عيد الظهور الإلهي

«فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللّهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِياً عَلَيْهِ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (متى 3: 16–17).
يُخبرنا البشير متى بأنَّ نجمًا ظهر لمجوس المشرق دلَّهم على مكان ولادة الطفل يسوع، مخلص العالم، حيث قالوا: «رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ» (متى 2: 2)، وكان هذا بدء زمن الظهور الإلهي، حيث يخبرنا الكتاب أنَّه «لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ» (غلاطيّة 4: 4-5).
أمَّا في معموديّة المسيح كان الظهور الإلهي واضحًا لِلْعِيَانِ، فقد كان الابن الحبيب يسوع وسط ماء نهر الأردن يعتمد من يوحنا المعمدان، وإذ السماوات تنفتح ليتجلى الروح القدس ويستقر عليه في هيئة حمامة، في حين سُمِعَ صوت الأب السماوي بطريقةٍ مبهرة، قائلًا: ” هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ”، وقد تكررت هذه الحادثة مرة ثانيّة فيما يُعرف بحادثة التجلي، حيث «أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ مُنْفَرِدِينَ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ. فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَا رَبُّ جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هَهُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ. لَكَ وَاحِدَةٌ وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ وَلِإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ». وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا».» (متى 17: 1-5)، هذه التجليَّات الثلاثة تُعرف في الكنيسة بأعياد الظهور الإلهي.
في الميلاد كان التجسد الإلهي، وفي المعموديّة كانت بدايّة الخدمة الجهاريّة للمسيح، المُخلِص، وفي التجلي كان إعلان المجد الإلهي، وإذ استقر في وجدان الكنيسة أنَّ الظهور الإلهي ارتبط بمعموديّة المسيح، فيما يُعرف شعبيًا بعيد “الغِطاس”، فلا يجب أن يفوتنا ما سجله البشير متى، “وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ”، إنها المرة الأولى التي يرد فيها هذا التعبير، فقد أُغلِقت السماوات في وجه الإنسان بعد سقوط آدم، وها هي تنفتح ثانيّة لتؤكد أنَّ الله سيُخلِص الإنسان، ويعيده لعلاقة الشركة معه، وللمجد الإلهي.
يَاَ رَبُّ أشكرك لأنك لم تتركني في خطيتي، جئت إنسانًا، لترفع خطيتي، وتمنحني برك، أعطني أن أُدرِك خلاصك، وعملك لأجلي، فأحيا لك على الدوام. أمين.