ميلاديات

دروس من قصة المجوس

لا شك أن قصة المجوس في منظومة الميلاد قصة ثرية بالمدلولات اللاهوتية، وزاخرة بالدروس المفيدة الجميلة لحياتنا الروحية، أذكر منها الآتي:

الله يقدم محبته ونعمته لكل خليقته

سجلت ريشة الوحي في إنجيل متى: “وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ؟” (متى 2 :1).

و”المجوس” كلمة فارسية تعني “كهنة” وهم في الأصل إحدى قبائل مادي، وهم جزء من الإمبراطورية الفارسية، حاولوا الثورة على الإمبراطورية

 للتخلص من النفوذ الفارسي، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل، ومنذ ذلك الوقت صاروا قبيلة من الكهنة في خدمة دين زرادشت وعابدي النار، وكانوا معروفين بثيابهم الخاصة، وسكناهم المنفرد عن الناس.

 جاءوا من بلاد فارس متتبعين مسار النجم الذي ظهر لهم في المشرق، وبالتالي يمكن أن نصفهم بأنهم مجموعة من خطاة الأمم البعيدين عن الله، جاءوا إلى وليد بيت لحم معلنين إيمانهم به، أو يمكن أن نطلق عليهم أنهم هم باكورة الوثنيين الداخلين إلى الكنيسة.

وهنا تظهر نعمة ومحبة الله المقدمة لجميع الأمم كما هو مكتوب في (غلاطية 3: 28) “لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعاً وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ”.

هذه الحقيقة ساطعة على صفحات الوحي المقدس، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

** في سفر راعوث

إن راعوث هذه لم تكن من إسرائيل بل أممية من موآب، غير أن راعوث آمنت باله إسرائيل (يهوه)، وراعوث الموآبية تزوجت من بوعز وبوعز ولد عوبيد وعوبيد ولد يسى، ويسى ولد داود، ومن نسل داود جاء رب المجد في الجسد.

وهنا نرى كيف أن نعمة الله تتجه للأممي كما لليهودي لا فرق على الإطلاق

** سفر يونان

في سفر يونان نجد نبياً إسرائيلياً يريد الهرب من وجه الرب حتى لا يقدم كلمة الله لشعب نينوى عاصمة المملكة الأشورية التي ظلت إسرائيل في أرضها سبعين سنة في السبي، ويذهب يونان إلى نينوى بطريقة معجزية تفوق إدراك البشر ليقدم رسالة الله لهم

 وهنا نجد أن الرب أحب شعب أشور مثلما أحب إسرائيل، أشور التي استخدمها الرب كعصا تأديب لإسرائيل المعاند والمقاوم. وفي ملء الزمان جاء المسيح ليعلن عن محبته ونعمته للكل على حد سواء دون أدنى تفرقة، وهذه الرسالة التي يجب أن تحملها الكنيسة لكل العالم.

الله يتعامل مع كل إنسان باللغة التي يفهمها

قال المجوس: “إِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ، وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ” (متى 2:2)، كان المجوس جماعة من علماء الفلك، كانت اهتماماتهم بدراسة النجوم والكواكب ومراقبة تحركاتها، ولهذا يمكننا القول أن لغة النجوم هي لغتهم، هي اللغة المعروفة والمفهومة لديهم، ولهذا عن طريق النجم كلمهم وقادهم الرب إلى بيت لحم حيث وليد المذود، هذا في الوقت الذي فيه نرى في نفس قصة الميلاد أن الله يتحدث مع الرعاة عن طريق الملائكة (لوقا 2) لأنهم كانوا كيهود يعرفون من هم الملائكة ويعرفون أن الله يستخدم ملائكته ليرسل رسالة أو ليقود جماعة. فعن طريق الملاك قادهم إلى وليد بيت لحم.

 أيها الأحباء ” اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، 2كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ..” (عبرانيين 1: 1 -2).

فلقد جاء الله كإنسان إلى أرضنا 00 أخلى نفسه آخذاً صورة عبد 00 صائراً في شبه الناس 00 ووجد في الهيئة كانسان ( فيلبي 4: 7 )، فلقد استخدم الله اللغة التي يفهمها الإنسان ليعبر عن محبته.

مطلوب من الكنيسة أن تتعلم وتتدرب كيف تتجسد وتتلاقى وتتلامس مع العالم كله، وكيف تخاطب الناس وتستخدم أدوات العصر لتقديم الرسالة غير المتغيرة للعالم المتغير، وفي يقيني عندما يكون التجسد أسلوب حياة الكنيسة، فسوف تصبح خدمتها قوية ومؤثرة وفعالة.

 الله يستخدم وسائل لاتخطر على بالنا لتقودنا إليه

لست أظن أن النجم من مهامه أو وظائفه أن يقود الإنسان إلى المسيح، لكن الرب استطاع أن يستخدم النجم ليقود المجوس إلى وليد بيت لحم، فمكتوب في (متى 2: 2) “وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ”.

نعم! إن الله يمكن أن يستخدم ما لا نتوقعه وما لا نتخيله في إتمام رسالته، فلقد استخدم قديماً:

“عصا موسى” في قصة خروج شعب الله (خروج 4: 4، 8: 17، 17: 5،9).

و”عمود سحاب، وعمود نار” لقيادة شعبه في القديم (خروج 13: 20- 22).

و”الغراب” في إطعام إيليا ليستكمل رسالته (1ملوك 17: 4).

وأعد الله ” عاصفة – حوتاً– يقطينة – دودة ” في قصة يونان ليؤدي رسالته.

واستخدم “صياح الديك” ليعود بطرس بعد إنكاره للسيد (متى 26: 69- 75)، ولعله يوماً أمر سمكة أن تبلع إستاراً ليقوم بصيدها بطرس في يوم آخر ليسدد عنه وعن يسوع الجزية المطلوبة.

واليوم يستخدم: “نبذة – ترنيمة – صلاة – عظة – قدوة – فيلماً – انترنت – مرضاً – سجناً – احتياجاً – تجربة.. الخ لنشر الرسالة”.

الإيمان لا يجب أن يكون مشروطاً بحدوث معجزة

كم من المرات نحاول أن نربط الإيمان بحدوث معجزة، إن المجوس لم يؤمنوا بالمسيج لأنه صنع أمامهم معجزة من المعجزات المبهرة، أو آية من الآيات المذهلة، لكنهم آمنوا به طفلاً صغيراً في حضن أمه القديسة العذراء مريم، وفي كنف يوسف النجار الفقير.

كانت أدوات إيمانهم كلمات نبوة من نبوات الأنبياء مثل نبوة بلعام ابن بعور، الذي قال عن ميلاد السيد: “أراه ولكن ليس الآن، أبصره ولكن ليس قريباً، يبرز كوكب من يعقوب (عدد 24: 17)، وربطوا بين هذه الكلمات ودعوة اشعياء النبي الإنجيلي “فتسير الأمم في نورك، والملوك في ضياء إشراقك” (اشعياء 60: 1-3)، كان إيمانهم أصيلاً بشخص امتلك كيانهم بالتمام، وهنا نتعلم أنه لا يجب أن نراهن على إيماننا بحدوث معجزة. فلا يتوقف إيماننا على أحداث معينة، وإنما نؤمن بشخص الرب يسوع نفسه.

آه!! كم من المرات التي يطلب فيها الناس آية خارقة لكي يؤمنوا بالله ؟!، وينطبق عليهم قول الرب “هذا الجيل شرير يطلب آية..” (لوقا 11: 29).

أثمن ما نملك يجب أن نقدمه للرب

“فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ، ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَباً وَلُبَاناً وَمُرّاً” (متى 2: 11).

البعض من أصحاب المدرسة الرمزية قالوا:

** أنهم قدموا ذهباً وهو هدية يقرون فيها بأن المولود ملك حتى وإن كان في مذود بسيط، وليس في قصر جميل.

** وقدموا لبانا وهو هدية الكهنة ورمز النقاوة والطهارة.

** وقدموا له مراً وهو هدية النبي أو الإنسان الذي سيتألم ويموت، وهي تشير إلى المسيح كمخلص وفادٍ جاء إلى عالمنا ليموت عنا.

والبعض قال إن تقديم هذه الهدايا ترمز إلى تقديم الإيمان، والرجاء، والمحبة، وآخرون قالوا إنها تشير إلى الجسد، والنفس، والروح، والبعض من المفسرين قالوا أن ما قدموه من هدايا كانوا يستخدمونها في أعمالهم اليومية. وهناك من قال أن ما قدموه من ذهب كان المعين ليوسف ومريم في دفع الجزية وإعالتهم في رحلتهم الشاقة إلى مصر؛ مهما كانت التفاسير عن نوعية الهدايا التي قدمها المجوس 00 المهم ماذا نقدم نحن إليه اليوم؟!؛ لذاك الذي افتقر وهو الغني لكي نغتني نحن بفقره، والذي اتضع وهو العلي لكي نرتفع نحن بإتضاعه.

الإجابة نجدها في النداء الإلهي: “يا ابني أعطني قلبك ” (أمثال 23: 26)، ونراها في كلمات الرسول بولس: ” فأطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية” (رومية 12: 1).

الحكمة تقود خطواتنا إلى المسيح

 كان المجوس حكماء وأتقياء، برعوا في الطب والفلسفة وعلوم الطبيعة، ولذلك كانوا يعلمون ملوك الفرس. ولكن الحكمة لم تأخذهم بعيدا عن المسيح 0

كان المجوس يبحثون عن الحقيقة، وأغلب الظن أنهم كانوا من دارسي التوراة والملمين بنبوات الأنبياء، فإذ بهم يصلون إلى الطريق والحق والحياة، ويلتقون بالمذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم (كولوسي 2: 3).

آه! فكم هو مؤسف أن البعض كلما ازدادوا علما ومعرفة كلما ابتعدوا عن الله.

 نحتاج أن نضع أمامنا دائما كلمات الوحي: “رأس الحكمة مخافة الله، مخافة الرب رأس المعرفة، بدء الحكمة مخافة الرب ومعرفة القدوس فهم” (أمثال 1:7، 9: 10، 15: 13).

قيمتنا ومكانتنا في معرفتنا الإختبارية بالرب يسوع

قال البعض إن المجوس كانوا ملوكا، وقال آخرون أنهم كانوا من شرفاء ونبلاء القوم، كانت لهم مكانتهم المرموقة في المجتمع، وبالرغم من هذا بحثوا وفتشوا وسعوا ليروا يسوع وليد بيت لحم، وعندما رأوه خروا وسجدوا له (مت2 :11)، وكأنهم أدركوا أنهم في معرفتهم به امتياز ما بعده امتياز، نعم إن الحقيقة التي لا يشوبها أدنى شك هي أن قيمة وعظمة الإنسان ليست في مكانته أو إمكاناته مع تقديرنا العظيم لكل هذه البركات، إنما عظمة الإنسان ومكانته هي في التعرف على الرب معرفة شخصية اختبارية، فمكتوب “أرفعه لأنه عرف اسمي”.

لم يسجل لنا الوحي أسماء المجوس، لكن يكفيهم شرفاً وفخراً أن أسماءهم ارتبطت بوليد بيت لحم.

وكل واحد اختبر خلاص الله يكفيه امتيازا أن اسمه مكتوب في سفر الحياة ,

كيف لا! وقد تجسد ابن الإنسان ليصير بني الإنسان أبناء الله.

كيف لا! وقد شاركنا في بشريتنا – ماعدا الخطية- لنصبح بدورنا شركاء الطبيعة الإلهية.

كيف لا! وقد تنازل سيدي من سمائه ليسمو بنا.

كيف لا! وقد أخلى نفسه وعنا لم ولن يتخلى أبداً.

 من يختبر ميلاد المسيح في حياته يعرف مذاق الفرح الحقيقي

سجل الوحي عن المجوس أنهم لما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً (متى 2: 10)، فكم بالحري عندما التقوا به وجهاً لوجه، بالتأكيد كانت فرحتهم غامرة تفوق الوصف، كيف لا! وقد ترنمت الملائكة ساعة الميلاد بالأنشودة الخالدة “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة ( لو2: 14).

نعم! كل من يختبر ميلاد المسيح في حياته يعرف الفرح الحقيقي، ويختبر القول الكتابي “تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد (1بطرس 1: 9)، وخير برهان على هذا ما سجله الوحي عن زكا العشار عندما دعاه يسوع، مكتوب أنه “أسرع ونزل وقبله فرحاً” (لوقا 19: 5)، وأيضاً الوزير الحبشي بعد ما كلمه فيلبس وآمن بالرب ” رجع في طريقه فرحاً” (أعمال 8: 39)، وسجان فيلبي بعد ما اختبر خلاص الرب بعد حديث الرسول بولس معه سجل الوحي عنه أنه ” تهلل هو وأهل بيته” (أعمال 16: 34)، وغيرهم الكثير والكثير، فهذه شهادة كل إنسان اختبر نعمة الحياة الجديدة في المسيح يسوع.

من المؤسف أن يأتي البعيد للرب ولا يأتي إليه القريب

جاء المجوس من بلاد المشرق، حيث وليد بيت لحم، بعد رحلة شاقة مضنية عبر الجبال والبحار، والوديان والقفار في الليل والنهار، في وسط المخاوف والأخطار استغرقت بحسب رأي الكثيرين من المفسرين قرابة السنتين، في نفس الوقت كان هناك أناس لا تفصلهم عن يسوع سوى خطوات قليلة، ومن المؤسف إنهم لم يكلفوا أنفسهم بأن يذهبوا إليه ويروه، بل أكثر من هذا رفضوه ولم يقبلوه، وانطبق عليهم القول: “إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ” (يوحنا 1: 11، 12).

ولعل البشير لوقا غمس قلم الألم في حبر المرارة ليسطر في أسى عميق التعبير المفجع المحزن الذي سجله الأجيال، وكتبه التاريخ “لم يكن لهما موضع بالمنزل” (لوقا 2 :7).

كانت الأبواب كلها موصدة في وجهه، ولم يجد سوى المذود البسيط، وإنني أرجو أن لا نعتب كثيرا على سكان بيت لحم، فهل لي أن أقول في انكسار قلب، وانسحاق نفس أنه أيضا في مرات كثيرة نرتكب جميعاً نفس الخطية، فكم من أناس ولدوا وتربوا في بيوت مسيحية وهم قريبون من المسيح، لكن بالاسم فقط، ولشديد الأسف لم يتقابلوا بعد بالرب كمخلص شخصي، ولم يفتحوا قلوبهم لعمل روح الله فيهم.

آه!.. فلئن كنا نسمح لأنفسنا -بغير حق– التماس بعض الأعذار لسكان بيت لحم، فأي عذر نستطيع أن نقدمه اليوم عندما نرفض أن يدخل الرب في حياتنا وبيوتنا.

نعم! سيظل المسيح في دنيانا أمام باب مغلق طالما بقي الذين دعي عليهم اسمه العظيم لا يعرفونه معرفة شخصية، ولم يختبروا بعد حلاوة الحياة فيه وبه وله، وطالما ظل الحب الخالص النقي أسطورة يرددها الخيال، ومجرد كلمات تسطرها أقلام الشعراء.

نعم! سيظل المسيح خارج الأبواب مادام الباطل يظهر في قناع الحق، وما بقي الصدق سجيناً خلف أسوار الرياء والنفاق، وما بقيت الشجاعة مكبلة بقيود الخوف على المصالح والمنافع الشخصية، وطالما بقي الإيمان مجرد شعارات جوفاء بغير ممارسة يومية عملية.

من يلتقي بيسوع لابد وأن يغير اتجاه تفكيره ومسار حياته

عندما وصل المجوس من بلادهم إلى أورشليم وأخذوا يسألون: أين هو المولود ملك اليهود؟! اضطرب هيرودس وجمع رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم: أين يولد المسيح؟، فقالوا له: في بيت لحم اليهودية، حينئذ دعا هيرودس المجوس سرا وتحقق منهم زمان النجم، ثم أرسلهم إلى بيت لحم، وقال لهم “اذهبوا وافحصوا بالتدقيق عن الصبي، ومتى وجدتموه فاخبروني لكي آتي أنا أيضا وأسجد له (متى 2: 7، 8)، لكن المجوس بعد وصولهم حيث يسوع، يذكر الوحي أنه عند رجوعهم لم يذهبوا إلى هيرودس بل انصرفوا في طريق أخرى إلى كورتهم. بمعنى أنهم غيروا مسارهم رغم أن هذا التغيير قد يعرضهم إلى خسارة، بل ربما يتعرضون إلى بطش هيرودس وانتقامه.

ولعل هذا إشارة إلى أن كل من يلتقي بوليد بيت لحم، بالتأكيد سيغير اتجاه مسار حياته مهما كان الثمن، ومهما كانت الضريبة، وهذا يفسر لنا ما جاء في (أفسس 2: 12، 13)، وهو يتحدث عن الأمم ” أنكم كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح أجنبيين.. غرباء عن عهود الموعد، لا رجاء لكم، وبلا اله في العالم، ولكن الآن في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح.

نعم.. نذهب إليه خطاة وعراة من كل بر فنرجع وقد ارتدينا ثوب الخلاص، ورداء البر. نلتقي به في عطش شديد كالسامرية نعود وقد ارتوينا بماء الحياة الأبدية، نذهب إليه في يأس وبؤس نعود في منتهى الفرح والرجاء، نذهب إليه مدانين نرجع مترنمين: “إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع (رومية 8: 1).

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى