
عند صياغة هذه الرؤية التي أحول فيها صياغة الملامح الأساسية لشخصية الشيخ الذي احلم به للكنيسة يتبادر إلى الذهن ثلاث مرجعيات هامة
- الأولى: هي الصورة الكتابية الأصيلة التي يقدمها لنا الكتاب المقدس في عهديه لصياغة ملامح شخصية الخادم سواء كان قائد أو شيخ أو قسيس أو شماس
- الثانية هي الواقع الذي نعيشه هذه الأيام وما طرأ عليه من متغيرات ومستجدات لابد أن نتناولها جيدا بالتأمل والتفكير العميق
- الثالثة هي المستقبل الذي نحلم به الذي لا نكون مجرد منتظرين له بل مشاركين بفاعليه في معطياته
ومن خلال تأملي في هذه المرجعيات الثلاث أرى أن هناك خصائص هامة لابد من توافرها لكي تكون خدمة الشيخ فعالة ومؤثرة كنسيا ومجتمعيا وان لا اقصد بهذه الروية نقدا للواقع بقدر ما هي أملاً في مستقبل أفضل
وسوف الخص هذه الرؤية في نقاط محددة لكي تكون موضوع حوار تتفق فيه معي أو تختلف ولكن الهدف هو الوصول للصورة التي تقدم للكنسية وللمجتمع خدمة الشيخ نموذجا عمليا وواقعياً .
1-الدعوة الإلهية
ولا يأخُذُ أحَدٌ هذِهِ الوَظيفَةَ بنَفسِهِ، بل المَدعوُّ مِنَ اللهِ، كما هارونُ أيضًا.عب 4-5 الدعوة الإلهية لابد أن تكون الباعث الرئيسي للتقدم لهذه الخدمة ولا بديل عن هذا الأمر سواء كان مؤهلات شخصية أو وزنان ومواهب أو كان قبولا لدي الآخرين وضمان النجاح في الحصول علي ترشيحهم واختيارهم أو كان نجاحا في مجالات أخرى أو موروث عائلي في الخدمة أو ….أو ….الخ
ولا تقلق فالله يؤهل المدعوين ليكونوا فعالين ومؤثرين لذلك صلي- كرس أوقاتًا -اسمع صوت إلهك- لا تستعجل- فكر- استشير- ثم …………….. اتخذ القرار.
2- القيادة والكاريزما
ان القيادة هي الرغبة والقدرة علي جمع الرجال والنساء وتوجيههم نحو هدف مشترك وهي أيضاً امتلاك الشخصية القادرة علي منح الثقة للآخرين , والكاريزما هي السحر الذي يجعل الآخرين يلتفون حول القائد لا ينفرون منه ويتجنبونه وهي تأتي لقائد يستطيع منح الأمل للآخرين في أنفسهم ويساعدهم علي إخراج أفضل ما فيهم ودعمهم وتحميهم للعمل وتذك جيدا أن الناس لا تلتف حول المغرور أو القلق أو متقلب المزاج أو المتهكم أو الناقد الجارح أو الأناني أو المثالي الذي ينتظر توقعات غير واقعية
انتظرك شيخا قائدا مقنعا وجذابا للآخرين يلتف الناس حولك حبا وأملاً وليس منفرا يتحاشى الآخرين التعامل أو حتى الكلام معك
3- المصداقية والإخلاص
من الآفات المدمرة لمجتمعنا النفاق والرياء فكثيرا ما يكون في صدورنا أراء وأفكار ولكن لأننا ندرك أنها لا تتفق مع من نتعامل معهم فلا نكتفي بان نخفيها بل أحيانا نظهر وفي ثوب المتحمسين والمتشدقين لعكسها تماما إيه الشيخ إن إخلاصنا لألهنا لابد أن ينتصر علي أية محاولة لإرضاء الآخرين وهنا تأتي ضرورة تنحية كل ما هو شخصي وذاتي ولنكن موضوعيين في تناولنا للأمور فان رمال النفاق والرياء لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال أساسا لبيت راسخ وخصوصا عندا يكون هذا البيت هو بيت الله !!!!!!!
إن الإخلاص أيضا يضع في الاعتبار أن الآخرين قد اختاروني لكي أمثلهم ولذلك لابد أن اسمع لهم وأتحاور معهم ولا اتخذهم سلماً ثم القي به بعيدا
4- الوعي الجيد بالواقع والقدرة علي قراءة المستقبل
قال جون ستوت “علي الخادم أن يمسك بيده الكتاب المقدس والصحيفة اليومية بيده الأخرى “
إن الشخص الذي يقوم بهذه الخدمة لا يجب أن يكون سجينا وني شرنقة أفكاره أو تجربته الشخصية أو حتى مجموعة ضيقة من الأصدقاء أو الأقرباء بل لابد من التعرف علي الواقع المحيط وفهم معطياته وإدراك تحدياته وعدم التقييد فقط بما يتفق مع قناعاتي بل لابد من الإحاطة بكل الأفكار حتى المختلفة ومحولة استيعابها
وان كنا نريد كنيسة رائدة فان هذا لن يتأتى بأشخاص لا يقرأون المستقبل ويستعدون له وان لم تكن عيوننا علي المستقبل دائما فلن نفوز بالواقع وحتما لن يكون لدينا ماضي نفخر به ولنا في الكلمة المقدسة , وحياة المرسلين , وتاريخ الكنيسة , والعمل الإنجيلي في مصر علامات مضيئة متميزة استطاعوا أن يستشرفوا المستقبل فعاشوا حاضرا مجيدا وتركوا لنا ماضيا ثرياً.
5- الخدمة المتفانية وحياة الاتضاع
عند التعرض لهذا المبدأ اعرف أنني لن أضيف إليك جديدا ولكني أردت به التذكير أولاً ثم الوقوف بالتساؤل أمام ظواهر غير صحية منتشرة في المجتمع الكنسي مثل
- ماذا عن البحث فقط عن الخدمات المنظورة؟
- ماذا عن المقارنات التي ندير بها تفكيرنا تجاه الآخرين؟
- ماذا عن التذمر إن لم امدح بل والانصراف إن لم أكرَّم؟
- ماذا عن الاستمتاع بالثمر دون المشاركة في البذر والحرث والري والاهتمام؟
- كيف انظر إلى نجاح وتفوق وتميز الآخرين؟
- ماذا عن المثابرة إكمال المهام حتى بعد الإجهاد والتعب؟
انتظرك شيخا متضعا ومتفانيا تجد لذّتك في تقديم الآخرين وتشجيعهم لا طامعا أو متمسكا بموقع أو منصب عالما إن نجاحك هو في صنع الصف الثاني وافتخارك أن ترى أولادك يقومون بدورك وأنت تمدهم بالحب والتشجيع هكذا كان سيدك .
6-الإبداع والخلق والتجديد
لا انتظر شيخا تقليديا يقدم نفسه ذبيحة للروتين والمعتاد والموروث ولا شخصا يحل مشكلات الحاضر بوسائل الماضي أو يتعامل مع مستجدات الحاضر بأدوات الماضي وهذا ليس تقليلاً من تاريخ الماضي فسيظل الماضي بخبراته ومكتسباته معينا ومرشدا ولكن لابد أن ننظر للماضي كمخزن نستعير منه لا سجناً نعيش فيه
إن إلهنا مبدع وخلاق ومازال يبدع ويجدد في العالم وفينا وفي كنيسته وأنت كخادم له لابد أن لا تكف عن التجديد والابتكار والإبداع في العمل والخدمة وهكذا كانت الكنيسة عندما كرزت ونظمت الخدمة ورسمت شيوخا وقسوسا وشمامسة وتعاملت مع مستجدات العصر , فان كنا ندين تخلف مجتمعنا الذي يحاول يعيش اليوم بأساليب أول أمس وان كنا نحلم بكنيسة تعيش الواقع وتؤثر فيه وتصيغ المستقبل فانه لا يجب ان نتقيد بما تحضّرعنه مجتمعنا المتأخر
كن حراً طليقا شجاعا مبادرا في تفكيرك وقراراتك وتصرفاتك لا تكبل نفسك بماضي وهن وضعف ولا تتقيد بشخص مهما كان نجاحه وتقواه كن نفسك لأنك لا تقدر أن تكون غيرك حب إلهك اعرف كتابك فكر في الآخرين ثم افعل ما شئت لا انتظر شخصاً مقلدا تابعا بقدر ما يكون مجدداً مقداماً يحيا في مشيئة إلهه لا في مشيئة أشخاص
7- رؤية وهدف
إن صاحب الرؤية هو الذي يستطيع أن يرى ما لا يراه غيره من الآخرين, يري الأزمة تحدي لنجاح أعظم , ويري الهدف فيوجد له الوسائل التي تحققه , يري في التحدي فرصة لماذا تريد أن تكون شيخا هل لديك رؤية لهذه الخدمة؟ هل لديك أهدافا تتثقل بتحقيقها؟ ما هي؟……هل مجرد الحصول علي لقب جناب الشيخ؟ ام مشاركة في تقديم المائدة؟ أم إدارة شئون الكنيسة بعضوية المجلس؟ أم انك لديك رؤية للخدمة تريد مشاركتها وتحقيقها؟
هناك كنائس تتحكم فيها التقاليد وأخرى يتحكم فيها الأشخاص وأخرى يتحكم فيها المال وأخرى تتحكم فيها البرامج وأخرى تتحكم فيها المباني وأخرى يتحكم غير المؤمنين ولكن الصورة الكتابية والنموذج هي كنائس تتحكم فيها الرؤى والانطلاق نحو الأهداف التي تضعها الجماعة وليس هناك أمر يعيد الحياة للكنيسة أسرع واجدي من أن تعيد اكتشاف هدفها , ان الكنيسة تحتاج إلى أصحاب رؤئ وأهداف من أشخاص مدركين حاضر الكنيسة في ضوء ماضيها ومستقبلها
ليكن وجودك إضافة حقيقة للخدمة في الكنيسة ولأهدافها ورؤاها من خلال إثراء العمل بأهدافك ورؤاك
وأخيراً ……………
أختم بصلاة أريدك أن تشاركني فيها وترفعها كنيستنا للرب
أيُّها الرَّبُّ العارِفُ قُلوبَ الجميعِ، عَيِّنْ أنتَ مِنْ هذَينِ الِاثنَينِ (من هؤلاء) أيًّا اختَرتَهُ ليأخُذَ قُرعَةَ هذِهِ الخِدمَةِ والرِّسالَةِ أع 1 :24 -25