاً.
١٢ «لأَنَّنَا لاَ نَجْتَرِئُ أَنْ نَعُدَّ أَنْفُسَنَا بَيْنَ قَوْمٍ مِنَ ٱلَّذِينَ يَمْدَحُونَ أَنْفُسَهُمْ، وَلاَ أَنْ نُقَابِلَ أَنْفُسَنَا بِهِمْ. بَلْ هُمْ إِذْ يَقِيسُونَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَيُقَابِلُونَ أَنْفُسَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، لاَ يَفْهَمُونَ».
ص ٣: ١ و٥: ١٢
لأَنَّنَا لاَ نَجْتَرِئُ لم يكن بولس كالمعلمين الكاذبين الذين يفتخرون بقوتهم وتأثيرهم ولا قدرة لهم على إثبات شيء من دعواهم. فمعنى قوله «لا تجترئ» هو أن ضميره لا يسمح له أن يدّعي ما ليس له من القوة.
إِذْ يَقِيسُونَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ إن أولئك المعلمين الكاذبين الذين مدحوا أنفسهم واحتقروا غيرهم نظروا إلى مجرد عظمتهم وقاسوا ذواتهم بما تصوروه لأنفسهم ولم يقابلوا أنفسهم بأولئك الذين سبقوهم وهم أعظم منهم. وتعدوا عليهم بأن دخلوا على أتعابهم غير مكترثين بما لهم من التعليم والعمل. وبهذا امتازوا عن بولس الذي لم يفتخر بنفسه شيئا بل اتكل على الله ونسب كل نجاحه إلى نعمته ولم يدخل على تعب غيره ويدّعي أنه تعبه.
لاَ يَفْهَمُونَ أي جهلوا فضلوا بقياسهم.
١٣ «وَلٰكِنْ نَحْنُ لاَ نَفْتَخِرُ إِلَى مَا لاَ يُقَاسُ، بَلْ حَسَبَ قِيَاسِ ٱلْقَانُونِ ٱلَّذِي قَسَمَهُ لَنَا ٱللّٰهُ، قِيَاساً لِلْبُلُوغِ إِلَيْكُمْ أَيْضاً».
ع ١٥
لاَ نَفْتَخِرُ إِلَى مَا لاَ يُقَاسُ أي لا تجاوز حدود الحق بأقوالنا. إن الرسول لم يدع موهبة وسلطة لم يهبها الله له ولم ينسب إلى نفسه عملاً لم يعمله. ولم يدع أنه أرشد إلى المسيح من أرشده غيره إليه. وبهذا امتاز كل الامتياز عن أولئك الخادعين الذين لم يكن لادعائهم وافتخارهم حد ولم توافق أعمالهم أقوالهم.
قِيَاسِ ٱلْقَانُونِ ٱلَّذِي قَسَمَهُ لَنَا ٱللّٰهُ أي القاعدة التي وضعها الله في شأن المواهب التي عيّنها له في التبشير بالإنجيل وبولس لم يخترها ولم يتعرض لتعيينها. نعم أنه صرح بأن قصده المناداة بالإنجيل حيث لم يُسمّ المسيح حتى لا يبني على أساس غيره (رومية ١٥: ٢٠). فاعتبر أن المسيح عيّنه مبشراً للأمم بالأولى كما عيّن كلا من بطرس ويوحنا ويعقوب مبشرين لليهود كذلك (غلاطية ٢: ٩). ولكن ليس من دليل على أن سلطة الرسول مقصورة على مدينة ما أو بلاد ما فإن إلهام الروح القدس عصمهم وأهلّهم أن يعملوا أعمالاً خارقة العادة إثباتاً لتعاليمهم لمن يشاءون من كنيسة أو أمة.
لِلْبُلُوغِ إِلَيْكُمْ أَيْضاً اعتبر الرسول مدينة كورنثوس ضمن الدائرة المعيّنة لتبشيره فإنه أسس الكنيسة في تلك المدينة (١كورنثوس ٣: ١٠) وأن مؤمنيها عمله في الرب (١كورنثوس ٩: ١).
١٤ «لأَنَّنَا لاَ نُمَدِّدُ أَنْفُسَنَا كَأَنَّنَا لَسْنَا نَبْلُغُ إِلَيْكُمْ. إِذْ قَدْ وَصَلْنَا إِلَيْكُمْ أَيْضاً فِي إِنْجِيلِ ٱلْمَسِيحِ».
١كورنثوس ٣: ٥ و١٠ و٤: ١٥ و٩: ١
إِلَيْكُمْ أيها الكورنثيون. قال إن سلطته تصل إليهم وأنه وصل إليهم بتبشيره بالإنجيل وكان أول مبشر لهم فكورنثوس ضمن ما افتتحه من البلاد بالبشرى فقد بلغها في أسفاره وقصد الاجتياز بها بعد قليل (ع ١٦).
فِي إِنْجِيلِ ٱلْمَسِيحِ أي في المناداة به.
١٥ «غَيْرَ مُفْتَخِرِينَ إِلَى مَا لاَ يُقَاسُ فِي أَتْعَابِ آخَرِينَ، بَلْ رَاجِينَ إِذَا نَمَا إِيمَانُكُمْ أَنْ نَتَعَظَّمَ بَيْنَكُمْ حَسَبَ قَانُونِنَا بِزِيَادَةٍ».
رومية ١٥: ٢
غَيْرَ مُفْتَخِرِينَ إِلَى مَا لاَ يُقَاسُ كرر هنا من جهة أتعابه ما قاله في (ع ١٣) من جهة مواهبه ودائرة عمله. فلم يفتخر بتعب سواه من المبشرين بأن ادعى أن النتيجة نتيجة خدمته. فواضح أنه قصد توبيخ المعلمين الكاذبين على دعواهم أنهم فعلوا ذلك لأنهم أتوا إلى كورنثوس بعدما أُنشئت كنيسة وادعائهم سلطة لا حق لهم فيها. فاجتهدوا أن يبطلوا تأثير بولس في تلك الكنيسة فيبطلوا رجاءها الخلاص بالإنجيل الذي بشر به.
رَاجِينَ الخ رجا بولس أن يبشر بالإنجيل في البلاد التي أبعد منهم عن أورشليم التي هي مبتدأ تبشيره حسب قانونه أن ينادي حيث لم يسم المسيح (رومية ١٥: ٢٠) أول ما تسمح بذلك أحوال كنيستهم.
١٦ «لِنُبَشِّرَ إِلَى مَا وَرَاءَكُمْ. لاَ لِنَفْتَخِرَ بِٱلأُمُورِ ٱلْمُعَدَّةِ فِي قَانُونِ غَيْرِنَا».
هذا متعلق بقوله «راجين» في (ع ١٥) فإنه توقع أن يبشر الأماكن التي وراء كورنثوس حيث لم يدخل الإنجيل.
مَا وَرَاءَكُمْ أي غربي كورنثوس وهو رومية (في إيطاليا) وأسبانيا كما ذُكر في (رومية ١٥: ٢٢ – ٢٤).
فِي قَانُونِ غَيْرِنَا أراد بذلك دائرة التبشير التي سبقه إليها وتلمذ فيها أناساً وأنشأ كنائس بغية أن لا ينسب إلى نفسه أثمار تعب سواه.
١٧ «وَأَمَّا مَنِ ٱفْتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِٱلرَّبِّ».
إشعياء ٦٥: ١٦ وإرميا ٩: ٢٤ و١كورنثوس ١: ٣١ و١٥: ١٠
الافتخار بالرب هو اعتبار أنه مصدر كل ثقة ونعمة وقوة ونجاح في التبشير بالإنجيل (١كورنثوس ١٥: ١٠) والسرور بمدح الله لخادمه إثابة له على أتعابه. ولعل آخر هذه الأمور هو ما قصده الرسول هنا فلا يحسن أن يسر المسيحي بالنظر في وفرة مواهبه وعظمة أتعابه والانتفاخ بمدح الناس إياه بل عليه أن يكتفي بمسرّة الله به ولا يكتفي إلا بتلك المسرة.
١٨ «لأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ مَدَحَ نَفْسَهُ هُوَ ٱلْمُزَكَّى، بَلْ مَنْ يَمْدَحُهُ ٱلرَّبُّ».
أمثال ٢٧: ٢ رومية ٢: ٢٩ و١كورنثوس ٤: ٥
إن الإنسان مهما أعجب بنفسه ومدح الناس إياه لا يكون مستحقاً المدح ما لم يمدحه الله ولذلك كان بولس يرى حكمه لنفسه أمراً زهيداً وكذا حكم غيره له (١كورنثوس ٤: ٣). إنما سرّ بأن الله أظهر رضاه عنه بأن اختاره ليكون آلة التبشير بإنجيله وجعل ختم رضاه هداية الذين بشرهم والكنائس التي أنشأها واكتفى بذلك (ص ٣: ١ – ٣).
فوائد
- إنه إن كان لأحد جراءة على أن يظهر آراءه أمام الصغار والكبار وقوة على أن يوبخ الخطأة بصرامة لكي يرجعوا فخير له أن يظهر لهم الوداعة والحلم من أن يظهر الجراءة والصرامة (ع ١).
- إن تلميذ المسيح الذي يذكر وداعة معلمه وحلمه معه لا خوف عليه من أن يكون منتقداً مندداً مع إخوته (ع ١).
- إن سلوك المسيح كان قانون بولس فوجب أن يكون قانون كلّ منّا. إنه هيّن على الناس أن يمدحوا الحلم والوداعة وإنكار النفس لكن مجرد المدح قليل التأثير ولكن إتيان ذلك فعلاً أشد إثباتاً للمدح وتأثيراً في الوعظ (ع ١).
- إنه على كل مسيحي على الأرض أن يحارب الخطيئة في نفسه وفي غيره من الناس والشياطين فمن المحال أن تكون حياته هنا حياة راحة وسلام فلا راحة تامة إلا في السماء فإنه «هُنَاكَ يَكُفُّ ٱلْمُنَافِقُونَ عَنِ ٱلشَّغَبِ وَهُنَاكَ يَسْتَرِيحُ ٱلْمُتْعَبُون» (أيوب ٣: ١٧) (ع ٣).
- إن قوة الدين المسيحي على هدم الباطل وبناء الحق ليست بعدد تابعيه ولا بغناهم ولا بكون بعضهم ملوكاً وشرفاء أو فلاسفة وسياسيين ولا بجودة نظام عقائده ولا ببهاء رسومه واحتفالاته بل بتقوى تابعيه ومواظبتهم على الصلاة والتواضع والإيمان ورغبتهم في نفع غيرهم وفي تمجيد الله فذلك هو الذي يأتي إليهم بقوة ذراع الله غير المحدودة (ع ٤).
- إنه يجب على المسيحي أن يتوكل على الله في كل مجاهداته إذ لا يمكن الانتصار إلا به تعالى ولا قوة للحق بدون أن يجعله روح الله مؤثراً فمن كان الله معه كان من المنتصرين لا محالة (ع ٤).
- إن محبة الإنسان لذاته أصل العداوة لله فيجب أن يطرد وثن حب الذات من عرش القلب ويجلس الله عليه فأعظم انتصار ينتصره الإنسان دفعه حب الذات عن ذلك العرش وتمليك إرادة الله موضعه (ع ٥).
- إن النظر إلى خارج الإنسان باطل لأن الإنسان «كما شعر في نفسه هكذا هو» فالله لا يحاسبه على اعتراف لسانه بل على نوايا قلبه (ع ٧).
- إن الناس ينظرون إلى أعمال من حولهم ويلاحظون المبادئ التي يجرون عليها ويتخذونها المقياس الحق الذي به يجب أن يقيسوا سيرتهم فيحكمون بكون الأمر حلالاً أو حراماً بالقوانين التي يمارسها أهل العالم في الاجتماعات والمعاملات وكثيراً ما تكون تلك القوانين ملتوية أو فاسدة تضل الذين يسلكون بمقتضاها (ع ١٢).
- إنه يغلط الذين يقابلون أنفسهم بالناس الذين حولهم لأنه مثلهم في كونهم جهلاء وضعفاء وخطأة فينتفخون بعلمهم ومواهبهم وتقواهم بلا حق. ويصيب الذين يقابلون أنفسهم بشريعة الله وبسيرة المسيح فيحسبون أنهم أطفال في المعرفة وأنهم أول الخطأة (ع ١٢).
- إن نقصان إيمان المسيحيين في كورنثوس منع وقتياً امتداد الإنجيل بين الذين جهلوا طريق الخلاص يومئذ كذلك نقصان إيمان المسيحيين اليوم من أعظم الموانع من بث بشرى الخلاص بين الأمم الذين لا يزالون في الظلمة وظلال الموت (ع ١٥).
- إن شديد الرغبة في التبشير بالمسيح حيث لم يُسم والمستعد أن يحتمل المشقة والألم في سبيل ذلك له خير دليل على أنه خليفة حق لأفضل الرسل (ع ١٦).
- إنه على كل مسيحي أن يجتهد في بث بشرى الخلاص «للذين وراءه» أي الذين لم يبلغهم نور الإنجيل. فلا يعرف قوة دين المسيحي حق المعرفة من اكتفى بقوله «الحمد لله على أني خلصت عرفت المسيح وأنه فداني» فلو أصاب مثل هذا في مبدإه لكان للمسيح أن يبقى سعيداً في السماء مكتفياً بمحبة الآب له وعبادة الملائكة إياه. لكنه لم يفعل ذلك بل شفق على جنس البشر الهالكين وترك السماء ليخلصه. فهكذا يجب علينا أن ننكر أنفسنا لنكون وسيلة إلى تخليص غيرنا (ع ١٤ – ١٦).
- إن الناس يفتخرون بحسن النظر وقوة الجسد والعلم والأولاد والفصاحة والاختراع والنباهة في كسب المال وحفظه والبيوت والخدم غافلين عن الحقيقة وهي أن الله هو الذي أعطاهم كل ما هو لهم وأنه قادر أن يأخذه منهم بأقل من لمحة طرف وعن أنهم لا بد من أن يعطوا حساباً لله عن طريق تصرفهم بكل من تلك المواهب فلا حق لهم أن يفتخروا إلا بالرب ولنا حق الافتخار به لعظمته وحكمته وجودته واستحقاقه لثقتنا ومحبتنا لتنازله إلى أن ندعوه أباً ولدعوته إيانا إلى المصالحة بواسطة ابنه وأنه وعدنا فوق ما نتمتع به هنا بكنوز وافرة دائمة في السماء «ليس لنا يا رب ليس لنا لكن لاسمك اعطِ مجداً» (ع ١٧).
- إن الذي يديننا في اليوم الأخير هو الله فمن أهم الأمور أن تكون أعمالنا مرضية له الآن ومن أقل الأمور إن كانت مرضية لنا أو لغيرنا من الناس. فالذي يهب لنا كل ما لنا من المواهب والنجاح بها يجب أن يكون كل المجد لله والحمد عليها (ع ١٨).
-
إنه من المحقق أن المقياس الذي يقيس الله أعمال العالم به يوم الدين غير المقياس الذي يقيس الناس أعمالهم به. فكثيرون ممن يدانون هنا يمدحون وكثيرون ممن يمدحون هنا يدانون هنالك. فلنجتهد في أن تكون أعمالنا على وفق إرادة الله ونحن متحدون بالمسيح حتى لا تدان مع الأشرار والذين يبررون أنفسهم بل مع مفديي الرب المتبررين ببره (ع ١٧ و١٨).
السابق |
التالي |