حياة يسوع

ماذا ينبغي أن أفعل؟

أولًا: رفقة رائعة

صاحبتنا الشهور الماضية وتبادلنا الرسائل وتحاورنا وتناقشنا. بحثنا معًا عن الحق وتعلمت الكثير منذ بدأت المسيرة معنا. كشفنا لك عن البُشرى السارة. أعظم وأهم خبر مفرح. المسيح يسوع هو البُشرى السارة وهو الخبر المفرح.

ثم ناقشنا خطة الله لحياتك. لا يمكن أن يسير الإنسان في الحياة دون أن تكون هناك خطة وهدف وقصد للحياة. بهذا يصبح للحياة معنى. وتناولنا حقائق أربعة هامة تشكل خطة الله لحياة الإنسان. محبة الله وخطته. خطية الإنسان وانفصاله عن الله. مبادرة الله بإرسال ابنه ليموت على الصليب نيابة عن الإنسان ويستعيد العلاقة بين الله والإنسان. ثم قبول المسيح بالإيمان لنتمتع بمحبة الله وخطته لحياتنا.

ولما كان المسيح هو البشرى السارة والخبر المفرح وقلب خطة الله لحياتنا، تساءلنا من هو؟ واستمعنا إلى أقوال الناس وأقوال الله وأقواله هو عن نفسه. وتعرفنا عليه، على جوانب كثيرة في شخصيته اعترفنا بأنه هو المسيح ابن الله الحي هو اليوم مُخَلِّص وفيما بعد سيكون ديانًا. في قبوله سيدًا وربًا ومخلصًا حياة أبدية، وفى رفضه هلاك أبدى.

على مدى ثلاثة عشر درسًا رافقنا المسيح وتتبعنا حياته على الأرض!

  1. البداية: كان في الأزل قبل أن يكون الكون. وحين جاء ملء الزمان صار جسدًا وحل بالأرض. راجعنا النبوات القديمة عن مجيئه ورأينا تحقيقها في مولده العجيب من العذراء مريم والظواهر الخارقة التي صاحبت ولادته.
  2. حلَّ بيننا: خطونا معه أول خطواته على الأرض طفلًا وصبيًا وهو يعيش في بيت يوسف النجار وفى الهيكل بأورشليم. وتأملناه شابًا ورجلًا وهو يواجه إبليس في البرية ويختار تلاميذه ويبدأ إرساليته التي جاء لكي يتممها على الأرض.
  3. فتح فاه وعلَّم: جلسنا تحت قدمي المعلم ونحن نستمع إلى تعاليمه. صاحبنا الجموع وهى تصغي إلى أقواله وترتشف كلماته في الموعظة على الجبل وهو يتكلم بسلطان وليس كالكتبة.
  4. المسيح وموسى والأنبياء: بكل السلطان واجه المفاهيم القديمة، لم يأتِ لينقض بل ليُكَمِّل. أظهر للناس معنى الوصايا وقصد الله منها في القتل والزنى والقَسَمْ والتسامح ومحبة العدو.
  5. أبانا الذي في السماوات: أعلن المسيح أن الله أب لكل المؤمنين وأن الحصول على هذه البنوة يكون بالمسيح وحده. وبمفهوم الإبن نمارس نظام العبادة في الصوم والصلاة والصدقة والسلوك والحياة اليومية.
  6. صانع المعجزات: كإبن الله القادر القوى صنع معجزات كثيرة. راقبناه وهو يشفى حماة بطرس ومريض بيت حسدا والمفلوج ويشبع خمسة آلاف جائع بخمسة أرغفة شعير وسمكتين ويملأ شباك التلاميذ بالسمك الكثير بعد فشلهم الليل كله ويقيم ابن أرملة نايين من الموت.
  7. بالحقيقة أنت ابن الله: وتتتابع المعجزات التي تؤكد قوته الخارقة. أسكت العاصفة ومشى على الماء. شفى المجنون ونازفة الدم والمولود أعمى وأقام من الموت ابنة يايرس ولعازر بعد أن دفن وبقيَ في القبر أربعة أيام.
  8. الطريق إلى الصليب: جاء المسيح إلى العالـم يتمم خطة الله لفداء الإنسان. وليتم ذلـك كان لابد أن يصلب ويدفن ويقوم. وثبَّت المسيح وَجْهَهُ نحو غاية الله. الصليب. وتحدَّث كثيرًا مع تلاميذه ومستمعيه عن الصليب، وسيلة الله لخلاص الإنسان.
  9. محكمة الظلم: في بستان جثسيماني اختلى بالآب وصلى بحرارة وكان عرقه قطرات دم. قبضوا عليه وحاكمه الكهنة وبيلاطس الوالي وهيرودس الملك وبرغم إنهم لـم يجدوا به علة لكنهم أسلموه للصلب.
  10. الصليب: وسار المسيح يحمل صليبه إلى الجلجثة. لُطم وجُلد وضُرب وأُهين. سُـمِّر على الصليب وارتفعت الخشبة تحمل ابن الله ممزق اليدين والقدمين والجسد والجبين لتفتح باب الرجاء أمام الإنسان. مات المسيح على الصليب حاملًا خطايا كل البشر.
  11. القيامة: لم يستطع القبر أن يحتوى إله الحياة. قام المسيح نافضًا عنه الموت في فجر يوم الأحد. صاحبت قيامته خوارق ظهور ملائكة من السماء كسروا أختام القبر ودحرجوا الحجر. وظهر يسوع للتلاميذ عدة مرات. ثم قدم لهم الإرسالية العظمى وصعد إلى السماء.
  12. المجيء الثاني للمسيح: حسب خطة الله كما أرتفع المسيح إلى السماء سيأتي أيضًا. هذا رجاء المؤمنين المبارك. رجاء مبني على نبوات وحقائق في العهد القديم والعهد الجديد. وبمجيء المسيح تكون النهاية الأبدية اللانهائية.
  13. لماذا كل هذا؟: بسبب خطية الإنسان، لتعود العلاقة من جديد بين الإنسان والله. لا أحد يستطيع أن يتمم المصالحة إلا ابن الله، ابن الإنسان، الرب يسوع المسيح وحده. فيه وحده لنا حياة أبدية.

هذا موجز للخطوات التي خطَوْناها معًا على طريق معرفة الرب يسوع المسيح. والآن. ماذا بعد…؟

ثانيًا: لأَعْرِفَهُ وأُعَرِّفَهُ

معرفة المسيح ليست دراسة حياته ومعجزاته وصلبه وقيامته. معرفة المسيح هي اتباعه والانتماء إليه والحياة طبق تعاليمه وعلى مثاله.. وإذا كنت قد عرفت المسيح هذا النوع من المعرفة فقد وضعت أقدامك على طريق الحياة الأبدية. وماذا عن أهلك؟ ماذا عن أصدقائك؟ ماذا عن باقي الناس؟ هل تذهب وحدك؟ هل تتركهم خلفك؟ ألا يهمك مصيرهم الأبدي؟ طبعًا يهمك. الخلاص والنجاة من الهلاك عظيم لكنه أعظم لو خلصنا معًا ونجونا معًا. الفرح والسعادة في النعيم رائع لكنه أروع لو فرحنا وسعدنا معًا. واجبك وواجبي وواجب كل مؤمن لا أن يعرف المسيح فقط بل أن يُعَرِّفَهُ للآخرين من الأهل والأصدقاء والزملاء والأحباء. لا أستطيع أن أنام مغمض العين وأخي يعيش في خطر الهلاك محرومًا من الفرح والسعادة التي حصلت أنا عليها بمعرفتـي للمسيح يسوع. بعد أن ذقت حلاوة الشركة مع المسيح عليك أن تقدمه لغيرك ليشاركك الحياة الحلوة هنا والحياة الأبدية الممجدة هناك في السماء.

إن لم تفعل ذلك فسوف يعتبرك الله مسئولًا عنه ويطلب دمه من يدك.. يقول الله: “فإِنْ لمَ تَتَكَلَّمُ لِتُحَذِرَ اَلْشِريِرُ مِنْ طَرِيقِهِ فَذَلِكَ اَلْشِرِّيرُ يمَوُتُ بِذَنْبِهِ. أَمَا دَمَهُ فَمِنْ يَدِكَ أَطْلُبْهُ” (حزقيال 33: 8)

ثالثًا: مأمورية عظمى على الجبل

هناك في الجليل على الجبل أجتمع التلاميذ بناء على أمر من يسوع. وجاء المسيح. وقف أمامهم في جلال وفى بهاء وفى مجد. بعد ثلاث سنوات ونصف عاشوها معه بدا اليوم في شكل مختلف. نظر إليهم بعينين ممتلئتين بأقـوى عواطف الحب. كلماته كانت حازمة. جالت أنظاره بين السماء الصافية وقد تناثرت على صفحتها سحب قليلة والأرض قد اكتست باللون الأخضر الموشَّى بألوان بعض الزهور البرية الصفراء والحمراء والبيضاء. سجدوا له. ورفع صوته قائلًا. “دُفِعَ إِليَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فيِ اَلْسَمَاءِ وَعَلَى اَلأَرْضِ. فَأَذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جمَيِعَ اَلأَمُمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ اَلآبِ وَالابْنِ وَاَلْرُوحُ اَلْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُم أَنْ يحَفْظَوُا جمَيِعَ مَاَ أَوْصَيْتَكُمُ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمُ كُلَّ اَلأيَاَمِ إِلىَ اِنْقِضَاءِ اَلْدْهرِ” (متى 28: 18-20)

كلمات مباشرة واضحة تُقَدَّم لهم ولكل المؤمنين أعظم تكليف. أخطر مهمة. المأمورية العظمى. أعظم خطة من أعظم شخص الرب يسوع المسيح الذي له كل سلطان في السماء وعلى الأرض. مؤيدة بأعظم قوة. الآب والابن والروح القدس. مقرونة بأعظم وعد بأن يكون معهم كل الأيام إلى انقضاء الدهر.

هذه المأمورية لك أنت أيضًا. وكما أعطى الرب المأمورية لتلاميذه بعد رفقة ثلاثة سنوات ونصف حدث فيها الكثير من الأحداث لهم. يعطيك الرب أيضًا هذه المأمورية العظمى بعد رفقة قضيتها في دراسة كلمته. الله يكلفك بأن تحمل رسالته إلى العالم الذي حولك. هذا هدف دراستك معنا وهذا حق لكل من لم يسمع كلمة الحياة بعد. والله لم يكلفك بهذه المهمة إلا بعد أن سَلَّحَكَ بالمعرفة، معرفته ومعرفة كلمته. بالقوة، قوة الروح القدس. المبادرة الآن لك… أن يحقق مأموريته العظمى بك.

وتحقيق المأمورية العظمى ليس تكليفًا فقط بل هو تشريف. حَمْل رسالة المسيح والمشاركة في خطة الله لتغيير العالم شرف عظيم. يقول الله في الكتاب المقدس “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ مَا أَجمَلَ أَقْدَامُ اَلمبُشِّريَن بِالْسَلاَمِ اَلمبشِّرينَ بِالخَيْرَاتِ”(رومية 10: 15)

رابعًا: لماذا؟

لأنها مأمورية: أمر من السيد. والأمر لا يناقش ولا يناقض، الأمر ينفذ. هو صاحب السلطان. كل سلطان في السماء والأرض. “اَلذَي يُرِيِدُ أَنَ جمَيِعَ اَلْنَاسِ يخَلُصُونَ وَإِلىَ مَعْرِفَةِ اَلحقِّ يُقْبِلُونَ” (تيموثاوس الأولى 2: 4) وإرادته واجبة التنفيذ. ولا مفر لك من طاعة أمره.

ولأن العالـم يحتاج: أنظر إلى العالم حولك. حروب، قتال، صراع، كراهية، موت ودماء، ظلم واستبداد وطمع، فقر وجوع، ألوف بلا مأوى وبلا طعام، هل هذا هو العالم الذي خلقه الله ووجد أن كل شئ حسن جدًا؟! الخطية جرَّت الناس والعالم إلى هذه الحالة المحزنة. الطريق إلى الحرية في المسيح يسوع. الطريق إلى الراحة في كلمة الله. الطريق إلى السماء في دم المسيح المسكوب على الصليب. وفى يدك أنت أن تقدم للناس ذلك. تعلَّمته وعرفته وأدركته وعليك أن تُرشِد الآخرين إليه. هذا واجب عليك.

والحصاد كثير: الأرض ملآنة بأيدي ترتفع تطلب النجاة وصرخات تعلو تنادى تستنجد كما صرخ الغنى من وسط اللهيب: “يَاَ أَبىِ إِبْرَاهِيمُ اِرْحمَنيِ وَاْرسِلَ لِعَازَرَ لِيَبُلُّ طَرْفَ إِصْبَعَهُ بمَاءٍ وَيُبَرِّدُ لِسَاَنيِ لأَنيِ مُعَذَّبٌ فيِ هَذَا اَلْلِّهِيبِ” (لوقا 16: 24).

 هل تستطيع أن تسد أذنيك عن ذلك الصراخ، والله يريد فعلة للحصاد؟! فالحصاد كثير والفعلة قليلون: “فَقَاَلَ لهَمُ إِنَ اَلحَصَادُ كَثِيرٌ وَلَكِنَّ اَلْفَعَلَةُ قَلِيلُوُنَ فَاطْلُبوا مِنَ رَبَّ اَلحَصَادِ أَنْ يُرِسِلَ فَعَلَةٌ إِلىَ حَصَادُهُ” (لوقا 10: 2).

كل مؤمن له دور في الحصاد. له احتياج. الله يحتاج لك ولكل من أختبر محبته وغفرانه لتتحقق مأموريته العظمى. يا ابني أذهب اليوم اعمل في كرمي. “فَأَذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جمَيِعَ اَلأَمُمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ اَلآبِ وَالابْنِ وَاَلْرُوحُ اَلْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُم أَنْ يحَفْظَوُا جمَيِعَ مَاَ أَوْصَيْتَكُمُ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمُ كُلَّ اَلأيَاَمِ إِلىَ اِنْقِضَاءِ اَلْدْهرِ” (متى 28: 19-20)

خامسًا: كيف؟ ماذا أفعل؟

هناك طرق كثيرة لذلك. أختر الطريقة التي تناسبك وتناسبه لتقدم له أخبار محبة الله له وخطته لحياته وغفرانه لخطاياه في المسيح يسوع. بعد أن سرت معنا رحلة معرفة المسيح في برنامج الدراسة هذا تستطيع أن تقوم بأي أو كل الطرق الآتية:

  1. كما استمعت إلى صوت الله وهو يصل إليك عن طريق برامجنا الإذاعية أرشد الآخرين إلى ذلك وأدعهم لأن يشاركوك الاستماع للبرامج في شكل مجموعات استماع في مكان مناسب يسمح لكم بمراجعة ومناقشة ما تستمعون إليه معًا.
  2. شجع الغير على الكتابة إلينا وإرسال أسئلتهم واستفساراتهم وتعليقاتهم واحتياجاتهم وكما استطعنا مساعدتك سنحاول مساعدتهم أيضًا على معرفة المسيح والحقائق الأساسية للحياة المسيحية.
  3. إذا كان لديك صديق ( أو أكثر ) لا يمتلك نسخة خاصة به من الإنجيل المقدس (العهد الجديد) أكتب لنا عدد أصدقاءك، ونحن نعدك بأن نرسل لك استمارات الاشتراك الخاصة بهم لكتابة بياناتها، وسوف نتولى نحن إرسال الإنجيل إليهم على عناوينهم الخاصة، وكذلك نتابعهم بمجموعة قيِّمة من الدراسات المفيدة لهم.
  4. يوجد شريط كاسيت تسجيل لفيلم يسوع بالصوت. الشريط يحتوى على قصة المسيح كاملة كما جاءت في الإنجيل حسب لوقا البشير. فإذا كنت ترى أن هذه الوسيلة هي الأنسب بالنسبة لك في تقديم رسالة المسيح للآخرين، أكتب لنا وسوف نحاول أن نوفر لك نسخة من هذا الشريط.
  5. شجع الأصدقاء والجيران والأهل والزملاء على الكتابة لنا واستخدام أي عدد من استمارات الاشتراك للأصدقاء الجدد معنا، إذا لم يتوفر لديك عدد كافي من هذه الاستمارات، أكتب لنا وسوف نرسل لك العدد الذي تطلبه لأصدقائك.
  6. استمر في تقديم المسيح للآخرين والحديث عنه وعمَّا حدث من تغيير في حياتك الشخصية.

سادسًا : ماذا ينبغي أن أفعل ؟

هل تكتفي بما تعلمت؟ هل تحفظ ما حصلت عليه داخلك؟ هل تقبض يدك على ما بها لنفسك فقط؟ هل تستمر في الأخذ وطلب المزيد دون أن تعطي للغير مما أخذت؟ أسئلة هامة يجب أن تجد لها جوابًا. سيأتي وقت تقدم عنها حسابًا.

سابعًا: دعـــاء

ربى وإلهي. كل هذه أعطيتني. كل هذا وفرته لي. فداءً في دم يسوع المسيح. غفرانًا لخطاياي. تحريرًا من قيودي. كل هذا لي منك أنت بلا ثمن لأنه لا ُيقدَّر بثمن. ساعدني ربى أن أعطى مما حصلت عليه إلى غيري. ساعدني لأُعَرِّفَك للآخرين كما عَرَفْتُكَ. لك الكرامة والمجد. آمين…

د. القس نصرالله زكريا

* تخرج في كلية اللاهوت الإنجيلية في القاهرة 1989م.
* سِيمَ قسًا وراعيًا للكنيسة الإنجيلية المشيخية في أبو حنس المنيا
* المدير التنفيذي لمجلس الإعلام والنشر
* مدير تحرير مجلة الهدى منذ عام 2006
* مؤسس موقع الهدى، وموقع الإنجيليون المشيخيون.
* له من المؤلفات ما يزيد عن أربعين كتابًا.
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى