تيموثاوس الثانية

الرسالة الثانية إلى تيموثاوس | المقدمة | الكنز الجليل

الكنز الجليل في تفسير الإنجيل

شرح الرسالة الثانية إلى تيموثاوس

للدكتور . وليم إدي

قيل في هذه الرسالة أن الداعي إلى كتابتها أن يأتي تيموثاوس إليه سريعاً مصحوباً بمرقس لغياب من كان يعتمدهم (ص ١: ٤ و٤: ٩ – ١٢ و٢١). وكان في ريب من مستقبله متردداً بين أن يرى ابنه في الإيمان أيضاً وأنه يموت قبل وصوله إليه لذلك كتب له وصايا أبوية موافقة لمقتضى الحال معظمها حثه إياه على الثبات والأمانة.

مقدمة

مقدمة هذه الرسالة وفيها خمسة فصول

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ

مقدمة

تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.

ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.

هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.

ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».

القس ألبرت استيرو          

الأمين العام                

لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى

مقدمة هذه الرسالة وفيها خمسة فصول

الفصل الأول: في كاتب هذه الرسالة والمرسل إليه

تقدم الكلام على كاتب هذه الرسالة والذي أُرسلت إليه في مقدمة الرسالة الأولى صفحة ١٨٠ و١٨٢ فارجع إليها إلا أنه حين كتب الرسالة الثانية كان مسجوناً في رومية (ص ١: ١٦).

الفصل الثاني: في المكان الذي أُرسلت إليه

المرجّح أن تيموثاوس كان في أفسس حين كتب بولس هذه الرسالة وعلى ذلك خمسة أدلة:

الأول: أنه أمر تيموثاوس أن يسلّم على بيت أنيسيفورس أفسسي (ص ١: ١٨) فيستنتج من ذلك أن أهل بيته في أفسس.

الثاني: أنه أوصى تيموثاوس بأن يمر على ترواس وهو آتٍ من موضعه إلى رومية (ص ٤: ١٣). وكانت ترواس على الطريق المسلوكة بين أفسس ورومية كما يُفهم من (أعمال ٢٠: ٥ و٢كورنثوس ٢: ١٢).

الثالث: أنه حذر تيموثاوس أن يحذر اسكندر (ص ٤: ١٤) وهو أفسسي (أعمال ١٩: ٣٣ و١تيموثاوس ١: ٢٠).

الرابع: إنه أمره أن يبادر إليه (ص ٤: ٩) وزاد على هذا قوله وأما تيخيكس فقد أرسلته إلى أفسس (ص ٤: ١٢) فإرساله تيخيكس لينوب عنه في أفسس يسهل عليه ترك مركزه فيها. وكان من عادة بولس حين يدعو مبشراً من مركز مهم أن يرسل غيره إليه لينوب عنه (تيطس ٣: ١٢).

الخامس: إن الأضاليل والخطايا التي أمر تيموثاوس في هذه الرسالة بمقاومتها هي عينها التي أمره بمقاومتها في الرسالة الأولى وبهذا يتبين أنه كان باقياً في أفسس وهي المدينة التي بلغته فيها الرسالة الأولى.

الفصل الثالث: في زمان كتابة هذه الرسالة ومكانها

يظهر من الرسالة نفسها أنها كانت كُتبت في رومية وبولس في سجنها (ص ١: ٨ و١٦ و٤: ٦). واختلف المفسرون في أنه كتبها في سجنه الأول أو في الثاني فالذين ذهبوا إلى أنه كتبها في سجنه الأول قالوا لم يُسجن في رومية سوى مرةٍ. والذي يدل على أنه سُجن فيها ثانية وأنه كتب هذه الرسالة حينئذ أنه لو كانت قد كُتبت في السجن الأول لزم ضرورة أنه كتبها قرب الوقت الذي كتب فيه الرسائل إلى أفسس وكولوسي وفيلبي وفليمون. وعلى هذا اعتراضات كثيرة:

الأول: إنه حين كتب رسالتيه إلى فيلبي وفليمون كان متوقعاً انطلاقه من السجن سريعاً وذهابه من رومية (فيلبي ١: ٢٤ و٢: ٢٤ وفليمون ٢٢) وقال في هذه الرسالة «فَإِنِّي أَنَا ٱلآنَ أُسْكَبُ سَكِيباً، وَوَقْتُ ٱنْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ» (ص ٤: ٦).

الثاني: قوله في هذه الرسالة «فِي ٱحْتِجَاجِي ٱلأَوَّلِ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي، بَلِ ٱلْجَمِيعُ تَرَكُونِي» (ص ٤: ١٦). ويظهر من هذا انه حوكم غير مرة وأن نتيجة محاكمته الأولى أنه أُنقذ من الموت وأطلق بدليل قوله «أُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ ٱلأَسَدِ» وأنه حصل على فرصة للجولان والتبشير بالإنجيل بدليل قوله «لِكَيْ تُتَمَّ بِي ٱلْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ ٱلأُمَمِ» (ص ٤: ١٧). وهذا لا يوافق القول بسجنه مرة واحدة في رومية قبل موته.

الثالث: قوله في أمر هذه الرسالة «أَرَاسْتُسُ بَقِيَ فِي كُورِنْثُوسَ» (ص ٤: ٢٠). وهذا يشير إلى أن بولس سافر إلى رومية غير المرة التي سافرها إليها بحراً لأن الكلمة المترجمة «ببقي» تشير في الأصل إلى أن بولس كان مسافراً مع أرستس ثم اختار أن يبقى أرستس في كورنثوس وظل سائراً في طريقه لأنه كتب هذه الرسالة من رومية. ومن المعلوم أن بولس حين سافر إلى رومية بأمر فستوس الوالي (أعمال ص ٢٦ وص ٢٧) لم يمر بكورنثوس فيستحيل أنه ترك حينئذ أرستس فيها. وفي آخر مرة كان بولس في كورننثوس قبل سجنه الأول كان تيموثاوس معه (أعمال ٢٠: ٤) فلا داعي إلى أن يكتب بولس إلى تيموثاوس أن أرستس بقي في كورنثوس وقتئذ لأن تيموثاوس يكون قد عرف ذلك كما عرفه بولس. فالقول بأنه سجن مرة واحدة في رومية يسلتزم أنه ترك أرستس في كورنثوس منذ ما يزيد على ست سنين ولا نستطيع أن نتصور علة لكتابة بولس مثل هذا إلى تيموثاوس بعد مرور كل هذه المدة لكن يهون علينا فهم ذلك إذا قلنا بسجنه في رومية مرتين لأن بقاء أرستس في كورنثوس وعدم مرافقته بولس إلى رومية يكونان علة لطلبه حضور تيموثاوس إليه سريعاً (ص ٤: ٢١) وإلا فلا نجد من علة لذلك.

الرابع: قوله في هذه الرسالة «َأَمَّا تُرُوفِيمُسُ فَتَرَكْتُهُ فِي مِيلِيتُسَ مَرِيضاً» (ص ٤: ٢٠) وبولس لم يأت إلى ميليتس حين أرسله فستوس إلى رومية لأن لوقا ذكر كل المواضع التي أتى إليها في سفر الأعمال (أعمال ص ٢٧) ولم يذكر ميليتس بينها. ولنا من ذلك أنه سافر إلى رومية ثانية بعد إطلاقه من سجنها إلا إذا فرضنا أنه ترك تروفيمس قبل ذلك بست سنين حين اجتمع بشيوخ كنيسة أفسس فيها (أعمال ص ٢٠) وإن هذا كان علة طلبه مبادرة تيموثاوس إليه. والذي يقرب إلى التصديق من هذا الفرض هو أنه أشار إلى حادثة قريبة من وقت كتابة الرسالة حين مر بميليتس وترك تروفيموس فيها ومرّ بكورنثوس وترك أرستس فيها ولذلك احتاج إلى تيموثاوس فسأله المبادرة إليه. والذي ينافي فرض تركه تروفميس في ميليتس بسفره الأول هو أنه لم يتركه قط في ذلك السفر فإنه كان معه في أورشليم في نهاية ذلك السفر وكان علة قبضه عليه (أعمال ٢١: ٢٩).

الخامس: إن الذي يوافق القول بسفر بولس إلى رومية ثانية منذ أمد قريب من زمن كتابه هذه الرسالة طلبه من تيموثاوس إحضار الرداء الذي تركه في ترواس عند كاربس متى جاء والكتب أيضاً ولا سيما الرقوق (ص ٤: ١٣). فيعسر علينا أن نعتقد أنه مرّ عليه ست سنين منذ ترك ثيابه والكتب التي كتبها أو كان يطالعها والرقوق وأنه لم يحتج إليها كل تلك المدة حتى طلبها ولا بد من أنه كان له فرصة لطلبها أيام تقضت عليه في قيصرية سنتان إن كان قد تركها في سفره الأول.

السادس: إنه في الرسائل التي نعلم أنها كتبت في سجنه الأول وهي رسائل أفسس وفيلبي وكولوسي وفليمون ذكر أشخاص كانوا معه وفي هذه الرسالة ذكر أنهم كانوا غائبين عنه. ومثال ذلك أنه يتبين من (كولوسي ١: ١) أن تيموثاوس كان مع بولس وخاطبه في هذه الرسالة وهو غائب عنه. وفي (كولوسي ٤: ١٠) ذكر أن مرقس كان مع بولس وأنه يشاركه في التسليم على كنيسة أفسس ولكنه طلب في هذه الرسالة من تيموثاوس أن يُحضر مرقس معه (ص ٤: ١١). وأن ديماس كان معه حين كتب الرسالة إلى كولوسي (كولوسي ٤: ١٤) ولكنه حين كتب هذه الرسالة قال أن «ديماس تركني» (ص ٤: ١٠). وكل ما ذُكر يدل على أن هذه الرسالة كُتبت إلى تيموثاوس في مدة غير مدة سجنه الأول حين كتب الرسائل المذكورة أي مدة سجنه ثانية في رومية قبل موته بقليل وذلك سنة ٦٧ أو ٦٨ ب. م وهي آخر سني حياة نيرون قيصر.

والمرجّح أن بولس بعد زمن يسير من كتابة الرسالة الأولى قُبض عليه في شمالي مكدونية الغربي حيث توقّع أن يشتّي (تيطس ٣: ١٢) وسيق من هنالك إلى رومية ووقف للمحاكمة أول مرة أمام نيرون أو واليه تبجيلينوس المشهور بالمعاصي (ص ٤: ١٦). وبعد هذا بقليل كتب الرسالة الثانية إلى تيموثاوس على أن يوم موته غير معلوم ولم يُعلم هل واجهه تيموثاوس قبل موته أو لا.

الفصل الرابع: في الداعي إلى كتابة هذه الرسالة

قيل في هذه الرسالة أن الداعي إلى كتابتها أن يأتي تيموثاوس إليه سريعاً مصحوباً بمرقس لغياب من كان يعتمدهم (ص ١: ٤ و٤: ٩ – ١٢ و٢١). وكان في ريب من مستقبله متردداً بين أن يرى ابنه في الإيمان أيضاً وأنه يموت قبل وصوله إليه لذلك كتب له وصايا أبوية موافقة لمقتضى الحال معظمها حثه إياه على الثبات والأمانة.

الفصل الخامس في مضمون هذه الرسالة

بيان ما يجب على خادم الكنيسة مثل أن يكون ثابتاً في الإيمان وأميناً في القيام بكل واجبات رتبته وإن رأى غيره خائناً.

وأعظم ما في هذه الرسالة أمران الأول أهمية عمل المبشرين بالإنجيل لنفع من هم في الكنيسة ومن هم ليسوا فيها. والثاني أهمية كتاب الله بالنظر إلى كونه القانون الوحيد للراعي وللرعية.

ومواضيع هذه الرسالة بالتفصيل بعد التحية (ص ١: ١ و٢) خمسة:

الأول: حثه تيموثاوس على الثبات في الإيمان والمحبة في أثناء الضيقات الكثيرة وعلى استعمال ما حصل عليه من المواهب والتمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعه منه (ص ١: ٣ – ١٨).

الثاني: توصيته إياه أن يتقوى بنعمة الرب يسوع المسيح وأن يحتمل بشجاعة ما عيّن أن يحتمله من أجل المسيح باعتبار كونه جندياً أميناً على ما وُكل إليه متذكراً قيامة المسيح ومقتدياً بمعلمه بولس (ص ٢: ١ – ١٣).

الثالث: توصيتيه إياه بالسهر والأمانة لكثرة المعلمين المضلين الذين كانوا يطلبون أن يصرفوه عن سبيل الحق (ص ٢: ١٤ – ٢٦).

الرابع: الأنباء بارتداد كثيرين عن الإيمان في الأيام الأخيرة وتحذيرات مبنية على ما ذُكر ووجوب أن يتخذ كلمة الله وسيلة إلى دفع الضلال (ص ٣: ١ – ١٧ وص ٤: ١ – ٥).

الخامس: أمور وتوصيات شخصية. ومن تلك الأمور يستدل على قرب استشهاده. وفيها بيان رجائه الوطيد السار في الحياة الأبدية وتوقعه أن يرى تيموثاوس قبل موته ووصف وحدته وختم كلامه بالبركة الرسولية (ص ٤: ٦ – ٢٢).

وهذه الرسالة آخر رسائل بولس ويحق أن نحسبها وصيته الأخيرة بيّن بها لتلميذه المحبوب آخر أشواقه وهو كأنه يدخل ظل الموت.

التالي
زر الذهاب إلى الأعلى