الصليب

شخصيات من قصة الصليب

أولًا بطرس: دائما يرتبط في ذهننا الصليب بخيانة يهوذا وإنكار بطرس للرب، بالرغم من الفارق العظيم بينهما. فيهوذا كما رأينا كان يسير مع الرب وقلبه مع المال، فلم يكن للإخلاص مكانًا في قلبه، فسقط من هنا. أما بطرس فكان يسير مع الرب وقلبه مشغول به، ولما قال للرب “إني مستعد أن أمضي معك إلى السجن وإلى الموت” كان صادقًا ومخلصًا في قلبه.

ولكن بطرس لم يكن يعرف ذاته وضعفه، ومن هنا سقط. ماذا تظن يا أخي لو أنك كنت في محل بطرس، هل تعتقد أنك ما كنت لتنكر السيد؟.. إذا كنت مخلِصًا فإنك كنت ستنكره نظير بطرس، وإن لم تكن مخلصًا فقد كنت حتمًا ستبيعه نظير يهوذا. لكن الأمر المضيء في بطرس أنه عندما نظر إليه الرب نظره الإشفاق ( وليس العتاب ولا الإدانة) عرف حقيقة ذاته، فخرج وبكى بكاء مرًا. فإخلاص بطرس نقطة مضيئة، وتوبته وبكاؤه نقطة ألمع نورًا.

ثانيًا: امرأة بيلاطس: لا شك أن قصة يسوع والقبض عليه وصلت إلى مسامع الوالي قبل أن يقدموا الرب إليه ليحاكمه، فالجند الذين قبضوا على السيد هم جنده. وواضح أنه تحادث مع امرأته عنه. وبالرغم من أننا لا نستطيع أن نعرف ما إذا كانت رسالتها التحذيرية إلى زوجها نبعت – وهذا ما نتمناه – من إيمان حقيقي بالرب، أو مجرد تعاطف مع شخص مظلوم، ففي الحالتين كانت هذه نقطة مضيئة، ولكن للأسف لم تؤثر ولا على ضمير بيلاطس.

ثالثًا: بنات أورشليم: كن يبكين عليه، تعاطفًا معه وتأثرًا إنسانيًا بما رأينه، ولم يكنَّ يدرين أن عدم إيمان الأمة به سيجلب عليهن وعلى أولادهن القضاء المروع الذي تم سنة 70 ميلادية على يد تيطس شقيق نيرون وقائد جيشه. فما هو موقفك أنت أيها القارئ العزيز من السيد المصلوب. هل وقفت عند حد التعاطف معه؟ أم تقدمت إلى الإيمان القلبي به كالمخلص الوحيد. إن كونك مسيحيًا، وتعاطفك، بل وربما محبتك أيضًا للرب لا تغنيك عن قبوله كالمخلص الوحيد من الخطية ودينونتها، وكم هي رهيبة، حتى أن القضاء الذي وقع على أورشليم لا يقارن بالأبدية الرهيبة التي ستقضيها في جهنم إن لم تكن قد قبلته مخلصًا شخصيًا.

رابعًا: يوحنا: في البداية هرب مع الهاربين عندما قبضوا على الرب يسوع، ثم عند المحاكمة الدينية دخل إلى دار رئيس الكهنة كمن كان معروفًا لدى خدمه وليس كمن هو تلميذ ليسوع الناصري الذي قرر رؤساء الكهنة والكتبة القضاء عليه وعلى أتباعه. وربما مضى إلى موقع الجلجثة عند الصليب كواحد من الجمع، فقد كان من العسير أن يعترف به ربًا في هذه الموقف، ولكن أيًا كان من الأمر فإن حرصه على الوجود هناك كان فيه لمسة عزاء بلا شك للمخلص المعلق.

خامسًا: المريمات: كانت النساء اللواتي آمنَّ بالرب، وفي مقدمتهن بالطبع العذراء المطوبة، أشجع كثيرًا من الرجال في الموقف المريع هذا، فتبعن المصلوب حتى الصليب، ولا عجب في ذلك، فهنّ كنّ يعلمن ضعفهنّ، فكملت فيهنّ قوة المسيح، الذي قال لبولس في يوم لاحق “تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل” (كورنثوس الثانية 12: 9).

د. القس نصرالله زكريا

* تخرج في كلية اللاهوت الإنجيلية في القاهرة 1989م.
* سِيمَ قسًا وراعيًا للكنيسة الإنجيلية المشيخية في أبو حنس المنيا
* المدير التنفيذي لمجلس الإعلام والنشر
* مدير تحرير مجلة الهدى منذ عام 2006
* مؤسس موقع الهدى، وموقع الإنجيليون المشيخيون.
* له من المؤلفات ما يزيد عن أربعين كتابًا.
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى