القيامة

الألم والقيامة

يفتتحُ الأصحاحُ السادس والعشرون قصةَ الألم، وهي الجزء الختامي وذروة قصة يسوع في متى. تضعُ أعدادُه الأولى أوراقَ اللعب (الكروت) بكلِّ صرامة فوق المنضدة: يبدأ بتذكير يسوع لتلاميذه أنَّه الآن عيد الفصح، وأن الوقت قد جاء بالنسبة لابن الإنسان ليُصلب (26: 1 – 2). يسوع هو المتكلم الأول، إنه بالفعل المسيطر في الموقف. فقط فيما بعد يظهر رؤساءُ الكهنة والشيوخ. يصمِّمون، ببعض التحايل، أن يقبضوا على يسوع ويرسلوه للموت (26: 3 – 4). إنهم متأخرون؛ فقط يبدو أنهم الممثلون الرئيسون في هذه المسرحية. في الحقيقة، هم يلعبون “أدوارًا صغيرة” ولسوف يخسرون اللعبة. هذا ما يوشك متى على أن يرويه.

إن آداتهم هي يهوذا. يُصوِّرُه متى على أنه جشعٌ طمّاعٌ (26: 15). ما يصنعه يهوذا، لاحقًا، يصنعه بقصدٍ شرير. يعرف تمامًا ما هو مُوشِكٌ على أن يرتكبه، لكنَّ الخائنَ يسألُ يسوعَ، في الدقائق التي سبقت العشاء الأخير مباشرةً: “أليس مؤكَّدًا أنَّه ليس أنا، يا معلم؟” (26: 25). باختصار، يهوذا شريرٌ. لكنه ليس الوغدَ الفعليَ في القصة. في حدث “حقل الدم،” المُضاف إلى رواية مرقس من مصدرٍ خاص (27: 3 – 10)، حاول يهوذا أنْ يُبطِل أو يعطِّل الشرَ الذي ارتكبه. أصبح هو نفسُه شاهدًا على براءة يسوع: “قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا.” لكنَّ رؤساءَ الكهنة يرفضون عرضه: “مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!” طرح مالَ الدم في الهيكل، الذي قد سبق يسوع وتنبأ بدماره. لم يستطع أن يحرر نفسه من نتائج عمله الشرير، فقتل نفسه. استخدم رؤساءُ الكهنة والشيوخ المالَ في شراء أرض كمقبرة. إنهم هم الأوغاد الحقيقيون في المسرحية[1].

نستطيع أن نرى هذا بوضوحٍ شديد في 26: 57 – 68، مشهد استجواب يسوع أمام المجمع الأعلى. يأخذ رؤساء الكهنة والشيوخ هنا الجزء القيادي. يرسم متى المشهد بألوان سوداء وسخرية مريرة. منذ البداية ويجعل واضحًا أن السنهدرين يبحث عن شهادة زور ضد يسوع (26: 59). يؤسِّس رؤساء الكهنة حجتهم على شهود زور، تمامًا كما سيؤسسون حجتهم على حراس القبر الذين ادّعوا النوم (28: 13). رئيس الكهنة “يتوسل” ليسوع (26: 63)، بذلك يتذكر القراء منع يسوع للقسم. الأعداد المفتاحية، 63 – 64، تبدو تقريبًا قلبًا لاعتراف إيمان بطرس في قيصرية فيلبس. مرةً أخرى يُعلن شخصٌ ما أن يسوع هو المسيح ابن الله. مع ذلك، فإنَّ هذه المرة ليست اعترافًا، ولكنها كلمة بشرية، لم تُعلَن من الله. مرةً أخرى يُجيب يسوع بإشارة إلى ابن الإنسان. مرةً أخرى يوجه لمحته إلى مستقبل ابن الإنسان. الآن، في منتصف الآمه، يعلن بوضوح أنه سوف يُرفع إلى يمين الله، وسوف يعود كديان العالم. بالتالي، فإن القاضي السماوي يقف أمام القاضي الأرضي! مزَّق رئيس الكهنة ثيابه، ليس لأنه ارتعب من يسوع ولكن لأنه، كما أعلن، ارتكب تجديفًا. واضحٌ أن يسوع لم يُجدِّفْ، حتى ولو بنص الشريعة اليهودية، حيث أنه لم ينطقْ (يلفظ) اسم الله. بناءً عليه، فإن القاضي الدنيوي يدين قاضي العالم ويسلَّمه للتعذيب. إنه مشهدٌ شبحي.

في المشهد التالي، المحاكمة أمام بيلاطس (27: 11 – 25)، الجمعُ موجودٌ وحاضرٌ. يبدو كما لو أنَّ بيلاطس فقط هو العامل الرئيس؛ في الواقع هو كومبارس. يصف متى بوضوحٍ تحريرَ السجناء في الفصح، حين يسمح للناس أن يختاروا أيَّ مسجون لكي يطلقوه حرًا، كعادةٍ يهودية (27: 15). بفعلٍ كهذا، هو يقيِّد يدي بيلاطس، حيث لا بد للوالي أن يعمل وفقًا للعادات المحلية. إن بيلاطس يرى تمامًا خدعة القادة اليهود (27: 18) لكنه لم يصنعْ شيئًا ليعطِّلها. من الناحية الأخرى، فإن رؤساء الكهنة والشيوخ، هم القوى الفعلية. لقد حرَّضوا الجموع حتى صرخوا لصلب المسيا، مرتين (27: 22 – 23). هناك شاهدان إضافيان يظهران لبراءة يسوع، زوجة بيلاطس (27: 19) والكومبارس بيلاطس نفسه. بيلاطس، وفقًا للطقس الكتابي، غسل يديه (27: 24)[2].[2] يأخذ بيلاطس اللوم الذي وجَّهه رؤساء الكهنة للتو إلى يهوذا (27: 4)، ويضعه عليهم: ” أَبْصِرُوا أَنْتُمْ.” الجمعُ صنع هذا بالضبط. في صيغةٍ كتابية رهيبة[3]، أخذوا مسؤوليةَ موتِ يسوعَ على أنفسهم وعلى أولادهم (27: 25)[4]. لقد اختار متى بقصدٍ هذا التعبير الكئيب والصارم لحكم الشعب على نفسه. لقد أخذ بعين الاعتبار، عن قصد، نبوة يسوع في 23: 35 – 36 وجعل صداها يدّوي هنا. في كلمة “أولادنا” هو لا يفكِّر في كلِّ الأجيال المستقبلية لإسرائيل عبر العصور، بل على الأصح، أولئك الذين سوف يوجَدون في المدى القصير من الزمن.

تقترب الأمور المرعبة من النهاية. رؤساء الكهنة يشتركون في الاستهزاء بيسوع، كما فعل بعض المتفرجين، أو المتمردون المصلوبون معه. هم يستهزئون به بنفس طريقة رموز الشر في الكتاب المقدس الذين استهزئوا برجال البر (مز 22: 7–9). لكنَّ رجلَ البر- ابن الله، يسوع- اختار أن لا ينزل من على الصليب، وظل بالأحرى طائعًا لإرادة الله (27: 38–43). بالتالي، “أكمل كل بر” (3: 15). عند سماع تلك الكلمات، فإنَّ جماعة متى تشعر بالمعنى الثنائي لهذا المشهد: يسوع هو، بالطبع، ابن الله، وهو من سوف يخلص الآخرين- لكن ليس بنزوله من فوق الصليب.

هذا المعنى الثنائي يصبح أكثر وضوحًا في الأحداث المحيطة بموت يسوع. لقد حدثت أمورٌ غريبة: انتشرت الظلمة على وجه كلِّ الأرض، انشق حجابُ الهيكل لنصفين، الأرض تزلزلت، الصخور تشققت، القبور انفتحت والأموات دخلوا المدينة المقدسة (27: 45، 51–53). بدون شك فإنَّ متى يفسِّر هذه الأحداث كعلامات للدينونة الوشيكة. الظلمة هي المؤشر ليوم الدينونة. الزلازل وتَشَقُقُ الصخور هي جزءٌ من الظهور الإلهي، ظهور الله. انشقاق حجاب الهيكل يمثل انتهاء الطقس. الموتى الذين قاموا، في توقع الدينونة الأخيرة، يدخلون المدينة المقدسة حيث قد وُضع يسوع للتو للموت. الأحداث الآن تتجاوز فهم رؤساء الكهنة والشيوخ. الله نفسه يبدأ في العمل.

بعد الجمعة العظيمة، يأتي السبتُ المقدَّسُ والقيامة. هل يعني السبتُ المقدسُ شيئًا ما للقادة اليهود أيضًا، أم أنه مُهمٌ للجماعة المسيحية فقط؟ بالتأكيد، يعني شيئًا للقادة اليهود: إنه العلامة الحاسمة والنهائية للموت. يطوِّر متى الشكلَ بطريقةٍ بارعة. يسترجع رؤساءُ الكهنة والفريسيون، في 27: 62 – 66، الكلماتِ التي شرح بها يسوع “المضلِّل” آيةَ يونان (12: 40). غير المؤمنين، الشكّاكون، لكنهم الحذرون أيضاً، يتمنون أن يمنعوا التلاميذ من ادّعاء القيامة “بعد ثلاثة أيام” لأنهم بذلك يخلقون ضلالة جديدة أسوأ من الأولى[5]. يضعون حراسًا ويؤمِّنون القبر، حسبما توقعوا الأحداث (قارن عـ 65). إنَّ حراسَ القبر هؤلاء، يصبحون هم أنفسهم شهودًا للقيامة، لكن بكيفية مشابهة لرؤيتهم للملاك في صباح القيامة حين ارتعدوا “وصاروا كأمواتٍ” من هول الصدمة (28: 4). لقد تكلَّم الله؛ بالنسبة لمتى، فإن إقامة يسوع ليست مسألة إيمان شخصي بل هي عملٌ واضحٌ لله يؤثِّر على العالم المادي. حَشَدَ رؤساءُ الكهنة والشيوخ لدفاعٍ وحيد وهو الخدعة (28: 11 – 15). مرةً أخرى يعرضون المال، هذه المرة على حراس القبر؛ المال يصاحب شرهم طوال قصة الألم. يوقِعون أنفسهم في فخ كذبة واضحة والتي بها فقط يخلِّصون أنفسهم بواسطة علاقتهم الجيدة ببيلاطس الوالي. يؤسِّسون حُجتَهم على شهادة حراس القبر، كشهود أساسيين والذين “دليلهم” يعتمد على ادّعاء أنهم كانوا نائمين في الدقيقة الحاسمة. بهذه الطريقة فإنَّ شائعة سرقة جسد يسوع ظلت متداولة بين اليهود “إلى هذا اليوم” (28: 15).

هكذا ينتهي واحدٌ من خَطَيْ الرواية في قصة متى عن الألم والقيامة، ألا وهو قصة الصراع بين يسوع والقادة اليهود. يأتي الصراع إلى النهاية مع أول منظر للبشير إلى أيامه هو المعاصرة. ما الذي يدل عليه هذا المنظر الأول؟ إنه يدل على تدمير حكم وادّعاء القادة اليهود بأنهم هم قادة إسرائيل. هل المنظر الأول يدل على نهاية اختيار شعب الله المختار، الذي تُرك الآن في عدم الحق؟ يمكن أن يكون هذا استنتاجًا من 21: 43، 23: 34–39، والأخص 27: 25. نفس هذا الاستنتاج موجود هنا بسبب حقيقة أن متى يستخدم الكلمة “اليهود” للمرة الأولى. في السابق، اتّباعًا للعادة الفلسطينية، يستخدم متى الكلمة “اليهود” عندما يتكلم الأمم عن إسرائيل (2: 2، 27: 11، 29، 37). من ناحيةٍ أخرى، فإنه جدير بالذكر أن متى لا يستخدم أداة التعريف في عدد 15 ويقول فقط “يهود.” هل هو يلِّمح إلى أن ليس كلُّ اليهود صدَّقوا شائعة سرقة جسد يسوع؟

طريق التلاميذ للأمم

إن قصةَ الألم والقيامة مهمةٌ أيضًا لفهم التلمذة. يُقدَّم يسوع بكل دقة كنموذج ومثال. إن لقصة جثسيماني في 26: 36 – 46، تحديدًا، أهميةً خاصة في هذا المجال. يَصِلُ يسوعُ “معهم” إلى جثسيماني لكي يقضي سهرة العيد ويصلي بجانبهم. يصلي يسوع بكلمات الصلاة الربانية “يا أبتاه…….لتكن مشيئتك” (26: 39، 42). سوف يخضع لمشيئة الآب وسيترك نفسه للقبض دون أن يحاول مقاومة الشر. خُبِّر التلاميذُ أن يسهروا. “اسهروا” بحسب 24: 42، 25: 13 هي رمزٌ للحياة المسيحية، تشير الصلاة إلى الخضوع لمشيئة الآب.

التلاميذ غير قادرين على فعل أيٍّ من الأمرين. إنهم ينامون. إن وصف متى للتلاميذ طوال قصة الألم متأرجحٌ. إنهم يتأرجحون ما بين الخضوع وعدم الخضوع. لقد سُمِحَ لهم أن يشاركوا في العشاء الرباني حيث غفرانُ الخطايا قد حدث في تلك المناسبة (26: 28). لقد أكدوا، جازمين، وفاءهم ليسوع (26: 33، 35). لكن وقت القبض على يسوع هربوا. يصبح بطرس مثالًا سلبيًا لما لا يجب أن يتصرفه التلميذ: إنه يرفض أن يعترف بإيمانه بيسوع أمام أناس آخرين (قارن مع 10: 32 – 33)، لكنه في الحال يأسف لجبنه ويذرف دموعًا مُرةً (26: 75). حتى آخر القصة يحافظ متى على صورته المتأرجحة عن التلاميذ. لم يغيبوا تمامًا، كما في إنجيل مرقس، في 28: 8 النساء يعرفن كأمر طبيعي أين مكان وجودهم. حتى النساء، اللاتي ظللن حاضراتٍ حتى صلب يسوع، كانت “تنظرن من بعيد” (27: 55)، يشاركن التلاميذ في هذه الصورة المتأرجحة: خليطُ الفرح والخوف الذي كان لديهن عند القبر (28: 8 – 10)، يتطابق مع خليط العبادة والشك الذي كان عند التلاميذ أثناء تقابلهم مع يسوع عند جبل الجليل (28: 16 – 17). بالنسبة لمتى، فإن تأرجحَ سلوك التلاميذ- تمازُج الإيمان والشك، الطاعة والفشل، يُشكِّل واقعية التلمذة. اختبارات التلاميذ، بالنسبة لمتى، تعكس صورة الاختبارات الواقعية للرجال والنساء المسيحيين.

النص الحاسم عن التلمذة هو، بالرغم من أنه، النص الأخير في الإنجيل، ظهور يسوع عند الجبل أمام الأحد عشر في 28: 16 – 20. كل كلمة تعتبر، تدعم، في توافق مع النصوص السابقة. في عدد 18 يظهر يسوع نفسه على الجبل على أنه ذاك الذي تَسَلَّمَ كلَّ قوى السماوات والأرض. هناك تلميح إلى دانيال 7: 14، وهو نصٌ معروف لدى جماعة متى. في بداية الإنجيل، أيضًا على جبل، يرفض يسوعُ عرضَ الشيطان أن يسيطر على العالم. الآن الدائرة تكتمل، فإن طريق ابن الله المطيع قد بلغ غايته.

يرسل ربُّ العالم تلاميذه إلى العالم ليحوِّلوا الرجال والنساء إلى التلمذة (عدد 19أ). إنَّ “التلمذة،” في إنجيل متى، هي إعادة صياغة للحياة المسيحية. لا توجد طريقٌ أخرى لتكون مسيحيًا سوى أن تتعلم باستمرار من يسوع، وتطيعه، وأن تحصد اختباراتٍ في حضوره. من هو المدعو للتلمذة؟ مرةً أخرى، فإن ترجمة “كل الأمم/الشعوب” خاضعة للجدل. في التقليد الكتابي، كما في إنجيل متى، الكلمة اليونانية ethne تعني “أمم.” بالرغم من ذلك، فإن حد “الشعوب” ليس شديدًا أو عميقًا. في النص الذي ندرسه، هناك اعتباران لصالح الترجمة “كل الأمم.” أولًا، في القرينة المباشرة، هناك مقابلة واضحة مع “يهود” في عدد 15. في القرينة الأوسع، هناك إشارة واضحة إلى 10: 5 – 6 حين منع يسوع تلاميذه أن يذهبوا إلى الأمم. هذه هي الوصية عينها التي يعكسها الآن يسوع القائم. علاوةً على ذلك، فإننا يجب أن نضع بعين الاعتبار التناقض الشديد بين إسرائيل والأمم. هذا التناقض ملحوظٌ بالفعل في مقدمة الإنجيل (خصوصًا في الأصحاح الثاني)، كذلك أيضًا موجود في النص الأخير[6]. لقد تم تجهيز قرّاء الإنجيل لرأي معاكس تمامًا. أنا أرى أنَّ الإرسالية العظمى يجب أن تُفهم تمامًا كمثل هذا الرأي المعاكس: من الآن فصاعدًا يجب أن يتحول التلاميذ إلى الأمم[7]. على مستوى ظاهر القصة، فإن “الآن” تعني القيامة. لكن بالنسبة لقرّاء متى الأصليين فإن “الآن” أشارت إلى أيامهم هم المعاصرة، ذلك الوقت الذي كانت فيه إرسالية الأمم لا تزال جديدة أو مهمة مثيرة للجدل والخلاف بالنسبة لجماعة متى. بسبب الفشل في إسرائيل، فإن مهمةً جديدة قد تحددت للجماعة بواسطة ربها[8].

إرسالية تعني “تعليم” يعتمد على ما فعله المعلم الفريد، يسوع، لتلاميذه. إن وصايا يسوع هي جوهر الإرسالية. الكلمات “جميع ما أوصيتكم به” هي عبارة أخذت من خروج 29: 35. إنَّ “إنجيل الوصايا” متأصلٌ بعمق في الفكر الكتابي، ليس فقط لغويًا بل أيضًا في عمق جوهره[9]. إنَّ عبارة “كل شيء” تنسجم مع فكرة الكمال. بكلماتٍ أخرى، لقد قُصد للجماعة أن تميز نفسها عن بقية العالم بأعمالها (قارن مع 5: 16). لكن متى يذهب أبعد من الوصايا ويختتم إنجيله بوعد الحضور الدائم ليسوع. يسوع هو عمانوئيل، “الله معنا”، معونته، قوته، وصاياه، وتعاليمه هي أساسٌ راسخٌ للحياة.

 باختصار، متى يختتم إنجيله بأسلوب غير عادي تمامًا للمدركات البروتستانتية، هذا بمزجه النعمة والوصايا، “الإلزامي” و “الاختياري” في الخلاص. وصايا يسوع هي الإنجيل الذي يجب أن يكونه التلاميذ للعالم. هم يمثلون مشيئة الآب ليخلِّص عالمه. لكنها ليست مشيئة الله البعيد وغير المتواصل. على العكس، هي مشيئة الـ “الله معنا،” الذي سوف يكون مع جماعته دائمًا، حتى نهاية الزمان، معينًا لها، معلِّمًا إياها، واقفًا بجانبها حين تواجه تحدياتٍ جديدة.

المقال مُترجم


[1] لا أعتقد أنَّ الجِناس homophony (أيْ تشابه كلمتين في الحروف واختلافهما في المعنى) بين “يهوذا” و “يهود،” وهو أكثر وضوحًا في الألمانية (‘Judas’ and ‘Juden’)– كان مهمًا في أيام متى. فقط في الدراسات الكتابية اللاحقة ستبدأ في لعب دور حاسم. بالنسبة لمتى، يهوذا ليس تجسيدًا للشر في الجنس البشري. لو أن هناك من يلعب هذا الدور فسوف يكون رؤساء الكهنة والفريسيون.

[2] انظر تث 21: 6–9؛ مز 26: 6، 73: 13. إن الطقوس الوثنية للتبرئة أيضًا موجودة، بالتأكيد، لكن بالنسبة لقراء إنجيل متى، فإنهم يعرفون كتابهم المقدس، فغسل بيلاطس ليديه هو عملٌ كتابي يُنسب لوثني. بالنسبة لهم، فإنَّ هذا الفعل يشكل إشارةً غريبة: العالم الآن ينقلب رأسًا على عقب! سوف يتركز انتباههم بالتالي على عدد 25 الذي يلي.

[3] انظر 2صم 1: 16؛ 2مل 1: 32؛ إر 26: 15؛ 51: 35.

[4] في التقليد اليهودي، فإن ذنب الدم يمكنه أن يُطبَّق جماعيًا، على سبيل المثال على مدينة كاملة (انظر إر 26: 15) أو قد يمتد إلى المستقبل (مثلاً، 1مل 2: 32–33: “إلى الأبد”).

[5] إشارة إلى 12: 45.

[6] مت 8: 5–13؛ 10: 5–6؛ 15: 21–28.

[7] بالتالي، يمكن افتراضًا، تفسيرُ 24: 14 بنفس الطريقة، حتى إنْ لم تكن الآية تحتوي أية إشارات واضحة.

[8] إنَّ النص بدون شك لا يتضمن منعًا لكل أعمال التبشير وسط اليهود. إن القصد من النص هو أن الجماعة لا يجب أن ترى فيما بعد عملها وحياتها كأمرٍ مستقر وثابت في الكرازة لإسرائيل.

[9] إنه لأمرٍ مُغرٍ للتفكير في أنَّ متى، في 28: 16–20، يتبنى كلماتٍ من آخر أسفار الكتاب المقدس العبري، 2أخ 36: 23. هل هذا معناه أن متى يصنع كتابًا مقدسًا جديدًا، وهو يبدأ إنجيله بكلمة مرتبطة بسفر التكوين وهي genesis، وكثيراً ما يدمج أفكارًا كتابية أساسية، تحديداً من سفر الخروج؟ مع ذلك، إنَّ العلاقة مع 2أخ 36: 23، ليست محددة وتظل ظاهرية.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى