القيامة

القيامة رجاء للمحبطين اليأسين

كانت ولا تزال القيامة رجاء للعالم كله رجاء للمحبطين اليأسين ورجاء لكل أمين يحمل صليبه ورجاء للخطاة المذنبين ورجاء للراقدين ورجاء للمظلومين المقهورين ورجاء لمن يخافون الموت ومن هؤلاء أركز على فئة المحبطين اليأسين.

ساد احباط عام قبل قيامه السيد على كافة الأوساط سواء كان هذا الاحباط ظاهرا ِجليا أو متخفيا تحت أقنعة أخرى فعندما ننظر الى:

  • – التلاميذ الذي أعلن لهم السيد أنكم “كلكم تشكون فيّ وحدث ذلك عندما رأوا الظروفِ والأحداث تسير تجاه الهزيمة والموت والصلب والعار بعد أن كان لديهم الرجاء أنه هو المخلص كما قال تلميذي عمواس فكان الصليب بالنسبة لهم قمة الأحباط
  • – يهوذا الذي أحبط وانتحر يائسا بغض النظر عن اختلاف الرؤى حول هذا العمل الناجم عن احباطه.
  • – الشعب الذي تحمس لظهور المسيح وارتفعت أسقف التطلعات والانتظارات عندما رآوه يشفي المرضي ويقبل الخطاة وينحاز الي المهمشين والمظلومين والضعفاء حتى في تصريحات المسيح عن تدمير الهيكل وإعادة بناءه الذي رأى فيه البعض أنه تخلص من الفساد الديني الذي تمثل في كهنة وكتبه وفريسين ذلك العصر واعادة بناء هيكل جديد بنظام جديد قوامه العدالة والمساواة والحق والطهارة فكان تهكمهم على نقض الهيكل وبناءه وإن كان بلهجة السخرية لكن البعض كان لديه احساس عميق بالحسرة والاحباط من أجل هذا التجديد الذي ضاع الأمل فيه.

لقد كان لسان حال الشعب الفقير والضائع ” لقد أعطيتنا أملا من خلال حياتك وكلماتك وأعمالك وتصريحاتك والآن أنت معلق على خشبه الاعداء الرومان الذي كنا ننتظرك مخلصا لنا منهم وقرار وجودك على هذه الخشبة هو قرار الكهنة ورجال الدين الفاسدين الذي كنا ننتظرك ان تكون مظهرا ومنجيا لنا من فسادهم وريائهم لقد أحبطّنا.

-حتى الكهنة والكتبة نالهم حظا من الاحباط كان الرومان يحقدون على المسيح ويريدون التخلص منه لكن عندما كانت المقارنة بين انتصار المسيح والتخلص من الرومان أو انتصار الرومان والتخلص من المسيح فكان اختيار خلاصهم من الرومان انفع لهم ولكنهم لم يروا في طريق المسيح (حسب وجهة نظرهم) مؤشراً يقنعهم بانه المخلص لذلك قادهم احباطهم الى الاشتراك في الخلاص منه ولكن حتى آخر لحظة كانت تصريحاتهم ” لينزل من على الصليب فنؤمن به”. وهذا يوضحه لنا ايمان كثير من الكهنة والكتبة والفريسيون به بعد القيامة.

مريم والذين كانوا معها والقريبين منها أحبطوا جدًا متسائلين في حيرة وريبة اليس هذا هو يسوع الذي يخلص شعبه من خطاياهم اليس هذا هو المسيا المسيح هل الموت كمرتكب أبشع الجرائم هو الطريق للنصرة والخلاص؟ اين الملاك الذي بشرني؟ أين الرسائل الالهية التي وصلتني؟

كل هذه الفئات اشتركت معا وان كان بنسب مختلفة لكن كان الاحباط والحسرة واليأس قاسما مشتركا للجميع.

ولا زلنا نرى هذا الاحباط في كثير من مواقفنا في هذه الأيام ككنيسة تجاه بعض الأمور متسائلين

  • لماذا لا تسير الأمور كما نرجوها ونتمناها؟
  • لماذا لا يعمل الله أعمالًا معجزية ليُظهِر لنا فيها قوته وينصرنا على الأعداء؟
  •  لماذا دائما نحن في موقف المستضعفين والمهمشين والمقهورين؟

فكم من مرة نرفض الصليب من خلال رفضنا للاتضاع وقبول الألم وحمل الصليب وننضم الى هؤلاء المحبطون.

لكن كانت القيامة وجاءت بالرجاء للمحبطين واليأسين وحاملي الصليب لقد أعطت قوة وايمان ورجاء لكل الفئات التي اشتركت في هذا الاحساس القاسي بالإحباط وخيبة الأمل، ولازالت القيامة هي القوة الدافعة والمحفزة والمشجعة والمعزية، لقد انتصر بالقيامة على السلطة السياسية من جنود ورومان، وعلى السلطة الدينية من كتبة وكهنة وفريسيون، وانتصر على قوة الطبيعة من قبر وصخرة يغطيان وموت وأكفان.

لذا

عندما يشتد الألم وعندما يكون الاحباط مسيطرا وعندما تفقد الأمل وتبقى قريبا من بالوعة اليأس فهناك دائما رجاء القيامة وذلك على المستوى الشخصي في ظروفنا واحوالنا الشخصية وايضا على المستوى الكنسي في واقع كنائسنا ومؤسساتنا الكنيسة وأيضا على مستوى بلدنا ومجتمعنا الذي نعيش فيه فعندما ينقطع كل أمل ويخيب كل انتظار ولا يبقى هناك ما يمكن ان نتكل عليه في التغيير والتجديد تبقى هناك القيامة رجاء.

  • رجاء لكل أمين للرب مخلص في حياته وخدمته يحمل صليبه.
  • رجاء لكل من يشعر بالذل والمهانة لأجل اسم السيد
  • رجاء لكل من يقدم حياته ويبذل نفسه لخدمه الآخر
  • رجاء لكل من يكرز به ويعمل في كرمه ويسعى في سفارته
  • لا تُحبط؛ فالقيامة لا تزال رجاءً واملا ونورا في وسط ظلام الاحباط واليأس

القس باسم عدلي

راعي الكنيسة الإنجيلية الأولى في أسيوط
زر الذهاب إلى الأعلى