تأملات

عيد الحب

“لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ” (يوحنا 13:15).

يحتفل معظم العالم سنوياً في الرابع عشر من فبراير بما يعرف بـ “عيد الحب”، أو ما يسمى أيضاً بعيد القديس “فالنتين”، حيث يحتفل في هذا اليوم المُحبين وخاصةً العشاق، الذين يستغلون هذا اليوم للتعبير عن حبهم ومشاعرهم تجاه الآخرين، فيقومون بإرسال الهدايا لمن يحبون.

بدأت قصة عيد الحب خلال العصر الروماني أثناء حكم الإمبراطور كلاديوس، حيث كانت روما تخوض حروباً طاحنة، وكان معظم الجنود المتزوجين يتكاسلون عن التوجه للحرب، فقرر الإمبراطور منع الزواج بشكل نهائي، كان هذا القرار مُخالفًا لإرادة الله، والمبدأ الذي قرره من البدء: “لَيْسَ جَيِّداً أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ..” (تكوين 2: 18)، وهو ما أكَّده المسيح حين قال: “أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى؟».. «مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً.” (متى 19: 4-5)، لذلك وَجَد هذا القرار معارضة شديدة من الكثير من أفراد الشعب وعلى رأسهم القس “فالنتين”، وتنفيذًا للمبادئ الكتابيّة ودفاعًا عن حق الشباب في الحب والزوج، كان “فالنتين” يقوم بتزويج الشباب سراً، وعندما عَلِمَ الملك بذلك، أمر بسجنه وإعدامه في الرابع عشر من فبراير عام 269م، فأصبح يوم إعدامه عيدًا للحب، وتخليدًا لجهوده وتضحيته بحياته في سبيل الحب.

ويخبرنا البشير يوحنا، أنَّه “هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ” (يوحنا 3: 16)، ويكتب الرسول بولس أنَّ: “اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا” (رومية 5: 8).  مات المسيح لأجلنا، لأنَّه أحبنا، وقد كانت أولى وصايا الله للإنسان تدور حول الحب، حب الله، وحب القريب، وحب النفس، فهل تتذكر في عيد الحب مَن مات لأجلك؟ وهل تُحِبه وتؤمن به حقًا؟ وهل تعمل بوصاياه فتحب قريبك كنفسك، وحتى أعدائك تُظهر لهم محبتك؟

يَا رَبُّ أشكرك لأنك أحببتني منذ الأزل، وفي محبتك قدَّمت نفسك لأجلي ومتَ لتمنحني حياة، ساعدني أن أحيا لك، وأبادلك حبًا بحب، وأحب الأخرين كما أوصيتني. أمين.

د. القس نصرالله زكريا

* تخرج في كلية اللاهوت الإنجيلية في القاهرة 1989م.
* سِيمَ قسًا وراعيًا للكنيسة الإنجيلية المشيخية في أبو حنس المنيا
* المدير التنفيذي لمجلس الإعلام والنشر
* مدير تحرير مجلة الهدى منذ عام 2006
* مؤسس موقع الهدى، وموقع الإنجيليون المشيخيون.
* له من المؤلفات ما يزيد عن أربعين كتابًا.
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى