عربون القيامة

رسمت ريشة الوحي المقدس صوراً عديدة لانتصارات عظيمة على الموت بصورة فردية أو جماعية لأسباب متنوعة سواء كانت من وحوش أو حوادث أو حروب أو أمراض أو كوارث، امتدت فيها جميعاً يد الله وانتشلت الإنسان من موت محقق، وكأن هذه الصورة مقدمة أو عربون للقيامة أذكر على سبيل المثال:
- أخنوخ
أول انتصار غير مسبوق أحرزه الإنسان ضد الموت فمكتوب “وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه ” (تك5: 24)، وكاتب العبرانيين يقول ” بالإيمان نُقل أخنوخ لكي لا يرى الموت ولم يوجد لأن الله نقله، إذ قبل نقله شُهد له بأنه قد أرضى الله ” (عب11: 5) هذا هو عربون قيامة كل شخص يرضي الله بحياة الإيمان.
- إيليا
لقد بارك الله في حياة وخدمة إيليا، وحفظ حياته من شر إيزابيل والأنبياء الكذبة، ولقد استخدمه الله في معجزة أقامة ابن أرملة صرفة صيدا (1مل17: 17-24)، وفي ختام حياته أرتفع في مشهد بديع إلى السماء (2مل2) وتذوق إمكانية الانتصار على الموت وكأنه عربون سمائي لقيامة كل مؤمن يضع حياته في خدمة الله بكل بسالة وشجاعة.
- دانيال
لقد لمس يد الله تحفظه وتضمن حياته من موت أكيد وهي تسد أفواه الأسود الجائعة المفترسة، وتجعله يرنم ” إلهي أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني ” (دا6: 22).
نعم! هذا عربون لقيامة أعظم لكل مؤمن يعيش أميناً وفياً لإلهه.
- الفتية الثلاثة
وقد رفضوا بإصرار منقطع النظير السجود لتمثال الذهب، ولم يضعوا أي اعتبار لكلام الملك فأمر بإلقائهم في أتون النار المُحمى سبعة أضعاف على غير العادة، لكن الكتاب يسجل أنه لم تكن للنار قوة على أجسامهم، وشعره من رؤوسهم لم تحترق، وسراويلهم لم تتغير، ورائحة النار لم تأت عليهم (دا3: 27). هل يمكن القول إن هذه الصورة تعتبر كعربون لانتصار المؤمن الآمين لولائه وانتمائه للرب على الموت.
- داود
يسجل الوحي كيف حفظ الله حياته من موت لا شك فيه في مواقف عديدة، مثل عندما هجم عليه في يوم من الأيام أسد ودب وهو يرعى أغنامه وأستطاع أن يفتك هو بهما (1ص 17: 35، 36).
ورأى الموت بعينه في قصة جليات لكن الرب أعطاه انتصاراً رائعاً عليه (1صم17: 38-58).
وشاهد الموت عدة مرات خلال مطاردة شاول الملك له والرب أنقذه وحفظ حياته من كل المخاوف والمخاطر التي كانت تهدده.
من كل هذا نستنبط عربون القيامة لكل مؤمن يحمل قلباً حسب فكر الله.
- الرسول بولس
في 2كو11: 23-27 لخص المواقف التي تعرض فيها للموت فيقول ” في الميتات مراراً كثيرة… من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة… مرة رجمت… ثلاث مرات انكسرت بي السفينة….. الخ “
لقد وضع الرسول بولس كل الأخطار التي تعرض لها موضع افتخار لأنه اقتحمها بكل شجاعة، وجردها من كل خوف.
بل رسمها لنا وكأنها منهج عام وأسلوب حياة لكل عابري طريق الملكوت، واثقاً في المجازاة السماوية، ومن هنا يمكننا القول إنه حسب إنقاذه من كل الأخطار المميتة عربوناً لانتصار باهر على الموت بقيامة المسيح.
- شعب الله والعبور العظيم
لقد تحدى الإنسان الموت على مستوى شعب بأكمله عندما كان في مصر حينما أطاع أمر الله على فم موسى بذبح خروف الفصح ويأخذون من الدم ويضعونه على القائمتين والعتبة العليا فيكون الدم علامة على البيوت في وجه الملاك المهلك.
الذي كان يرى الدم ويعبر، وأن كان الشعب لم يدرك معناه العميق والبعيد، إلا أن ملاك الموت كان يدرك السر وراء دم خروف الفصح فكان يرى الدم ويعبر، ولعل هذا يفسر ما جاء في رؤ11: 8 “… ومصر حيث صلب ربنا أيضاً “
ويجعلنا نربط الأحداث ببعضها، واستناداً على المبدأ الكتابي نستشف العلاقة السرية بين دم الفصح الذي فدى شعب الله ونجاه من يد الملاك المهلك، وبين دم المسيح الذي فدى العالم كله ويقدم فرصة النجاة من الموت لكل من يؤمن به كعربون للحياة الأبدية الخالدة.
- اليشع
في مل ص4: 17- 37 يسطر الوحي معجزة إقامة ابن الشونميه من الموت، وفي 2مل4: 38- 41 يحكي لنا الكتاب قصة عن إنقاذ ضيوف اليشع من الموت بسبب الأكل من قثاء بري سام وصرخوا في القدر موت يا رجل الله، فأخذ اليشع دقيقاً وألقاه في القدر فكأنه لم يكن شيء رديء في القدر. وفي 2مل13: 21 تسجل كلمة الله قصة الرجل الذي دبت فيه الحياة ساعة دفنه في القبر عندما مس عظام اليشع كل هذه بمثابة مؤشرات كعربون للقيامة العامة العظيمة في يوم من الأيام.
- يونان وأهل نينوى
قصة أغرب من الخيال والشك فيها من المحال، وأي يونان فيها الموت بكل وضوح لكن عندما صلى تائباً إلى الرب ” أصعد من الوهدة حياته ” (يونان2: 2).
ولقد استشهد الرب يسوع بهذه الحادثة عندما طلب منه قوم من الكتبة والفريسيين أن يصنع لهم آية فكانت إجابته ” جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له إلا آية يونان النبي، لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ هكذا يكون أبن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ رجال نينوى سيقومون… لأنهم تابوا بمناداة يونان (متى12: 38-41) وهذه شهادة ودليل على عربون القيامة لكل من يتوب ويرجع إلى الله بتوبة قلبية صادقه.
- طابيثا الذي ترجمته غزاله
استخدم الله الرسول بطرس في معجزة إقامتها من الموت، المرأة التي كانت تتفنن وتتفانى في خدمة الأرامل فلا عجب إن قلنا إن قيامتها هو عربون قيامة كل إنسان ينفق ويُنفق في خدمة الله.
- معجزات القيامة التي صنعها الرب يسوع: –
أ- أقامة ابنة يا يرس وبكل سلطان قال ” يا صبية لك أقول قومي ” (مر5: 41).
ب- أقامة ابن أرملة نايين عندما لمس النعش بيده وقال أيها الشاب لك أقول قم (لو7: 14).
ج- أقامة لعازر من الموت بعد أربعة أيام، وبعد أن أنتن وبعد إتمام مراسيم العزاء بكلمة واحدة من فمه ” لعازر هلم خارجاً ” (يو11: 43).