تأملات

أحد توما

“وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ: «سلاَمٌ لَكُمْ». ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً» (يوحنا 21: 26، 27).

أحد توما“، يُطلق على الأحد التالي لأحد القيامة، حيث كان المسيح قام وظهر لسائر التلاميذ لكن توما لم يكن موجوداً بينهم. وبعد مضي أسبوعاً كاملاً جاء الأحد الثاني، ووجد المسيح أنه من المهم أن يظهر ثانية لتلاميذه ليعالج شكوك توما.

يخبرنا البشير يوحنا عن شجاعة توما حينما كان سائرًا مع المسيح يوم أخبرهم المسيح بنيته للذهاب إلى بيت عنيا حيث كان لعازر مات، ولأن توما عرف خطورة الذهاب إلى اليهودية، وأن الموت ينتظر المسيح هناك، ففي شجاعته، شجع رفقائه من التلاميذ قائلاً: «لِنَذْهَبْ نَحْنُ أَيْضاً لِكَيْ نَمُوتَ مَعَهُ». (يوحنا 11: 16)، كانت هذه شجاعة لم يجرؤ بطرس على النطق بمثلها. كم من مرات نحتاج لشجاعة توما لنضحي بحياتنا في سبيل ما نحبه، في سبيل المسيح.

لقد تعرض توما كسائر التلاميذ لصدمة القبض على المسيح وصلبه، وربما أُحبط، أو تملك منه الخوف، فابتعد عن التلاميذ فلم يكن معهم حين ظهر لهم المسيح، يكتب يوحنا: «أَمَّا تُومَا أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ». (يوحنا 20: 24). كم من مرات يمنعنا خوفنا أو انشغالنا عن التمتع بالشركة الروحية مع أخوتنا المؤمنين؟

كان توما شجاعاً أكثر من التلاميذ عندما كان مع المسيح، لكنه كان خائفاً أكثر من التلاميذ عندما مات المسيح، وإن كنا ننتظره فرحاً مع التلاميذ بقيامة المسيح! يفاجئنا بقوله: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ لاَ أُومِنْ». (يوحنا 20: 25).

لقد طلب توما ثلاث علامات ليؤمن بأن المسيح قام حقاً!! لقد ظهر المسيح خصيصًا لتوما وعالج شكوكه، وحوَّلها إلى دليل قاطع ودامغ على صدق قيامته، إذ قال له: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً» (يوحنا 20: 27).

يا ربُّ .. ساعدني ألا أُخدع بشجاعتي، ولا أفشل في ضعفي وأشك في وعودك، وأشكرك لأنك لا تخجل من ضعفي أو شكوكي بل تعالجها كما فعلت مع توما. آمين.

د. القس نصرالله زكريا

* تخرج في كلية اللاهوت الإنجيلية في القاهرة 1989م.
* سِيمَ قسًا وراعيًا للكنيسة الإنجيلية المشيخية في أبو حنس المنيا
* المدير التنفيذي لمجلس الإعلام والنشر
* مدير تحرير مجلة الهدى منذ عام 2006
* مؤسس موقع الهدى، وموقع الإنجيليون المشيخيون.
* له من المؤلفات ما يزيد عن أربعين كتابًا.
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى