ميلاديات

ثورة ميلاد المسيح

كثيرون من الناس ينفرون من كلمة ثورة بسبب أو بغير سبب ولكنهم مخطئون بنفورهم الدائم فالثورة سلاح ذو حدين فقد يقتل صاحبه وقد يحامى عنه.

والثورات أنواع محببة ومكروهة. المحببة على النفس هى ثورة ضد الظلم والبغى، ثورة الإنسان على الخطية المحيطة به، ثورة ضد الفساد والشر.

أما المكروهة: فهي ثورة ضد الحق، ثورة الشيطان وجنوده ضد أبناء الحق وفيها قد يزهق الحق ولكن إلى حين، وفي ضوء هذه التأملات نظرت إلى المولود العجيب عندما قال لليهود “لا تظنوا أنى جئت لألقى سلامًا بل سيفًا” فإن كان المسيح ثائرًا فلا بد أن تكون ثورته من الثورات المحببة والمباركة على النفس وأن تكون في جانب الحق.

وقد لقب المسيح بألقاب كثيرة في الكتاب: حمل الله، خبز الحياة، نور العالم، الراعي الصالح، رئيس السلام، الطريق، والحق، والحياة. ولكن كيف يعلن الرب يسوع أنه جاء بثورة وهذه حقيقة في ميلاده ثورة عظيمة: في الطبيعة، وزيارة الملائكة، وظهور النجوم العظيمة.

وفي حياته ثورة: على الأمراض المستعصية، ثورة على التعاليم القديمة، ثورة على الطقوس الغريبة التي كانت منتشرة في ذلك الوقت.

وفي موته ثورة: على الخطية التي حملها من أجلنا، وفي الطبيعة التي تزلزلت والقبور التي تفتحت.

وفي قيامته ثورة: على الموت إذ كان هو باكورة الراقدين.

نعم في المولود العجيب ثورات عديدة ولكن نكتفي بذكر ثلاث منها:

أولاً: بميلاده أحدث ثورة في التاريخ:

وهذا صحيح فقد قسم المسيح التاريخ إلى قسمين، قبل الميلاد وبعده وعندما ولد المسيح كان تاريخ البشر ملئ بالشر والمحن، فالأوثان كانت منتشرة في كل مكان وفي كل وطن.

فالأمة اليهودية: التي كانت تحمل مشعل الدين كانت في نوم عميق وهي متسربلة بثياب الأنبياء.

وبلاد فارس: كانت مطروحة وعلى جانبيها باقات الجنائز.

بلاد أثينا: كانت سكرى بتعاليم الإلحاد.

بلاد الهند: كانت تعيش في أحلام بوذا.

روما: لم يكن قلبها أرق من النمور الشرسة التي كانوا يطلقونها على الشهداء والمؤمنين.

وعندما جاء المسيح في ملء الزمان أي عندما أكتمل الشر ونضج وتربع على العرش. جاء لكى يخلص البشرية الآثمة التي امتلأت بالخطية هذا المرض العضال السرطان الروحي الذى هكذا كانت بشارة الملاك لمريم “وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم”.

ومن ناحية أخرى: حاول الإغريق أن يؤرخوا التقاويم من بدء الألعاب الأولمبية فباءوا بالفشل وأرد الرومان أن يجعلوا رأس التواريخ تأسيس مدينة روما ففشلوا، وحاول يومستيان أن يجعل جباية الضرائب أو التاريخ فجرفها النسيان ولكن يسوع الناصري تربع على عرش التاريخ بميلاده فكأن به وهو في عرش المذود يقرر بأن تنطوي صحيفة الماضي ويبدأ العالم تاريخاً جديدا وهو التقويم الميلادي المجيد الذى تسير عليه كل البشرية.

ثانياً: بميلاده أحدث المسيح ثورة في المجتمع:

المسيحية تهتم بالبيت بصفة خاصة، وفي قصة الميلاد متى الاصحاح 1 نجد أسماء أربع نساء هن:

ثامار: لها قصة مخزية دبرتها بنفسها في (تكوين38)

راحاب: هي زانية أريحا المشهورة (يشوع2: 1-7)

راعوث: موآبية وليست يهودية وتقول الشريعة لا يدخل عموني ولا موآبي في جماعة الرب (تثنية 23)

بتشبع: أم سليمان المرأة التي اختطفها داود من زوجها بطريقة مخجلة (2صموئيل11: 12)

لماذا جاءت هذه الأسماء في سلسلة الملك؟

إن في هذا قصدا حكيما وساميا، فقد أراد الرب أن يعلن عن بشارته العظيمة في المسيح يسوع

ففي المسيح تحطمت الحواجز بين اليهود والأمم، فراحاب وراعوث هما أمميتان. في المسيح ليس يهودى ولا يونانى بل نجد محبة الله تشمل الجميع.

وتحطمت الحواجز بين الرجل والمرأة، فلم يكن من المعتاد أن يذكر اسم نساء في سلسلة النسب ولكنها وجدت في سلسلة المسيح.

وتحطمت الحواجز بين القديسين والخطاة، فقد فتح الباب لدخول الخطاة في طريق الدعوة الإلهية المقدسة ” لم آت لأدعوا أبراراً بل خطاة إلى التوبة”

في المسيح تحطمت القيود الاجتماعية والجنسية والروحية والفكرية.

ثالثاً: يوم ميلاده أحدث ثورة في النفس:

في قصة الميلاد نرى أشخاص كثيرون تأثرت نفوسهم بالمولود، نرى الرعاة البسطاء والفقراء، نرى المجوس الأغنياء والحكماء، نرى سمعان الشيخ الرجل التقى، الذى أراد من الرب أن يأخذ نفسه بعد رؤيته للمولود، نرى حنة النبية التي اندهشت بالمسيح العظيم، حتى قبل أن يولد عندما كان لا يزال في بطن أمه الطهور جنينا لما سمعت أليصابات إمرأة زكريا سلام مريم أرتكض الجنين في بطن أليصابات فرحا وابتهاجا وحنينا. نعم، كان يوم ميلاده عيدًا… عيدًا للمحبة التي تجلت بيننا بشرًا متواضعًا، عيدًا للرحمة التي تمثلت في شخصه حنانًا ورفقًا… عيدًا للخير الذى صار للناس في ميادين الحياة .. ولكن العيد الأعظم هو أن المسيح المولود صار اختبارا حيا في النفوس التي تعرفت به وسارت خلفه.

الإنجيليّون المشيخيّون

الإنجيليون المشيخيون، موقع يهتم بنشر الفكر الإنجيلي المشيخي.
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى