الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي | المقدمة | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح الرسالة إلى تسالونيكي الثانية
للدكتور . وليم إدي
تمهيد
غاية بولس من كتابة هذه الرسالة إصلاح الخطإ الذي وقعوا فيه من جهة وقت مجيء المسيح ثانية وقد نشأ ذلك الغلط من سوء فهمهم ما كتبه في الرسالة الأولى وإصلاح ما نشأ منه من الخلل. لأنهم استدلوا بقوله «نحن الأحياء الباقين» إن يوم الرب على وشك المجيء وأنه لا داعي إلى السعي في أعمالهم المعتادة فتركوها وسلكوا بلا ترتيب. وبلغ نبأ ذلك إلى بولس من تيموثاوس الذي أرسله ليفتقد أحوالهم فرأى من الضرورة أن يوضح لهم كالإيضاح إن يوم الرب ليس كما توهموا من قربه مع وجوب أن ينتظروه كل حين ويستعدوا له ولكن لا بد من أن يسبق ذلك بعض الحوادث قأبانها بروح النبوة وقال إنها ابتدأت تحدث يومئذ ولكن الرب لا يأتي قبل أن تبلغ حدها. وذكر مع طلب الإصلاح أموراً تنشئ لهم التعزية في ضيقاتهم والتثبيت لهم في الإيمان وتحثهم على الاستقامة والاجتهاد وتجنب البطالة والسلوك بلا ترتيب.
مقدمة
المقدمة وفيها أربعة فصول
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
مقدمة
تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.
ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.
هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.
ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».
القس ألبرت استيرو
الأمين العام
لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى
المقدمة وفيها أربعة فصول
الفصل الأول: في كاتب هذه الرسالة والمدينة التي كتب إليها والكنيسة فيها
ما قيل في مقدمة الرسالة الأولى وافٍ بما يتعلق بكاتب هذه الرسالة ومدينة تسالونيكي والذين كُتبت إليهم فارجع إلى ذلك. وما بقي ينقسم إلى ثلاثة أقسام.
الفصل الثاني: في زمان كتابة هذه الرسالة ومكانها
المرجح أنها كتبت بعد كتابة الأولى بقليل وفي مكان الأولى أي كورنثوس ولكن لا دليل قاطع على ذلك. والذي يرجح ذلك ثلاثة أمور:
الأول: إن الأشخاص الثلاثة الذين ذُكر أنهم اجتمعوا معاً حين كتابة الرسالة الأولى كانوا لا يزالون مجتمعين في كتابة هذه. قابل ما في (١تسالونيكي ١: ١ بما في ٢تسالونيكي ١: ١). وهذا يحملنا على أن نحكم بأنها كُتبت في كورنثوس حيث شهد لوقا بأن سيلا وتيموثاوس اجتمعا ببولس (أعمال ١٨: ١ و٥) وبقي دلائل أنه لم يبقوا مجتمعين طويلاً.
الثاني: إن بولس كتب هذه الرسالة ليصلح خطأ كبيراً نشأ عن سوء فهم التسالونيكيين ما كتبه في الرسالة (ص ٢: ١ و٢) فنتج من ذلك نتائج مضرة (ص ٣: ١١ و١٢) وهذا مما يحمله على سرعة الكتابة لإصلاح ذلك الخطإ. وفي الرسالة أدلة على أنه كتبها في آخر مدة إقامته في كورنثوس قبل وقوع القلاقل التي حدثت يوم تولى غاليون إخائية (أعمال ١٨: ١٢ و١٦).
الثالث: ولكننا نعلم مما كتبه في هذه الرسالة أنه رأى استعداداً للهيجان إذ قال صلوا «لِكَيْ نُنْقَذَ مِنَ ٱلنَّاسِ ٱلأَرْدِيَاءِ ٱلأَشْرَارِ» (ص ٣: ٢). ومما قيل في انتشار الإنجيل في تسالونيكي وجوارها حين كتبها (ص ١: ١ – ٤) وكان كل الوقت الذي تقضى عليه في كورنثوس لا يزيد على سنة ونصف سنة (أعمال ١٨: ١١). وبناء على ذلك نقول أنها كُتبت في كورنثوس في آخر سنة ٥٣ ب. م أو في أول سنة ٥٤ ب. م.
الفصل الثالث: في الغاية من كتابة هذه الرسالة
غاية بولس من كتابة هذه الرسالة إصلاح الخطإ الذي وقعوا فيه من جهة وقت مجيء المسيح ثانية وقد نشأ ذلك الغلط من سوء فهمهم ما كتبه في الرسالة الأولى وإصلاح ما نشأ منه من الخلل. لأنهم استدلوا بقوله «نحن الأحياء الباقين» إن يوم الرب على وشك المجيء وأنه لا داعي إلى السعي في أعمالهم المعتادة فتركوها وسلكوا بلا ترتيب. وبلغ نبأ ذلك إلى بولس من تيموثاوس الذي أرسله ليفتقد أحوالهم فرأى من الضرورة أن يوضح لهم كالإيضاح إن يوم الرب ليس كما توهموا من قربه مع وجوب أن ينتظروه كل حين ويستعدوا له ولكن لا بد من أن يسبق ذلك بعض الحوادث قأبانها بروح النبوة وقال إنها ابتدأت تحدث يومئذ ولكن الرب لا يأتي قبل أن تبلغ حدها.
وذكر مع طلب الإصلاح أموراً تنشئ لهم التعزية في ضيقاتهم والتثبيت لهم في الإيمان وتحثهم على الاستقامة والاجتهاد وتجنب البطالة والسلوك بلا ترتيب.
الفصل الرابع: في مضمون هذه الرسالة
مضمون الأصحاح الأول من هذه الرسالة تحية (ع ١ و٢). وشكر لله على تقدمهم في التقوى ولا سيما ثباتهم في احتمال الشدائد (ع ٣ و٤). وتيقنه من ثباتهم أنهم مسيحيون حقيقة (ع ٥). وتصريحه أن الرب يسوع يعاقب عند مجيئه مضطهديهم مع سائر الأثمة ويثيب الأبرار بالمجد والكرامة (ع ٦ – ١٠) وصلاته لكي يثبتوا في الإيمان ويكملوا (ع ١١ و١٢).
ومضمون الأصحاح الثاني التعليم المتعلق بمجيء المسيح وتحذيرهم من أن يظنوا أنه يكون في الحال (ع ١ – ٣) وتصريحه بما لا بد أن يحدث قبل مجيئه (ع ٤ – ١٠). وبيان أن الهلاك يقع على كل المرتدين عن الإيمان (ع ١١ و١٢). وسروره وشكره لله على أن نصيبهم غير نصيب الهالكين وعلى أنهم مختارون للخلاص (ع ١٣ و١٤). وحثهم على الثبات وصلاته من أجلهم (ع ١٥ و١٦).
ومضمون الأصحاح الثالث طلبه صلاتهم من أجله ومن أجل نجاحه في التبشير بالإنجيل ووقايته من جور أعدائه وحقدهم (ع ١ – ٤). وصلاته من أجلهم (ع ٥). وتوصيته إياهم بالعمل متمثلين به يوم كان بينهم واعتزال كل الذين هم بلا ترتيب (ع ٦ – ١٥) ودعاؤه لهم بالسلام العام الدائم (ع ١٦). والتسليم في الخاتمة مع توجيه نظرهم إلى التوقيع بيده والبركة الرسولية (ع ١٧ و١٨).
وأهم مواضيع هذه الرسالة هو ما في (ص ٢: ١ – ٢٢). ففيه ذُكر أنه يكون قبل مجيء المسيح ارتداد عظيم عن الإيمان وحينئذ يظهر ضد المسيح الذي هو «إنسان الخطيئة» و «ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يُدعى إلهاً أو معبوداً حتى أنه يجلس في هيكل الله كإله مظهراً نفسه أنه إله». وسُمي أيضاً «سر الإثم» و «الأثيم» وأنه «الآن يعمل». وذُكر أيضاً «الذي يحجز» وهو الحاجز الذي يمنع إنسان الخطيئة من استعمال كل قوته وأنه يُرفع هذا الحاجز من الوسط فيما بعد وحينئذ يُظهر كل رداءته ثم يظهر المسيح ويبيد ذلك العدو بنفخة فمه ويملك بالبهاء والمجد.
واختلف المفسرون كثيراً في أنه من قصد بولس «بإنسان الخطيئة» الذي هو «سر الإثم» فذهب بعضهم إلى أن الكلام كان في من هو في عصر الرسول وهو إما الأمبراطور كاليغولا أو نيرون وتيطس القائد الروماني كلها أو الشعب اليهودي كله. وذهب آخرون إلى أن الكلام على قوة تظهر بعد عصره وهي توجد اليوم وهي الباباوية. وذهب غيرهم أنه أراد به ضد المسيح الذي لم يظهر بعد ولكنه سوف يظهر. وذهب آخرون إلى أن بولس لم يشر به إلى شخص واحد أو قوة واحدة في وقت واحد بل إلى عدة أمور متوالية مما مضى وما سيأتي وكل منها ضد المسيح على وفق قول يوحنا الرسول إن «أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ» (١يوحنا ٢: ١٨).
وأما الحاجز فرأى الأكثرون على أنه المملكة الرومانية أو جملة قوى العالم السياسية بالنظر إلى تأثير قوة الله أو تأثير التمدن والحرية والإنجيل فيها. وغلب رأي الإنجيليين على أن ضد المسيح هو القوة الباباوية ولكنهم وجدوا أن بعض أوصافه لا تصدق عليها كما سنرى في ما يأتي من تفسير هذه الرسالة. وكثير من الرموز والإشارات التي استعملها بولس في هذه الرسالة أخذها من الأسفار النبوية ولا سيما نبوءة دانيال.
الأصحاح الأول |