أسئلة وأجوبة

لماذا حرم الله أكل الخنازير وبعض الحيوانات؟

  • س: لماذا حرم الله أكل بعض الحيوانات في التوراة وحلل أكلها في الإنجيل، مثلاً الخنزير؟
  • ج: يلزمنا قبل الإجابة على هذا السؤال أن نعرف أنه لا يوجد كائن حي نجس بذاته لأن الله هو الذي خلق كل الكائنات الحية.. فالحيوانات والطيور والأسماك وكل شيء قد خلقه الله.. وفي كل يوم من الأيام الست التي خلق فيها الله الخليقة كان يرى ذلك أنه حسن. وهذا ما نقرأه في التوراة في سفر التكوين “وقال الله لتُخرِج الأرض ذوات أنفس حيَّةٍ كجنسها. بهائِمَ ودبَّاباتٍ ووحوشَ أرضٍ كأجناسها.

وكان كذلك. فعمل الله وحوش الأرض كأجناسها والبهائِمَ كأجناسها وجميع دبَّابات الأرض كأجناسها. ورأى الله ذلك أنهُ حَسَنٌ” من هنا نعرف أن كل الخليقة حسنه. وهذا يؤكده الله في الإنجيل في سفر أعمال الرسل حين قال الله لبطرس “ما طهَّرَهُ الله لا تدنّسهُ أنت.” وكان الله يقصد كل دواب الأرض والوحوش والزحافات وطيور السماء. وهذا أيضا عين ما ورد في رسالة روميه حين قال الرسول بولس “إني عالمٌ ومتيقّنٌ في الرب يسوع أن ليس شئٌ نجساً بذاتهِ”

  • س: والآن لماذا حرّم الله أكل الخنزير في التوراة مادام الخنزير ليس نجسا؟
  • ج: وللإجابة على هذا السؤال نقرأ من سفر اللاويين “وكلَّم الرب موسى وهرون قائلاً لهما كلّما بني إسرائيل قائلَين. هذه هي الحيوانات التي تأكلونها من جميع البهائِم التي على الأرض. كلُُّ ما شقَّ ظلفاً وقسمهُ ظلفين ويجترُّ من البهائِم فإيَّاهُ تأكلون إلاَّ هذه فلا تأكلوها مما يجترُّ ومما يشقُّ الظلف. الجمل. لأنهُ يجترُّ لكنهُ لا يشقُّ ظلفاً. فهو نجسٌ لكم. والوَبْر. لأنهُ يجترُّ لكنهُ لا يشقُّ ظلفاً فهو نجس لكم. والأرنب. لأنهُ يجترُّ لكنهُ لا يشقُّ ظلفاً فهو نجسٌ لكم. والخنزير. لأنهُ يشقُّ ظلفاً ويقسمهُ ظلفَين لكنهُ لا يجترُّ. فهو نجسٌ لكم… إني أنا الربُّ إلهكم فتتقدَّسون وتكونون قديسين لأني أنا قدوسٌ. ولا تنجِّسوا أنفسكم بدبيبٍ يدبُّ على الأرض.”

من هذا نجد أن الله إنما يعلم شعبه في العهد القديم القداسة بإعطائهم تشبيهات من طبيعة الحيوانات فالحيوانات التي تؤكل أي الحيوانات المحللة لها طبيعتين، الأولى تشق الظلف وتقسمه ظلفين والثانية تجتر. والحيوانات التي لا تؤكل أي الحيوانات المحرمة هي التي لها طبيعة واحدة فقط من هاتين الطبيعيتين فهي إما تشق الظلف وتقسمه ظلفين وإما تجتر.

والمعنى الروحي الذي يقصد الله أن يعلمه لشعبه من طبيعة شق الظلف وقسمه ظلفين في الحيوان هو أنه ينبغي أن يكون هناك فاصل بين تراب الأرض وقدم الحيوان وهذا الفاصل هو ما يميز سلوك أولاد الله عن سلوك أهل العالم. وهذا الفاصل هو في الظلف الذي يعمل عمل الحذاء بالنسبة للإنسان الذي يفصل بين خطوات الإنسان وتراب الأرض. فالخطوات ترمز للسلوك والحذاء يرمز لحفظ السلوك من تراب الأرض. وطبيعة شق الظلف تؤكد هذا المعنى. هذا الشق الذي يرسمه الحيوان بقدمه حينما يطأ على الأرض إنما يعبر عن التميز والاختلاف الدائم بين سلوك شعب الله وسلوك أولاد العالم كما علمنا الإنجيل “لأنهُ أيَّة خلطةٍ للبرّ والإثم. وأيَّة شركةٍ للنور مع الظلمة.” وأيضا في التوراة يرد ذات المعنى إذ يقول الكتاب “وفصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهاراً والظلمة دعاها ليلاً.” وهكذا يريد الله أن يعلم شعبه أن سلوك أبناء النور الذين هم شعبه ينبغي أن يختلف تماما عن سلوك أبناء الظلمة الذين هم أولاد إبليس.

ولكن شق الظلف لا يكفي لحياة القداسة إذ ينبغي أن تتوفر الطبيعة الثانية وهي طبيعة الاجترار. والاجترار يعني أن الحيوان يعيد مضغ وهضم الطعام وهذا روحيا يرمز للإنسان الذي يعيش متأصلا في كلمة الله فليست كلمة الله بالنسبة له طعام يأكله ثم ينتهي منه لكنه طعام باق يحيا به ويتلذذ به.

  • س: لكن لماذا لا تكفي إحدى الطبيعيتين لحياة القداسة؟
  • ج: ذلك لأنه يوجد بشر يجتهدون جدا في السلوك بدون أن تكون بينهم وبين كلام الله شركة قوية، شركة تلذذ وشوق. فاجتهادهم في السلوك ليس نابعا من شركة روحية مع الله بل من اقتناعات بشرية وطبيعة أخلاقية إنسانية وهذه ليست قداسة. ويوجد أيضا بشر يتكلمون كثيرا عن الله وعن وصايا الله لكن حياتهم ليست بحسب أقوال الله فكلامهم نظري وليس عملي وهذه أيضاً ليست قداسة. القداسة التي يريدها الله لنا هي أن نعيش في سلوك مقدس مبني على علاقة وشركة مقدسة مع الله القدوس. وقد علم الله شعبه في العهد القديم هذه القداسة بهذه الرموز في التوراة فحرم أكل الحيوانات التي تشق الظلف فقط أو الحيوانات التي تجتر فقط وحلل لهم أكل الحيوانات التي تشق الظلف وتجتر معًا.

فمثلا حرم الله عليهم أكل الجمل والوبْر والأرنب لأن كل منهم يجتر لكنه لا يشق ظلفاً أي أن كل منهم يرمز للإنسان الذي يتكلم بكلام الله لكنه لا يعيش حياة مقدسة مختلفة عن أهل العالم.

ومن الجانب الآخر حرم الله عليهم أكل الخنزير لأنه يشق ظلفاً ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر وهذا كما تعلمنا يرمز للإنسان الذي يعيش حياة مختلفة عن العالم لكن لا توجد بينه وبين الله علاقة حقيقية وشركة إيمانية.

  • س: لكن لماذا لم يستمر هذا الوضع في الإنجيل أليس التوراة والإنجيل كتاب واحد؟

ج: نعم التوراة والإنجيل كتاب واحد هو الكتاب المقدس كلام الله لكن التوراة بما يحمل من رموز وناموس وفرائض إنما أعطاه الله لليهود بواسطة موسى ليعد أذهانهم للإنجيل. “لأن غاية الناموس هي المسيح للبرّ لكلّ من يؤمن.” فحينما يكتشف الإنسان متطلبات قداسة الله المعلنة رمزيا في التوراة ويكتشف أنه بنفسه لا يقدر أن يرضي الله يدرك ويتأكد من احتياجه لنعمة الله الغنية التي ظهرت في تجسد المسيح “إذاً قد كان الناموس مؤَدبّنا إلى المسيح لكي نتبرّر بالإيمان” فبالإيمان بشخص ربنا ومخلصنا وفادينا يسوع المسيح، وبالإيمان بعمله الذي عمله لأجلنا على الصليب كفارة لخطايانا يعطي المسيح للمؤمنين الحقيقيين به شركة الطبيعة الإلهية وبهذا تصبح الشريعة مغروسة في قلوب المؤمنين كما هو مكتوب “يقول الربُّ أجعل نواميسي في أذهانهم وأكتبها على قلوبهم وأنا أكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً.” فلا يحتاجون بعد أن يتعلموا القداسة برموز من طبيعة الحيوانات لأن الله يعلمهم إياها في شخص الروح القدس الساكن فيهم. لذلك كل الأطعمة محللة في العهد الجديد الذي هو الإنجيل كما هو مكتوب في “لأن ليس ملكوت الله أكلاً وشرباً. بل هو برٌّ وسلامٌ وفرحٌ في الروح القدس.” آمين

زر الذهاب إلى الأعلى