الرسالة إلى تيطس | المقدمة | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح الرسالة إلى تيطس
للدكتور . وليم إدي
تمهيد
الذي كُتبت هذه الرسالة إليه تيطس وكل ما نعلمه من أمره علمناه من هذه الرسالة ومما كتب في (٢كورنثوس ٢: ١٢ و١٣ و٧: ٦ و١٣ و٢٤ و٨: ٦ و١٢: ١٨ وغلاطية ٢: ١ – ٣ و٢تيموثاوس ٤: ١٦). والذي علمناه أنه كان من الأمم ولعله وُلد في أنطاكية واهتدى إلى الإنجيل بواسطة بولس لأن بولس دعاه «الابن الصريح» (تيطس ١: ٤). ولما آمن أخذه بولس معه ومع برنابا إلى أورشليم سنة ٥٠ ب. م باكورة الإنجيل من الأمم وأبى أن يختنه إجابة لطلب مؤمني الكنيسة هنالك تأييداً لحرية الإنجيل. وبعد ذلك حمل رسالة بولس الأولى إلى كنيسة كورنثوس وكان بولس يتوقع رجوعه إليه بجواب الرسالة وهو في ترواس على غاية الرغبة في ذلك وإذ لم يستطع أن يحتمل الانتظار ذهب إلى مكدونية ليلاقيه ثم أرسله من هناك بالرسالة الثانية إلى كورنثوس وأمره بإتمام جميع الإحسان فيها لفقراء أورشليم. ولم يذكر لوقا اسمه في سفر الأعمال لكن يظهر من هذه الرسالة أنه رافق بولس في سفره إلى كريت وأنه تركه هنالك لكي يتمم العمل الذي ابتدأه الرسول فيها. وحين كتب بولس رسالته الثانية إلى تيموثاوس (٢تيموثاوس ٤: ١٠) كان تيطس في دلماسية والمرجح أنه ذهب إلى هنالك للتبشير. ومما قيل فيه نستنتج أنه كان من أحب الرفقاء إلى بولس وممن وثق بهم كثيراً إذ دعاه أخاً ورفيقاً وعاملاً معه واعتقد أنه حكيم ومجتهد وأمين بدليل قوله لأهل كورنثوس «أَمَّا مِنْ جِهَةِ تِيطُسَ فَهُوَ شَرِيكٌ لِي وَعَامِلٌ مَعِي لأَجْلِكُمْ» وهو أحد الأخوين اللذين ذكرهما بولس بقوله «أَمَّا أَخَوَانَا فَهُمَا رَسُولاَ ٱلْكَنَائِسِ، وَمَجْدُ ٱلْمَسِيحِ» (٢كورنثوس ٨: ٢٣).
مقدمة
المقدمة وفيها ستة فصول
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
مقدمة
تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.
ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.
هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.
ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».
القس ألبرت استيرو
الأمين العام
لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى
المقدمة وفيها ستة فصول
الفصل الأول: في جزيرة كريت
عُرفت هذه الجزيرة بكريت منذ أمد بعيد وسُميت كنديا أيضاً ولم تزل معروفة بهذين الاسمين والمرجّح أنها هي التي سُميت في العهد القديم كفتور (تثنية ٢: ٢٣ وإرميا ٤٧: ٤ وعاموس ٩: ٧). ويسميها الأتراك اليوم كندي وهي من أعظم جزائر البحر المتوسط وموقعها تجاه الخليج اليوناني فهي متوسطة بين أوربا وأسيا وأفريقيا. وطولها نحو مئة وخمسين ميلاً ومعظم عرضها لا يزيد على خسمة وثلاثين ميلاً. تخرقها طولاً سلسلة جبال أعظم قنتها جبل إيدا علوه ٧٦٩٤ قدماً وفي صخور هذه الجبال كهوف كثيرة واسعة كانت قديماً معابد وثنية بين هاتيك الجبال كثير من الأودية المخصبة كان سكانها في أيام هوميروس كثيرين زادوا على ألف ألف. وكان عددهم في أول القرن الثالث عشر يوم استولى عليها البنادقة سبع مئة ألف ولا يزيدون اليوم على ٢١٠٠٠٠ وكان فيها مئة مدينة كبيرة يفتخر أهلها بها. واشتهر أهلها في تأليف كتب التاريخ. واشتهرت الجزيرة بعالمها المشترع مينوس وباللبرنث (Labyrinth) الذي أنشأه الملك ديدالوس. وكان أكثر أهلها يوم كُتبت هذه الرسالة وثنيين اعتبروها مولد إلههم جوبتر وكانت وقفاً لعبادته وعبادة باخوس إله السكر. هاجر إليها كثيرون من اليهودية وما بين عصر اسكندر الكبير سنة ٣٣٠ ق. م وخراب أورشليم سنة ٧٠ ب. م كما يتبين من سفر المكابيين وتاريخ يوسيفوس. استولى عليها الرومانيون سنة ٦٩ ق. م وكان قائد جيشهم ميتلس. واستولى عليها الأتراك في القرن السابع عشر. واشتهر أهلها بالكذب وحب الشهوات والبخل والطمع.
الفصل الثاني: في كنيسة كريت
يحتمل أن الإنجيل دخل كريت بواسطة اليهود الكريتيين الذين آمنوا بالمسيح في أورشليم يوم الخمسين (أعمال ٢: ١١) ولكن لما دخل بولس إحدى فرض تلك الجزيرة وهو مسافر أسيراً إلى رومية لم يذكر لوقا أنه كان في ذلك الموضع مسيحيون يومئذ (أعمال ٢٧: ٨). ولم نسمع أن أحد الرسل بشر بالإنجيل في تلك الجزيرة قبل مجيء بولس إليها وكان قبل تسطير هذه الرسالة بقليل. ونعلم من الرسالة أن الدين المسيحي انتشر فيها كثيراً وأنه صار فيها جماعات كثيرة من المؤمنين لكنهم لم ينتظموا كنائس لكن كان بينهم من هم أهل لأن يكونوا رعاة عليها لكن لم يكن لبولس وقت يشغله برسمهم. وذكر في هذه الرسالة بعض البدع التي انتشرت بينهم فان فيها مثل ما كان في كنيسة أفسس وفنده بولس في رسالتيه إلى تيموثاوس وهي البدع التي شاعت بين المؤمنين والدعارة في الأعمال.
الفصل الثالث: في كاتب هذه الرسالة
إن كاتب هذه الرسالة بولس كما بُيّن في أولها (ص ١: ١) ولا يضاد هذا القول إلا أن لوقا لم يذكر بين ما ذكره من أعمال بولس تبشيره في تلك الجزيرة. والبدع التي ذكرها أنها دخلتها مما شاع في الكنيسة بعد زمن ما ذكره لوقا في سفر الأعمال ويُدفع ذلك بأن بولس زار كريت وترك تيطس فيها مدة تلي مدة كتابة سفر الأعمال وهي بعد إطلاقه من سجنه الأول في رومية سنة ٦٥ أو ٦٦ ب. م فإنه أخذت حينئذ تلك البدع تنتشر في الكنيسة المسيحية.
الفصل الرابع: في من كُتبت هذه الرسالة إليه
الذي كُتبت هذه الرسالة إليه تيطس وكل ما نعلمه من أمره علمناه من هذه الرسالة ومما كتب في (٢كورنثوس ٢: ١٢ و١٣ و٧: ٦ و١٣ و٢٤ و٨: ٦ و١٢: ١٨ وغلاطية ٢: ١ – ٣ و٢تيموثاوس ٤: ١٦). والذي علمناه أنه كان من الأمم ولعله وُلد في أنطاكية واهتدى إلى الإنجيل بواسطة بولس لأن بولس دعاه «الابن الصريح» (تيطس ١: ٤). ولما آمن أخذه بولس معه ومع برنابا إلى أورشليم سنة ٥٠ ب. م باكورة الإنجيل من الأمم وأبى أن يختنه إجابة لطلب مؤمني الكنيسة هنالك تأييداً لحرية الإنجيل. وبعد ذلك حمل رسالة بولس الأولى إلى كنيسة كورنثوس وكان بولس يتوقع رجوعه إليه بجواب الرسالة وهو في ترواس على غاية الرغبة في ذلك وإذ لم يستطع أن يحتمل الانتظار ذهب إلى مكدونية ليلاقيه ثم أرسله من هناك بالرسالة الثانية إلى كورنثوس وأمره بإتمام جميع الإحسان فيها لفقراء أورشليم. ولم يذكر لوقا اسمه في سفر الأعمال لكن يظهر من هذه الرسالة أنه رافق بولس في سفره إلى كريت وأنه تركه هنالك لكي يتمم العمل الذي ابتدأه الرسول فيها. وحين كتب بولس رسالته الثانية إلى تيموثاوس (٢تيموثاوس ٤: ١٠) كان تيطس في دلماسية والمرجح أنه ذهب إلى هنالك للتبشير. ومما قيل فيه نستنتج أنه كان من أحب الرفقاء إلى بولس وممن وثق بهم كثيراً إذ دعاه أخاً ورفيقاً وعاملاً معه واعتقد أنه حكيم ومجتهد وأمين بدليل قوله لأهل كورنثوس «أَمَّا مِنْ جِهَةِ تِيطُسَ فَهُوَ شَرِيكٌ لِي وَعَامِلٌ مَعِي لأَجْلِكُمْ» وهو أحد الأخوين اللذين ذكرهما بولس بقوله «أَمَّا أَخَوَانَا فَهُمَا رَسُولاَ ٱلْكَنَائِسِ، وَمَجْدُ ٱلْمَسِيحِ» (٢كورنثوس ٨: ٢٣).
الفصل الخامس: في زمان كتابة هذه الرسالة ومكانها
مكان كتابة هذه الرسالة وزمانها غير محققين والمرجح أنها كتبت في أفسس أو غيرها من آسيا الصغرى سنة ٦٦ ب. م.
الفصل السادس: في مضمون هذه الرسالة
مضمون هذه الرسالة افتتاح بولس إياها بالتسليم كعادته (ص ١: ١ – ٤). وتذكيره تيطس بالعمل الخاص الذي تركه هو في كريت لأجله وهو تنظيم الكنائس المسيحية في تلك الجزيرة وإقامة خدَم للدين ورسمهم وتعيين مراكزهم وبيان صفاتهم (ع ٥ – ٩). وبيان صفات الكريتيين كما شُهد عليهم والخطر الذي كان المؤمنون عرضة له مما شاع فيها من البدع اليهودية (ع ١٠ – ١٦). وبيان أنه يجب على تيطس أن يحث كل أنواع المؤمنين على الأمانة للحق والغيرة له ومنهم الشيوخ والنساء الطاعنات في السن (ص ٢: ٢). وعلّة حثّه النساء الطاعنات في السن على ما ذُكر هي تأثيرهن في مَن هنّ أصغر منهنّ (ع ٣ – ٥). وذكر ما يجب على الشبان وتوصيته تيطس أن يكون مثالاً لهم في الأعمال الصالحة (ع ٦ – ٨). وما يجب على العبيد المؤمنين (ع ٩ و١٠). ومن الأسباب الموجبة لذلك نعمة الله (ع ١١ و١٢). وانتظارهم مجيء المسيح ثانية (ع ١٣). والكفارة التي اقتنى بها الخلاص لشعبه. ووجوب أن يكون تيطس بلا خوف في المناداة بما أوصاه به (ع ١٥). وأمره بالطاعة للحكام والحكم على كل الكنائس (ص ٣: ١ و٢). وبناء كلامه على بعض الحقائق الإنجيلية ذات الشأن (ص ٣: ٢ – ٧). وتحذيره تيطس من المباحثات الدينية غير النافعة (ع ٨ و٩). ووجوب أن ينفصل كل الانفصال عن بعض المبتدعين (ع ١٠ و١١). ذكر أمور شخصية تتعلق بمجيء أرتيماس وتيخيكس وأن يبادر إليه عند مجيء أحدهما وتوصية في شأن زيناس وأبلوس (ع ١٢ و١٣). وختم كلامه بنصائح وتحيات لمؤمني كريت وحثهم على الاجتهاد في الأعمال الصالحة (ع ١٤ و١٥).
والمرجّح مما نستنتج من هذه الرسالة والرسالتين إلى تيموثاوس أن بولس بعد إطلاقه من سجنه الأول في رومية ذهب إلى أسبانيا حسب ما قصد (رومية ١٥: ٢٨) ومنها إلى كنائس مكدونية وكريت وأسيا الصغرى. وكتب وهو في أفسس هذه الرسالة والرسالة الأولى إلى تيموثاوس ثم ذهب إلى نيكابوليس وكان متوقعاً أن يشتي فيها ولكن قبض عليه هنالك بعض جنود نيرون وذهبوا به إلى السجن في رومية وهنالك كتب الرسالة الثانية إلى تيموثاوس وختم بعد ذلك بقليل شهادته للمسيح بدمه.
الأصحاح الأول |