هل تؤمن المسيحية بالقدر؟

تعليم “القدرية” يشوه صورة الله أمام الناس. كيف يقول الله: لا تقتل، ثم يرغم إنسان أن يقتل، وبعد ذلك يحاسبه؟! الله صالح كما يقول الكتاب المقدس ولا يمكن أبداً أن يجرب البشر بالشرور.
القدرية (الأخطاء الشخصية)
عندما كنت أبتعد عن الله وأخطئ، كنت أقول إن الله هو الذي سمح بذلك!! وعندما يشاء سوف يرجعني إليه!! وعندما كانت تحدث حادثة للسيارة على سبيل المثال كنت أتضايق وأقول: لماذا يسمح الله بذلك؟ كان هناك اتهام خفي لله لأن كل ما يحدث لي «مقدر ومكتوب» أو «نصيب» وأنا مثل دمية في يد الله، لا حول ولا قوة لي.
وقد وضح لي وأنا أتابع الدراسة أن الكتاب المقدس لا يعلّم بالقدرية أي أن الله «كتب» مسبقاً كل ما سوف يحدث لي، فأنا مسئول عن كل أفعالي الخاطئة ولا أستطيع أن أعلق كل أخطائي على الشماعة الإلهية وهذا جعلني «مرتاح» في علاقتي مع الله.
القدرية (الرزق)
عندما كان يمد أحدهم يده ويسرق – في أثناء العمل – كان بعض الزملاء يعلقون قائلين: «ده سرق رزقه .. ربنا محدد رزق كل واحد .. هو استعجل وسرق رزقه!! هذا جعل في داخلي «ضيق» من جهة الله. لماذا يسمح الله بهذه السرقة، ويعتبرها رزق .. ألا يسمح هذا للبعض أن يكرر فعلته ويسرق آخرين؟!
ولكني أدركت – من خلال الدراسة التي قُدمت – أن الله أعطى للإنسان حرية، بها يختار الخير أو الشر. والإنسان مسئول عن كل اختياراته. وهذا ما يبرر فكرة أن الله سوف يحاسب كل إنسان على أفعاله.
القدرية (القتل)
كنت أتكلم مع سائق تاكسي عن حادثة قتل شغلت الرأي العام. فوجئت به يقول: يا بيه ده قدره!! قلت له: قدر اللي مات؟ أجابني: لأ طبعاً، ده مكتوب له إنه يموت .. ده قدر اللي قتل!! وقد أوضح لي السائق أن «القدرية» تنطبق على القاتل والمقتول!!
إن هذا التعليم يشوه صورة الله أمام الناس. يقول الله: لا تقتل، ثم يرغم أحدهم أن يقتل، وبعد ذلك يحاسبه؟! إنه لتناقض هائل. يعلمنا الكتاب أن الله صالح، ولا يمكن أبداً أن يجرب أحد بالشرور.
مرض وموت الأطفال:
– لماذا يسمح الله بالمرض، وخاصة للأطفال؟
هذا سؤال غلط، ومن يسأل مثل هذا السؤال يؤمن بالقدرية، ونحن لا نؤمن بالقدرية.
يعلمنا الكتاب المقدس أن الله لا يجرب أحد بالشرور، وأن التجربة (بالشر) مصدرها إبليس أو شر الإنسان. وعليه فالمرض ليس مصدره الله.
– لماذا يسمح الله بموت الأطفال؟
ألا يؤدي هذا إلى ضرر وحزن للأبوين؟ وما ذنبهما في ذلك؟
هناك دراسة كاملة عن الألم، ومصادره وأنواعه .. ولكن دعونا نركز على قضية الموت. والسؤال هنا: هل الموت مصيبة؟ الإجابة: لا .. فمثلاً عندما يموت طفل، فإنه يستريح ويذهب إلى مكان أفضل. ولكن، ما ذنب الأم التي تعيش في حزن دائم؟
هناك فكرة خاطئة تجعلنا نحزن ونتأذى كثيراً بسبب موت أحباءنا، ألا وهي أننا نمتلك أحباءنا .. فهذا ابني، إنه ملكي .. لماذا يأخذه الله مني؟
يعلمنا الكتاب أن أبناءنا هم وديعة قد استأمنا الله عليها. ومن حقه أن يسترد وديعته في الوقت الذي يشاء .. بعد شهر أو سنة أو عشرة سنوات أو مائة سنة .. لذا، عندما يسترد الله وديعته، بلا شك أنا أحزن لأجل الفراق ولكن يجب أن يبقى حزني في دائرة التعقل، وفي نفس الوقت لن أتمرد على الله قائلاً: لماذا أخذت ابني مثلاً؟! لأن ابني أو زوجتي أو .. هم «وديعة» يمتلكها الله.
الله يسمح لنا بإظهار مشاعرنا الإنسانية لأنها مبنية على الحب، فيسوع حزن وبكى عند قبر لعازر ولكن المشاعر المبنية على الامتلاك، تعتبر خاطئة لأن دوافعها خاطئة.
سؤال آخر: لماذا يسمح الله بموت طفل أو شاب صغير (في العشرينات من عمره) وهو لم يكمل دوره في الحياة بعد؟
الإجابة: من قال إنه لم يكمل دوره؟ المسيح مات صغيراً ويوحنا المعمدان كذلك، هذا أولاً، وثانيا:ً عندما نقارن الحياة على الأرض بالأبدية، تكون مائة سنة لا شيء مقارنة بالأبدية.
علينا أن نشكر الله على كل شيء .. ونثق أنه سوف يعوضنا عن أحباءنا الذين سبقونا، ولا ننظر إلى الموت على أنه كارثة ومن ثم نغضب من الله، فلا يجب أن نحزن كالباقين الذين لا رجاء لهم.
الزواج:
تحركت مشاعري تجاه شخص .. وحدث الارتباط .. وعشنا حياة في منتهى السوء. والسؤال هنا: لماذا لم يتدخل الله ويمنع هذا الزواج؟ لقد خلق الله لي مشاعر وأنا لا أستطيع أن أتحكم بمشاعري، لذا أفترض أن الله كان يجب أن يمنع زواجي!! أليس الزواج قسمة ونصيب؟!
المشاعر شيء يخص الإنسان نفسه، فأنا مسئول على كل النتائج التي تقودني إليها مشاعري، وقد قلنا في الدراسة:
– الله يتدخل في حياة الإنسان بالقدر الذي يسمح له به.
- التدخل الإلهي مرتبط بالدور الذي يجب على الإنسان أن يعمله. فدائماً هناك دور إنساني بجانب الدور الإلهي، مثل ما حدث عند قبر لعازر، المسيح يقيم لعازر (سلطان الله) الإنسان يدحرج الحجر (مسئولية الإنسان) وهذا يحدث في الحياة الشخصية للإنسان. أما في موضوع مثل «خلاص البشرية» فلا يوجد هنا أي دور إنساني. فهناك فرق بين تدخل الله في الحياة الشخصية للإنسان وبين التدخل العام في التاريخ والذي لا يؤثر على الحرية الشخصية للإنسان.
في الزواج لابد أن أكتشف التجانس والتوافق بيني وبين شريك المستقبل. أيضاً، أصلي حتى يساعدني الله في الارتباط بالشخص المناسب عن طريق الاستنارة الروحية التي يهبها الله لمن يريد. بعد ذلك لابد أن أضع نظري على المبادئ الروحية التي تحافظ على استمرار العلاقة الزوجية السعيدة مثل مبادئ الحب والعطاء والتواضع والغفران. وهذا هو دوري اليومي كزوجة أو زوج، أن أسعى للحفاظ على المبادئ السابقة. وعليه، هناك دور إنساني في موضوع الزواج سواء في الاختيار أو الاستمرار في حياة زوجية سعيدة.
مسئوليتي تجاه خلاص الآخرين:
عندما أتحدث مع شخص عن خلاص نفسه ويرفض، أقول: إذا كان هذا الشخص ممن اختارهم الله فسوف يخلص، وإن لم يكن من المختارين فلماذا أتعب نفسي؟ – إن الله يخلص من يشاء ويقسي من يشاء. ولكن تعلمت – من الدراسة – أن لكل إنسان حق القبول والرفض، وأيضاً أن على مسئولية تجاه الآخرين بأن أصلي لله ربما ليساعدني أن أتكلم معهم بطريقة مناسبة.
بالطبع، هناك مسئولية ملقاة على عاتقي تجاه الآخرين. فأنا لا أخدم الله لأجل المكافأة التي تنتظرني في السماء، أو أفعل الخير للجميع حتى أسمع الرب يقول لي: “نعماً أيها العبد الصالح والأمين ..”، لكن الدراسة تقول: إن دورنا في تغيير العالم هائل. إنه دور صغير، لكنه هام .. فلن يقيم الله لعازر إلا إذا رفعنا الحجر!! الكنيسة مسئولة عن كل الشعب الذي تعيش في وسطه. الكنيسة هي التي تفتح الباب حتى يدخل الله إلى الأمة. وهي التي تجعل الشمس تشرق وتضيء أمام الجميع، وبدونها سوف يسود الظلام.
أعرف شاباً ذهب وتكلم مع صديقه عن خلاص نفسه عدة مرات .. وعندما طلب منه صديقه أن يكف عن ذلك، أجابه بأن هذه قضيته، أن يكلمه عن المسيح ليأتي إليه ويخلص، فسمح له صديقه أن يتكلم معه هذه المرة فقط. وقد كان، والنتيجة أن قَبِلَ صديقه المسيح مخلصاً شخصياً له.
لابد أن أعرف أن هذا هو دوري أن أعيش للمسيح وأشهد له وأصلي كي يتدخل الله ويلمس القلوب. قال الله: «وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَاراً وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ لِكَيْلاَ أَخْرِبَهَا، فَلَمْ أَجِدْ! فَسَكَبْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ. أَفْنَيْتُهُمْ بِنَارِ غَضَبِي. جَلَبْتُ طَرِيقَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ» (حزقيال 22: 30، 31). لو أن الله وجد رجلاً يقف أمامه لتغير الحال ولم يهلكهم ولكان قد أعطاهم فرصة للتوبة أيضاً. عندما وقف موسى أمام الرب لأجل شعب بني إسرائيل، نجا الشعب من الهلاك الذي كان مزمعاً أن يتم فيهم وهذا واضح في (مزمور 106: 23) «فَقَالَ بِإِهْلاَكِهِمْ، لَوْلاَ مُوسَى مُخْتَارُهُ وَقَفَ فِي الثَّغْرِ قُدَّامَهُ لِيَصْرِفَ غَضَبَهُ عَنْ إِتْلاَفِهِمْ». انظر أيضاً الحادثة كما جاءت في (خروج 32: 7-14، 30-33).
لقد تضرع موسى أمام الرب كي يرحم الشعب أو يعاقبه ويهلكه مع الشعب!!! كذلك عندما نفكر في يونان، هل كانت هناك ضرورة لذهاب يونان إلى أهل نينوى؟ هل ذهابه سيغير الأمور؟ نعم .. لأنه كيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به. إن وجود الإنسان الكارز ضرورة لأجل الإنسان نظيره .. المؤمن يجسد الإنجيل وينادي بالإنجيل وبصلاته سوف يتغير العالم. نعم صلاتنا سوف تغير العالم.
لقد غيرنا المسيح وأصبحنا أحراراً فيه وعلينا مسئولية تجاه المنطقة المظلمة التي نعيش فيها- أن نعكس ضياء المسيح. يجب أن نؤثر إيجابياً في العالم الذي نعيش فيه، مثلما يفعل الأشرار (سلبياً) بأن يذبحوا ويدمروا ويهلكوا .. نحن نستخدم إرادتنا الحرة كي نبني ونحرر ونطلق الأسرى – عالمين أن النور أقوى من الظلمة والحب أقوى من البغضة ويد الله أعظم من يد إبليس، ومع أننا أقلية إلا أن الذي معنا أقوى من الذي في العالم (إبليس).
ثلاث مسئوليات للمؤمن:
س: تقول الدراسة إن أهم دور للمؤمن هو الكرازة بالإنجيل .. ولكن لدى مواهب مختلفة ليس من بينها الكرازة (الكلام مع الناس عن خلاص المسيح) ماذا أفعل؟
ج: علىّ كمؤمن (3) مسئوليات كإبن يعيش في ملكوت المسيح وهي:
- أن أعيش الملكوت أي أحب الله والناس. أن أجسد الحب لا يحتاج هذا الأمر إلى موهبة.
- ربما لا أستطيع أن أكرز برسالة الحياة الجديدة للناس – لكن أستطيع أن أتكلم عما فعل الله في حياتي. قال المسيح لأحدهم: «اذهب وخبر كم صنع الرب بك ورحمك». أستطيع أن أقول كنت أعمى والآن أبصر .. كنت خاطئ وربنا توبني .. كنت أعيش يائساً وقد أعطاني الله الأمل. أستطيع أن أشهد عن نعمة الله في حياتي.
- أصلي لأجل الآخرين. هذا الأمر لا يحتاج إلى موهبة خاصة. فقط أركع وأبكي وأصرخ لله من أجل أن يفتقد الله الآخرين. وعندما أصلي ليعلن الله نفسه للناس، فإنه يستجيب حالاً، لأن هذه هي مشيئة الله. الله لا يفرض نفسه على أحد لكن عندما أدعوه ليذهب إلى «فلان» فإنه يستجيب ويذهب إليه لأنه يستجيب صلاتي لأجل ذلك الشخص.
أيضاً، أستخدم مواهبي الأخرى لمجد الله مثل موهبة الكتابة أو العزف أو الترنيم أو الوقوف خلف الكاميرا .. بحسب موهبتي أخدم الآخرين.
أخيراً:
أرى أن هناك (3) أشياء هامة في هذه الدراسة وهي:
- التأكيد على أن الله عادل وبار.
- معرفة الفرق بين الاتكال على الله والتواكل.
- معرفة مسئوليتي تجاه العالم الذي أعيش فيه.