عيد حلول الروح القدس

“وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ.. امْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرّوح الْقُدُسِ” (أعمال الرسل 2: 1-4).
تحتفل الكنيسة بعيد “حلول الروح القدس”، أو بعيد “العنصرة”، والذي يُصادف اليوم الخمسين بعد عيد الفصح، وقد كان اليهود يحتفلون بهذا اليوم في العهد القديم بيوم الخمسين أو “عيد الأسابيع” (راجع خروج 34: 22، عدد 28: 26)، رمزًا للخير والعطاء وحصاد القمح. ولكنَّ أصبح هذا الاحتفال في العهد الجديد رمزًا للخلاص من الشر والخطيّة، وحصاد النفوس البشرية التي قبلت الرّب يسوع مخلصًا شخصيًا لحياتها.
حصلت الكنيسة بحلول الروح القدس على قوّة إلهيّة علويّة تحقيقًا لوعد المسيح (يوحنا 16، أعمال 1: 8)، وأصبح في مقدورها أن تنمو وتحصد، وأصبح لديها القوّة للشهادة، والقدرة على التجديد والتغيير والحياة في محضر الله.
إنَّ الرّوح القدس يريد أن يعمل معنا وفينا، لأن هذه هي مشيئة الله. وإن كانت رغبة قلوبنا أن تعود الكنيسة لقوتها يوم حلول الروح القدس علينا أن نُدرك أن الطريق لعمل الروح القدس فينا كأفراد وككنيسة هو أن نتشابه مع ما كانت عليه الكنيسة يوم حلول الروح القدس.
فنقرأ في سفر أعمال الرسل أن حلول الروح القدس جاء لمَّا “كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ”. أي كان الجميع في حالة اتفاق وانسجام. كان لديهم الفكر الواحد والتوقعات المشتركة، ونفس الرّوح والعواطف. كانوا معًا يصلَّون معَا ويشددون بعضهم البعض، وفي اعتقادي بدون ذلك لما اختبروا يوم الخمسين.
إنَّ حلول الرّوح القدس يعني إعطاء الكنيسة القدرة على الإتِّصال والحوار مع الأخر، فقد “اجْتَمَعَ الْجُمْهُورُ وَتَحَيَّرُوا، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ. إن يوم حلول الروح القدس هو يوم انطلاق الكنيسة إلى العالم، ولم يتمّ ذلك بقوّة بشريّة أو أرضيّة، بل بواسطة الرّوح القدس ذاته، وهكذا خَلُص في ذلك اليوم ثلاثة آلاف نفس من خطاياهم.
دعونا نصلي ليوم خمسين جديد في كنائسنا. دعونا نطلب حضور الرّوح القدس بقوّة في حياتنا. دعونا ننفض غبار الكسل، ونخرج الى العالم بقوّة وشجاعة قائلين للنّاس: “توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السّماوات”. آمين.