تأملات

عيد الصعود الإلهي

“وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ. (لوقا 24: 51)

تحتفل الكنيسة والمؤمنون بصعود السيد المسيح إلى السماء، حيث جلس عن يمين العظمة في الأعالي، وذلك بعد أربعين يومًا من قيامته الظافرة، وظهوارته المتعددة لتلاميذه.

ومن الحقائق التي يؤكدها صعود المسيح، أولًا: إنَّ يسوع المسيح هو الابن الذي كان في حضن الأب، فإذا كان قد “.. أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ.. رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ” (فيلبي 2: 7-9). وأما جلوس يسوع عن يمين الله فيعني أنّه قد أكمل عمله وأنَّ له سلطانًا وقد توّج ملكاً. وما صعوده إلا تعبير عن مجد المسيح السماوي (أعمال 2: 34).

ثانيًا: إنَّ صعود المسيح ما هو إلا تأكيدٌ وتمهيدٌ لعودته ثانية، فقد أعلن الملاكان للتلاميذ إن: “يسوعُ هذا الَّذي رُفِعَ عَنكُم إِلى السَّماء سَيأتي كما رَأَيتُموه ذاهبًا إِلى السَّماء” (أعمال 1: 11). وهكذا يتحرك التاريخ نحو نقطة محددة هي مجيء يسوع المسيح ثانية ليدين العالم، ويملك على كل المسكونة. وينبغي علينا، أن نكون مستعدين لمجيئه المفاجئ (1تسالونيكي 5: 2).

ثالثًا: صعود المسيح كان لازمًا لإرسال الروح القدس ليعزي ويرشد الكنيسة، وهو ما وعدّ به المسيح نفسه، إذ كان قد سبق وأخبر تلاميذه قائلًا: “..خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ” (يوحنا 16: 7). وهذا ما تحقق في حلول الروح القدس (أعمال 2).

رابعًا: صعود المسيح لازمًا لإعداد مكان لتلاميذه والمؤمنين به، فقد قال: “فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً. وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَاناً آتِي أَيْضاً وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً” (يوحنا 14: 2، 3).

خامسًا: صعود المسيح ليشفع في المؤمنين لأنَّ “مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ الْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضاً الَّذِي هُوَ أَيْضاً عَنْ يَمِينِ اللهِ الَّذِي أَيْضاًي َشْفَعُ فِينَا!” (رومية 8: 34).

يا ربُّ نشكرك من أجل عمل المسيح الكامل، وأنّ صعوده يؤكد مجيئه ثانية، ساعدنا أن نحقق إرساليته ونحيا مستعدين للحظة لقاءه ثانية. آمين.

د. القس نصرالله زكريا

* تخرج في كلية اللاهوت الإنجيلية في القاهرة 1989م.
* سِيمَ قسًا وراعيًا للكنيسة الإنجيلية المشيخية في أبو حنس المنيا
* المدير التنفيذي لمجلس الإعلام والنشر
* مدير تحرير مجلة الهدى منذ عام 2006
* مؤسس موقع الهدى، وموقع الإنجيليون المشيخيون.
* له من المؤلفات ما يزيد عن أربعين كتابًا.
زر الذهاب إلى الأعلى