تأملات

أحد القيامة

“وَأَقَامَنَا مَعَهُ” (أفسس 2: 6)

إن قيامة المسيح حقيقةٌ أساسيّة في الإيمان المسيحي القويم، وركن من الأركان الهامة التي ترتكز عليها المسيحية في وجودها واستمراريتها، وقيامة المسيح حدث جلل تنفرد به المسيحية ويميزها عن سائر الأديان الأخرى.

والمسيح فريد في قيامته، فريد في سلطانه وقدرته، فبقوة اقتداره وعلمه السابق، كان قد أخبر تلاميذه قائلًا: “إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ وَيُصْلَبَ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ” (لوقا 24: 7)، ولقد قام حقًا كما قال، وظهر للذين صدقوه وآمنوا به، فجعل من إيمانهم قوة صخرية تتحطم عليها كل المحاولات التي تريد النيل من هذا الإيمان، حتى أنَّ الموت عجز أن يكون سببًا يتراجع أمامه إيمان تلاميذ المسيح ورسله من بعدهم.

ويأتي تفرد المسيح أيضًا في أنَّه قام بذاته وبقوة سلطانه، حيث قال: “.. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا..” (يوحنا 10: 18)، قام المسيح دون تدخُلٍ من أحد كما كان يحدث قديمًا، حيث يذكر لنا التاريخ عن كثيرين أقامهم أنبياء الله بعدما صلّوا طالبين من الله أن يتدخل ويقيم الميت (1ملوك 17: 17-24، 2ملوك 4: 21-37)، أما المسيح فقد قال: “أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا” (يوحنا 11: 25)، وما أبعد الفارق بين الأنبياء عبيد الله، والمسيح، الله الظاهر في الجسد، بين الذين يُقِيمون الموتى بطلبِ قوة الله، وبين الله الذي يُقِيم من الموت كل مَن يؤمن به، لقد صدق الرسول بولس حين قال: “وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا” (رومية 1: 4).

قام المسيح وبقيامته أعلن أنّه كًسًر شوكة الموت وحطم سلطان الهاوية، وما أكثر احتياج الإنسان للقيامة، وهذا ما فعله المسيح حينما قام، أقامنا معه.

قام المسيح ومن قيامته كانت قوة كرازتنا وفاعلية إيماننا وصدق شهادتنا، فشكرًا لله على هذه الحقيقة الفريدة المجيدة، قيامة ربنا يسوع المسيح الذي قام وأقامنا معه.

يَا رَبُّ لك كل الشكر، لأنك قُمت من الموت ظافرًا منتصرًا، قمت وأقمتنا معك، وأعطيتنا أن نحيا فرح وبهجة ونصرة القيامة.

د. القس نصرالله زكريا

* تخرج في كلية اللاهوت الإنجيلية في القاهرة 1989م.
* سِيمَ قسًا وراعيًا للكنيسة الإنجيلية المشيخية في أبو حنس المنيا
* المدير التنفيذي لمجلس الإعلام والنشر
* مدير تحرير مجلة الهدى منذ عام 2006
* مؤسس موقع الهدى، وموقع الإنجيليون المشيخيون.
* له من المؤلفات ما يزيد عن أربعين كتابًا.
زر الذهاب إلى الأعلى