ميلاديات

كيف يحتفل الأمريكيون بالكريسماس؟

يعتبر الكريسماس أحد الأعياد المسيحية الأساسية، حيث يعيش في أمريكا حوالي 160 مليون مسيحي يشكلون 75% من إجمالي سكان الولايات المتحدة وذلك طبقاً لدراسة أجريت عام 2001م. ورغم الصبغة المسيحية للاحتفال، إلا أن غالبية الشعب الأمريكي من غير المسيحيين تمارس تقريباً نفس العادات والطقوس في هذه المناسبة نظراً لأهمية هذا العيد وللمظاهر التجارية المتعلقة به.

تم اعتبار عيد الميلاد أو الكريسماس أجازة رسمية في الولايات المتحدة عام 1870م، ومنذ ذلك التاريخ أصبح شهر ديسمبر هو شهر أعياد الميلاد فهو لا يقتصر على الاحتفال بيوم الخامس والعشرين فقط، بل يبدأ معظم الأمريكيين الاحتفال مع بداية الشهر وذلك بزيارة الأقارب والأصدقاء فهو شهر ملئ بالفرحة والسرور، حيث تقوم المدارس بعرض مسرحيات أعياد الميلاد وتكثر حفلات أعياد الميلاد في المكاتب والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ويعتبر الأمريكيون هذا الشهر هو شهر “لم الشمل” حيث يجتمع الأهل والأصدقاء وإن كانوا لا يلتقون إلا نادراً، فإن يوم عيد الميلاد يجمعهم في جو من البهجة والدفء الأسرى.

وجرى العرف أن يزين الأمريكيون واجهات منازلهم بالزينات الكهربائية والمصابيح الملونة كما يشترون الأشجار الخضراء الصغيرة لتزيينها ووضعها داخل بيوتهم وتقوم العائلات الأمريكية بتزيين شجرة عيد الميلاد بالمصابيح الملونة وبعض الزينة الأخرى الفضية والأجراس الصغيرة ويخبئون هدايا أعياد الميلاد لأفراد الأسرة تحت شجرة عيد الميلاد وذلك ليلة عيد الميلاد.

وتختلف طقوس فتح الهدايا من أسرة إلى أخرى فبعض الأسر تقوم بفتحها ليلة عيد الميلاد”Christmas Eve، بينما يقوم البعض بفتحها صباح يوم الكريسماس نفسه.وفى هذين اليومين يذهب العديد من العائلات الأمريكية إلى الكنائس لحضور الاحتفال بميلاد السيد المسيح.

ويعتبر الكريسماس من الأعياد الممتعة بالنسبة للأطفال في أمريكا الذين ينتظرون في شوق ولهفة الحصول على هدايا أعياد الميلاد من الشخصية الخيالية التي تدعى سانتا كلوز أو بابا نويلFather Christmas، وكما تقول الروايات فإن سانتا كلوز يحضر الهدايا إلى الأطفال الذين سلكوا سلوكاً حسناً على مدار السنة.

ولأن الكريسماس يأتي في فصل الشتاء، فقد تأثر شكل الاحتفال كثيراً بظروف الطقس، فشخصية “سانتا كلوز” أو بابا نويل الرمز الرئيسي في الاحتفال يتحمل عناء السفر عبر الثلوج ممتطياً حيوان الرنة لإحضار الهدايا واللعب إلى الأطفال أثناء نومهم ليلة الكريسماس. أما شجرة الصنوبر التي تزينها الأضواء والنجوم داخل المنازل فهي الشجرة الوحيدة التي لا يؤثر فيها برد الشتاء القارس ولا تسقط أوراقها مثل بقية الأشجار في فصل الشتاء. صحيح أن الرموز الدينية المسيحية وخدمة عيد الميلاد في الكنائس مظهر حاضر بقوة في هذا الاحتفال، لكن الخلفيات التاريخية والثقافية هي أهم ما يميز احتفال الكريسماس ويجعله عيداً لمعظم الأمريكيين على اختلاف عقائدهم. كما تشهد الفترة الممتدة من عطلة الكريسماس حتى بداية العام الميلادي الجديد أكبر فرصة للتسوق في العام نظراً لحجم الخصومات والتنزيلات على الملابس والأدوات المنزلية وغيرها. كذلك يتميز عيد الكريسماس بأنه المناسبة الأهم في السنة لتبادل الهدايا ورسائل المعايدة.

ويجتاز المجتمع الأمريكي في الآونة الأخيرة اختلاف وانقسام بين الأمريكيين. فعبارة ميري كريسماس Merry Christmasذات المدلول الديني مفضلة لدى فريق كبير من الأمريكيين وخاصة المتدينين والمحافظين على اعتبار أن ما يزيد على 80% من المواطنين مسيحيين ومن حقهم أن يستخدموا ما يشأون من رموز وعبارات دينية، أما الفريق الآخر، والذي يفضل استخدام عبارة هابي هوليدايز Happy Holdayذات المدلول العلماني، فحجته أن فترة الأعياد تحتوي على أعياد أخرى بجانب الكريسماس، وبالتالي فإن تهنئة ميري كريسماس لا تشملهم بل تجرح مشاعرهم أحياناً، لذا رحب بعض المسيحيين الليبراليين بأن تكون التهنئة هابي هوليدايز Happy Holdayويطالبون بإزالة كافة الرموز الدينية من الاحتفال بالكريسماس على اعتبار أنه احتفال ثقافي أمريكي أكثر منه ديني.

د. القس نصرالله زكريا

* تخرج في كلية اللاهوت الإنجيلية في القاهرة 1989م.
* سِيمَ قسًا وراعيًا للكنيسة الإنجيلية المشيخية في أبو حنس المنيا
* المدير التنفيذي لمجلس الإعلام والنشر
* مدير تحرير مجلة الهدى منذ عام 2006
* مؤسس موقع الهدى، وموقع الإنجيليون المشيخيون.
* له من المؤلفات ما يزيد عن أربعين كتابًا.
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى