دم المسيح هو ثمن التبرير

إن دم المسيح هو ثمن اظهار بر الله وهو ثمن الفداء لذلك يقول الرسول بولس فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ! رومية 5: 9 لكن السؤال ما معني التبرير؟
التبرير يعنى حدوث تغيير في علاقة وموقف الانسان أمام الله. أنه يتعلق بالعلاقة التي شوهتها وفصلتها الخطية. ان التبرير هو تغيير في حالة الفرد عندما يقبل المسيح مخلصًا شخصيًا لنفسه، من موقف الادانة الى موقف العفو والقبول.
وهذا هو الفرق بين التجديد والتبرير ان التجديد هو ما يحدث في طبيعة المؤمن أما التبرير فهو ما يحدث في موقف المؤمن أمام الله. فالتجديد يتعلق بحالة المؤمن والتبرير يتعلق بمقام المؤمن.
قديما سأل بلدد الشوحى فَكَيْفَ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ عِنْدَ اللهِ؟ وَكَيْفَ يَزْكُو -أي يصبح طاهرا – مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ؟ أيوب 25 : 4 كيف يمكن أن يبرر الله القدوس الانسان الأثيم ؟ كيف يمكن أن يعفو عن ذنب المذنب ويبقي الالة البار ؟ يجيب بولس الرسول قائلًا مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. 26لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ. رومية 3 : 24-26
ان الفكر الأساسي في المسيحية، وهو الفكر المركزى في كل الكتاب المقدس هو اظهار بر الله… فلكي يكون الله بارا لابد أن يقتص من الخطية، ان طبيعة الله تمنعه من ان يغفر الخطيه بغير حساب لأنه هو الاله العادل القدوس. عندما كان موسى على الجبل يتلقى الوصايا العشر يقول الوحى المقدس فاجْتَازَ الرَّبُّ قُدَّامَهُ، وَنَادَى الرَّبُّ: «الرَّبُّ إِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ. وَلكِنَّهُ لَنْ يُبْرِئَ إِبْرَاءً. خروج 34 : 6
ان عدل الله يطلب قصاص الخطية. ولابد من توقيع القصاص ليكون الله بارا… لان أجرة الخطية هي موت والمقصود هنا بالموت هو الموت الروحي بمعنى انفصال الانسان عن الله روحيا وهو ايضا الموت الأبدي بمعني الانفصال الأبدي عن الله بالطرح في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت المعده لابليس وجنوده ولكن الله في حكمته غير المتناهية أوجد للإنسان طريق التبرير قبل ان يخلق الانسان.. وكان هذا الطريق هو موت المسيح على الصليب لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.2كورنثوس 5: 21
موت المسيح أوفي كل مطاليب عدل الله. وقيامة المسيح أعلنت قبول الله لذبيحة المسيح، وقبول المؤمنين وتبريرهم قدام الله بسبب موت المسيح على الصليب وقيامته من الموت الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا. رومية 4: 25 ويقول بولس الرسول إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! 1كورنثوس 15: 17
والانسان الذي آمن بالمسيح يسوع وقبله مخلصا شخصيا لنفسه يتمتع بالسلام مع الله كما يقول بولس الرسول فإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، رومية 5: 1 ويخلص من الغضب الالهى فبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ رومية 5 : 9. وهو في طريقه الى المجد الأبدى يقول الرسول وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا.ولا يجسر أحد أن يشتكي عليه لان المسيح يشفع فيه مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اَللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ. 34مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا. رومية 8 : 33-34
كل هذا على اساس دم المسيح، البار مات لأجل الفجار، والقدوس الطاهر مات مكان النجس الفاجر. هناك قصة حقيقية تروى عن أخين عاشا في نفس المدينة، كان الأصغر يعيش في الفساد، والنجاسات، والمخدرات، والفجور غير عابئ بحياته الروحية والأبدية. وكان الأكبر شابا مؤمنا يحب الرب، ويحيد عن الشر. وكان حزينا على أخيه وتصرفاته الآثمة، وطالما صلى بدموع أمام الرب لخلاصه. ذات مساء قرب منتصف الليل سمع الأخ الأكبر طرقا شديدا على الباب. فتح الباب بسرعة ليجد أخاه، بوجه علاه الاصفرار، وهو يرتعد، وثيابه ملطخة بالدماء. توسل الأخ الاصغر الى أخية قائلًا: خلصنى .. خبئنى لقد قتلت رجلا والبوليس يتعقبنى. وهو ذا دم القتيل على ثيابى لكن كيف يمكن للأخ الأكبر أن يخبئ اخاه المجرم من عدالة القضاء. وجد الحب طريقا. دون اضاعة وقت. طلب الأخ الأكبر من أخية ان يخلع بسرعة ثيابه الملطخة بالدماء ولبس هو هذه الثياب. ثم البس أخاه ثيابه النظيفة ودفعه الى حجرة جانبية في منزله. وجلس وحده ينتظر ما سوف يحدث. لم يمضِ وقت طويل حتى سمع صوت وقع أقدام مسرعة نحو بيته، ثم رأي رجال البوليس يكسرون الباب ويدخلون علية. صاح واحد منهم هذا هو القاتل المجرم الأثيم الذي نبحث عنه. لا ضرورة لسؤاله فها دماء القتيل تلطخ ثيابه. وضعوا القيد الحديدى في يديه وقادوه الى السجن في اليوم التالي حققوا معه، لكنه رفض أن يجيب على أسئلة المحقق. كل ما قاله: لا بد أن ادفع حياتي ثمنا لهذه الجريمة والاسراع بتنفيذ العقوبة هو أفضل طريق.
قدم للمحاكمة أمام القضاء بعد أيام، وكان دليل ادانته هو ثيابه الملطخة بدماء القتيل وكان في هذا الكفاية لأدانته. انتهت المحاكمة. وحكم على الأخ الأكبر بالإعدام. في الليلة السابقة لتنفيذ الحكم، طلب المحكوم علية ان يقابل مدير السجن… ولما جاء مدير السجن قال الأخ الأكبر له: هل يمكن أن تمنحني آخر طلب قبل إعدامي؟ سأله مدير السجن ماذا تطلب؟ قال: أريد ورقة وقلما وشمعا لختم خطابى الذي لابد أن اكتبه. ووعد نهائى أمام الله أنك سترسل خطابى بعد تنفيذ حكم الاعدام في، الى العنوان المكتوب عليه دون قراءته ووعده مدير السجن أن ينفذ طلبه. مرت الليلة على السجين المحكوم عليه بالموت دون ان ينام، لكنه كان في سلام تام ركع في زنزانته واستودع نفسه في يد فاديه، وأصبح على أبواب الأبدية. في اليوم التالى نفذ القضاء فيه حكم الموت. مات البار لأجل أخيه الفاجر. بعد موته بقليل قام رسول خاص أرسله مدير السجن يحمل الخطاب الى منزل الأخ الأصغر. دق الباب وفتحه الأخ الأصغر الذي بدأ الاصفرار على وجهه، والحيرة في عينيه وأخذ الخطاب الذي كتبه له أخوه قبل أن يفارق الحياة. وقرأ في الخطاب ما يلى: “أخي العزيز الغالي غدًا، وقد لبست ثيابك الملطخة بالدماء سأموت لأجلك، ولكنني أرجو لكى تحمل ذكراي، وقد لبست ثيابي أن تقبل المسيح مخلصا لنفسك، وتعيش حياة مقدسة.. أنني سأموت عوضا عنك. أنا الذي لم ارتكب الجريمة، سأدفع ثمن جريمتك دخلت الكلمات في أعماق قلب الأخ المجرم والى مفرق نفسه.. وبدأ يردد كلمات أخيه سأموت لأجلك.. سأموت لأجلك. أخذ خطاب أخيه وذهب الى القاضي وأعترف اعترافًا كاملًا بتفاصيل جريمته، وبخوفه وجبنه وصمته المعيب، وأنهى اعترافه للقاضي صارخا: أعدمني فأنا لا أستحق الحياة
لكن القاضي تمسك بما كتبه له أخوه: سأموت لأجلك واعطاه عفوا لأن أخاه مات بدلا عنه. وعاد الأخ الأصغر مكسور القلب، عاد وأمسك الكتاب المقدس الذي كان في حجرة أخيه ووقعت عيناه على الكلمات. مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي. غلاطية2: 20 وأعلن له الروح القدس حب المسيح الذي راه في حب أخيه له.. وأدرك معنى موت المسيح بدلا عنه، البار مات لأجله هو المجرم الأثيم. وفي توبة صادقة ركع أمام الله ورفع هذه الصلاة: يا رب أنا المجرم الأثيم.. اثنان ماتا لأجلى .. أخي القديس مات لأجلى وابنك الوحيد لأجلي .. وأنا أومن بما فعله لأجلى ليبررني من خطيتي وذنبي .. فساعدني من الآن أن أعيش حياة القداسة التي عاشها أخي بعد أن لبس هو ثيابي الملطخة بالدم، ولبست أنا ثيابه النظيفة
من تلك اللحظة تغير ذلك الأخ، وصار خليقة جديدة، وتبرر بالإيمان .. تبرر لأنه قبل المسيح الذي أسلم نفسه لأجله