شرح رسالة يعقوب | المقدمة | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح رسالة يعقوب
للدكتور . وليم إدي
غاية الرسول من كتابة هذه الرسالة حث المسيحيين على الثبوت في إيمانهم بالمسيح والطاعة له في أثناء الضيقات الشديدة والتجارب المختلفة التي كانوا عرضة لها. وعلة تلك الشدائد أن أقرباءهم اليهود الساكنين في اليهودية كانوا يومئذ في قلق عظيم من ظلم الولاة الرومانيين فإن أولئك اليهود كانوا على وشك أن يعصوا الدولة الرومانية لما لقوا من الظلم ولبغضهم القديم للأمم. وابتدأ ذلك العصيان السنة ٦٧ ب. م وكان والي اليهودية وقتئذ جاسيوس فلوروس وانتهى بخراب أورشليم السنة ٧٠ ب. م فكان لا بد للمؤمنين المسيحيين من أن يشاركوا أقرباءهم اليهود في طلب النجاة من نير الرومانيين لكنهم لم يمكنهم أن يشاركوهم في أملهم أن المسيح سيأتي ويغلب الرومانيين وينشئ مملكة زمنية على الأرض ولذلك أبغضهم اليهود أنفسهم وحسبوهم كفرة ووشوا بهم إلى الحكام كأنهم عصاة للدولة فكانوا مضتطهدين ومبغضين من الرومانيين أيضاً لأن الرومانيين لم يفرقوا بينهم وبين اليهود العصاة. ومن غايته من كتابة هذه الرسالة إصلاح ما وقع فيه المسيحيون من الخلل في الاعتقاد والعمل. فوبخ منهم من ضل عن الحق المعلن في الإنجيل وهددهم لأنهم سمعوا كلام الله ولم يطيعوه واتكلوا للخلاص على إيمان فارغ لم يأتي بأثمار تليق بالتوبة وظلموا الفقراء واختلسوا أشياءهم وداسوا حقوقهم وأحبوا المقتنيات الدنيوية واللذات الجسدية أكثر مما يليق بهم. وكانوا يخاصم بعضهم بعضاً ويتذمرون على الله.
مقدمة
المقدمة في الكتاب
الأصحاح الأول
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ
مقدمة
تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.
ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.
هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.
ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».
القس ألبرت استيرو
الأمين العام
لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى
المقدمة في الكتاب
هذه الرسالة أول الرسائل العامة المعروفة بالجامعة تمييزاً لها عن رسائل بولس لأنه كتبها إلى كنائس أو أفراد خاصة فإن هذه كُتبت إلى كل المؤمنين. واختلف المفسرون في كاتبها أي أنه أيَّ يعقوب هو ممن ذُكروا في العهد الجديد لأنه ذُكر سبعة أشخاص بحسب الظاهر اسم كل منهم يعقوب. الأول يعقوب بن زبدي والثاني يعقوب بن حلفي (متّى ١٠: ٢ و٣). والثالث يعقوب أخو الرب (غلاطية ١: ١٩). والرابع يعقوب بن مريم (متّى ١٣: ٥٥ ولوقا ٢٤: ١٠). والخامس يعقوب الصغير (مرقس ١٥: ٤٠). والسادس يعقوب أخو يهوذا (لوقا ٦: ١٦). والسابع يعقوب خادم كنيسة أورشليم (أعمال ١٥: ١٣). وإذا قابلنا ما في (غلاطية ١: ٩) بما في (غلاطية ٢: ٩ – ١٢) نرى أن يعقوب أخا الرب ويعقوب خادم كنيسة أورشليم شخص واحد. وإذا قابلنا ما في (متّى ٢٧: ٥٦) بما في (متّى ١٣: ٥٥) رأينا أن يعقوب أخا الرب هو يعقوب بن مريم. وإذا قابلنا ما في (مرقس ٦: ٣) بما في (يهوذا ع ١) رأينا أن يعقوب أخا الرب ويعقوب أخا يهوذا شخص واحد. وإذا قابلنا ما في (متّى ٢٧: ٥٦) بما في (مرقس ١٥: ٤٠) رأينا أن يعقوب بن مريم هو يعقوب الصغير فلم يبق سوى ثلاثة أشخاص يعقوب بن زبدي ويعقوب بن حلفي ويعقوب أخي الرب. والحكم القطعي بالذي كتب هذه الرسالة منهم متعذر. والذي يمنع من الحكم بأنه ابن زبدي أخو يوحنا الرسول هو أنه قتله هيرودس أغريباس الأول السنة ٤٤ ب. م (أعمال ١٢: ١) ولم يكن قبل موته وقت كاف لتأسيس الكنائس المسيحية التي كُتبت هذه الرسائل إلى أعضائها ولا لتشتتهم على ما بُيّن في أولها ولا لأن ينشأ في الكنائس المسيحية الأضاليل التي نُفيت في هذه الرسالة. والمرجح أن كاتبها يعقوب أخو الرب (غلاطية ١: ١٩) فهو كسائر إخوة الرب لم يؤمن بأن يسوع هو المسيح مدة حياته (يوحنا ٧: ٥) لكنه آمن به يوم ظهر له على أثر قيامته (١كورنثوس ١٥: ٧). وهو الذي أرسل بطرس إليه خاصة نبأ إطلاقه من السجن (أعمال ١٢: ١٧). وما قيل في (يوحنا ٧: ٥) يمنع القول بأنه من الرسل الاثني عشر لكنه اعتُبر كواحد منهم كما اعتُبر بولس وبرنابا. وهو الذي كان رئيس المجمع الأول في أورشليم وصرّح بحكم المجمع (أعمال ١٥: ١٩) فيكون قد اعتُبر رسولاً مع أنه ليس بالرسول بالنظر إلى مقامه بين الإخوة (انظر تفسير أعمال ١٥: ١٣). والمرجّح أنه بقي في أورشليم وكان راعي كنيستها إلى أن توفي. وحين رجع بولس من سفره الأخير للتبشير إلى أورشليم آخر مرة لكي يخبر الكنيسة بنجاحه بين الأمم كان يعقوب من جملة الذين التقوا به واعتمد بولس رأيه في أمر تصرفه يومئذ (أعمال ٢١: ١٨). واعتبره بولس هو وبطرس ويوحنا عمدة الكنيسة (غلاطية ٢: ٩). قيل أنه مات شهيداً في أورشليم السنة ٦٩ ب. م. وقال يوسيفوس المؤرخ اليهودي إن من أسباب خراب أورشليم غضب الله عليها لقتل هذا الشخص البار.
في من كتبت هذه الرسالة إليهم
إن هذه الرسالة كُتبت إلى المؤمنين بالمسيح من اليهود لكنهم لم يكونوا يومئذ في اليهودية بل كانوا متشتتين بين الأمم. ودليل كونهم يهوداً أصلاً دعوته إياهم «الاثني عشر سبطاً» (ص ١: ١). ودليل كونهم مؤمنين بالمسيح ما في (ص ٢: ١ و٧ و١٤ و٥: ٧). ولم يُذكر في الرسالة بواسطة من آمنوا بالمسيح والمرجّح أن اهتداءهم إلى المسيح نتيجة حلول الروح القدس ووعظ بطرس في عيد الخمسين.
في زمان كتابة هذه الرسالة ومكانها
المرجّح أن هذه الرسالة كُتبت في أورشليم وذهب بعضهم إلى أنها كُتبت قبل التئام المجمع الأول في أورشليم السنة ٥٠ ب. م. لأنه لم يذكر فيها المؤمنون من الأمم ولا إشارة فيها إلى مسئلة وجوب تمسك المؤمنين بين الأمم بالسنن الموسوية ولا إلى حكم المجمع فيها فعلى هذا تكون قد كُتبت بين السنة ٤٥ والسنة ٥٠ ب. م وذهب قوم إلى أنها كُتبت بين السنة ٦٠ و٦٢ ب. م أي قبل خراب أورشليم بنحو ثمان أو تسع سنين وبنوا ذلك على أنواع الضلالات التي وبّخ الرسول عليها وفنّدها في هذه الرسالة لأن انتشار الإنجيل إلى ذلك الحد وتأسيس الكنائس ونشوء الضلالات المذكورة في الرسالة تقتضي مثل ذلك الوقت.
في الغاية من كتابة هذه الرسالة
غاية الرسول من كتابة هذه الرسالة حث المسيحيين على الثبوت في إيمانهم بالمسيح والطاعة له في أثناء الضيقات الشديدة والتجارب المختلفة التي كانوا عرضة لها. وعلة تلك الشدائد أن أقرباءهم اليهود الساكنين في اليهودية كانوا يومئذ في قلق عظيم من ظلم الولاة الرومانيين فإن أولئك اليهود كانوا على وشك أن يعصوا الدولة الرومانية لما لقوا من الظلم ولبغضهم القديم للأمم. وابتدأ ذلك العصيان السنة ٦٧ ب. م وكان والي اليهودية وقتئذ جاسيوس فلوروس وانتهى بخراب أورشليم السنة ٧٠ ب. م فكان لا بد للمؤمنين المسيحيين من أن يشاركوا أقرباءهم اليهود في طلب النجاة من نير الرومانيين لكنهم لم يمكنهم أن يشاركوهم في أملهم أن المسيح سيأتي ويغلب الرومانيين وينشئ مملكة زمنية على الأرض ولذلك أبغضهم اليهود أنفسهم وحسبوهم كفرة ووشوا بهم إلى الحكام كأنهم عصاة للدولة فكانوا مضطهدين ومبغضين من الرومانيين أيضاً لأن الرومانيين لم يفرقوا بينهم وبين اليهود العصاة. ومن غايته من كتابة هذه الرسالة إصلاح ما وقع فيه المسيحيون من الخلل في الاعتقاد والعمل. فوبخ منهم من ضلّ عن الحق المعلن في الإنجيل وهدّدهم لأنهم سمعوا كلام الله ولم يطيعوه واتكلوا للخلاص على إيمان فارغ لم يأتِ بأثمار تليق بالتوبة وظلموا الفقراء واختلسوا أشياءهم وداسوا حقوقهم وأحبوا المقتنيات الدنيوية واللذات الجسدية أكثر مما يليق بهم. وكانوا يخاصم بعضهم بعضاً ويتذمرون على الله.
في أنه هل من منافاة بين هذه الرسالة ورسائل بولس
الذي يرجّح عدم المنافاة بين تعليم يعقوب وتعليم بولس في ما كانا عليه من الوفاق زمن المجمع الأول في أورشليم (أعمال ص ١٥). والذي يثبت عدم تلك المنافاة إنعام النظر في غاية كل من الكاتبين. فمن غايات بولس بيان أن علة تبرير الخاطئ أمام الله فاحص القلوب الإيمان الذي يسبق الأعمال الصالحة. فلا يمكن أن تكون الأعمال علة التبرير. وغاية يعقوب بيان أن برهان تبرير المؤمن لضميره ولغيره من الناس هو الأعمال الصالحة. فحين تكلم بولس في أن الإيمان علّة التبرير عنى بذلك الإيمان الحي الذي يعمل بالمحبة وينشئ الأثمار الصالحة. وحين تكلم يعقوب في الإيمان الذي لا يمكن أن يكون علة التبرير عنى به الإيمان الميت الذي ليس سوى الإقرار باللسان لا بالقلب.
التالي |